Tag: الخرطوم

السودان: أساتذة جامعات حكومية يرفضون قرار «التعليم العالي» باستئناف الدراسة

الخرطوم، 11 أكتوبر 2023 – رفض تجمع رؤساء مجالس الجامعات الحكومية، قرار وزارة التعليم العالي القاضي بفتح الجامعات والمعاهد العليا في السودان.

والسبت الماضي، أعلنت وزارة التعليم العالي، استئناف الدراسة بالجامعات في «الولايات الآمنة»، بدايةً من منتصف أكتوبر الجاري.

وقال التجمع، إن «الجهات التي وجهت بتنفيذ القرار ممثلة في وزارة التعليم العالي ومجلس الوزراء المكلف ومجلس السيادة، غير شرعية».

ورأى في بيان الثلاثاء، أن «الحل الحقيقي والعملي» لمواصلة مسار التعليم؛ هو الوقف الفوري، للحرب الدائرة حاليًا.

وأضاف البيان، أن الجهات التي أصدرت القرار، «لا دراية لها بالظروف الصعبة التي تمر بها الجامعات والمدارس وأساتذتها وموظفوها وعمالها الذين ظلوا بلا رواتب منذ اندلاع الحرب».

وتواجه العملية التعليمية في السودان، تعقيدات بالغة والتي تعطلت مع اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في منتصف أبريل الماضي.

ويعيش الطلاب تحت وطأة النزوح واللجوء، في وقت تحولت الجامعات والمدارس إلى دور إيواء.

وفي أغسطس الماضي، قالت وزارة التعليم العالي في بيان، إن تداعيات القتال أثرت على 104 من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة والمراكز البحثية والصندوق القومي لرعاية الطلاب، علاوة على تضرر الوزارة من اشتعال النار في عدد من طوابقها واحتراق عدد كبير من المكاتب.

ما صحة قصف الجيش للمدخل الغربي لجسر شمبات الرابط بين امدرمان والخرطوم بحري؟.

ما صحة قصف الجيش للمدخل الغربي لجسر شمبات الرابط بين امدرمان والخرطوم بحري؟.

 تداول عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك »  ادعاء يحمل صورة إطارية لقناة «الجزيرة السودان» تحوي خبر ينص على الآتي “الجيش السوداني يقصف المدخل الغربي لجسر شمبات ويفصل مدينة امدرمان عن منطقة بحري “.

وللتأكد من صحة الادعاء بحث فريق «مرصد بيم » في الصفحة الرسمية لقناة«الجزيرة السودان»  ولم نجد اي خبر يؤكد الادعاء موقع التحقق .

ولمزيد من التحقق بحثنا في صفحة القوات المسلحة السودانية  في «فيسبوك »ولم نجد أي تصريح يؤكد ما ذهب إليه الادعاء 

ما حقيقة مقطع فيديو متداول تحت عنوان «منهوبات أهل الخرطوم»؟

ما حقيقة مقطع فيديو متداول تحت عنوان «منهوبات أهل الخرطوم»؟

تداول عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي «إكس» مقطع فيديو يُظهر مجموعة سيارات محملة بالعتاد في منطقة صحراوية، وذهب متداولو الادعاء، بأن السيارات والعتاد؛ هي منهوبات من ولاية «الخرطوم» في خضم الحرب الدائرة في البلاد منذ خمسة أشهر.

للتحقق من صحة الادعاء، بحث فريق «مرصد بيم»  في مقطع الفيديو المعني، وتوصلنا إلى أن المقطع تم نشره على الإنترنت من قبل في العام 2020، على أنه لمنقبين في رحلة للبحث عن الذهب في«موريتنانيا» ، وأن المقطع ليس له علاقة بـ«السودان».

الخرطوم تتحول لمحطة دبلوماسية ساخنة على مقياس الأزمات الداخلية و(الجيوسياسية) 

في محيط محدود بالعاصمة السودانية الخرطوم، لا يتجاوز عدة كيلومترات، بدايةً من المطار، ومروراً ببيت الضيافة وصولاً إلى القصر الرئاسي شمالاً ووزارة الخارجية وقاعة الصداقة غرباً. تغص العاصمة السودانية، بضيوفها الدبلوماسيين رفيعي المستوى، القادمين من عواصم صناعة القرار العالمية، حاملين أجندتهم المتصارعة، في بلد غارق في الأزمات الداخلية والجيوسياسية. 

 

يبحث هؤلاء الضيوف، المنتمين إلى معسكرين نقيضين، والذين بدأوا في التوافد إلى الخرطوم منذ أمس الأول الثلاثاء. بالنسبة للمبعوثين الغربيين، النقاش مع الأطراف السودانية، حول العملية السياسية والاتفاق الإطاري، واللجان الوزارية المشتركة والتجارة وقضايا إقليمية بالنسبة لموسكو، حسب ما أعلن رسمياً.

 

ورغم البرودة النسبية التي تتمتع بها مدينة الخرطوم منذ عدة أيام، إلا أنها لا تعكس مدى اشتعال الحالة السياسية واختناقها بالانغلاق ومخاوف الصدامات، وتارة بعبوات الغاز المسيل للدموع. 

 

تطورات ما بعد 25 أكتوبر

لا تعيش الخرطوم، التي تجري فيها مباحثات، مبعوثو كل من: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، النرويج، فرنسا، ألمانيا والاتحاد الأوروبي من جهة. ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف من جهة أخرى، صراعاتها التقليدية منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021م، فحسب. 

إنما هي اليوم، تحت وطأة أزمات داخلية مركبة مدنية – مدنية وبين القوى العسكرية. بجانب صراعات جيوسياسية تمتد غرباً إلى تشاد وأفريقيا الوسطى، ومنها إلى عمق الساحل الأفريقي. بينما تمتد في الجنوب الشرقي إلى إثيوبيا وفي الشمال الشرقي إلى مصر، والمملكة العربية السعودية. ومن البحر الأحمر يتفرع صراعها إلى دولتي إسرائيل والإمارات.

إذ سبقت زيارة مبعوثي الغرب وموسكو، وصول رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى الخرطوم، بالتزامن مع تنظيم القاهرة ورشة لبعض الأطراف السودانية. فضلاً عن استقبال الخرطوم لوزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين. بالاضافة إلى توترات أمنية في الحدود، بين السودان، تشاد وأفريقيا الوسطى. 

بالنسبة للأزمة الداخلية المركبة، فهي قد وصلت إلى مرحلة الدمج. دمج الأزمة كلها في أزمة أكبر، يأمل المسؤولون الغربيون الموجودون في الخرطوم، في أن يمنعوا انفجارها، أو على الأقل إبطال مفعولها، وإن كان لأشهر معدودات، ضمن أجندة أخرى مقلقة يحملونها في ملفاتهم، تتعلق بالضيف الآخر القادم من موسكو، حسب ما علمت (بيم ريبورتس) من مصادر رسمية وسياسية مطلعة. 

مخاوف من الوجود الروسي

يتعمق الوجود الروسي في الحدود بين السودان، أفريقيا الوسطى وتشاد، وهي مخاوف أساسية يطرحها المسؤولون الأوروبيون على القادة العسكريين المنقسمين على الموقف، حتى لو كان ذلك بشكل تاكتيكي. 

الأوروبيون والأمريكيون، يطلبون بشكل واضح طرد شركة فاغنر العسكرية الروسية من البلاد وتحجيم نفوذ موسكو إلى أبعد حد، نقلوا هذا الأمر إلى العسكريين بشكل واضح، حسب ما أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ(بيم ريبورتس).

