Tag: بيم ريبورتس

«بيم ريبورتس» تحلل تطور الصراع بـ«الفاشر» وأهميتها الاستراتيجية بالنسبة لأطراف الصراع

12 يونيو 2024 – «قتلت عائلة كاملة نتيجة لقصف قوات الدعم السريع لمنازل المواطنين في معسكر أبو شوك للنازحين في مدينة الفاشر خلال شهر مايو الماضي»، هكذا يضع أحد سكان المدينة صورة مكبرة للمآساة التي تضرب العاصمة التاريخية لإقليم دارفور منذ أبريل الماضي. 

هؤلاء النازحون الذين يعيشون بمعسكر أبوشوك ودمرت حياتهم بسبب القصف، يعيشون في المعسكرات  منذ العام 2003  في الحدود الدنيا للخدمات، ثم دُفع بهم في أتون الدمار مرةً أخرى، وكأن الحرب تلاحقهم، من مكان إلى مكان.

وكانت موجة المعارك الحالية الدائرة في الفاشر العاصمة التاريخية لإقليم دارفور غربي البلاد قد بدأت منذ منتصف أبريل 2024، بالتزامن مع إكمال الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع عامها الأول.

تقع الفاشر في شمال دارفور، وهي المدينة الرئيسية التي ما تزال تسيطر عليها السلطة المركزية في البلاد في كامل الإقليم الذي تعادل مساحته الجمهورية الفرنسية و تسيطر الدعم السريع على أربع من عواصمه من أصل خمس.

وتكتسب الفاشر أهمية استراتيجية وعسكرية نظرًا لموقعها الجغرافي المحوري الذي يربط السودان بثلاث دول مجاورة، وهي تشاد وليبيا ومصر. كما تعتبر الفاشر مركزًا رئيسيًا لتوزيع المساعدات الإنسانية القادمة من ميناء بورتسودان، شرقي البلاد مما يجعلها هدفًا استراتيجيًا لكافة الأطراف المتصارعة.

منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه ضد قوات الدعم السريع، شهدت الفاشر سلسلة من الهجمات المكثفة التي أدت إلى تدمير واسع ونزوح كبير للسكان. ومع تصاعد حدة الاشتباكات، تزايدت التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية وشيكة، خاصة مع تفاقم أزمة النزوح ونقص الموارد الأساسية.

يهدف هذا التقرير إلى تحليل تطور الصراع في الفاشر واستعراض أبرز الهجمات التي تعرضت لها المدينة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الأهمية الاستراتيجية للفاشر بالنسبة لأطراف الصراع. بالإضافة إلى استعراض الأضرار التي تعرضت لها أحياء المدينة وبنيتها التحتية، مع تحليل مختصر لأبرز الإشاعات التي رصدها فريق «بيم ريبورتس» المرتبطة بالهجمات الأخيرة.

1. كيف تطور الصراع في الفاشر؟

لم تلبث الفاشر طويلاً حتى وصلتها نيران الصراع بعد اندلاعه في 15 أبريل 2023 في ولاية الخرطوم، حيث بدأت محاولات الدعم السريع للهجوم على المدينة منذ شهر مايو 2023، تستعرض هذه الجزئية أبرز الهجمات التي تعرضت لها المدينة قبل اجتياح الدعم السريع الأخير:  

  • تم رصد أول هجوم على الفاشر في نهاية مايو 2023، حيث أعلن الجيش عن صد هجوم لقوات الدعم السريع على المدينة أثناء محاولة الأخير التوسع في ولايات غرب وسط وشمال دارفور. 
  • تلا هذا الهجوم العديد من الهجمات الأخرى، ففي منتصف سبتمبر شنت قوات الدعم السريع هجومًا آخر أعلن الجيش تصديه له وقتل 30 من أفراد القوة المهاجمة.
  • شهدت الهجمات تغيرًا في استراتيجية الدعم السريع، ففي نهاية أكتوبر شنت القوات هجومًا على قيادة الجيش في الفاشر باستخدام الطائرات المسيرة، مصحوبًا باشتباكات بالأسلحة الثقيلة في عدد من الأحياء شمال شرقي المدينة. أدى هذا الهجوم إلى موجة نزوح نحو المناطق الآمنة في وسط المدينة وخارجها. 
  • تفاقمت أزمة النزوح في الفاشر بعد إعلان الدعم السريع سيطرته على حاميات الجيش في نيالا وزالنجي والجنينة، حيث أصبحت الفاشر تؤوي عشرات الآلاف من المواطنين الذين فروا إليها من ولايات دارفور المختلفة.
  • في بداية نوفمبر، حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من وجود مؤشرات على هجوم وشيك واسع النطاق لقوات الدعم السريع على المدينة، وسط تحذيرات من حدوث أزمة إنسانية ضخمة نظرًا للعدد الكبير من المدنيين المحتمين في المدينة. 
  • في 8 نوفمبر، وبعد أيام من التحذيرات الأمريكية، هاجمت قوات الدعم السريع منطقة أم كدادة بولاية شمال دارفور وسيطرت على خزان قولو، أحد أهم مصادر المياه الرئيسية في مدينة الفاشر، مما فاقم الأزمة الإنسانية في المدينة. خلال الشهور اللاحقة، شهدت الفاشر فترة من التوترات والتخوف من تنفيذ الدعم السريع هجومًا جديدًا على المدينة. أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على الخزان مرة ثانية في 26 مايو الماضي، حيث اطلعت «بيم ريبورتس» على فديو لقائد ميدان للقوات يأمرهم بإغلاق الخزان. لم تدم سيطرة الدعم السريع طويلا حيث أعلن حاكم اقليم دارفور، مني أركو مناوي، في يوم 27 مايو أن القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة استعادت الخزان.

في أبريل الماضي، نفذت قوات الدعم السريع هجمات متتابعة على عدد من القرى غرب الفاشر  تمهيدًا للهجوم الأخير على العاصمة، لتبدأ ضربتها المباشرة مطلع مايو وتدخل في مواجهة مع الجيش والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء القوة المشتركة  التي شُكِلت لتأمين المرافق في الولاية وإيصال المساعدات الإنسانية، قبل أن يعلن اثنين من قادة الحركات في نوفمبر الماضي انحيازهم للجيش في معركته ضد الدعم السريع، وهي قوات حركة جيش تحرير السودان، بقيادة، مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة التي بقيادة وزير المالية، جبريل إبراهيم، بالإضافة إلى رئيس حركة تحرير السودان، مصطفى تمبور.  

بدأت الإشتباكات في الأسبوع الأول من مايو وازدادت بشكل يومي حتى بلغت أقصى مستوياتها بعد تاريخ العاشر من الشهر مما تسبب في دمار عدد من المرافق الحكومية والخاصة كما حٌرِقت أحياء ومنازل ومعسكرات نزوح.

ودفعت الهجمات الشديدة على الفاشر حاكم إقليم دارفور لإعلان الاستنفار العام في المدينة. واستمرت الاشتباكات بين الأطراف حتى 27 مايو، ومن ثم قلت حدتها بتمكن الجيش والقوة المشتركة من دحر الدعم السريع التي تراجعت إلى خارج المدينة، بينما توزعت بعضها في أحياء قليلة شرق الفاشر وأصبحت تنتهج سياسة القصف العشوائي بالمدفعية الثقيلة والصواريخ قصيرة المدة على أحياء المدينة.

2. أهمية الفاشر لأطراف النزاع

الجيش السوداني: يعتبر الفاشر المعقل الأخير له في إقليم دارفور، حيث تتمركز الفرقة السادسة مشاة التابعة له بعد سيطرة الدعم السريع على أربع من أصل خمس ولايات في دارفور. 

تحتضن مدينة الفاشر، البالغ مساحتها 802 كيلومترات مربع، ربع سكان إقليم دارفور البالغ عددهم نحو 6 ملايين نسمة، بحسب آخر إحصاء سكاني. وتعتبر الفاشر موقعًا استراتيجيًا عسكريًا للجهة التي تسيطر عليها، حيث تقع جغرافيًا في ملتقى طرق ثلاث دول مجاورة للسودان: تشاد، ليبيا، ومصر. كما يمكن الوصول للمدينة بسهولة من مدن شمال السودان مثل الدبة بالولاية الشمالية، نظرًا لقربها الجغرافي من تلك المناطق. وبالتالي، فهي تعتبر المدخل الوحيد لقوافل المساعدات الإنسانية القادمة من ميناء بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، ومن ثم تُنْقَل المساعدات منها إلى بقية أرجاء الإقليم، بالإضافة إلى احتوائها على مطار دولي.

 

قوات الدعم السريع: تركز الدعم السريع على الفاشر في محاولة لتأمين خطوط إمداد للأسلحة عبر الحدود الغربية، مع إنشاء مركز قيادة يُسهل شن هجمات على ولايات كردفان، وتعزيز دفاعاتهم في ولاية الجزيرة، وتهديد ولايات الشرق حتى الحدود الإثيوبية.

و في حالة سيطرة الدعم السريع على المدينة، فإن أحد السيناريوهات المحتملة هو إعلان حكومة في إقليم دارفور ومناطق سيطرتهم في ولاية الجزيرة وولاية الخرطوم، مما يثير قلق الجيش. في حالة تحقق هذا السيناريو، سوف تُقسَّم البلاد بين حكومة الدعم السريع وحكومة يسيّرها قادة الجيش من مدينة بورتسودان في شرق البلاد، بالإضافة إلى السلطة المدنية للحركة الشعبية في منطقة جبال النوبة في جنوب كردفان. وقد بدأت الدعم السريع خطوات نحو هذا الاتجاه، كان آخرها افتتاح نقطة جمارك مليط بشمال دارفور وتشكيل إدارة جديدة للمنطقة.


الحركات المسلحة: تتمثل أهمية الفاشر للحركات المسلحة في جوانب أخرى، ويظهر هذا الأمر في تصريح حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، بأن دوافع الدعم السريع لدخول المدينة هي دوافع “إثنية” وليست سياسية. في هذا السياق، يمكن استرجاع تحليل وزير الإعلام السابق، فيصل محمد صالح، لصحيفة «الشرق الأوسط» في نوفمبر 2023، حيث ذكر أن اقتراب دخول الدعم السريع لولاية شمال دارفور يمكن أن يؤدي إلى استهدافهم لإثنية الزغاوة التي ينتمي إليها مناوي وجبريل إبراهيم. أضاف صالح أن انحياز حركات مناوي وجبريل قد يكون مدفوعًا جزئيًا بهذه المخاوف، مما دفعهم للخروج من حالة الحياد التي أعلنوها في بداية الحرب.

