مسح ميداني بشمال دارفور يكشف عن أوضاع إنسانية مزرية لعشرات آلاف النازحين

الخرطوم، 4 سبتمبر 2023 – نفذت أكثر من عشر منظمات وطنية وأجنبية تعمل في المجال الإنساني بولاية شمال دارفور غربي السودان، مسحًا ميدانيًا، «على مدار الأيام الماضية» في عدد من القرى والمناطق التابعة لمحلية طويلة والتي شهدت نزوحًا كبيرًا للسكان، بسبب هجمات شنتها قوات الدعم السريع على رئاسة المحلية وتلك القرى والمناطق خلال مايو الماضي.

وشمل المسح، حسب وكالة سونا، رئاسة محلية طويلة والمعسكرات التي قامت حولها بمناطق: «أرقو، داري، اب شكور ودالي 300 أسرة ومرتال الذي يضم 25,000 ألف أسرة، إضافة إلى منطقة تبرا التي تستضيف النازحين في 10 قرى».

وكشف المسح الميداني، أن النازحين يعيشون أوضاعًا إنسانية مزرية، وأشاروا إلى أنهم اضطروا إلى الاحتماء بهذه المناطق بعدما تعرضوا للقتل على أساس عرقي ونهب وحرق وتدمير منازلهم.

وأكد النازحون، أنه وبعد مضي أكثر من 3 أشهر على فرارهم، لم يتلقوا أي دعم إنساني، وقال بعضهم: «تمضي علينا أيام بلياليها ولا نجد ما نأكله»، بجانب عدم وجود المياه النقية والكافية للشرب والاستعمالات الأخرى.

كما كشف المسح الميداني، عن تردي الأوضاع الصحية بتلك القرى والمناطق، بسبب عدم وجود الخدمات الصحية مما أدى إلى انتشار أمراض الملاريا والإسهالات التي تسببت بدورها في حدوث وفيات في أوساط الأطفال وكبار السن.

وتركزت مطالب النازحين؛ في ضرورة إغاثتهم انسانيًا وبصورة عاجلة بمواد الإيواء، الغذاء والمياه والخدمات الصحية.

وأوضحوا رغبتهم في العودة إلى مناطقهم التي نزحوا منها، خاصة في رئاسة محلية طويلة التي أكدت سلطات المحلية، أنها تشهد استقرارًا أمنيًا نسبيًا في ظل وجود قوات حماية المدنيين، حيث أصبحت تخلوا من مظاهر الحرب والتلفتات الأمنية.

يشار إلى أن المسح الميداني الإنساني لمحلية طويلة، تم بإشراف مفوضية العون الإنساني بالولاية وبمشاركة وزارتي الصحة والرعاية والتنمية الاجتماعية بالولاية ومحلية طويلة. بالإضافة إلى منظمات الهجرة الدوليه، الغذاء العالمي، بلان سودان، سيكر، هوب، تباشير للتنمية، ماما افريكا للخدمات الإنسانية، المنظمة الوطنية للتنمية، رعاية الطفولة، وإدارة التخطيط والتنمية، تيراب للتنمية والتطوير، عطاش والمنظمة الإنسانية المتحدة.

ومع اقتراب العام الرابع لاندلاع ثورة ديسمبر 2018م التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، مثّل الالتزام بالسلمية أحد مبادئ الثورة الرئيسية، ولم يتبنَ المتظاهرون أي دعوات للعنف، في الوقت الذي أبدت فيه الشرطة مواقف عديدة ومتضاربة بشأن مهامها الموكلة إليها، رغم تغيير قيادتها عدة مرات خلال الفترة الانتقالية.

في نهاية يناير 2019م، أثناء ثورة ديسمبر، قتل المعلم أحمد الخير، تحت التعذيب أثناء اعتقاله ونقله من مدينته خشم القربة إلى مدينة كسلا شرقي البلاد، وقتها ادعت الشرطة أنه مات بسبب مرضه أثناء التحقيق، لكن تقارير طبية عرضت في المحكمة لاحقاً، أثتبت تعرضه للتعذيب حتى الموت، قبل أن تدين المحكمة 29 متهماً بجريمة قتله، وتحكم عليهم بالإعدام. 