في المقابل، وبالرغم من أن وزير الخارجية الروسي الذي وصل فجر الخميس، أجرى مباحثات مع نظيره السوداني، علي الصادق ولاحقاً قادة حكومة الأمر الواقع، إلا أن مصدراً مسؤولاً بوزارة الخارجية أبلغ (بيم ريبورتس)، أن ملف الزيارة وترتيباتها بحوزة القصر الجمهوري.

زيارة متزامنة

لماذا يتزامن وجود المسؤولين الغربيين في الخرطوم مع وزير الخارجية الروسي، وما علاقة ذلك بزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للبلاد الأسبوع الماضي؟.

يعتقد المحلل السياسي، الحاج حمد، أن “التناقض الثانوي” بين إسرائيل والولايات المتحدة قد انفجر بسبب الاتفاق الإطاري. ويقول “واشنطن صممت ودعمت الاتفاق الإطاري واصطفت كل القوى الدولية خلفه”، مضيفاً “رغم أنه لا يبعد العسكريين من السياسة لكنه يخفض من دورهم”.

 

ويرى حمد، أن إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة، حركت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسرعان ما زار وزير الخارجية الأمريكي القاهرة وألجم تحرك مصر. ويتابع “بالطبع لا يمكن أن تلغي الزيارة، لذا نفضت يدها من مجموعة دعم الانقلاب واضطر وزير خارجية إسرائيل لمقابلة البرهان ليؤكد أن مجموعة التطبيع ستستمر”. 

 

“حضور المبعوثين لمنع العسكر من الارتداد عن الاتفاق الإطاري”، كان هو رد واشنطن، يوضح حمد.

 

ورأى حمد، أن تأثير زيارة المبعوثين الغربيين، يتمثل في تأكيد الموقف الأمريكي تجاه الاتفاق الإطاري وإبعاد التأثير السالب لإسرائيل. وبالتالي تضييق فرص مناصري العسكر في الإشتراك، ولذا لعب البرهان ورقة التطبيع مرة أخرى، بالإضافة إلى تصريح زميله شمس الدين الكباشي.

 

“في ظل هذه المعمعة لم يتردد الروس في الوجود في الخرطوم ليقولوا إن لديهم مصالح اقتصادية وجيوسياسية في السودان، وعبره في المنطقة”، يوضح المحلل السياسي.

أجندة الزيارة الروسية

بعد منتصف ليل الخميس بدقائق حطت طائرة وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف بمطار الخرطوم في زيارته الأولى للبلاد منذ عام 2014م، حيث كان في استقباله نظيره بحكومة الأمر الواقع علي الصادق.

 

“في إطار جولة يقوم بها في عدد من الدول الأفريقية والعربية لبحث علاقات روسيا مع هذه البلدان، إضافة إلى مناقشة القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك”. هكذا، حرصت وكالة السودان للأنباء ـ سونا، باهتمام بالغ، على تأكيد أن زيارة المسؤول الروسي الرفيع بجانب السودان تشمل دولاً أخرى وبنفس الأجندة.

 

في تصريح لـ(سونا)، سبق الزيارة، أعرب وزير الخارجية بحكومة الأمر الواقع، عن سعادته باستقبال نظيره الروسي، قبل أن يقول بلغة دبلوماسية منمقة “إن روسيا دولة صديقة تقليدية للسودان”.

 وأشار إلى أن الخرطوم وموسكو تربطهما علاقات قوية وراسخة ومتطورة، تقوم على الاحترام المتبادل والمساواة، كما تجمعهما الرغبة في تطوير هذه العلاقات. وتدعم هذه العلاقات، حسب الصادق، آليات قائمة متفق عليها بين الطرفين تتمثل في اللجنة الوزارية المشتركة ولجنة التشاور السياسي بين البلدين واللقاءات الثنائية على مستوى الرؤساء والوزراء وكبار المسؤولين والخبراء. إضافة إلى منبر المنتدى الروسي العربي الذي يهتم بتطوير علاقات روسيا مع الدول العربية.

 

لكن الصادق يفتح أجندة الزيارة الحساسة بدبلوماسية غاية في الحذر، عندما قال “إننا قدمنا للجانب الروسي شرحاً حول سير العملية السياسية في البلاد والجهود المبذولة لتحقيق التقارب الوطني وصولاً إلى تكوين حكومة مدنية تواصل مسيرة الانتقال وتقود البلاد إلى الانتخابات”.

 

لا شيء حساس آخر إذاً، يمضي الوزير إلى القضايا الروتينية، مضيفاً “الجانبان ناقشا العلاقات الثنائية، خاصة مخرجات اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة التي انعقدت في النصف الثاني من العام الماضي. إضافة الى مجالات التعاون المشترك بين البلدين متمثلة في توليد الطاقة من مياه الخزانات والأبحاث الجيولوجية والتعدين والنفط، إلى جانب القضايا الدولية التي تهم البلدين”.

 

في المقابل، ذكرت وزارة الخارجية الروسية، أن لافروف وصل إلى السودان في زيارة عمل، لإجراء مباحثات مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان. بالإضافة إلى قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي) ونظيره علي الصادق. 

 

وتتركز المباحثات بين الخرطوم وموسكو، حسب الخارجية الروسية، حول ما وصفتها بالجوانب الرئيسية من التعاون السوداني – الروسي المتعدد الأوجه. بالإضافة إلى القضايا الدولية والإقليمية الملحة، مع التركيز على ضرورة إيجاد حلول سياسية ودبلوماسية للأزمات في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية”.

 

وتشمل أجندة الزيارة كذلك، حسب الخارجية الروسية، تركيز الاهتمام بشكل خاص على التحضير للقمة الروسية الأفريقية الثانية، التي من المقرر أن تعقد في مدينة سان بطرسبورغ في يوليو المقبل.

 

غير أن الخارجية السودانية ذكرت، أن وزير الخارجية الروسي سيجري مباحثات مع نظيره علي الصادق تتناول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما سيلتقي ضمن برنامج الزيارة عددا من المسؤولين بالدولة، دون أن تسميهم.

اتفاقيات معلقة

خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمدينة سوتشي في نوفمبر 2017م، أبلغ الرئيس المخلوع، عمر البشير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن بلاده بحاجة إلى حماية من العدوان الأميركي.

 وقال موجهاً حديثه إليه: “الأميركان نجحوا في تقسيم السودان لدولتين وساعين لمزيد من التقسيم”، مضيفاً “ونحن نحتاج كسودان لحماية من العدوان الأميركي علينا”. 

هكذا دشن البشير، حقبة جديدة معقدة من العلاقات بين الخرطوم وموسكو، واصل قادة المجلس العسكري بعده الانخراط فيها، وما تزال عواقب هذه العلاقة تلقي بظلالها على بوابة البلاد الساحلية شرقاً، وأقصى غربها على الحدود مع تشاد وأفريقيا الوسطى. 

في ديسمبر 2019م، نشرت الجريدة الرسمية الروسية نص اتفاقية بين السودان وروسيا حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر، بهدف ما وصف بتعزيز السلام والأمن في المنطقة. كما نص الاتفاق على أن القاعدة لا تستهدف أطرافاً أخرى حسب ما ورد في مقدمتها، على أن يحصل السودان مقابل ذلك على أسلحة ومعدات عسكرية من روسيا، حسب الاتفاقية التي وقعها بوتين في نوفمبر من العام 2020م.