3. الانتهاكات ضد المدنيين

ازدادت حدة تدهور الوضع الإنساني المصاحب لاندلاع أحداث العنف في الفاشر منذ منتصف مايو، حيث امتدت المعارك الى المناطق التي كانت آمنة نسبيًا، ونزح ما يقارب 1,500 شخص حتى 20 مايو 2024، من أحياء القشلاق، والقاضي، والعظمة بسبب القتال بين الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه وقوات الدعم السريع في الأحياء الشمالية والشرقية والغربية من المدينة نحو جنوب المدينة.

وكانت معسكرات النازحين في الفاشر تعاني من ظروف سيئة من قبل الأحداث الأخيرة، بما في ذلك نقص المأوى وتدهور البنية التحتية والإمدادات الطبية.

وأفادت منظمة أطباء بلا حدود في 29 مايو أن المستشفيات الثلاثة الرئيسية في الفاشر تعرضت لأضرار بالغة. وتعرضت مستشفى الجنوب، المدعومة من منظمة أطباء بلا حدود، للقصف مرتين في الأيام الأخيرة، مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من المرضى وأفراد الطاقم الطبي.

وأضافت أطباء بلا حدود أنه مع تزايد القصف العشوائي في أحياء المدينة، تزايد استخدام البنية التحتية المدنية لأغراض عسكرية من قبل أطراف الحرب  ووجود عناصر مسلحين في جميع أنحاء المدينة، ما يزيد من مخاطر الحماية التي يواجهها المدنيون. وتلقت الجهات الإنسانية تقارير تشير إلى أن الاحتياجات الأساسية، بما في ذلك المياه، أصبحت بعيدة المنال لجزء متزايد من السكان المدنيين بسبب القتال المستمر

القيود على الحركة

في تقريره عن الأوضاع في الفاشر في 23 مايو، ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن أغلب الطرق الرئيسية للخروج من الفاشر إما مغلقة أو تتعرض لحواجز كبيرة للحركة أو غير آمنة بسبب وجود الأنشطة العسكرية والجماعات المسلحة. وأضاف أنه في حين أن بعض التحركات خارج الفاشر باتجاه الجنوب نحو زمزم، أبو زريقة، دار السلام ونيالا ما زالت مستمرة، إلا أن التقارير تشير إلى أن المسافرين يتعرضون للتفتيش في نقاط التفتيش، علاوة على تقارير عن فرض رسوم على المدنيين الذين يحاولون مغادرة المدينة.

وتسهم المعارك وانعدام الأمن في وضع قيود طويلة الأمد على وصول المعونات الانسانية عبر الخطوط الحدودية.  وذكرت الأمم المتحدة في 23 مايو أنه منذ بداية العام 2024 وحتى الآن وصلت فقط 39 شاحنة إلى الفاشر عبر الخطوط الحدودية تنقل إمدادات الصحة والتغذية لما يقدر بـ 186,000 شخص. بالإضافة إلى ذلك، هناك 1,500 طن متري من المعونات تنتظر الموافقة على التحرك منذ ثلاثة أسابيع، ما يحرم أكثر من 94,000 شخص من المساعدة. بالإضافة إلى ذلك، توجد 13 شاحنة محملة بالمعونات الإنسانية لأكثر من 121,000 شخص تم إرسالها من بورتسودان في 3 أبريل لم تصل إلى الفاشر حتى الآن بسبب التأخير في الحصول على التصاريح عند نقاط التفتيش، وانعدام الأمن.

4. نظرة على الأحداث في الفاشر

المناطق والمعسكرات التي تعرضت للقصف:

توضح الخريطة رقم «1» واحد 36 منطقة وحي تم قصفهم خلال شهر مايو في مدينة الفاشر. اعتمد الفريق في عملية الحصر على عدد من المصادر المفتوحة منها: صفحات لجان المقاومة ومجموعات خاصة بأهالي الفاشر في موقع فيسبوك، وفي بعض الحالات تم العمل مع فريق “Bellingcat” للتحقق من عدد من الفيديوهات التي تم نشرها لأحداث الفاشر باستخدام صور الأقمار الصناعية. 

للتأكد من المعلومات التي تم جمعها من المصادر المفتوحة تواصل فريق «بيم ريبورتس» مع عدد من الناشطين والمتطوعين وسكان الفاشر للتأكد من صحة المواقع المذكورة.

خريطة رقم «1»

توضح الخريطة أيضًا معسكرات النزوح في الفاشر والتي تعرض أكبرها وأبرزها وهو معسكر أبو شوك الذي يضم قرابة 17 مركز مليئة بالفارين من نيران الحرب للقصف والنهب من قبل قوات الدعم السريع خلال فترة البحث، وبشكل عام تضم  الفاشر ثلاث معسكرات كبيرة هي:

  1. معسكر أبو شوك غرب معسكر السلام:  يقع شمال الفاشر بالقرب من حي النصر من ناحية الشمال. (كانت تدور فيه المعارك بشكل مستمر، ولكن تحولت إلى جنوب شرقي المدينة).
  2. معسكر زمزم: يقع جنوب غرب الفاشر وبعيد من منطقة الاشتباكات.
  3. معسكر أبوجا ” السلام” : متاخم لحي الشهداء بالاتجاه الشمالي الشرقي للمدينة (يعتبر طريق مفتوح لتحرك الدعم السريع إلى الولايات الأخرى). 

توضح الصورة رقم «1» تحليل مؤسسة «Bellingcat» لبيانات “NASA FIRMS” التي تظهر إشارات حرارية شرقي الفاشر في الفترة ما بين 10 إلى 13 مايو الماضي، والتي من المحتمل أن تكون ناتجة عن القتال الدائر في تلك المنطقة. تشير هذه البيانات إلى وجود نشاط حراري غير طبيعي. يمكن أن تكون هذه الإشارات نتيجة لنيران الأسلحة الثقيلة أو القصف، مما يساهم في رسم صورة أوضح عن حجم ونطاق العمليات العسكرية وتأثيرها على المناطق المدنية في الفاشر.

Img1 - Credit: NASA FIRMS annotation Bellingcat

توضح الصور رقم «2» المأخوذة بتاريخ 26 مايو الماضي إلى وجود إشارات حرارية في جنوب شرقي مدينة الفاشر.

Img2 - Credit: NASA FIRMS annotation Bellingcat

الأضرار في البنية التحتية:

توضح الخريطة رقم «2» عدد من المنشآت والمؤسسات التي تعرضت للقصف والضرر خلال شهر مايو الماضي، والتي بلغ عددها 12 منشأة، وهي: 

  • كهرباء الفاشر
  • مستشفى الفاشر التخصصي للأطفال
  •  مركز صحي بابكر نهار
  • مخازن الإمدادات الطبية لولاية شمال دارفور
  • المخازن الرئيسية لـ UNHCR
  • المستشفى السعودي للولادة (أقصى غرب المدينة).
  • سوق الفاشر
  • مستشفى نبض الحياة الخاص
  • المستشفى التعليمي
  • إذاعة الفاشر
  • بعض المكاتب الإدارية بوزارة الصحة
  • مقر حكومة إقليم دارفور

بالإضافة للمنشآت تم رصد عدد من المدارس التي تضررت خلال الاشتباك، وهي:

  •  مدرسة الاتحاد الثانوية بنات.
  • مدرسة الرباط الثانوية بنات.
  • مدرسة الإسراء الأساسية بنين.
  • مدرسة الجنوبية الثانوية بنين

كما توضح الخريطة أيضًا بعض المنشآت المهددة بالقصف خلال الفترة القادمة نتيجة لارتكاز قوات الدعم السريع فيها.

خريطة رقم «2»

صورة رقم «3» - على اليسار: صورة توضح تأثير قصف قوات الدعم السريع على الألواح الشمسية وخزان المياه في المستشفى السعودي للولادة (credit: Facebook annotation Bellingcat)، على اليمين: تعليق توضيحي مطابق للمعالم الموضحة في الصورة (credit: Google Maps 13.629360, 25.329815 annotation Bellingcat)

5. توزيع القوات داخل الفاشر

  1. مناطق توزع قوات الدعم السريع: 
    • الأحياء التي تتمركز فيها الدعم السريع شرق المدينة :
      • حي الشاكرين.
      • حي الوفاق.
      • حي الكهرباء.
      • حي الشهداء.
      • حي النخيل (سم الجراد).
      • حي المعهد.
      • حي مثاني.
      • حي الصفاء.
      • حي القاضي.
  • أحياء تمددت فيها الدعم السريع جنوب المدينة وجنوب شرق بشكل كبير:
    • الوحدة.
    • السلام.
    • البشارية.
    • التيمانات 
  1. مناطق توزع القوة المشتركة: 
    • مناطق تمركز الحركات المسلحة (القوة المشتركة):
      • مقر اليوناميد “قيادة الحركات المسلحة”،  شمال غرب المدينة 
      • حي ابشوك الحلة وليس المعسكر.
  • منطقة تقع بين تمركز الدعم السريع والحركات:
    • حي التجانية.

6. التضليل المرتبط بالأحداث في الفاشر

منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، تم استخدام المعلومات المضللة بشكل كبير من قبل طرفي النزاع وحلفائهم. حيث يخوض الطرفان حرب معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي بضراوة لا تقل عن ضراوة المعارك على أرض الواقع. تم استخدام التضليل لنشر معلومات عن انقسامات داخل القوات، تضخيم حجم العمليات العسكرية والخسائر بين الطرفين، أو لتقديم روايات بديلة لبعض الأحداث وتبادل الاتهامات.

لم تكن الهجمات على الفاشر استثناءً من هذا النهج. فقد رصد فريق «بيم ريبورتس» خمسة أخبار مضللة خلال شهر مايو مرتبطة بالأحداث في الفاشر، والتي استُخدمت للتأثير على الرأي العام. 

  1. انقسامات بين الجيش السوداني وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي

رصدت فريق «بيم ريبورتس» تداول تصريح منسوب لحاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، قائد جيش حركة تحرير السودان، حول زج «النظام البائد» لهم في هذه الحرب وسعيهم للعودة إلى الحياد. يأتي هذا الادعاء في سياق احتدام المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في دارفور، حيث أعلن مناوي الاستنفار ضد قوات الدعم السريع.

