4 أبريل 2025 – يستمر الوضع الإنساني في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور والقرى المجاورة لها في التدهور، بسبب الجوع والأزمة الاقتصادية الخانقة التي خلقها حصار «الدعم السريع» للمنطقة منذ العاشر من مايو 2024، مما أدى إلى موجات نزوح جديدة لعشرات المواطنين – بحسب ما صرحت به المنسقية العامة للنازحين واللاجئين اليوم الجمعة.
وفي الأثناء، أكد مصدر من الفاشر تفاقم الأوضاع الإنسانية وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية ونقص المياه والأدوية وتوقف عدد من «التكايا» (المطابخ المجتمعية) في المدينة عن العمل بسبب نقص السلع الغذائية والخصومات التي يفرضها التجار على المبالغ المحولة عبر تطبيق «بنكك» بسبب أزمة السيولة النقدية، والتي تصل في بعض الأحيان إلى 50% من المبلغ المحول.
وأعلنت المنسقية، في منشور أرسلت إلى «بيم ريبورتس» نسخة منه، عن وصول 45 أسرة نازحة إلى محلية «طويلة» اليوم الجمعة، بعد رحلة شاقة على الأقدام وعربات «الكارو» والدواب، مشيرةً إلى أنهم وصلوا في «ظروف إنسانية مزرية» منهكين من حصار الفاشر بعد أن عانوا الجوع والمرض وارتفاع أسعار المواد الغذائية التي قالت إنها لا تتوافر في الأسواق. فيما قالت، أمس الخميس، إن 25 أسرة نازحة وصلت إلى المحلية.
وأشار بيان المنسقية إلى أن مياه الشرب أصبحت «شبه معدومة»، فيما ارتفع سعر الجالون إلى 1,500 جنيه سوداني، بحسب شهادات النازحين، مضيفًا: «في ظل هذا الوضع البائس والمدمر، قرروا الفرار إلى طويلة».
ولفت بيان المنسقية إلى عدم توفر فرص العمل في «طويلة» مع أنها «آمنة»، منوهًا بأنهم في انتظار خدمات المنظمات الإنسانية التي قال إنها «هي الأخرى عاجزة عن استيعاب الأعداد الكبيرة من السكان، المقدرة بالملايين».
وناشدت المنسقيةُ الأممَ المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل لإنقاذ حياة المتضررين من هذه الظروف المعيشية، من جوع وفقر ومرض، لافتةً إلى أنهم باتوا «في حالة موت سريري».
ونشرت التنسيقية إفادات مصورة لنازحين من معسكر «زمزم» ومنطقة «شقرة» غرب الفاشر اليوم. وأشار النازحون، في إفاداتهم، إلى أنهم أجبروا على الفرار بسبب الغلاء والجوع. ونقلت المنسقية عن نازحة من «زمزم» قولها: «استنفدنا كل شيء. لا يوجد لدينا طعام. سعر رطل السكر خمسة آلاف جنيه سوداني، وسعر لوح الصابون ثمانية آلاف جنيه سوداني، وسعر جالون المياه 1,500 جنيه».
وبحسب الإفادات، تعرض النازحون للنهب على الطريق. فيما قالت النازحة من زمزم: «حتى دقيقنا سُرق».
وأمس الخميس، أعلنت منسقية النازحين واللاجئين عن وصول 25 أسرة من الفاشر ومخيم «زمزم» ومنطقة «شقرة» والقرى المجاورة إلى منطقة «طويلة»، موضحةً أن الرحلة استغرقت أربعة أيام متتالية، وأنهم وصلوا في «ظروف إنسانية بالغة الصعوبة، وعلامات الجوع والمرض بادية على وجوههم». وأضافت أن بعضهم نُقل مباشرةً إلى مستشفى منظمة «أطباء بلا حدود» في «طويلة».
ولفتت المنسقية إلى أن معظم النازحين من النساء والأطفال وكبار السن، مشيرةً إلى أنهم كانوا في أشد الحاجة إلى الضروريات الأساسية كالغذاء والدواء والرعاية الطبية والمياه والمأوى وغيرها.
انعدام في السلع وأزمة سيولة
وفي السياق، قال مصدر محلي من الفاشر لـ«بيم ريبورتس»، في وقت مبكر اليوم، إن السلع ليست منعدمة تمامًا، ولكنها قليلة، وأسعارها مرتفعة ويصعب على المواطنين شراؤها.
وأشار المصدر إلى وجود أزمة سيولة نقدية في المدينة، قائلًا إن معظم التجار يرفضون التعامل عبر التطبيقات المصرفية الإلكترونية، ومن يقبل التعامل بها منهم يخصم نصف المبلغ المحول. وأفاد المصدر أن «التكايا» (المطابخ المجتمعية) أيضًا عانت من هذه الخصومات، إذ أصبحت المبالغ المخصصة لشراء المواد الغذائية –بعد الخصم– لا تكفي لتوفير وجبات كافية للمحتاجين.
وأوضح المصدر أن أسعار السلع في السوق مرتفعة، مشيرًا أن سعر البصل وصل إلى 10,000 جنيه، وبلغ سعر الملح 6,000 جنيه، فيما بلغ سعر الصابون 7,000 جنيه أو 8,000 جنيه، في وقت وصل فيه رطل السكر إلى 8,000 جنيه.
توقف خمس تكايا
وكشف المصدر نفسه عن توقف خمس «تكايا» حتى الأربعاء، بسبب عجزها عن توفير تكاليف أسعار الوجبات. وواصل المصدر: «كل ذلك في ظل انعدام مياه الشرب، إذ يباع جالون الماء بـ3,000 جنيه».
وأشار المصدر أيضًا إلى وجود ندرة في الأدوية في الفاشر، في ظل عجز وزارة الصحة الولائية عن معالجة الأزمة، لافتًا إلى ارتفاع أسعار العلاجات وعدم قدرة المواطنين على توفيرها.