من طلب إلى قرارات

سرعان ما استطاع الروس، تحويل طلب الحماية ذلك، إلى قرارات فاعلة، فبدأ الحديث عن اتفاق لإنشاء قاعدة عسكرية لموسكو على البحر الأحمر. أيضاً تمكنوا من تحويل السودان، إلى بوابة نحو جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، ومنها إلى غرب ووسط أفريقيا. 

وفي هذا السياق، رعت الخرطوم، بإيعاز من موسكو محادثات سلام بين أطراف أفريقيا الوسطى، مكّنها هذا الأمر رويداً رويداً من أن تكون لاعباً أساسياً في ذلك البلد الفقير و الغني بالمعادن والثروات الطبيعية في الوقت نفسه. 

لم يمر وقت طويل، بين بدء تعاون موسكو مع نظام البشير، حتى واجه الأخير ثورة شعبية أطاحت بنظام حكمه في أبريل 2019م، رغم محاولات موسكو الحثيثة وقتها لإنقاذ حليفها من السقوط. 

ما بعد البشير

عندما أيقنت موسكو أن نظام البشير ساقط لا محالة، سرعان ما عقدت اتفاقاً مع المجلس العسكري الانتقالي الذي خلفه، يتعلق أيضاً بالقاعدة البحرية. لتأتي، تحت وقع الضغوط الروسية، استجابة المجلس العسكري الانتقالي الحتمية، مرةً بسبب هشاشته السياسية، ومرة أخرى بسبب ضعف خبرته السياسية. 

 

نجحت روسيا في مايو 2019 م في التوقيع على اتفاقية المركز اللوجيستي على البحر الأحمر، مع المجلس العسكري الانتقالي والذي صادق عليه في يوليو من العام نفسه. بالمقابل، دعمت روسيا المجلس العسكري الانتقالي، في تعطيل إقرار مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي، يُدين قتل الحكومة العسكرية السودانية للمدنيين في يونيو 2019م، بالتزامن مع أحداث فض اعتصام القيادة العامة.

 

ويعتقد أن موسكو وظفت رغبة الجيش السوداني في تعزيز قدراته الدفاعية، ورغبته في الحصول على أسلحة ومعدات عسكرية مجانية من موسكو، بجانب تعزيز أسطوله البحري، وتوفير الدعم والحماية في المنصات الأممية في تحقيق مكاسب استراتيجية لروسيا متعلقة باستخدام السودان كبوابة للتوسع الروسي في القارة وفي استغلال الموارد والسيطرة عليها.

أجندة الزيارة الغربية

  • التمدد الروسي في أفريقيا عبر بوابة السودان، أثار مخاوف الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، حيث استمرت في محاولاتها الحثيثة طيلة الفترة الانتقالية، وما بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021م، لإبعاد شبح الوجود الروسي عن الخرطوم.

فاقم الغزو الروسي لأوكرانيا، في فبراير الماضي، الصراع بين موسكو والعواصم الغربية، وأصبحت أفريقيا عامةً ساحة له وبشكل خاص السودان، وهي من الدواعي الرئيسية لخوض معركة دبلوماسية ساخنة في الخرطوم على مقياس الأزمات الداخلية والجيوسياسية.

“من الرائع أن أكون مع الاتحاد الأوروبي، ألمانيا، فرنسا، النرويج والولايات المتحدة الأمريكية في هذه الزيارة إلى السودان”، كتب المبعوث البريطاني الخاص للسودان وجنوب السودان، روبرت فيرويدز، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر صباح الأربعاء من العاصمة الخرطوم.
يوضح المسؤول الغربي الرفيع الغرض من زيارة الخرطوم بقوله “نحن مُتحدون خلف الاتفاق الإطاري. بالإضافة إلى الجهود الجارية لتوسيع المُشاركة وتأمين اتفاق نهائي سريعاً لتشكيل حكومة بقيادة مدنية”.


في صباح الخرطوم الشتوي الملتهب، على عدة جوانب، مليونية بوسط الخرطوم ومنطقة الديم، وصدى ملاسنات جنرالات المجلس العسكري، وترقب وصول ضيف موسكو، انعقد بقاعة الصداقة، اجتماع رؤساء وممثلي القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري مع المبعوثين الدوليين الزائرين للبلاد.

وشملت أجندة الاجتماع، حسب بيان، الاطلاع على مجريات العملية السياسية في مرحلتها النهائية، حيث عرضت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري تصورها للخطوات القادمة وأهم التحديات وكيفية تلافيها لضمان الوصول لاتفاق سياسي نهائي في أسرع فرصة ممكنة.

في المقابل، جدد المبعوثون الغربيون تشديدهم و دعمهم للاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر الماضي، باعتباره الأساس الوحيد للوصول إلى توقيع اتفاق نهائي تتشكل بموجبه حكومة مدنية ذات مصداقية تضطلع بمهام إدارة الفترة الانتقالية.

أيضاً، أكد المبعوثون على تقديم الدعم للشعب السوداني لتحقيق أهدافه وتطلعاته في الانتقال الديمقراطي والتحول المدني، واستئناف برامج التعاون الاقتصادي عقب تشكيل الحكومة المدنية على أساس العملية السياسية الجارية.

في المقابل، لم يتم إثارة الأجندة المقلقة المتعلقة بالضيف الروسي في البيان، لكنها كانت حاضرة في النقاشات، حسب ما أوضحت المصادر السياسية لـ(بيم ريبورتس).

بدوره، حاول وزير الخارجية بحكومة الأمر الواقع، علي الصادق، توضيح أجندة زيارة المبعوثين الغربيين التي تستغرق عدة أيام وجدول لقاءاتهم الذي يتضمن الاجتماع معه هو نفسه، بجانب قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي). بالإضافة إلى لقاء الأحزاب المنضوية في “الحوار الجاري” الآن في البلاد.

بالنسبة للبرهان، فقد أكد للمسؤولين الغربيين الذين استقبلهم ببيت الضيافة بحضور (حميدتي)، التزامه بالاتفاق الإطاري والعمل مع جميع الأطراف وإقناع الممانعين للتوصل لاتفاق نهائي شامل، يمهد الطريق لحكومة انتقالية بقيادة مدنية تقود البلاد لانتخابات حرة ونزيهة، مجدداً التزام المؤسسة العسكرية بالخروج من العملية السياسية وإجراء الإصلاحات المطلوبة بالأجهزة الأمنية.

من جهتها، ذكرت وزارة الخارجية، أن المبعوثين الغربيين تحدثوا عن أهمية السودان في المنطقة وضرورة استعادة النظام الديمقراطي والحكم المدني والآمال التي تعقدها هذه الدول على السودان في محاربة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في الساحل والصحراء والقرن الأفريقي. فيما قال الوزير، خلال استقباله الوفد الغربي، يوم الأربعاء، إن الزيارة تأتي فى إطار دعم الجهود الجارية للتوصل إلى اتفاق نهائي بين الفرقاء السياسيين وتشكيل حكومة مدنية واستعادة الانتقال الديمقراطي.