نُشر هذا التصريح على صفحات عديدة في وسائل التواصل الاجتماعي بتاريخ 16 مايو، بعضها يضم أكثر من 500 ألف متابع. كما نُسب التصريح إلى مقابلة قام بها مناوي مع قناة «الحدث». إلا أن فريق «بيم ريبورتس» تحقق من أن هذا الخبر مفبرك.

في نفس سياق الإدعاء السابق، رصد الفريق تداول صورة أخرى منسوبة لقناة «الحدث» تفيد بنقل خبر عن تفاقم الخلافات بين مناوي والجيش السوداني. من الواضح أن نشر هذه الأخبار يهدف إلى زرع الشكوك حول وجود انقسامات بين صفوف الجيش السوداني وحلفائهم في حركة مناوي، التي تعتبر أحد أكبر القوى المقاتلة في الفاشر، وهو جزء من حرب المعلومات المستمرة التي تخوضها الأطراف المتنازعة.

2. العمليات العسكرية في الفاشر

رصد فريق «بيم ريبورتس» تداول صورة لعربة محترقة تابعة لقوات الدعم السريع، مصحوبة بإدعاء بأن الحدث مرتبط بالأحداث الأخيرة في الفاشر. يدعي المنشور بأن الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة دمروا 34 عربة دفع رباعي مقاتلة (تاتشر) وقتلوا 19 من قوات الدعم السريع. بعد التحقق، أكد الفريق أن الصورة ليس لها علاقة بأحداث الفاشر، بل هي صورة قديمة نشرت أول مرة في أبريل الماضي في سياق مختلف. ورغم ارتباط الصورة بالصراع بشكل عام، إلا أن إعادة توظيفها لتصوير تقدم في العمليات العسكرية في الفاشر يعد تضليلاً.

كما رصد الفريق فيديو آخر يزعم توثيق استهداف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني لقاعدة الزرق العسكرية التابعة للدعم السريع بولاية شمال دارفور. بعد تحليل الفيديو، تبين أن الفيديو تم نشره لأول مرة في أبريل الماضي وليس له ارتباط بالأحداث الأخيرة في الفاشر. كما حلل الفريق لهجة الأشخاص المتحدثين في الفيديو، واتضح أنها ليست لهجة سودانية بل من شمال مالي. وعليه، فإن التحليل يوضح أن الفيديو ليس لديه ارتباط بالصراع في السودان بشكل كامل، ناهيك عن أحداث الفاشر. توضح هذه الحوادث نهج التضليل الذي يعتمد على إعادة توظيف صور وفيديوهات من دول أخرى لدعم ادعاء التقدم العسكري لأحد الأطراف. 

وأخيراً، رصد الفريق تداول صورة لقوات عسكرية على متن عربات قتالية في منطقة شبه صحراوية، ادعى مروجوها أنها لقوات تابعة لقوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، متجهة إلى مدينة الفاشر لدعم الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة. بعد تحليل الصورة للتحقق من صحة الادعاء. توصل الفريق إلى أن الصورة قديمة، حيث تم نشرها لأول مرة في عام 2021 في سياق مختلف تماماً. كانت الصورة الأصلية مصحوبة بإدعاء مختلف وهو وصول القائد العام لجيش تجمع قوى تحرير السودان إلى الفاشر في طريقه إلى الخرطوم لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية. وبذلك، يتضح أن الصورة لا علاقة لها بالصراع الحالي في الفاشر.

تشير هذه الأمثلة إلى استخدام واسع النطاق للمعلومات المضللة في النزاع الحالي في الفاشر، حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز موقفه وتشويه صورة الآخر باستخدام صور وفيديوهات قديمة أو من سياقات مختلفة تماماً. من المهم ملاحظة أن هذه الصور والفيديوهات دائماً ما تُنشر على منصات وصفحات تتبنى الدعاية الحربية لصالح أحد طرفي النزاع، مستخدمة في ذلك معلومات مضللة وزائفة. تحوز هذه الصفحات على عدد كبير من المتابعين، يتراوح بين 10 آلاف ويصل إلى ما يزيد عن 800 ألف متابع، مما يساعد في انتشار هذه الأخبار بشكل كبير بين المواطنين.

خاتمة

في ختام هذا التقرير، يتبادر إلى الذهن صورة مؤلمة لمدينة الفاشر وسكانها الذين يتعرضون لمختلف أشكال العنف والتهجير. رغم الأحداث الصادمة التي شهدتها المدينة، فإن روحها الصلبة وإرادتها القوية تبقى قائمة، حيث يستمر أهلها في التصدي للتحديات بشجاعة وإصرار.

ما حقيقة الصورة المتداولة لموكب عسكري لقوات «الطاهر حجر» في طريقهم إلى الفاشر؟

ما حقيقة الصورة المتداولة لموكب عسكري لقوات «الطاهر حجر» في طريقهم إلى الفاشر؟

 تداول عدد من الحسابات على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك صورة لقوات عسكرية على متن عربات قتالية في منطقة شبه صحراوية، على أنها قوات تابعة لقوى تحرير السودان، بقيادة الطاهر حجر، متجهة إلى مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

 

وجاء نص الادعاء على النحو التالي: 

متحركة آخر من قوات تجمع قوى تحرير السودان في طريقهم الفاشر

قادمين من كل فج عمقه.

الحسابات التي تداولت الادعاء :

للتحقق من صحة الادعاء، أجرى فريق «مرصد بيم»، بحثًا عكسيًا للصورة وتبين أن الصورة قديمة تم نشرها عام 2021 مرفق معها النص التالي : “وصول القائد العام لجيش تجمع قوى تحرير السودان إلى الفاشر فی طریقه الی الخرطوم –  لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية”.

لمزيد من التحقق أجرى « مرصد بيم» بحثًا بالكلمات المفتاحية الواردة في نص الادعاء ولم يُسفر عنه أي نتائج تدعم صحة الادعاء.

يذكر أن هذا الادعاء وادعاءات مشابهة يتم نشرها في مجموعة على منصة فيسبوك تعرف باسم «السودان مقبرة الجنجويد »، وهي مجموعة تتبنى الدعاية الحربية لصالح الجيش مستخدمة في ذلك معلومات مضللة وزائفة.

 وتجمع قوى تحرير السودان، هي حركة سياسية عسكرية تكونت في دارفور وكانت تقاتل الحكومة السودانية إلى أن وقعت اتفاق سلام جوبا في أكتوبر 2020.

ويعتبر تجمع قوى تحرير السودان بقيادة عضو مجلس السيادة السابق الطاهر حجر أحد مكونات الجبهة الثورية الموقعة على اتفاقية سلام جوبا.

وشهد التجمع خلال الفترة الماضية انقسامات على إثر قرارات فصل متبادلة بين مكوناته بسبب تباين مواقفهم بشأن الحرب.

الخلاصة:

 

الادعاء مضلل. إذ أن الصورة قديمة نشرت من قبل على الإنترنت وليس لها علاقة بالأحداث الجارية، بالإضافة إلى ذلك، لم يُسفر البحث عبر الكلمات المفتاحية الواردة في نص الادعاء عن أي نتائج تدعمه.

ما حقيقة الصورة المتداولة لاستهداف الجيش إحدى السيارات التابعة للدعم السريع؟

ما حقيقة الصورة المتداولة لاستهداف الجيش إحدى السيارات التابعة للدعم السريع؟

تداول عدد من الصفحات على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك صورة لسيارة محترقة على أنها سيارة تابعة للدعم السريع تم استهدافها اليوم الثلاثاء،  في الفاشر من قبل الجيش.

 

وجاء نص الادعاء على النحو التالي: 

سلاطين “*****”فاشر السلطان

تدميـر 34 تاتشر و”****”  19 مرتزق اضغط الخرطوم مقبرة الجنجويد  وشاهد البل الرجاء النشر ليفرح غيرك.

الصفحات التي تداولت الادعاء :

للتحقق من صحة الادعاء، أجرى فريق«مرصد بيم» ، بحثًا عكسيًا للصورة،  وتبين أن الصورة قديمة تم نشرها على الإنترنت منذ أبريل الماضي مع مجموعة من الصور مرفق معها النص التالي: “ويعتبر ذبح وحرق جثث مجموعة من الأشخاص يرتدون ملابس مدنية عملاً أكثر تطرفاً ومؤشرًا خطيرًا لما وصلت إليه الحرب في السودان”.


يُذكر أن تداول هذا الادعاء يأتي على خلفية الاشتباكات المحتدمة في ولاية شمال دارفور تحديًدا في عاصمتها مدينة الفاشر بين الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه ضد قوات الدعم السريع، منذ حوالي أسبوعين. 

الخلاصة:

الادعاء مضلل. إذ أن الصورة قديمة تم نشرها من قبل على الإنترنت وليس لها علاقة بالأحداث الجارية الآن في الفاشر.

شق طريقه نحو الخلود في ذاكرة السودانيين.. «بيم ريبورتس» تتحقق من «فيديو تصفية» الضابط محمد صديق

 

20 مايو 2024 – قُتل الضابط السابق بالجيش السوداني، وأحد رموز ثورة ديسمبر، الملازم أول محمد صديق، بأيدي جنود من قوات الدعم السريع بعد أسره وهو يبدو أعزلًا، بحسب ما أكده الجنود في مقطع فيديو نشروه يوم السبت على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

وتحققت «بيم ريبورتس» من أن الشخص الذي ظهر في مقطع الفيديو وسط جنود الدعم السريع هو الضابط السابق بالجيش السوداني، الملازم أول محمد صديق. 

 

وأظهر مقطع الفيديو الذي بثه جنود الدعم السريع، صديق الذي تم أسره في تخوم منطقة الجيلي، شمالي العاصمة الخرطوم حيث تدور فيها معارك طاحنة منذ عدة أسابيع، واقفًا، وهو يبدو مكبل اليدين قبل أن يصفعه أحدهم على وجهه، ومن ثم ظهرت صور أخرى له وجسده ملقي على الأرض ميتًا.  

 

وبالعودة إلى مقاطع الفيديو التي بثها جنود من قوات الدعم السريع وتداولها رواد مواقع التواصل، تظهر هذه المقاطع تطابقًا في هيئة الضابط والملابس التي كان يرتديها مع صور ومشاهد نشرت قبل أسره.

