كيف يتم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في التأثير على الرأي العام في السودان؟

تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الرأي العام

شيئاً فشيئاً باتت مواقع التواصل الاجتماعي تستلهم نموذج عمل مجموعات الضغط في تشكيل الرأي العام.

وفي دولة مثل السودان، عانت لعقود من أنيميا المعلومات، والافتقار إلى حرية التعبير يلجأ مئات الآلاف من المستخدمين الى الإعلام البديل؛ لدرجة أضحت معها هذه الوسائط تستلف تأثير وسائل الإعلام التقليدية، وقد دونت الوقائع السياسية المتلاحقة في كثير من الأحيان تأثيرها العظيم في تكوين اصطفافات جماهيرية حاسمة. كما أن سطوة وقوّة السوشال ميديا تشهد بها كثير من القرارات والمتابعات الحكومية التنفيذية التي تتنزل استجابة لضغط هذه المنصات.

وعلى الرغم من ايجابيتها الملحوظة، فقد عرفت مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الاخيرة بكونها سلاح ذو الحدين.
ومثلما تلعب دوراً ملحوظاً في عمليات الدمقرطة، مثلما تساهم كذلك في تضليل الرأي العام لصالح الشموليات؛ إذ تستغل بعض النظم والجهات -الخارجية والداخلية- والحكومات هذه التطبيقات في عمليات التضليل والتلاعب الإعلامي الموجّه.

ولربما شكلت حكاية كامبريدج أناليتيكا أقرب مثال للزعم. ففي أوائل عام 2018 استيقظت المعمورة على أنباء فضيحة سياسية إعلامية كبرى، بعد أن جمعت شركة كامبريدج أناليتيكا بيانات ملايين الحسابات النشطة لأشخاص على موقع فيسبوك، دون موافقتهم، قبل أن تستخدمها لأغراض الدعاية السياسية.
الداخل السوداني ليس بمنأى عن استغلال هذه المنصات من قبل الكثير من الجهات التي تعمد إلى تشكيل الرأي العام عبر الاخبار الكاذبة لأغراض سياسية أو اقتصادية.

إحصاءات مستخدمي المنصة الزرقاء

تمتلك شركة فيسبوك أشهر تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، واتس آب وإنستغرام.
ويعد موقع فيسبوك في طليعة التطبيقات الاجتماعية الأكثر شيوعاً في المعمورة؛ بأكثر من 2 مليار مستخدم نشط.
يراوح عدد مستخدمي المنصة الزرقاء في السودان زهاء 1.3 مليون حساب طبقاً لإحصائيات منشورة في العام 2019.
خلال السنوات الماضية ظل فيسبوك يتقصّى ويبحث عن شبكات الحسابات أو الصفحات والمجموعات الزائفة التي تقوم بنشر الأخبار الكاذبة والمضللة، أو العمليات الممنهجة لتغيير الرأي العام.

ودأب عملاق التواصل الاجتماعي على نشر تقارير شهرية حول عمليات التلاعب بالرأي العام وشبكات السلوك التضليلي المنسق، والحسابات المزيفة حول العالم. وتعرّف الشركة هذا السلوك بكونه “جهود التلاعب بالرأي العام من أجل هدف استراتيجي حيث تكون الحسابات المزيفة عامل أساسي للعملية”.
وطقباً لمعايير فيسبوك؛ يصنّف هذا النوع من السلوك الى نوعين؛ الأول هو السلوك المزيف المنسق في السياق المحلي ويشمل حملات ممنهجة معارضة للحكومة معتمدة على حسابات زائفة، في هذه الحالة يتم ازالة الحسابات والصفحات والمجموعات الزائفة أو الحقيقية التي لها صلة بهذا العمل، وثانيهما هو السلوك المزيف المنسق من جهات أو حكومات خارجية.

حملة داخلية

تحدث تقرير فيسبوك لشهر يونيو 2021 عن حملة نشأت في السودان، واستهدفت الجماهير المحليّة. الحملة تم ربطها بأفراد في السودان؛ بما في ذلك المرتبطين بحركة “المستقبل للإصلاح والتنمية”، وهو حزب سياسي أنشئ نهاية عام 2019.

المصدر: تقرير فيسبوك لشهر يونيو 2021

وُجدت هذه الشبكة بعد مراجعة معلومات حول بعض أنشطتها التي شاركها الباحثون في مشاريع فالنت، وهي وكالة رقمية تعمل على أبحاث البيانات وإنتاج المحتوى الرقمي والإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي.

كانت منشورات هذه الحملة تنشر باللغة العربية بشكل أساسي حول الأخبار والأحداث الجارية في السودان؛ بما في ذلك الأحزاب السياسية الإسلامية، والإخوان المسلمين، وانقلاب الانقاذ في عام 1989، والحاجة إلى تطبيع العلاقات السودانية الإسرائيلية، وانتقاد الحزب الشيوعي السوداني والعلمانية والنسوية والحكومة الانتقالية الحالية في السودان.