لا يبدو حديث الوزير بعيداً عن ما تتوقعه القوى السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري.
يقول القيادي بقوى الحرية والتغيير، خالد عمر، في أعقاب لقاء وفد الدبلوماسيين الغربيين إن “الزيارة سيكون لها أثر إيجابي على الإسراع بمعالجة التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تواجهها البلاد”.
وأكد عمر، على دعم الوفد للمسار الذي خطه الاتفاق الإطاري والحكومة المدنية التي تتأسس بناءً عليه، ومع ذلك خلت كلماته من التطرق والتعليق على زيارة وزير الخارجية الروسي.

مراقبون ومحللون للاشتباك الدبلوماسي في الخرطوم بين القوى الغربية وموسكو يتحدثون عن ملفات ساخنة ينتظر أن تكون على الطاولة مع الأطراف السودانية.

“قد تعكس زيارة لافروف، أحد أبرز مساعدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأهمية الاستثنائية والمكانة المميزة، التي أصبح يتمتع بها السودان، بما في ذلك وقوعه بين قطبي الرحى”، يقول المحلل السياسييقول المحلل السياسي، عبد الله رزق.

ويشير رزق إلى أن الزيارة تأتي والسودان في أسوأ حالاته بسبب افتقاره للإدارة الحكومية الفاعلة. ورأى أن هذا الأمر” ربما كان حافزاً للتكالب الدولي الجاري من أجل التأثير على تطور الوضع الداخلي للبلاد، وإعادة تشكيله”.

ويعتقد رزق أنه بالنسبة لملف القضايا الإقليمية، فتتصدره الأوضاع المأزومة في تشاد وأفريقيا الوسطى، وعلاقة السودان بأزمات البلدين الجارين. وأيضاً، قد يكون في جدول الأعمال موقف السودان الرسمي من الحرب في أوكرانيا ضمن ملف القضايا الدولية.
بينما قد يشمل الجدول، في ملف القضايا الثنائية الإشارة لقضية علاقة السودان بشركة فاغنر الأمنية وقضية تصدير وتهريب الذهب لروسيا، والتوسط لإطلاق سراح الروس الثلاث الذين تم القبض عليهم مؤخرا في عطبرة بتهمة الشروع في تهريب ذهب. بجانب قضية القاعدة العسكرية على البحر الأحمر في إطار مشروع اتفاق أمني أوسع.

وحسب رزق، فإن جولة لافروف يمكن النظر لها كرد على جولة بلينكن، في سياق التنافس على كسب التأييد واشتداد حدة الاستقطاب والاستقطاب المضاد حول الموقف من الحرب في أوكرانيا.

كما يمكن بالمثل، والحديث لرزق، التقرير بأن زيارة ستة من المبعوثين الغربيين للخرطوم، والتي تم الإعلان عنها على مفاجئ جاء تزامنها مع زيارة لافروف في السودان عن قصد.

وفي خضم هذه الزيارات والأقدام الدبلوماسية المتتابعة في الخرطوم، والتي تتزامن مع التطورات السياسية الراهنة في البلاد، تطرح اهتمامات الغرب بالعملية السياسية في السودان، وصراع المصالح الواضح، تساؤلات عن تأثير هذا الصراع على ما ستشهده البلاد الفترة المقبلة وتبعاته على الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي. أما محلياً وفي مسار منفصل عن حكومة الأمر الواقع وقادة التحول الحالي ظل الشارع رافعا راياته الرافضة لأي تغيير لا يلبي تطلعاته متحديا قوة السلاح، ومتجاوزاً لتأثير دول الإقليم وسلطة القوى العظمى.

أقدم بنايات الخرطوم.. كيف اختزن القصر الجمهوري حكايات السودان لنحو مائتي عام؟

يمكنك تمييز حتى ألوانه، وسرعة وبطء أرجحة الهواء له في ساريته الشامخة إلى أعلى. هكذا يبدو للناظر إلى القصر الجمهوري، عَلَم السودان، وهو يرفرف في أزمنة الخرطوم، ما قبل وبعد الاستقلال، قبل أن تتغير ألوان العلم نفسه، وتطمس المباني المتناثرة بلا هدف، هوية المدينة المعمارية القديمة، التي أعاد تخطيطها البريطانيون على شكل علم بلادهم.

 

زحف المباني الفوضوي في مدينة الخرطوم المعاصرة وصل إلى القصر الجمهوري نفسه، بعدما تم تشييد قصر جديد بجواره في عام 2015م، تضافر ذلك مع إغلاق واجهة القصر المطلة على شارع النيل بحاجز حديدي، والذي أنهى تقليداً تاريخياً، كان يتمثل في تلقي الشعب تحية شرفية من حراس القصر كلما مدّ أي مواطن عابر يده محيياً أو أطلق صافرة سيارته.

 

شيدت سرايا الحكمدار، وهو أول اسم أطلق على القصر الجمهوري، في عام 1832م. وتشكّلت في البداية، من قاعة استقبال ذات سقف مرفوع فوق عروق خشبية غير مهذبة. أما أرضها، فكانت من التراب المدكوك وكانت تُرش مرة كل ساعتين، ويحيط بثلاثة جوانب منها ديوان مقام من الطين ومُغطى بألواح الخشب، وبينما كان هذا الديوان مفروشاً بالسجاد الفاخر ومساند الحرير، كان الحصير من أوراق شجر الدوم يغطي أرض القاعة. 

 

مع استتباب الحكم التركي – المصري للبلاد، كانت عودته لتاريخ الخرطوم القديم حتمية، فاستخدم الآجر المنقول من بقايا مدينة سوبا الأثرية وبعض المباني القديمة التي ترجع للعهد المسيحي في السودان، في إعادة بناء السرايا بين عامي 1849-1851م، التي كان قد تم هدمها بالكامل.  

 

“كانت سرايا الحكمدار بعد اكتمال بنائها أعجوبة أهل الخرطوم ومشايخ العرب من زوارها، الذين كانوا لا يصدقون أنها من عمل الإنسان وحده”، يقول الباحث المصري، أحمد أحمد سيد أحمد، في كتابه “تاريخ مدينة الخرطوم”.

 

ويتكوّن مبنى القصر الجمهوري من طابقين، بالإضافة إلى جزء أرضي وهو من المعالم المعمارية الرئيسية في الخرطوم، وتطل واجهته الرئيسية على النيل الأزرق شمالاً. للقصر ملحق به مسجد وكانت فيه كنيسة، لكن الحكم الوطني، حوّل مبنى الكنيسة إلى متحف، بعدما أزيل جزءاً منها وهو برجها. 

ويطل من الناحية الجنوبية على ساحة صغيرة كانت تحمل اسمه (ساحة القصر)، قبل أن يطلق عليها اسم حدائق الشهداء أخيراً.

حتى وقت قريب كان المتحف يفتح أبوابه أمام الزوار، أيام: الجمعة والأحد والأربعاء.

 

 وتم افتتاح المتحف الواقع في حديقة القصر رسمياً فى 31 ديسمبر 1999، وهو يضم المشاهد التاريخية التي كان مسرحها القصر الجمهوري خلال الحقب التاريخية المتعاقبة من تاريخ السودان الحديث، ويضم كذلك عدة مقتنيات أثرية وتراثية مختلفة ومتعددة ومكتبة. 

 

 وجرى تصميم القصر على نمط المباني الأوربية الكبيرة التي كانت سائدة في أوروبا في القرن السابع عشر، مع لمسة شرق أوسطية تتمثل في الأبواب والنوافذ المقوسة إلى جانب النوافذ الرومانية والإغريقية والشرفات والفرندات على الطراز البحر متوسطي.