 كما يظهر مقطع فيديو آخر الضابط محمد صديق وهو ملقي على الأرض وبجواره بقعة من الدماء، وذكر عدد من جنود الدعم السريع خلال تصويرهم للفيديو أنهم قاموا بتصفيته.

 

في وقت سادت حالة من الحداد في وسائل التواصل الاجتماعي، على تصفيته بعد أسره على يد قوات الدعم السريع، تسابق الكثيرون في تعداد بطولاته وتضحياته ومآثره باعتباره أحد رموز ثورة ديسمبر البارزين.

 

وبدأت قصة صديق الذي كان يعيش في ضاحية الحاج يوسف شرقي الخرطوم، مع السودانيين، بعد أيام فقط من بدء اعتصام القيادة العامة بوسط العاصمة الخرطوم في 6 أبريل 2019، عندما أعلن أمام آلاف المعتصمين أنه خالف التعليمات، وأنه سيكون موجودًا، في ساحة الاعتصام حتى سقوط نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير.

تقاعد مُبكر

 

لكن، سرعان ما تغيرت حياة الضابط الشاب، بعدما تمت إحالته للتقاعد في عام 2020، وقال الجيش وقتها في بيان، إن قرار «إحالة الضابط محمد صديق إلى التقاعد، يأتي نسبة لمخالفات ما جعل أمر إحالته للتقاعد للمعاش أمرًا حتميًا للحفاظ عليه وعلى سمعة القوات المسلحة»، موضحًا أنها ليست كيدية.  

 

أثارت إحالة الصديق للتقاعد وقتها الغضب في أوساط الشارع السوداني، ليخرج عضو مجلس السيادة الانتقالي السابق، محمد الفكي سليمان، مؤكدًا عودته للجيش مرة أخرى. 

 

وقال سليمان: «الملازم أول محمد صديق سيظل في صفوف قواتكم المسلحة، حارسًا لتراب بلاده، ولقيم الحرية والسلام والعدالة».

 

لم يعد الصديق للجيش مرةً أخرى، بعدها انزوى عن الحياة العامة ليمارس حياته بعيدًا عن ضوضائها.

من ضابط إلى مستنفر

ومع ذلك لم تنته قصته، عاد مرةً أخرى في نهاية العام الماضي إلى الحياة العامة بعدما استنفر مع الجيش طواعيًة في ولاية نهر النيل شمالي الخرطوم، لقتال قوات الدعم السريع، وأعلن في عدة مقاطع فيديو رغبته في تحرير منطقة الجيلي، منتقدًا قيادة الجيش بعدم السماح لهم بالتقدم نحو المنطقة.  


وهكذا انخرط صاحب مقولة «الرهيفة تنقد» أمام المعتصمين بالقيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم، في القتال، إلى أن عاد لترابه محاطًا بقداسة الشهيد، بينما كان نهر دمائه يشق لنفسه طريقًا في الخلود وسط السودانيين.

«اليونيسيف»: الهجوم على الفاشر يهدد حياة ورفاه «700» ألف طفل

4 مايو 2024 – قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف إن الخطر يتهدد حياة ورفاه 750 ألف طفل في الفاشر، وربما ملايين آخرين، في حال تم شن هجوم عسكري وشيك على المدينة.

ومنذ بدايات أبريل الماضي، تشهد مدينة الفاشر تحشيدًا عسكريًا، هو الأكبر من نوعه في الإقليم منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 في علامة أخيرة لقرب اندلاع معركة فاصلة بين الجيش والحركات المتحالفة معه ضد قوات الدعم السريع.

وأكدت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل، في بيان صحفي الجمعة، أن الهجوم الوشيك على الفاشر يهدد بتصعيد كارثي، داعيةً أطراف النزاع إلى التراجع بشكل عاجل عن مثل هذه المواجهة الخطيرة.

ولفتت المسؤولة الأممية إلى إن تصاعد القتال في ولاية شمال دارفور تسبب في خسائر بشرية مميتة بين الأطفال، مشيرة إلى مقتل ما لا يقل عن 43 شخصًا، بينهم أطفال ونساء، منذ تصاعد القتال في الفاشر والمناطق المجاورة قبل أكثر من أسبوعين.

وحذرت راسل من أن استمرار الهجمات، بما في ذلك استخدام الأسلحة المتفجرة في الأحياء السكنية، يشكل خطورة خاصة على الأطفال، ولن يؤدي سوى إلى نزوح وجرح وقتل المزيد منهم.

كما أشارت إلى التقارير «المروعة» التي أفادت بوقوع أعمال عنف من قبيل العنف الجنسي، وجرح وقتل الأطفال، وإضرام النيران في المنازل، وتدمير الإمدادات المدنية الحيوية والبنية التحتية خلال الهجمات الأخيرة على أكثر من 12 قرية غرب الفاشر.
وأضافت «اضطرت الأسر، بما فيها تلك التي نزحت سلفا بسبب النزاع، مرة أخرى إلى الفرار دون أن تحمل سوى القليل من الملابس التي ترتديها. هناك تقارير مثيرة للقلق العميق عن انفصال الأطفال عن عائلاتهم أو الإبلاغ عن اختفائهم».

ودعت مديرة اليونيسف أطراف النزاع إلى ضرورة بذل كل جهد ممكن لتهدئة الوضع، والسماح بالحركة الآمنة للمدنيين، بمن فيهم المرضى والجرحى، الذين يريدون الانتقال إلى مناطق أكثر أمانا، وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.

كما شددت على ضرورة أن تضمن أطراف النزاع وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع ومستدام ودون عوائق، سواء عبر خطوط النزاع داخل السودان أو عبر الحدود مع الدول المجاورة.

الوقت ينفد

في السياق، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن الوقت ينفد لمنع حدوث مجاعة في دارفور، حيث يعيق تصاعد الاشتباكات في الفاشر الجهود المبذولة لتوصيل المساعدات الغذائية الحيوية إلى المنطقة.

وبحسب البرنامج الأممي، يواجه المدنيون في الفاشر وإقليم دارفور على نطاق أوسع مستويات مدمرة من الجوع، إلا أن عمليات توصيل المساعدات الغذائية كانت متقطعة بسبب القتال والعقبات البيروقراطية المستمرة.

وأوضح البرنامج أن التصعيد الأخير لأعمال العنف حول الفاشر أدى إلى إيقاف قوافل المساعدات القادمة من معبر الطينة الحدودي في تشاد، وهو ممر إنساني تم افتتاحه مؤخرا ويمر عبر الفاشر.

وفي الوقت نفسه، ذكر برنامج الأغذية العالمي أن القيود التي تفرضها السلطات في بورتسودان تمنعه من نقل المساعدات عبر معبر «أدري»، وهو الممر الوحيد الآخر القابل للاستخدام عبر الحدود من تشاد.

«مرصد بيم» ينشر التقرير الشهري لأبرز الشائعات والمعلومات المضللة في الفضاء الرقمي السوداني

  

ينشر «مرصد بيم» ، تقريرًا شهريًا،يحلل فيه أبرز الادعاءات المضللة والمزيفة التي تم نشرها خلال الشهر . يأتي ذلك، خلال حرب ضارية تدور في السودان منذ أبريل 2023 تصاحبها حرب اعلامية شرسة يرد بها التضليل وخلق أفق  عام ضابي .

يغطي التقرير التالي، الادعاءات الخاطئة والمضللة في الفضاء الرقمي السوداني، لشهر مارس «2024». كما يقدم تحليلًا مختصرًا لأبرز اتجاهات التضليل والأدوات المستخدمة فيه.

الأساليب والأدوات:

تعددت الأساليب والأدوات التي تم استخدامها في عمليات التضليل رصدنا منها الآتي:

  1. فبركة البيانات ونسبتها للفاعلين في الشأن السوداني سواء كانوا في الجانب العسكري أو المدني.
  2. نشر معلومات مضللة تتعلق بمحادثات الخارجية الرامية لإيقاف الحرب.
  3. إعادة نشر مقاطع فيديو قديمة على أنها بتاريخ حديث في سياق منفصل عن تاريخها القديم.

الفاعلون في حملات التضليل:

أشارت الدراسات والتقارير التي عمل عليها «مرصد بيم»، إلى أن هناك جهات داخلية وخارجية، فاعلة في عمليات التضليل في الفضاء الرقمي السوداني. وحددت الدراسات الفاعلين على المستوى الداخلي في فئات شملت: «جهات مناصرة للدعم السريع، جهات داعمة للجيش، وجهات ذات توجه إسلامي، وجهات تناهض الحكم العسكري». بينما أشارت الدراسة إلى أن الفاعلين الأجانب، في الفضاء الرقمي السوداني، هم: «روسيا – دولة الإمارات العربية المتحدة – مصر- إثيوبيا ». تعمل كل هذه القوى/الجهات على نشر المعلومات الزائفة والمضللة التي تخلق أفقاً ضبابيًّا حول ماهية الوضع في السودان .

وبالطبع منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل الماضي درجت حملات التضليل على تكثيف نشاطها وتنسيقه أكثر لأجندة متنوعة أهمها بالطبع التضليل نفسه وتغيب الحقيقة  أضف إلى ذلك نشر الدعاية الحربية الداعمة لأحد طرفي النزاع استغلت في ذلك كل الوسائل الممكنة والتي يمكن أن توصل المعلومات المضللة بطريقة أسرع وفيما يلي سوف نتناول بالشرح تلك الحملات والجهات التي دعمتها أو استهدفتها خلال شهر مارس المنصرم :

حملات التضليل التي استهدفت الجيش :

الحملات التي استهدفت الجيش في هذا الشهر عملت على استغلال غزارة المعلومات الواردة من المؤسسة العسكرية حتى تصنع منها ادعاءات مضللة ذات بعد جهوي يوحي بأن الجيش يتنبى سياسية جهوية معينة ويعمل على حماية السودان في أقاليم معينة ونجد ذلك جليًا  في مقطع الفيديو المضلل الذي تم فيه تحريف حديث مساعد قائد الجيش ياسر العطا حيث تمت مشاركة المقطع المضلل مع نص يفيد بالآتي  “إذا نحن توافقنا معهم عرب الوسط والشمال والشرق اوكي، واذا لم نتوافق معهم يفصلو ويشيلو دارفور ونصف كردفان وجبال النوبة والجزء الأكبر من الأنقسنا ويعملو دولة العطاوة و مرة الجنيد ومرة شنو، معليش الأخ من المحاميد ” الفيديو كان مقتطعًا إذ أن العطا كان يتحدث عن مؤامرة تلك هي أبعادها ونجد أن ذلك المقطع الانتقائي لاقى انتشارا واسعا لما حواه من محتوى حساس أثار حفيظة الكثيرين.