المصدر: تقرير فيسبوك لشهر يونيو 2021

تفاصيل الشبكة

الوجود على فيسبوك وإنستغرام: 53 حساب فيسبوك، 51 صفحة، 3 مجموعات، و18 حساب انستقرام.
المتابعون: حوالي 1.8 مليون حساب متابع لصفحة واحدة أو أكثر، حوالي 43.000 عضو لمجموعة واحدة أو أكثر، وحوالي 8.700 متابع لحساب واحد أو أكثر على انستقرام.
الإعلانات: حوالي $700 انفقت في الاعلانات على فيسبوك وانستقرام، دفعت بالليرة التركية والريال السعودي.

المصدر: تقرير فيسبوك لشهر يونيو 2021

الحملات الخارجية

روسيا
وفقاً لتقرير فيسبوك لشهر مايو 2021 فقد أشار إلى شبكة نشرت باللغة العربية أخباراً عن إفريقيا وأحداثاً جارية في المنطقة، بما في ذلك السياسة في السودان، والتوترات في تشاد وإثيوبيا وفلسطين، وتعليقات داعمة حول رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ومبادرات الإغاثة في السودان من قبل الممول الروسي يفغيني بريغوجين، وانتقادات لوزارة الصحة السودانية إثر مزاعم أن مساعدات بريغوجين ممنوعة من دخول البلاد.
تفاصيل الشبكة
الوجود على فيسبوك وإنستغرام: 83 حساب فيسبوك، 30 صفحة، 6 مجموعات، و49 حساب انستقرام.
المتابعون: حوالي 440.000 حساب متابع لصفحة واحدة أو أكثر، حوالي 4.300 عضو لمجموعة واحدة أو أكثر، وحوالي 50.000 متابع لحساب واحد أو أكثر على انستغرام.
الإعلانات: حوالي $500 أنفقت في الإعلانات على فيسبوك وانستغرام، دفعت بالريال القطري والدولار الامريكي.

استهدفت هذه الشبكة السودان بشكل أكبر، وكشف التحقيق أن هذا النشاط له علاقة بالشبكة التي تمت إزالتها في أكتوبر 2019 حيث أنها ارتبطت بالأفراد المنسوبين لوكالة أبحاث الإنترنت الروسية؛ التي تُعرف باللغة الروسية العامية على الإنترنت باسم “ترولز من اولجينو”، و”الترول” أو المتصيد هو شخص يهدف الى اثارة الجدل والمشاكل بين مجتمع ما.
وهذه الشركة هي شركة روسية تعمل على التأثير عبر الإنترنت بناء على المصالح التجارية والسياسية الروسية، وهي مرتبطة برجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين الذي يعرف بطباخ بوتين.

المصدر: تقرير فيسبوك لشهر مايو 2021

الحملات الروسية في اكتوبر 2019

حسب تقرير مرصد ستانفورد للانترنت التابع لجامعة ستانفورد الامريكية، فإن الشبكات الروسية التي كشفت عنها تقارير فيسبوك لشهر أكتوبر 2019 قد استهدفت عدداً من الدول الافريقية منها ليبيا والسودان وجمهورية افريقيا الوسطى ومدغشقر. وكشف التقرير أن الشبكات منسوبة إلى كيانات مرتبطة بـبريغوجين ووكالة أبحاث الإنترنت الروسية. بما في ذلك مجموعة فاغنر، وهي منظمة روسية عملت كمقاول عسكري خاص في العديد من البلدان الأفريقية.
بالنسبة للسودان تمت إزالة عدد من الصفحات الإخبارية والسياسية التي تم إنشاء معظمها في الفترة ما بين أغسطس وأكتوبر 2018، قبل ثورة ديسمبر، وكان الكثير منها ينشر بنشاط اعتباراً من أكتوبر 2019، وبدأ في توسيع وجوده ليشمل منصات التواصل الاجتماعي الأخرى مثل تويتر.

وكانت هذه الصفحات داعمة بصورة عامة للحكومات المختلفة حسب الوضع السياسي الراهن، ومن الملاحظ أن مجموعة كبيرة من الصفحات احتوت على كلمة راديو في عنوان الصفحة؛ مثل صفحة (راديو أفريقيا)، وهي الأكبر، حيث يبلغ عدد متابعيها حوالي 356.560 متابعاً.
أما تقارير حسابات انستغرام كشفت عن شخصين؛ أحدهما صحفي سوداني له علاقة بصفحة (خرطوم إستار) وتبين أنه قضى بعض الوقت في روسيا. وآخر هو موسيقي روجت له صفحة Royal Crew News في أيامها الأولى عندما كانت تسمى Royal Crew Music.
ومن المثير للاهتمام أن كل من المراسل والموسيقي لهما علاقات بالتعدين السوداني؛ حيث كان يقول حساب المراسل الشخصي على الفيسبوك إنه مدير العلاقات العامة في وزارة المعادن، ويقول الحساب الشخصي للموسيقي إنه مترجم في شركة كوش الروسية وهي شركة لتعدين الذهب في السودان.