 

ومع ذلك، في عهد الحكم الثنائي “الإنجليزي – المصري” للسودان، (1898-1955م)، أجريت بعض التعديلات عليها سنة 1900م، بعدما أهملت في عهد الدولة المهدية (1885-1898م)، وهدم جزء كبير منها، وفي 1912 بنيت فيها كاتدرائية.  وأطلق عليها سرايا الحاكم العام، وعرفت أيضاً باسم القلعة، نادراً.

تاريخ مدينة الخرطوم:

ومدينة الخرطوم لا تحتضن القصر الجمهوري وحسب، وإنما ينطوي تاريخها الحديث على التغيرات السياسية والاجتماعية التي عرفها السودان وشكلت وجوده الحالي.

 

وهي عرفت الحياة ودب فيها الإنسان قبل مئات السنين من ميلاد المسيح، بينما تم تأسيسها كعاصمة من قبل الحكم التركي المصري للسودان في 1830م. في ضاحيتها الجنوبية نحو عشرين ميلا،  كانت توجد مدينة سوبا عاصمة دولة علوة المسيحية التي سقطت بيد تحالف العرب والفونج 1504. و“تعرف المنطقة بالاسم ذاته حالياً. وتعد من أعظم مدن السودان المسيحي قاطبة، وكان فيها أبنية حسان ودور واسعة وكنائس كثيرة الذهب وبساتين”، يقول صاحب كتاب تاريخ الخرطوم. 

 

ومع أن مدينة الخرطوم في نسختها الحديثة خلق استعماري، إلا أن التاجر الخرطومي، الأوروبي، برون روليت، يقول إنها قديمة، وأنها كانت حتى  قبل الحكم التركي – المصري بنصف قرن مدينة عظيمة عندما هاجمها “الشلك” إحدى قبائل أعالي النيل الأبيض، جنوب السودان، ذات ليلة من ليالي سنة 1772 وقتلوا أهلها ودمروها، فانتهى وجودها في ذلك التاريخ حتى جاء الحكم التركي المصري فأعاد تأسيسها. 

 

وتجمع غالبية المصادر، على أن الخرطوم أخذت اسمها من شكل لسان الأرض المحصور بين النيلين الأبيض والأزرق، الشبيه بخرطوم الفيل، إلا أن آخرين يربطون اسم الخرطوم وقبيلة الشلك التي تعيش في جنوب السودان، على أساس أنه يتكون عندهم من مقطعين معناهما معاً “نقطة التقاء مجريين مائيين”.

 

ويقول الباحث المصري: “إن منطقة مقرن النيلين تقع طوال العصور القديمة في وطن النيليين، وهو الأمر الذي أثبتته القرائن المادية القاطعة. يضيف: “فقد كشفت الحفائر سنة 1954م، عن موطن للنيليين في الطرف الجنوبي لمدينة الخرطوم الحالية ترجع حضارته إلى عصر ما قبل الأسرات، كما ثبت أنه كان مأهولاً في العصر النوباتي والمروي (٧٥٠ – ٣٥٠) قبل الميلاد.  نسبة لمملكتي نبتة ومروي في السودان، وقد عُثر أيضاً على أكثر من إثني عشر موضعا حول مقرن النيلين لسكنى هؤلاء النيليين.

 

بالقرب من محيط القصر الجمهوري، توجد أهم المباني الأثرية في الخرطوم، على رأس تلك المباني مبنى جامعة الخرطوم، الذي شيده أول حاكم عام للسودان في عهد الحكم الثنائي اللورد كتشنر، تخليداً لذكرى غوردون، وتم افتتاحها 1902 باسم كلية غوردون التذكارية.

وكذلك مبنى البريد والبرق، ومبنى وزارة المالية والداخلية ويقعان بشارع النيل، بالإضافة إلى مقبرة ترجع إلى الحكم التركي – المصري، وهي قباب يرقد فيها بعض حكمداري الحكم التركي – المصري، بالإضافة إلى كاتدرائية القديس متى، المشيدة على الطراز الفيكتوري. 

 

ومحيط الخرطوم الرئيسي، تم تخطيطه على شكل العلم البريطاني، وذلك يشمل شارع القصر الجمهوري، وسابقا كان يُسمى شارع فيكتوريا، ويشمل ذلك كل المدينة جنوب شارع القصر إلى جامعة الخرطوم،  وأكبر تجسيد للعلم البريطاني يظهر في تقاطع سانت جيمس الواقع بقلب الخرطوم، وكان قبل تطبيق القوانين الإسلامية في السودان، توجد بالقرب منه أشهر بارات المدينة.

أحداث شهدها القصر:

في فجر السادس والعشرين من يناير 1885م، اقتحم أنصار الثورة المهدية مبنى سرايا الحكمدار في العاصمة الخرطوم قبالة النيل الأزرق وقتلوا حاكم عام السودان وقتها، الجنرال الإنجليزي تشارلز غوردون، في درج الطابق الأول.

عندما وصلت ما عُرفت بحملة إنقاذ غوردون القادمة من بريطانيا قريباً من الخرطوم، كان أنصار المهدي قد قضوا على غوردون وسلموا رأسه للمهدي في عاصمته الجديدة بمدينة أمدرمان، على الضفة الغربية للنيل الأبيض، ونهر النيل. 

 

وتقع مدينة الخرطوم شرقي النيل الأبيض وجنوبي النيل الأزرق ويلتقي فيها النيلان الأزرق والأبيض في “مقرن النيلين” مكونان من بعد، نهر النيل، أحد أطول الأنهار في العالم.

 

 

قبيل الاستقلال بعامين، شهد القصر الجمهوري أحداثاً دموية، وذلك عشية مقدم الرئيس المصري الراحل، محمد نجيب إلى الخرطوم، في مارس 1954م إذ سقط العشرات من أنصار حزب الأمة الذي كان يرفض الوحدة مع مصر، قتلى قبالة البوابة الغربية للقصر الجمهوري، عندما حاول أنصار حزب الأمة اقتحام القصر، بوجود الرئيس المصري فيه. وسُميت تلك الأحداث في التاريخ السياسي السوداني، بأحداث الأول من مارس.

 

لم تمر أكثر من عشر سنوات على أحداث الأول من مارس 1954م، حتى عرف قصر الجمهوري أحداثاً دموية جديدة، عندما أطاحت ثورة  أكتوبر 1964، بحكم الجنرال إبراهيم عبود، ولكن قبل أن يحل عبود مجلسه العسكري أواخر الشهر نفسه، أردت قوات الحرس الجمهوري أكثر من ٢٢ قتيلاً أمام القصر الجمهوري، عندما حاولت الجماهير اقتحام المبنى.

 

في الحقبة التي تلت ذلك، وبينما كان الرئيس المخلوع جعفر النميري في إقامة جبرية بداخل القصر بُعيد انقلاب عسكري أطاح بحكمه لمدة ثلاثة أيام، في 19 يوليو 1971م، شهد المبنى الأثري حوادث إطلاق نار، ولكن بعد أن فرّ منه نميري في اليوم الثالث وآلت إليه الأوضاع في النهاية، زعم بأن الشعب حماه داخل القصر، لذا أطلق على المبنى اسم قصر الشعب. لكن، بعد انتفاضة مارس/أبريل 1985م، التي أطاحت بحكمه أعادت تسميته لما كانت عليه منذ حلول الحكم الوطني في 1956م (القصر الجمهوري) وهو الاسم الرسمي للمبنى حتى الآن.