في سياق متصل، عملت الحملات فيما بعد على خلق تصور عن وجود خلاف داخل المؤسسة العسكرية على أساس جهوي عرقي مستغلة في ذلك نفس الادعاء السابق ولكن في هذه المرة تم صياغة الادعاء على أنه أثر مباشر لتصريح العطا فتم تداول صورتين لـ«الجزيرة السودان» تضمنا خبرًا عن انشقاقات في الجيش والحركات المسلحة بسبب تصريحات ياسر العطا. وبالطبع فإن الصور مفبركة وكان فريقنا قد بحث في مدى صحتها وتأكد من فبركتها إلا أن تزامن نشرها في أعقاب مقطع الفيديو المضلل أسهم في انتشارها بشكل واسع. ومن هنا نلاحظ أن الحملات تعمل في شكل متسق يراعي التراتبية والتوقيت الصحيح لنشر الشائعة.

حملات التضليل التي استهدفت القوى المدنية:

يلاحظ في مارس تكثيف نشاط حملات التضليل ضد القوى المدنية خصوصًا عقب التقدمات الأخيرة للجيش في مواقع مختلفة في أم درمان الأمر الذي اعتبرته بعض حملات التضليل ردًا قويًا على القوى المدنية التي نادت بإنهاء الحرب عبر الطرق السلمية ومن هنا استعرت حملات التضليل التي أريد بها اغتيال القوى المدنية سياسيًا.

 

على سبيل المثال نجد أنه تم تداول ادعاء يحوي صورة على أنها صورة لحمدوك بعد أن تم وضعه في استراحة الأمن المصري خوفًا من تعرض اللاجئين السودانيين له. 

 الادعاء مفبرك. حيث تواصل فريقنا مع عضو تنسيقية تقدم ووزير شؤون مجلس الوزراء الأسبق (عمر مانيس) الذي يظهر في الصورة ضمن الوفد المرافق لعبد الله حمدوك، وقد نفى صحة الادعاء وأكد بأن الصورة في الفندق الذي يقيم به حمدوك وليس لها أي علاقة باستراحة المخابرات المصرية.

يلاحظ أيضًا أن زيارة حمدوك الأخيرة إلى مصر طالتها الكثير من الادعاءات المضللة حيث نجد أنه قد تم تداول مقطع فيديو يوضح وصول حمدوك إلى جمهورية مصر بيد أن مقطع الفيديو مضلل. حيث جرت أحداثه في فترة رئاسة «حمدوك» لمجلس وزراء الفترة الانتقالية، وهو يوثق زيارته إلى جمهورية مصر في مارس من العام 2021 وكان في استقباله، وقتها، رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وليس للفيديو أي علاقة بالزيارة الأخيرة التي قام بها «حمدوك» إلى جمهورية مصر.

كما عملت حملات التضليل على فبركة التصريحات ونسبها للقوى المدنية حيث نسب تصريح  لرئيس الحركة الشعبية التيار الثوري ياسر عرمان يفيد بأن الأخير صرح قائلاً “نرحب بدور الدعم السريع بموافقته على شرط الجيش وسحب قواته إلى أطراف العاصمة، وتلك مؤشرات لوقف الحرب والتوجه إلى طريق السلام”. التصريح مفبرك وكنا قد تحققنا من ذلك بيد أن توقيت نشره ساعد في انتشاره.

حملات التضليل التي استهدفت إثارة الجدل:

عملت بعض حملات التضليل على استهداف المتلقى بشكل مباشر من خلال نشر معلومات قد تقلقه وتثير الجدل حول ماهية ما يجري وأغلب تلك المواضيع تكون ذات طابع مؤثر على حياة الناس أو له وقع مباشر عليهم لذا يتفاعلون معها الأمر الذي يسهل عملية انتشارها.

من تلك الادعاءات المضللة التي استهدف بها المتلقي وأثارت جدلًا بين المواطنين على الإنترنت صورة  يظهر فيها  الرئيس المخلوع عمر حسن أحمد البشير متجولًا فيما بدا أنه مكان عام. بعد فحص الصورة تبين أنها مقتطعة من مقطع فيديو قديم كان فيه البشير في زيارة إلى مستشفى الضمان الاجتماعي بمدينة الأبيض وكان ذلك قبل خمس سنوات وليس للصور أو مقطع الفيديو أي علاقة بالأحداث الجارية، غير أن انتشارها خلق حالة من التساؤل والجدل  في أوساط المتلقين.

 

كذلك من المواضيع التي أثارت الجدل بين المواطنين بسبب كثرة الشائعات والادعاءات المضللة التي لاحقتها هي مسألة تغيير بنك السودان المركزي للعملة فئة الألف جنيه، حيث ضمن فيها اسم المحافظ الجديد.

 وكان البنك قد أوضح بأن الطبعتين ساريتين ويجوز التعامل بهما إلا أن غزارة المعلومات المضللة التي أفادت بعدم سريان الطبعة القديمة أو قرب صدور قرار من بنك السودان المركزي بإيقاف التعامل بها أقلق المواطن وزاد من نشر المعلومة المضللة، بالرغم من أن المعلومة غير صحيحة والعملة سارية بالطبعتين القديمة و الجديدة.

حملات التضليل التي استهدفت تزوير الخطابات والوثائق الرسمية:

رصدنا خلال شهر مارس الماضي العديد من الادعاءات المضللة التي تم الترويج لها من خلال نشر نص خطاب أو وثيقة تبدو رسمية وهي في الحقيقية وثيقة أو خطاب مزيف إلا أن انتشار هذا النوع من الادعاءات والأخبار المضللة سريع جدًا نسبة للدرجة العالية في تزوير شكل الوثيقة والخطاب الأمر الذي يجعل المتلقي يظن أنها صحيحة غير أنها ليست كذلك وفيما يلي سوف نستعرض الخطابات والوثائق المزيفة التي تم تداولها خلال شهر مارس الماضي: 


كان قد تم تداول نص خطابين على منصة التواصل الاجتماعي، فيسبوك، الأول منسوب لحزب الأمة، بزعامة مبارك الفاضل، يحوي نصًا موجهًا من الحزب لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي». والثاني منسوب لجهاز المخابرات العامة وموجه أيضًا لقائد قوات الدعم السريع، يسرد فيه «معلومات تفصيلية» عن «فساد» مبارك الفاضل.  الخطابان مفبركان غير أن نشرهما هدف إلى التطرق لمسألة الخلاف بين مبارك الفاضل والدعم السريع عقب تصريحات الأخير عن الدعم السريع فربما هدفت حملات داعمة للدعم السريع لاغتيال مبارك الفاضل سياسيًا من خلال ذلك الخطاب المنسوب لجهاز الأمن والمخابرات وتحدث عن فساده.

من الخطابات التي انتشرت خلال شهر مارس من قبل حملات التضليل كان الخطاب الذي حوى ادعاء رفع الحصانة عن وزير المالية بعد ضبط مخدرات بحوزة مجموعة تتبع لحركة العدل والمساواة السودانية. 

 الخطاب مفبرك. حيث ومن خلال تحليل مستوى الخطأ الذي أجراه الفريق لصورة الخطاب، اِتضح أنه غير صحيح حيث جرى إنشاؤه إلكترونيًّا، الا أن توقيت نشره عقب عدة من المقابلات التي أجراها جبريل جعل انتشاره أوسع بين الاسافير.

من الملاحظ أن هذا الخطاب وخطابات أخرى مفبركة تم نشرها في مجموعات الفيسبوك من قبل حساب باسم مصطفى سيد أحمد» «ود سلفاب» والذي يعمل بصورة مستمرة على نشر مثل هذه الخطابات والوثائق المفبركة.

 وكان «مرصد بيم» قد نشر تقريرًا مفصلًا عن تزييف الوثائق ونشرها والذي برز فيه حساب «مصطفى سيد أحمد» (ود سلفاب) كأحد الفاعلين في التضليل من هذا النوع.

حملات التضليل التي استهدفت الدعم السريع:

حملات التضليل التي استهدفت الدعم السريع خلال شهر مارس كانت قليلة حيث لاحظ فريقنا أنه قدم تم إعادة نشر محتوى مضلل كان قد نشر من قبل وتم التحقق منه إلا أن حملات التضليل أعادت نشره وهو تصريح  منسوب لمستشار الدعم السريع يوسف عزت يقول فيه يجب على الجيش السماح للدعم السريع بالخروج الآمن من العاصمة هو تصريح مفبرك، إلا أن نشره تزامن مع احتدام المعارك بين الجيش والدعم السريع في أم درمان وتقدم الجيش في بعضها الأمر الذي أسهم في انتشار الادعاء مجددًا.

تلك هي أهم الشائعات والادعاءات المضللة التي تم تداولها خلال شهر مارس والتي رصدها فريق مرصد بيم وعمل على تفنيدها .