وبالعودة إلى بيان الشرطة الأخير الذي رفضته لجان المقاومة قائدة الاحتجاجات وقوى الحرية والتغيير وأحزاب أخرى ومنظمات حقوقية ومدنية، فإنه يأتي وفق إفاداتهم كمحاولة لشرعنة العنف ضد المتظاهرين السلميين بموجب القانون، كما رأت أنه يعني مزيداً من العنف. 

كما أعاد بيان الشرطة المطالب القديمة المتجددة بضرورة إصلاحها لتكون جهازاً حيادياً ومستقلاً، خاصة وأنها تعاملت بإزدواجية مع مسيرة دعت إليها مجموعات موالية لحزب المؤتر الوطني المحلول، يوم 29 أكتوبر الماضي بالعاصمة الخرطوم. 

إقالة‌ ‌مدير‌ ‌الشرطة؟‌ ‌أم‌ ‌إصلاح‌ ‌المؤسسة‌ ‌نفسها؟‌

مع بيانها في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، تكون الشرطة، قد توجت عاماً كاملاً من الانتهاكات بحق المتظاهرين السلميين عقب الانقلاب، بالدعوة إلى مزيد من القمع المقنن بالتشريعات. يعتقد بعض الخبراء، أن إصلاح جهاز الشرطة يجب أن يكون من أولويات أول حكومة مدنية مقبلة.

يقول الخبير القانوني والقاضي السابق، سيف الدولة حمدنا الله، إن رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، لم يفطن إلى أن سلطته تشمل وزارة الداخلية، إلا قبل أشهر من انقلاب البرهان، حينها قام بعزل ضابط برتبة فريق شرطة تحت ضغط الجماهير. 

وأضاف حمدنا الله “قبل ذلك التاريخ لم يجد حمدوك من ينصحه بأن سلطة المكون العسكري بالوثيقة الدستورية تنحصر فقط في ترشيح أسماء شاغلي وزارتي الداخلية والدفاع، وأن هذا الترشيح لا يُخرِج أي من الوزيرين عن نطاق سلطته عليهما كرئيس للوزراء، تماماً كما هو حال سلطة قوى الحرية والتغيير في ترشيح سائر بقية الوزراء.”

وتابع الخبير القانوني “هذا التلكؤ في الفهم هو الذي فوّت على رئيس الوزراء وحكومته فرصة اتخاذ خطوات كانت ضمن سلطته والتي كان من شأنها إصلاح جهاز الشرطة وتنظيفها من القتَلة والمؤدجلين الذين يحصدون الآن أرواح الشباب بلا رحمة، وإحلالهم بضحايا الإنقاذ من مفصولي الشرطة، وبتنظيم دورات تدريب سريعة لتخريج أعداد كبيرة من ضباط وأفراد الشرطة من بين شباب الثورة المؤمنين بها وبأهدافها”.

“شيء من هذا لم يحدث، ولكن ذلك يجب أن يكون من أولى أولويات الحكومة المدنية القادمة”، يوضح حمدنا في مقال نشره عقب بيان الشرطة في يوم 25 أكتوبر الماضي.

"من خلال بيانها في يوم 25 أكتوبر الماضي، تحاول الشرطة شيطنة الحراك الثوري للشارع الذي ظل يقاوم الانقلاب منذ حدوثه، كما تحاول أيضاً اكتساب مشروعية إضافية لممارسة القمع المفرط"، يقول الخبير القانوني والناشط الحقوقي عبد الباسط الحاج لـ(بيم ريبورتس). 

ويضيف الحاج “بالعودة إلى تاريخ هذه القوات في التعامل مع المتظاهرين، فإننا نجد أن العنف الموجه والقتل والسحل كان من صميم التعليمات الأساسية لها في التعامل مع أي حراك سلمي للجان المقاومة والتجمعات السلمية الرا