حكام القصر:

في خضم أحداث دموية عديدة، بالمقابل يشهد القصر على أهم انتصارات السودان عندما تم إنزال علمي الحكم الثنائي ورفع العلم السوداني في أعلى سارية القصر، معلنا استقلال السودان في الأول من  يناير 1956م. 

ومنذ الاستقلال، استقبل القصر الجمهوري 9 رؤساء، بينهم 6 جنرالات جيش، وصلوا إليه عبر انقلابات عسكرية وفترات انتقالية، بالإضافة إلى أربعاء رؤساء مدنيين منتخبين وانتقاليين.

القصر الجمهوري: بين الماضي والحاضر

لكل تلك الأحداث أثرها على السودانيين، بما في ذلك منظورهم الخاص لرمزية القصر، وارتباطه بأحداث تاريخية تحتضنها الذاكرة الشعبية والتي لطالما كانت حاضرة في خطابات الثورة و أدبياتها، يستدلون بها الطريق نحو المقاومة حقبة تلو الأخرى. الآن، وبعد مرور أكثر من عام على انتفاضة شعبية اندلعت منذ فجر الخامس والعشرين من أكتوبر، إثر انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، يخرج الآلاف بشكل دوري قاصدين القصر الجمهوري للمطالبة بإسقاط الحكم العسكري في السودان .

 

تلك الوجهة التي تحمل في طياتها قصص الحكم الاستعماري، أثره الجلي على الخرطوم، طابع المدينة السياسي والاجتماعي والثقافي، عمارتها المتباينة شوارعها وطرقاتها، أحلام وآمال الملايين بإنهاء عصر الانقلابات العسكرية وميلاد الدولة المدنية الديمقراطية. يودون فقط الذهاب إلى القصر احتفالاً باستقلال بلادهم والتنزه في حديقته وأخذ العبرة من ذاكرته التي تعج بتاريخ الانقلابات العسكرية المتواترة التي عرفها السودان ولحظات الإطاحة بها، المشاهد الدموية ولحظات الانتصار.

هل يسهم تبادل السفراء في بداية حقبة جديدة للعلاقات بين الخرطوم وواشنطن؟

“أنا سعيد للغاية بوصولي إلى السودان.. أتطلع إلى تعميق العلاقات بين الشعبين الأميريكي والسوداني ودعم تطلعات الشعب السوداني في الحرية، السلام، العدالة، والتحول الديمقراطي”. هكذا عبّر أول سفير أميركي في السودان منذ نحو 25 عاماً، جون قودفري، على حسابه الرسمي بموقع تويتر، عن رؤيته للعلاقات بين الخرطوم وواشنطن، غداة وصوله إلى البلاد في الرابع والعشرين من أغسطس الماضي.

بوصوله إلى الخرطوم، سفيراً فوق العادة للولايات المتحدة في السودان، أنهى قودفري، حقبةً طويلةً من العداء بين البلدين، ليكون أول خلف لزميله، آخر سفير أميريكي بالخرطوم تيموثي م. كارني الذي غادر البلاد في 30 نوفمبر عام 1997م، إلى العاصمة الكينية نيروبي، بعدما قلصت الولايات المتحدة تمثيلها في السودان إلى قائم بأعمال.

لكن، نهاية الحقبة الطويلة من العداء بين الخرطوم وواشنطن، بتعيين سفير أميريكي في البلاد، كان تتويجاً لتطبيع العلاقات خلال حكومة الفترة الانتقالية المدنية سبتمبر 2019م – أكتوبر 2021م. 

وتمثل تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، في عقد اتفاق لتبادل السفراء، بين رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، ووزير الخارجية الأميريكي السابق، مايك بومبيو في عام 2019م، حيث قدّم أول سفير للسودان في واشنطن منذ أكثر من عقدين نور الدين ساتي، أوراق اعتماده للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب في عام 2020م.

لم يكد يمر سوى عام على ذلك الاتفاق، وأقل من عامين على إطاحة نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، في ثورة شعبية في أبريل 2019م، حتى دخلت العلاقات بين البلدين إلى مرحلة جديدة، بعدما أزالت الولايات المتحدة في ديسمبر 2020م، السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، عقب مفاوضات بين الخرطوم وواشنطن بدأت منذ وصول الحكومة الانتقالية إلى السلطة.

وكانت واشنطن قد وضعت الخرطوم في قائمتها للدول الراعية للإرهاب، في أغسطس 1993م، في أعقاب تدهور العلاقات بين البلدين، وإيواء السودان لجماعات إرهابية متطرفة، حيث مثّلت تلك الخطوة متوالية انحدار سريعة وغير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين السودان والولايات المتحدة.

تاريخياً، بدأت العلاقات السودانية ـ الأميركية، رسمياً، بعدما تم تأسيس أول بعثة دبلوماسية في الخرطوم في 15 فبراير 1956م، ليقدم رئيسها وأول قائم بالأعمال آرثر بيش أوراقه للحكومة السودانية، في السابع عشر من مارس 1956م، وذلك بعد شهرين على استقلال البلاد في الأول من يناير 1956م.

وشهدت العلاقات بين البلدين، صعوداً وهبوطاً، لكن أول منعطفاتها الحادة بدأت في أعقاب قمة اللاءات الثلاثة التي عُقدت بالخرطوم عام 1967م، بعد (النكبة) هزيمة مصر عسكرياً من دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث أغلقت السفارة الأميريكية بالخرطوم في يونيو من نفس العام، وانتقلت أعمالها إلى السفارة الهولندية، قبل أن يُعاد فتحها في 25 يوليو 1972م. 

أيضاً، قاد مقتل السفير الأميركي، كليو نويل، داخل مبنى السفارة السعودية بالخرطوم، في مطلع مارس 1973م، على يد جماعة (أيلول الأسود) الفلسطينية، إلى توتر العلاقات السودانية ـ الأميريكية، كما أنه سبب حرجاً بالغاً للأجهزة الأمنية السودانية. لكن ذروة تدهور العلاقات كانت مع وصول نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير إلى السلطة في عام 1989م.

مع انقلاب 25 مايو 1969م، أيضاً ساءت العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، بسبب توجه النظام وقتها للمعسكر الشرقي واعترافه بألمانيا الشرقية، قبل أن تتحسن مرة أخرى، عقب انقلاب 19 يوليو 1971م.

لكن، بعد تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن في 1972م مرة أخرى، جرى العمل على إحياء مشروع الرهد الزراعي عن طريق مؤسسة التنمية الدولية والحصول على تمويلات عبر برامج المعونة من مؤسسات ضمان الاستثمار الأميريكية لمشروعات النقل، (طائرات بوينج للخطوط الجوية السودانية، قاطرات لسكك حديد السودان)، بجانب مشروعات أخرى.

بالإضافة إلى العمل، على استكشاف النفط عبر شركة شيفرون الأميركية، والتي اكتشفت الغاز بكميات تجارية في البحر الأحمر وبدأ التنقيب عن النفط بصورة جادة في عهد عبود بموجب قانون تنمية المواد البترولية 1958م.

مع إعلان الرئيس المخلوع، جعفر نميري، قوانين سبتمبر في عام 1983م، تدهورت العلاقات بين البلدين، قبل أن تتحسن مرةً أخرى في أعقاب عملية نقل اليهود الفلاشا إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1985م.

عندما أطيح نظام نميري في ثورة شعبية في أبريل 1985م، كان في زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، حيث كان يجري محادثات مع الرئيس رونالد ريغان.