1

ما حقيقة تصريح «يوسف عزت» يجب للجيش السماح للدعم السريع بالخروج الآمن من العاصمة؟ 

مفبرك 

https://tinyurl.com/yrp2638e

2

ما حقيقة الخطابات المتداولة «بين» حزب الأمة والدعم السريع وجهاز المخابرات العامة؟

مفبرك

https://tinyurl.com/yrafrryk

3

ما حقيقة صور خروج «البشير» من مستشفى علياء التخصصي بـ«أم درمان»؟

مضلل.

https://tinyurl.com/546zj34k

4

ما حقيقة مقطع فيديو استقبال رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك في جمهورية مصر؟

مضلل.

https://tinyurl.com/32tsa93r

5

ما حقيقة رفع الحصانة عن وزير المالية بعد ضبط مخدرات بحوزة مجموعة تتبع لحركة العدل والمساواة السودانية؟

مفبرك.

https://tinyurl.com/2zd4dzex

6

ما حقيقة ادعاء وضع حمدوك في استراحة الأمن المصري خوفًا من تعرض اللاجئين السودانيين له؟

مفبرك

https://tinyurl.com/mpsr42aj

7

ما حقيقة مقطع فيديو متداول لمساعد قائد الجيش ياسر العطا يحوي «تصريحات انفصالية»؟

انتقائي

https://tinyurl.com/3hzbsx52

8

ما حقيقة صورتين متداولتين لـ«الجزيرة السودان» عن انشقاقات في الجيش والحركات المسلحة بسبب تصريحات ياسر العطا؟

مفبرك 

https://tinyurl.com/usx26bj5

9

ما حقيقة قرارات مرتقبة لبنك السودان المركزي تقضي بإلغاء فئة الألف جنيه واعتبارها غير مبرئة للذمة؟

مفبرك

https://tinyurl.com/hht6md65

10

ما صحة تصريح «ياسر عرمان»: نرحب بـ«موافقة» الدعم السريع على شروط الجيش وسحب قواتها إلى أطراف العاصمة؟

مفبرك 

https://tinyurl.com/54n8295e

ما حقيقة صور متداولة حول إرسال روسيا (دعما عسكريا) للجيش السوداني ؟

ما حقيقة صور متداولة حول إرسال روسيا (دعما عسكريا) للجيش السوداني ؟

تداولت عدد من الحسابات على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك صورا (ادعت أنها) لمعدات عسكرية يجري شحنها من روسيا للجيش السوداني لدعمه في حربه ضد قوات الدعم السريع .

 

وجاء نص الادعاء على النحو التالي : 

من داخل روسيا تم شحن العدة الجديدة والله دي مش تطلع الجنجا من الجزيرة دي  تطلع حميدتي من القبر زاتو فتك متك بل بس.

الصفحات التي تداولت الادعاء :

1

قوات العمل الخاص 

562 ألف متابع 

2

تريند 

62 ألف متابع 

3

كلنا الجيش 

60 ألف متابع 

4

أمجد عثمان 

57 ألف متابع 

5

فتك متك بل بس 

17 ألف متابع 

6

مجمع الأحلام 

2.4 ألف متابع 

للتحقق من صحة الادعاء أجرى فريق مرصد بيم بحثًا عسكيًا للصور وتبين أن الصورة الأولى تم  نشرها من قبل على الإنترنت عام 2021 مرفق معها النص التالي ( أردوغان: سنشتري أنظمة دفاعية صاروخية جديدة من روسيا) .

أما الصورة الثانية فهي أيضًا تم نشرها من قبل على الإنترنت عام 2023 مع النص التالي (من برلين لكييف.. دعم عسكري طويل الأمد بقيمة 17 مليار يورو ).

ويأتي تداول الادعاء على خلفية زيارة نائب وزير الخارجية الروسي لبورتسودان ولقائه بقائد الجيش عبدالفتاح البرهان، مع استمرار الاشتباكات الدامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محاولات لفرض السيطرة أو الاحتفاظ بها في مناطق من  أمدرمان و الجزيرة، و وغالبًا ما يتم نشر هذا النوع من المعلومات المضللة  كنوع من الحرب الإعلامية.

الخلاصة

الادعاء مضلل …هاتان الصورتان قديمتان تم نشرهما من قبل على الإنترنت وليس لهما أي علاقة بالسودان.

ما حقيقة خبر «قناة سودانية 24» بأن السودان الثالث عربيًا في معدل النمو وفق تقرير لصندوق النقد الدولي؟

ما حقيقة خبر «قناة سودانية 24» بأن السودان الثالث عربيًا في معدل النمو وفق تقرير لصندوق النقد الدولي؟

نشرت قناة سودانية 24 الفضائية خبرًا حول التطورات الاقتصادية في السودان في أعقاب الحرب، حيث نصّ على تعديل صندوق النقد الدولي توقعاته لتطور اقتصادات العالم، بما في ذلك الدول العربية، في العامين 2024 و2025، متوقعًا أن يسجل الاقتصاد العالمي نموًا بنسبة 3.2%.

وأشار الخبر إلى أن السودان جاء في المرتبة  الثالثة بعد السعودية وموريتانيا، بنسبة نمو 5.40% للعام المقبل 2025. كما أشار صندوق النقد الدولي، بحسب الخبر، إلى أن  تنبؤات السيناريو الأساسي تشير إلى استمرار نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2% خلال عامي 2024 و2025، أي بنفس وتيرة عام 2023.

 

وجاء نص الادعاء على النحو التالي: 

صندوق النقد: السودان الثالث عربياً في معدل النمو

عدل صندوق النقد الدولي توقعاته لتطور اقتصادات العالم، بما في ذلك الدول العربية، في العامين 2024 و2025، متوقعا أن يسجل الاقتصاد العالمي نموا بنسبة 3.2%. 

وجاء السودان في المرتبة  الثالثة بعد السعودية وموريتانيا، بنسبة نمو 5.40% العام المقبل 2025.

وقال الصندوق النقد إن تنبؤات السيناريو الأساسي تشير إلى استمرار نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2% خلال عامي 2024 و2025، أي بنفس وتيرة عام 2023.

للتحقق من صحة الادعاء، محل التحقق، أجرى فريقنا بحثًا في الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي وتبين من عملية البحث أن صندوق النقد الدولى قد نشر تقريرًا بعنوان تعافٍ متفاوت في ظل تزايد عدم اليقين ، تناول فيه تأثر الدول في شمال إفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى إيجابيًا بقدر الاقتصاد العالمي على الصمود. وشمل التقرير بشكل عام أوجه التعافي والازدهار الاقتصادي عالميًا، وتطرق للحديث عن بعض الدول التي يمكن أن تتعافى في العامين 2024 ،2025 ومن تلك الدول كان السودان، غير أن التقرير رهن ذلك التعافي المحتمل بنسبة %4,4 للسودان، بانتهاء الحرب في عام 2024 حتى يتسنى للبلد النهوض والاستقرار.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير أن الصراع في السودان سوف يكون له تأثير شديد الوطأة على متوسط النمو في هذا العام، ومع ذلك تحدث أشار  التقرير عن إمكانية نمو محتملة في حال توقف الحرب وعودة البلاد للانخراط في المجتمع الدولي، لكنه لم يتحدث عن نمو فعلي للاقتصاد السوداني في الوقت الحالي، كما أنه لم يذكر تراتبية لنمو السودان بين الدول الإفريقية أو العربية.

الخلاصة:

الخبر مضلل. إذ أن صندوق النقد الدولي كان بالفعل قد أصدر تقريرًا حول نمو الاقتصاد في بعض البلدان العربية والإفريقية والسودان كان من بينها، إلا أن ذلك النمو والتعافي في حالة السودان تم ربطه بتوقف الحرب خلال العام الجاري. بالإضافة إلى ذلك أن التقرير لم يذكر تراتبية لنمو السودان بين الدول الإفريقية أو العربية.

عام كامل من حرب المعلومات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع

  

 

على مدى عام كامل من الحرب الميدانية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تدور في المقابل حرب إعلامية ليست أقل شراسة مما يدور على الأرض، على جميع وسائل الإعلام، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي، تتولى فيها جيوش إلكترونية موالية للطرفين، الدعاية الحربية. 

 

وفي أعقاب اندلاع الصراع في السودان قبل عام بين الجيش وقوات الدعم السريع، بدأ الطرفان في إغراق وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بسيل من المعلومات الكاذبة والمضللة، حيث يعملان على تعزيز خطابهم الإعلامي المتعلق بالدعاية الحربية أو الدعاية السياسية المصاحبة لها، أو لصناعة معلومات مضللة للتهرب من انتهاكات حقوق الإنسان التي نتجت عن الحرب المستعرة بينهما.

 

بعد عام من اندلاع الحرب في السودان، نستعرض في هذا التقرير محاولات الطرفين وداعميهم الخارجيين والداخليين لتوجيه الرأي العام السوداني، ومدى تأثير حملات المعلومات المضللة الممنهجة التي أنتجها الطرفان على الرأي العام السوداني والدولي.

 

بدأت محاولات التأثير على الرأي العام السوداني منذ لحظة إطلاق الرصاصة الأولى حيث تبادل الطرفان الاتهامات بشأن مسؤولية بدء القتال، وامتد تبادل الاتهامات من مسؤولية بدء المعارك إلى السيطرة على الأرض. فنشرت المنصات الرسمية لطرفي الحرب معلومات كاذبة ومضللة تعود إلى موقفها الميداني، لتتطور في هذا العام إلى جيوش إلكترونية تتولى الدعاية الحربية عنهما. 

هذا التضارب، مثل قاعدة صلبة لعمليات التضليل اللاحقة التي شهدها الفضاء الرقمي السوداني على مدى عام من الحرب في ميادين الحرب الإعلامية، منتجًا معه خطاب الطرفين الإعلامي والدعائي.

الدعاية الحربية

لكل حرب خطابها الإعلامي الذي يهدف عادةً إلى رفع الروح المعنوية للجنود ومخاطبة مخاوف المناصرين، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يمتلك طرفي الحرب جيوشًا إلكترونية تتولى الدعاية الحربية عنهما. ولتعزيز موقفهما يصنع الطرفان معلومات مزيفة ومضللة لا تعكس حقيقة ما يجري على الأرض. 

 

على سبيل المثال، في اليوم الأول من القتال في 15 أبريل العام الماضي، نشرت المنصات الرسمية للجيش السوداني وقوات الدعم السريع، روايات متضاربة ومعلومات مضللة عن حقيقة السيطرة على الأرض، حيث مثلت تلك البداية، المناخ الأكثر خصوبة لنشاط شبكات التضليل المناصرة لهما لاحقاً.

في اليوم نفسه، تداولت مجموعة حسابات مناصرة للجيش السوداني على منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تشيد بالجيش “لشنّه ضربات جوية على مقرات لقوات الدعم السريع، والاستيلاء على كميات ضخمة من النقود من منزل دقلو، وشنّ غارات جوية في شمال البلاد”. لكن اتضح أن اللقطات قديمة وتعود الى اليمن وليبيا، كما أن بعضها كان ألعاب الفيديو.

وبالمثل، تداولت حسابات مناصرة للدعم السريع مقاطع فيديو لإسقاط طائرات حربية مقاتلة مدعية أنها تتبع للجيش السوداني تم إسقاطها من قبل الدعم السريع في المعارك، وبعد التحقق منها اتضح أنها قديمة حيث تعود إلى عمليات القتال في سوريا.