غير أنه، في فترة الحكومة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام نميري، تدنت المعونات الأميريكية إلى أقل من 25 مليون دولار في عام 1985م واعترف السفير الأميريكي الأسبق في الخرطوم، نورمان أندرسون، بأن حكومة بلاده خفضت مساعداتها بشدة للحكومة الديمقراطية، ولم يخف السفير خيبة أمله في حكومة الصادق المهدي. 

على الرغم من التحفظات الأميريكية، استمر التعاون الفني والاقتصادي في عهد حكومة رئيس الوزراء الراحل، الصادق المهدي، كما استمر التعاون بين الجيش السوداني والبنتاغون في تدريب كوادره، لكن في العام 1988م، تم تطبيق أول عقوبات أميريكية على السودان نتيجة لتراكم المتأخرات وعدم سداد الديون، وكانت فى شكل حرمان من المعونة.

المساعدات العسكرية الأكبر في أفريقيا

في عام 1979م، أقر مجلس الشيوخ الأميريكي إمداد السودان بمقاتلات جوية، كما أجريت لأول مرة عام 1981م، عمليات عسكرية بين الولايات المتحدة والسودان تحت اسم عملية النجم الساطع. وخلال الفترة، بين 1976-1982م، ارتفع حجم العون والمشتريات من الأسلحة الأميريكية إلى 154 مليون دولار و161 مليون دولار على التوالي. كما أصبح حجم المساعدات العسكرية الأميريكية للسودان بين 1976-1985م هو الأكبر في أفريقيا، حسبما يذكر وزير الخارجية السوداني الأسبق، والمؤرخ السياسي الراحل، منصور خالد.

ويضيف خالد في كتابه (شذرات من وهوامش على سيرة ذاتية) الجزء الرابع المعنون بـ(الدبلوماسية السودانية في نصف قرن)، إلى أن السودان وفر في مطلع الثمانينات تسهيلات على ساحل البحر الأحمر لمناورات أجرتها القيادة الوسطى للجيش الأميريكي مع الجيش السوداني.

في العام 1993م، أدرجت الولايات المتحدة الأميريكية السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وتلقائياً حرمت البلاد من كل برامج المعونة الأميريكية الزراعية، برامج دعم السلام، القروض التفضيلية وغيرها، كما فرض الرئيس الأميريكي الأسبق، بيل كلينتون عقوبات اقتصادية على البلاد في 1997م، رفعت في عام 2017م، في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما.

في أغسطس 1998م، قصفت إدارة الرئيس كلينتون مصنع الشفاء، بالخرطوم بحري بدعاوي إنتاجه أسلحة كيماوية، في نفس العام اتهمت الولايات المتحدة السودان بالضلوع في تفجير سفارتيها بكل من: نيروبي (كينيا)، ودار السلام (تنزانيا)، كما اتهمته في عام 2000م، بالضلوع في تفجير المدمرة كول باليمن.

لكن عقب تفجيرات 11 سبتمبر الإرهابية في عام 2001م بالولايات المتحدة الأميريكية، سارع نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، في عرض التعاون الأمني مع الولايات المتحدة، بعد تبني تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن تنفيذه التفجيرات. 

وقبل منتصف تسعينات القرن الماضي، استضافت الخرطوم، بن لادن ومجموعات جهادية أخرى، وإدراكاً منه للمخاطر المحدقة به، بادر النظام السوداني بالتعاون مع نظام بوش في القضية التي كانت تمثل في تلك اللحظة أولوية قصوى بالنسبة له: محاربة الإرهاب. لم يدافع النظام عن بن لادن وجماعته، بل غض الطرف عنه ونفض اليد منه.  كما اتخذت أجهزة الأمن السوداني قراراً بتمكين أجهزة الأمن الأميركية بالاطلاع على كل ملفات أسامة بن لادن والجماعات الأخرى التي كانت تتحرك في السودان. كما كشفت أجهزة الأمن السودانية عن كل ما كانت الأجهزة الأمنية الأميريكية تطمح في الاطلاع عليه بما في ذلك حسابات البنوك.

المساعدات الأميريكية والتعاون الاقتصادي

في عام 1961م، زار الرئيس السوداني الراحل، إبراهيم عبود الولايات المتحدة، بعدما تلقى دعوة من رئيسها جون كيندي، حيث ساد المحادثات جو ودي انتهى بموافقة الرئيس كنيدي على زيادة إسهام بلاده في مشروع الطرق السودانية.

وكانت الحكومة الأميريكية، قد قدمت مشروع معونة إلى الحكومة السودانية الائتلافية من حزبي الأمة والشعب الديمقراطي، في عام 1958م، إلا أنها قوبلت بمعارضة شديدة قبل أن يُفعلها عبود عقب زيارته إلى واشنطن.

وأيضاً، مع تسبب الجفاف الذي ضرب البلاد في نهاية السبعينات في مجاعة ضربت أنحاء واسعة من أقاليم السودان، بما فيها تلك المنتجة للحبوب، ساهمت إدارة الرئيس رونالد ريغان بفك تلك الضائقة الغذائية، إما عبر القانون 480، أو عن طريق برنامج الغذاء العالمي. أيضاً، برمجت الإدارة الأميركية، خلال فترة الحكومة الانتقالية 2019-2021م، عون غذائي كان يقدر بأكثر من 300 ألف طن قمح، توقف مع انقلاب 25 أكتوبر2021م. 

في فترات عديدة من حكم نظام نميري، كان هنالك تعاون عسكري بين الخرطوم وواشنطن يعد الأكبر في تاريخ البلدين، واستمر حتى الحكومة الديمقراطية الأخيرة. أيضاً، بدأ استكشاف البترول على عدة فترات، كان آخرها عمل شركة شيفرون على تنقيب البترول في أواخر عهد حكم نميري، ومحاولات أجرتها حكومة الصادق المهدي لعودة شركة شيفرون الأميركية.

ملف السلام

بدأ تدخل الحكومة الأميركية للمرة الأولى في الحرب الأهلية الدائرة في السودان، في ثمانينات القرن الماضي، قبل أن تتوج مشاركتها في إنجاز اتفاق السلام الشامل في عام 2005م، كذلك عملها المشترك مع دول أخرى في توقيع اتفاق سلام جوبا في عام 2020م.

عقب انقلاب 30 يونيو 1989م، أصدرت واشنطن بياناً أدانت فيه الانقلاب العسكري، وطالبت العسكر بالعودة إلى ثكناتهم، كما ألمحت إلى اتخاذ إجراءات أخرى. 

في الخامس من يوليو 1989م، أعملت الإدارة الأميركية المادة 518 من قانون الاعتمادات لتمويل عمليات الصادرات الخارجية، المعروف بتعديل بروك، قبل أن توقف المعونات العسكرية والعون الغذائي، فيما أبقت على المساعدات الإنسانية. 

يلخص وزير الخارجية السوداني الأسبق، والمؤرخ السياسي الراحل، منصور خالد، في كتابه آخر كتبه: (شذرات من وهوامش على سيرة ذاتية) الجزء الرابع المعنون بـ(الدبلوماسية السودانية في نصف قرن)، مسيرة العلاقات السودانية ـ الأميريكية منذ الاستقلال.

يقول خالد: “طوال الفترة التي امتدت من استقلال السودان في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي حتى نهاية حكومة الصادق المهدي في يونيو 1989م، اتسمت العلاقة بين أنظمة الحكم المختلفة والولايات المتحدة بالحرص على تبادل المنافع مهما كان من اختلاف المواقف حول تلك العلاقة والتشويش الأيديولوجي عن السياسات الوطنية”.