لاحظ فريق مرصد بيم أن نشاط المعلومات المضللة المتعلق بالسيطرة والتقدم على الميدان، يتزامن في التوقيت مع المعارك التي تدور بين الطرفين، وبالتزامن مع ذلك تتولى مجموعة من الحسابات المناصرة للطرفين مسؤولية نشر هذه المعلومات على أوسع نطاق. 

على سبيل المثال، شهدت مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور معارك دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع استمرت لأشهر انتهت بسيطرة الدعم السريع على المدينة في أكتوبر الماضي.

بالتزامن مع تلك المعارك، نشرت مجموعة من الحسابات المناصرة للجيش السوداني، صورة مضللة مدعية أنها لجنود من الدعم السريع يهربون من نيالا. كما نشرت الحسابات الموالية للجيش في اليوم نفسه قبل سيطرة الدعم السريع على مقر (الفرقة 16) التابعة للجيش السوداني بمدينة نيالا، محتوى مفبركًا يتعلق بمحادثات جدة التي تدور بين الطرفين يفيد بأن الجيش انسحب من المفاوضات نتيجة لهجوم الدعم السريع على نيالا. 

وبالتحقق من تلك الادعاءات، توصلنا إلى أن الصورة قديمة وهي لم تكن في السودان ولا علاقة لها بالأحداث الجارية فيه. 

بالبحث في الادعاء القائل بأن الجيش ينسحب من مفاوضات (جدة)، وجدنا أن المفاوضات كانت ما تزال جارية في ذلك الوقت ولم ينسحب الجيش منها.

حملة المعلومات المضللة التي صاحبت المعارك في نيالا، تنطبق كذلك على معارك ولاية الجزيرة ود مدني، حيث بالتزامن مع القتال نشطت مجموعة كبيرة من الحسابات والصفحات المناصرة للطرفين في بث دعاية حربية، ومعلومات مزيفة ومضللة، جميعها تتعلق بالمعارك في ولاية الجزيرة.

الرواية السياسية للحرب

مثلما سرد الطرفين روايتهما عن الحرب، أدلت القوى السياسية بدلوها، حيث اتهمت قوى الحرية والتغيير حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية بإشعال الحرب، بينما نفت الحركة الإسلامية السودانية في بيانها المعنون بـ(ادعاءات الفتنة) تورطها في إشعال الحرب وحملت مسؤولية قيامها لقوى الاتفاق الإطاري، وأعلنت أنها تقف مساندة للجيش وأنها لن تتوانى في تلبية نداء القتال بجانب الجيش متى ما طلب منها ذلك. 

ومثّل تباين روايات القوى السياسية حول حقيقة الحرب لاحقاً مناخًا خصبًا للتضليل السياسي، نشطت فيه كل الأطراف السياسية والعسكرية عبر صناعة معلومات مضللة تعزز من سردياتهم وتهاجم خصومهم السياسيين. 

 

عمل فريق مرصد بيم منذ اندلاع القتال قبل عام على عدد من التقارير التي صنفناها بين (مفبرك ومضلل) استهدفت القادة السياسيين والعسكريين على حدٍ سواء. 

على سبيل المثال، رصد فريق مرصد بيم محاولة تلاعب بالرأي العام عبر صناعة معلومات مفبركة تستهدف القوات المسلحة وداعميها السياسيين وتستثني قوات الدعم السريع. كما رصد فريقنا عددًا من المعلومات المضللة والمفبركة التي تقوم بنشرها منصات تناصر الدعم السريع وتهاجم القوات المسلحة وداعميها.

في المقابل، رصد فريقنا منذ اندلاع القتال عشرات الحسابات والصفحات بعضها تقول إنها مؤسسات إعلامية. جميع هذه المنصات تناصر الجيش السوداني وتعمل على صناعة معلومات مضللة تستهدف قادة من الدعم السريع وقادة القوى المدنية الديمقراطية (تقدم).

التضليل وسيلة للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان

لم تقتصر عمليات التضليل على الوضع الميداني أو الجانب السياسي للحرب فحسب، بل عمل طرفي الحرب على بث معلومات مضللة بالتزامن مع أحداث على الأرض تمثل إنتهاكات لحقوق الإنسان في مسعى منها للتهرب من المسؤولية عن تلك الانتهاكات عبر إغراق الفضاء الرقمي بمعلومات مضللة.

 

على سبيل المثال قصف الجيش السوداني في يناير الماضي مدينة نيالا، وقالت وسائل إعلام إن القصف طال أحياء مدنية حيث تركز على «حي المطار، وحي تكساس»، كما شمل مركز المناعة ومستشفى شفاكير وميز الأطباء الواقع في منطقة السوق الكبير في المدينة، وقد أسفر القصف عن سقوط عدد من الضحايا وسط المدنيين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة. 

بالتزامن مع عملية القصف نشرت مجموعة من المواقع الإلكترونية والحسابات والصفحات على منصات التواصل الاجتماعي المناصرة للجيش السوداني ادعاء قالت فيه إن الجيش قام بتدمير طائرة شحن إماراتية كانت تحمل إمدادًا للدعم السريع بالقرب من نيالا. 

تحقق فريقنا من صحة الادعاء وتوصلنا إلى أنه مضلل، حيث أن الجيش قام بقصف المدينة في صباح ذات اليوم ولكنه لم يقصف طائرة شحن إماراتية بل قصف مرافق صحية وأحياء سكنية راح ضحية ذلك مدنيين وأصيب أخرين بجروح.

 يبدو أن الحسابات التي قامت بنشر الادعاء ربما تٌريد التغطية على هذه الانتهاكات، حيث تمت عملية النشر على نطاق واسع بالتزامن مع حدوث تلك الانتهاكات. 

بالمقابل، تتخذ الدعم السريع ذات الأساليب لتحميل مسؤولية قصف المرافق المدنية للجيش السوداني. 

على سبيل المثال، سيطرت الدعم السريع على ولاية الجزيرة وسط السودان في ديسمبر الماضي، وفي الأشهر التالية تحرك الجيش السوداني لاستعادة المدينة حيث جرت معارك بينه وبين الدعم السريع في تخوم الجزيرة وفي بعض قراها، ولا تزال مستمرة. وقالت لجان مقاومة مدني ومنظمات حقوقية أخرى إن الدعم السريع ارتكبت انتهاكات ضد المدنيين.

وفي هذا السياق، نشرت مجموعة من الحسابات والمنصات المناصرة للدعم السريع في السادس من أبريل الجاري صورة تظهر مبنى محترق ادعت بأنه يتبع لجامعة الجزيرة وأن طيران الجيش هو من قام بتدميره. 

تحقق فريقنا من صحة الصورة تبين لنا أنها مفبركة حيث تم تخليقها عبر الذكاء الاصطناعي، بيد أن هذه المعلومة جاءت بالتزامن مع استمرار المواجهات في ولاية الجزيرة التي يتهم الدعم السريع بارتكاب مجموعة من الانتهاكات فيها بحق السكان المدنيين.

ويبدو أن مجموعة الحسابات التي تداولت الادعاء المفبرك تعمل بصورة منظمة لإدانة الجيش السوداني بقصف مرافق مدنية، أو للتهرب من الانتهاكات التي ارتكبتها ومحاولة تحميل الجرم إلى الخصم.

أساليب قديمة متجددة لصناعة المعلومات المضللة

 

عرف الفضاء الرقمي السوداني عمليات التضليل منذ وقت مبكر في عهد حكم الرئيس المخلوع، عمر البشير حيث أسس جهاز المخابرات العامة (جهاز الأمن والمخابرات الوطني) سابقًا، ما يعرف بـ(وحدة الجهاد الإلكتروني) كانت مهمتها جمع المعلومات عن الناشطين السياسيين المعارضين للنظام واستهداف الرأي العام السوداني. 

ومع تطور الأحداث السياسية والتغيرات التي جرت على البلاد، تشير قاعدة بيانات تقارير مرصد بيم إلى أن جهات داخلية من بينها الجيش السوداني والدعم السريع وجهاز المخابرات العامة وجهات ذات توجه إسلامي وجهات مناهضة للحكم العسكري تنشط في الفضاء الرقمي السوداني وتنشر معلومات كاذبة ومضللة. 

 

تتبع الجهات المشار إليها في سابق الأمر أساليب تقليدة وتكتيكات قديمة، منها فبركة تصريحات وإعادة تصميمها في صور إطارية لقنوات عالمية مثل الجزيرة والعربية وغيرها ثم نسبها إلى قادة سياسيين ومدنيين، أيضًا من تلك الأساليب هو إعادة نشر مقاطع فيديو قديمة على إنها بتاريخ حديث، كذلك نشر صور ومقاطع فيديو جرت أحداثها في دول أخرى مع الادعاء بأنها من السودان. 

 

ومع تطور التكنولوجيا ودخول حقبة الذكاء الاصطناعي، لجأ طرفي الصراع إلى أساليب جديدة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستنساخ أصوات بشرية حقيقة لقادة عسكريين وسياسيين وفبركة محتوى يخدم رواية الأطراف المتحاربة. 

حيث أشار تقرير أعده مرصد بيم أن مجموعة من الحسابات المناصرة للدعم السريع على منصة إكس نشرت محتوى صوتيًا مزيفًا تم تخليقه عبر الذكاء الاصطناعي يستهدف قائد الجيش السوداني. الملاحظ في الأمر أن هذه المحتوى أول من قام بنشره حسابات لصحفيين بريطانيين على منصة إكس تدعم إسرائيل والتطبيع بين إسرائيل والإمارات. كما أن المحتوى  تناقله سياسيون سودانيون ومنصات موالية للدعم السريع.

 

وفي السياق نفسه، نشر حساب في تويتر محتوى أكد بأنه مفبرك، وبعد عملية الفحص تبين لنا أنه تم تخليقه عبر الذكاء الاصطناعي بنسبة أكثر من 97%. يفيد محتوى المقطع الصوتي بأنه مكالمة تجمع قادة من (تقدم) مع قائد الدعم السريع، نشر المحتوى المزيف تلفزيون السودان القومي ومجموعة أخرى من المواقع والصفحات والحسابات المناصرة للجيش السوداني مدعين أنه مكالمة تجمع (حميدتي) ووزير شؤون مجلس الوزراء السابق خالد عمر يوسف ورئيس الحركة الشعبية التيار الديمقراطي ياسر عرمان وهم يخططون للاستيلاء على السلطة بالقوة في 15 أبريل من العام الماضي.

بناء على ما سبق ذكره يتضح أن طرفي الحرب في السودان، بالتوازي مع معاركهما في الميدان، يخوضان حربًا أخرى على منصات التواصل الاجتماعي، تستخدم فيها مختلف أسلحة التضليل لتعزيز دعايتهم الحربية، أو لمهاجمة خصومهم السياسيين والعسكرين، متبعين أساليب أكثر تطورًا مما سبق، في مسعى لكسب التأييد الداخلي والخارجي أو للتأثير على الرأي العام المحلي والدولي أو للتهرب من مسؤوليتهما في انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن الحرب المستمرة بينهما. 

ومع بلوغ الصراع عامه الأول ما تزال تلك الجهات تنشط بصورة عالية داخل الفضاء الرقمي السوداني، في محاولة لتوجيه الرأي العام والتأثير على المعلومات الحقيقية المتعلقة باستمرار الحرب أو سبل إيقافها.

ما مدى دقة تقرير «سكاي نيوز عربية» عن مشاركة «داعش» في حرب السودان؟

ما مدى دقة تقرير «سكاي نيوز عربية» عن مشاركة «داعش» في حرب السودان؟

 نشرت قناة سكاي نيوز عربية تقريراً مصورًا بعنوان: «قطع للرؤوس وذبح في الشوارع.. هل دخل داعش في حرب السودان؟».

 استهلت مقدمة التقرير الإعلامية السودانية تسابيح خاطر قائلة: «بالأدلة المؤكدة، يشارك تنظيم داعش الإرهابي في حرب السودان، حيث ينتشر مُقاتلوه في شوارع البلاد»، وأضافت «هذا ما كشفته صحيفة الصيحة السودانية، بعد إعلان كتيبة أنصار دولة الشريعة عن مشاركة التنظيم الإرهابي في الحرب المستمرة منذ عدة أشهر».

كما عرض التقرير في مقدمته مقطع فيديو يُظهر جنودًا مسلحين من تنظيم كتيبة أنصار دولة الشريعة المعروف بـ(داعش) على ظهور مركبات قتالية. 

وأضاف التقرير أن الكتيبة نعت من وصفته بنائب أمير الكتيبة مصعب حسن الملقب بـ(أبو أسامة) والذي قالت إنه قُتل في معارك الخرطوم، وتابع التقرير: «وهو أمر لا ينفصل عن خروج العديد من السجناء التابعين للتنظيمات المتطرفة كالقاعدة وداعش، بعدما قام عناصر نظام البشير بفتحها في أبريل الماضي بعد اندلاع الحرب». كما أشار التقرير إلى أن من بين الفارين أيضًا مقاتلين من جنسيات عربية وإفريقية كانوا قد أدينوا بجرائم إرهاب سابقة.

ويشير «مرصد بيم» إلى أن كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع كانا قد تبادلا الاتهامات بشأن هروب آلاف المحكومين بجرائم مختلفة من السجون. استندت القناة في تقريرها على تقرير نشرته صحيفة الصيحة في شهر سبتمبر من العام الماضي تحت عنوان: «حرب السودان..(داعش) على الخط!!».

كانت تقارير صحفية في العام 2018 قد أشارت إلى أن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو حميدتي قد قام بشراء الصحيفة.

كما أشارت القناة في تقريرها إلى أن تقارير أممية أفادت بأن تمويل عمليات (داعش) في السودان تتم من خلال شركات في تركيا، مستندة في ذلك على تقرير نشره موقع “Africa Defense Forum “. 

وعرضت القناة في تقريرها مقطع فيديو مصور يظهر فيه رئيس حزب (دولة القانون والشريعة) السوداني، محمد على الجزولي، المعتقل لدى قوات الدعم السريع منذ أبريل الماضي، تحت عنوان: (علي الجزولي أقر في شريط مصور أنه أحد قادة تنظيم داعش الإرهابي). 

يذكر أن الجزولي كان قد أعلن في عام 2015 تأييده لتنظيم (داعش) خلال إحدى خطبه في صلاة الجمعة بأحد مساجد العاصمة السودانية الخرطوم. ومع ذلك، نفى الجزولي في مقابلة صحفية لاحقًا تشجيع عشرات الطلاب على الالتحاق بالتنظيم المتشدد والقتال في سوريا والعراق وليبيا. كما جرى سجنه لعدة أشهر من قبل النظام المخلوع بعد إعلان تأييده (داعش).

كما عرض التقرير فيديوهات أخرى تُظهر صورًا لمجند من الجيش يضع قدم على جمجمة بشرية، وفيديوهات أخرى قالت إنها لعمليات قطع رؤوس وشبهت كل ذلك بما تفعله التنظيمات المتطرفة مثل تنظيمي (القاعدة وداعش).

كذلك ربط التقرير بين الحركة الإسلامية السودانية التي تعادل تنظيم (الإخوان المسلمون) في العالم العربي وتنظيم القاعدة، مشيرة إلى أن الخرطوم كانت (خلال حكم الإخوان) تؤوي زعيمي تنظيم القاعدة السابقين، أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وهو الأمر الذي ساهم في وضع اسم السودان على قائمة الإرهاب، بحسب التقرير.

وتشير «بيم ريبورتس» إلى أن زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن كان قد أقام في السودان في حقبة التسعينات إبان حكم النظام المخلوع قبل أن يطلب منه مغادرة البلاد لاحقًا.

للتحقق من صحة التقرير استمع فريق «مرصد بيم» إلى التقرير التلفزيوني الذي نشرته القناة كاملاً وتوصلنا إلى أن التقرير حوى جملة من الأخطاء والمعلومات غير المؤكدة، مستندًا على تقرير أعدته صحيفة الصيحة السودانية وتقارير إعلامية أخرى لم تؤكد بشكل واضح مشاركة تنظيمي (القاعدة وداعش) في الحرب السودانية.

كما عرض التقرير مقاطع فيديو مضللة وصورا تم استخدامها خارج سياقها.

ونفندها كالتالي: 

  • استهلت مذيعة التقرير حديثها بجملة: «بالأدلة المؤكدة، يشارك تنظيم داعش الإرهابي في حرب السودان، حيث ينتشر مُقاتلوه في شوارع البلاد» وأضافت «هكذا عنونت صحيفة الصيحة السودانية بعد إعلان كتيبة دولة الشريعة عن اشتراك التنظيم في حرب السودان المستمرة». 
  • وبالتزامن مع هذا الحديث عرضت القناة مقطع فيديو يظهر جنودًا من تنظيم (القاعدة) زعمت أنه لـ(داعش) مع ادعاء قالت فيه بأن تنظيم (داعش) نعى (أميره بالسودان). 

تحققنا من مقطع الفيديو وتوصلنا إلى أنه قديم حيث تم نشره في العام 2016 مع ادعاء يفيد بأنه من الصومال إبان مقتل أحد قيادات حركة الشباب الصومالي، وليس للفيديو أي علاقة بالسودان.

  • كما أن الصورة المتداولة للنعي المزعوم لأمير كتيبة داعش في السودان تم تداولها أول مرة في سبتمر الماضي نشرتها صحيفة الراكوبة بيد أنها لم تورد ما يؤكد صحة صدورها عنهم وقالت أنها نقلتها من حسابات على منصات التواصل الإجتماعي.
  • دعمت مقدمة التقرير حديثها بفرضية أن نظام البشير هو من أطلق سراح السجناء بمن فيهم قادة مطلوبين لجرائم إرهاب، ويشير «مرصد بيم» في هذا الصدد إلى أن نظام البشير تم إسقاطه في العام 2019 بثورة شعبية وأعقبته حكومة مدنية ثم انقلاب عسكري نفذه الجيش والدعم السريع وأنه في أبريل الماضي كانت السلطة بيد الجيش والدعم السريع.
  • كما أن طرفي القتال الجيش والدعم السريع قد تبادلا الاتهامات بشأن مسؤولية إطلاق سراح السجناء، ولا يوجد دليل قطعي يؤكد أن نظام البشير هو من أطلق سراحهم. 
  • زعمت القناة أن نتيجة فتح السجون في أبريل الماضي خرج بسببها قادة من تنظيمات داعش والقاعدة وربطت القناة ذلك بقولها إن الدعم السريع اعتقلت في مايو الماضي آخر أمير لـ(داعش) بالسودان محمد على الجزولي، وعرضت القناة مقطع فيديو للجزولي مع عنوان تقول فيه (محمد على الجزولي أقر في شريط مصور أنه أحد قادة داعش).
  • الفيديو الذي عرضته القناة مقتطع من فيديو مصور عرضته قوات الدعم السريع لمحمد على الجزولي وهو يعترف بانتمائه لـ(داعش)، غير أن اعتراف معتقل وأقواله لا يُعتد بها ولا يمكن أخذها كإفادة لكن تعمدت القناة انتقاء ذلك وربطه بالتيار الإسلامي العريض الذي جزء من عضويته الحركة الإسلامية السودانية.
  • ولخلط الأوراق أكثر، عرضت القناة صورًا ومقاطع فيديو حقيقية لمجند بالجيش، وبعض الجنود يحملون رؤوس مقطوعة وربطت بين كل ذلك وسلوك القاعدة، لكن القناة لم تشير صراحة إلى أن الصور ومقاطع الفيديو هي لجنود يتبعون إلى (داعش او القاعدة)، بل أحالت الأمر إلى من سمتهم جهات داخلية لم تكشف عنها صراحة وقالت بأنهم أدانوا هذا الفعل وحملوا المسؤولية لجماعة (الإخوان المسلمون) بالسودان والجماعات المتطرفة المرتبطة بها مثل (داعش والقاعدة).

الخلاصة:

شمل التقرير الذي أعدته قناة سكاي نيوز عربية على جملة من الأخطاء والمعلومات المضللة، والتي تم ربطها بسياقات متباينة ومضللة لتؤكد على أن تنظيمي (داعش والقاعدة) يقاتلان في السودان ونسبت القناة تقريرها لتقارير مؤسسات صحفية غير مؤكدة.

كما بثت القناة مقطع فيديو قديم جرت أحداثه في الصومال قبل 7 أعوام وربطته بسياق معلومات تتحدث عن السودان في خضم الحرب المستمرة منذ أبريل الماضي.