ما حقيقة مقطع الفيديو المتداول عن انفجار مجرى الصرف الصحي في الخرطوم؟

ما حقيقة مقطع الفيديو المتداول عن انفجار مجرى الصرف الصحي في الخرطوم؟

تداول مستخدمون في مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعا لإنفجار أحد مجاري الصرف الصحي، مشيرين إلى أن هذا المجرى بمدينة الخرطوم. وأثار المقطع جدلآ واسعا حول مكان المجرى، وقال بعض المعلقين على المقطع بأنه من مكان غير مدينة الخرطوم، و نفى البعض أن يكون هذا المقطع حديثا.

للتحقق من حقيقة المقطع و المنشور المصاحب به، بحث فريق (بيم ريبورتس) عن المقطع قيد التحقق، لم نجد مقطع الفيديو قد نُشر من قبل على شبكة الانترنت. ولذلك، عملنا على تحديد الموقع الجغرافي لزاوية تصوير المقطع على الخريطة. وجدنا موقع المصور الذي التقط مقطع الفيديو، موجود في النقطة الحمراء على الصورة أدناه.

هذا الموقع يقع شمال ميدان سباق الخيل في الخرطوم

بمزيد من البحث، وجدنا أن ولاية الخرطوم قد أصدرت بيانا، في الثالث عشر من أغسطس الجاري، أكدت فيه صحة المقطع المتداول. وذكر البيان، أن سبب الحادثة، قيام جهة ما بعمل حفريات لإنشاء مبنى، وأدت الحفريات إلى كسر كبير في المصرف الخرصاني.

الخلاصة

ما حقيقة مقطع الفيديو المتداول عن انفجار مجرى الصرف الصحي في الخرطوم؟

صحيح

على عتبة 6 أبريل.. ما أبرز المشتركات بين إعلانات ومواثيق لجان المقاومة السودانية؟

بمرور 3 سنوات، على بدء اعتصام القيادة العامة بالمقار الرئيسة للجيش بالعاصمة السودانية الخرطوم، والذي أسفرعن إسقاط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، تغير وجه السياسة في البلاد وباتت لجان المقاومة، هي القائد الأبرز لعملية التغيير. 

على عتبة الذكرى الثالثة، لبدء اعتصام القيادة العامة، تسير لجان المقاومة غداً الأربعاء مليونية 6 أبريل، وفي رصيدها 3 مواثيق وإعلانات سياسية، تحوي تصورات ولبنات الدولة المدنية الديمقراطية، في بلد عاش غالبية فترات تاريخه بعد الاستقلال في أتون الحروب الأهلية، والنظم العسكرية الشمولية، لكن أولئك الملايين المنخرطين في معركة التغيير، قرروا دفع ثمن إنهاء الانقلابات العسكرية مرة واحدة وللأبد. 

عندما اندلعت ثورة ديسمبر 2018م، كانت تكتيكات نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، لقمعها، تتراوح؛ بين القتل والاعتقال والتخويف، ظناً بأن ذلك الطريق يمكنهم كالعادة، في إخماد شرارة تلك الاحتجاجات واستعادة الأمور إلى ما قبلها.

مضى في طريق القمع، فمحاولة تثبيت أركان سلطته بالقوة، لا يبدو أمراً عصياً، بالنسبة لنظام حكم البلاد على مدى 3 عقود، ويعرف خصومه جيداً. لكنه بطبيعة الحال، اصطدم بـ(لجان المقاومة) بالأحياء والمدن السودانية، ذلك الخصم الذي لم يكن في حساباته وتخلق من رحم الاحتجاجات، إلى أن ساهم في الإطاحة بنظامه في أبريل 2019 م. 

وبدايةً من انقلاب 25 أكتوبر، تصدت لجان المقاومة لقيادة الاحتجاجات السلمية ضد السلطة العسكرية الحاكمة في البلاد. وبالتزامن مع ذلك، مضت في خطوات سياسية وتنظيمية، وصولاً إلى كتابة مواثيق وإعلانات سياسية، تقدم رؤية ليس لما بعد إسقاط الانقلاب وحسب، وإنما لإدارة البلاد مؤسسياً، أي كيف يحكم السودان، على امتداد المستقبل.

وتتشكل لجان المقاومة على المستوى القاعدي، من ائتلاف بين أبناء الحي الواحد، يتم الاتفاق فيه على حد أدنى من مبادئ مقاومة الحكم العسكري، وتركز دورها لفترات طويلة كجماعات ضغط، ضد جميع أولئك الذين يعملون عكس الإرادة الشعبية وتطلعاتها للحرية والسلام والعدالة.

لكن، مع استمرار تقلبات الحالة السياسية في البلاد، صارت لجان المقاومة، تياراً سياسياً ومن بين أكبر العاملين على ميلاد نظام مدني ديمقراطي.

مع هذا الحراك السياسي المتنامي للجان المقاومة، فضلاً عن جانب قيادة الاحتجاجات، تعرض (بيم ريبورتس) مقارنة بين إعلانات ومواثيق (لجان مقاومة مدني) و(لجان مقاومة مايرنو) و(تنسيقية لجان مقاومة ولاية الخرطوم).

مقارنة بين إعلانات ومواثيق لجان المقاومة السودانية التي طرحت خلال الفترة الماضية:

المفوضيات:

مدني:

  1. السلام.
  2. العدالة.
  3. إصلاح الخدمة المدنية.
  4. صناعة الدستور.
  5. هيكلة القوات النظامية.
  6. الانتخابات.
  7. مكافحة الفساد.
  8. تفكيك أنظمة القهر و التبعية.

الخرطوم: 

  1. السلام.
  2. العدالة.
  3. إصلاح الخدمة المدنية.
  4. صناعة الدستور.
  5. إصلاح القطاع الأمني والعسكري.
  6. الانتخابات.
  7. مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة.
  8. التنمية المستدامة.
  9. إصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية.
  10. ترسيم الحدود والأراضي.
  11. المرأة و العدالة النوعية.

مايرنو

  • لم تذكر مفوضيات.

الأهداف والخطوات

الهدف\الخطوة

مدني

الخرطوم

مايرنو

اسقاط الانقلاب

نعم

نعم

لم تذكر

محاسبة المشاركين

لم تذكر

نعم

لم تذكر

الدستور

الرجوع لدستور 1956

بناء دستور انتقالي

مؤتمر دستوري لبناء دستور دائم

رئيس الوزراء

ترشيح من البرلمان

تسمية

ترشيح من البرلمان

المجلس التشريعي

انتخاب من المجالس البلدية

تكوين مجلس متوافق عليه

ممثلي الأحياء و النقابات المختارون من قبل قواعدهم

مجالس تشريعية محلية وولائية

لم يذكر

نعم

نعم

نظام الحكم

لامركزي

فدرالي

لم يذكر

الوزارات

10 وزارات

لم يذكر

لم يذكر

وزارات لجان مقاومة مدني المقترحة:

  • الصحة و البيئة.
  • التربية و التعليم العام و العالي.
  • الري و الزراعة و الثروة الحيوانية.
  • العدل.
  • الدفاع.
  • الخارجية والسيادة الوطنية.
  • الداخلية.
  • المالية والموارد.
  • الحكم المحلي.
  • الشفافية والمحاسبة ومراقبة الأداء.