المصدر: تقرير مرصد ستانفورد للانترنت اكتوبر 2019

تفاصيل الشبكة
الوجود على فيسبوك وانستغرام: 17 حساب فيسبوك، 18 صفحة، 11 مجموعات، و6 حساب انستقرام.
المتابعون: حوالي 457.000 حساب متابع لصفحة واحدة أو أكثر، حوالي 1.300 عضو لمجموعة واحدة أو أكثر، وحوالي 2,900 متابع لحساب واحد أو أكثر على انستغرام.
الإعلانات: حوالي $160 انفقت في الإعلانات على فيسبوك وانستغرام، دفعت بالروبل الروسي.

مصر
كشف تقرير شهر مارس 2021 عن حملة مصرية استهدفت إثيوبيا والسودان وتركيا. ووجدت هذه الشبكة كجزء من تحقيق فيسبوك الداخلي وربطت بشركة بي إنترآكتيف، وهي شركة تسويق في مصر.
يستخدم الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الشبكة مجموعة من الحسابات الأصلية والمكررة والمزيفة، التي استخدم بعضها الصور المخزنة وتغييرات في الأسماء.
بدا أن الشبكة أصبحت نشطة في صيف عام 2020، ونشرت باللغات الأمهرية والعربية والتركية حول الأخبار والأحداث السياسية في البلدان التي استهدفتها، بما في ذلك تعليقات إيجابية حول الحكومة المصرية والعلاقات الإسرائيلية السودانية وانتقاد السياسة الخارجية التركية ومشروع سد النهضة.

تفاصيل الشبكة
الوجود على فيسبوك وانستغرام: 17 حساب فيسبوك، 6 صفحات، و3 حساب انستقرام.
المتابعون: حوالي 304,000 حساب متابع لصفحة واحدة أو أكثر، حوالي 1,300 عضو لمجموعة واحدة أو أكثر، وحوالي 800 متابع لحساب واحد أو أكثر على انستغرام.
الإعلانات: حوالي $525,000 أنفقت في الإعلانات على فيسبوك وانستغرام، دفعت بالجنيه المصري والدولار الامريكي.

الامارات ومصر والسعودية
وكان تقرير شهر أغسطس لعام 2019 قد كشف عن شبكتين منفصلتين؛ الأولى نشأت في الإمارات ومصر وركزت على عدد من الدول في الشرق الأوسط وبعضها في شمال وشرق أفريقيا، بما في ذلك ليبيا والسودان وجزر القمر وقطر وتركيا ولبنان وسوريا والأردن والمغرب، وشبكة أخرى نشأت في المملكة العربية السعودية.
استخدم الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الشبكة حسابات مزيفة ومخترقة لتشغيل الصفحات ونشر محتواها والتعليق في المجموعات وزيادة التفاعل بشكل مصطنع. كما أنهم انتحلوا شخصيات عامة متنكرين كمؤسسات إخبارية محلية في البلدان المستهدفة والترويج لمحتوى عن دولة الإمارات العربية المتحدة.
كما نشروا بشكل متكرر عن السياسة والأخبار المحلية بما في ذلك الدعم المزعوم للجماعات الإرهابية من قبل قطر وتركيا ونشاط إيران في الإقليم.
على الرغم من أن الأشخاص الذين يقفون وراء هذا النشاط حاولوا إخفاء هوياتهم، إلا أن التحقيق وجد روابط لشركتي تسويق – شركة “نيو ويفس” في مصر، و”نيو ويف ميديا”، في الإمارات العربية المتحدة.

المصدر: تقرير فيسبوك لشهر أغسطس 2019

تفاصيل الشبكة
الوجود على فيسبوك وانستغرام: 259 حساب فيسبوك، 102 صفحة، 5 مجموعات، و17 حساب انستقرام.
المتابعون: حوالي 13.7 مليون حساب متابع لصفحة واحدة أو أكثر، حوالي 9.000 عضو لمجموعة واحدة أو أكثر، وحوالي 65.000 متابع لحساب واحد أو أكثر على انستغرام.
الإعلانات: حوالي $167.000 أنفقت في الإعلانات على فيسبوك وانستغرام، دفعت بالدرهم الإماراتي والدولار الأمريكي.

كيف يمكن أن نتفادى الحسابات المزيفة والأخبار الكاذبة؟
هناك آليات عدة يمكن اتباعها للكشف عن حسابات الأنشطة الزائفة:
بعض العناصر التي يجدر التنبه إليها:
1. عدم استخدام صورة شخصية للبروفايل، وإذا وجدت يمكن التحقق منها عبر استخدام أدوات البحث العكسي للصور مثل Google image search و TinEye.

2. التوليد الآلي لأسماء المستخدم: بعــد التدقيــق فــي الصــور ننتقــل إلــى النظــر فــي الأسـماء اســم المستخدم (Username). مثلا مـن المعـروف أن كل حسـاب علـى تويتـر لـه اسـم مسـتخدم فريـد بـه، مـا يعنـي أن العديـد مـن الاسـماء التـي ترغب باستخدامها سـتكون محجـوزة و عـادة مـا يتبع منشـئو الحسـابات الاليـة إسـتراتيجية تسـاعدهم علـى العثـور علــى أســماء مستخدم شـاغرة، وذلــك عبــر كتابــة معادلات لتوليــد أســماء مستخدم بشكل آلي مثل الموضح في الصورة ادناه

امثلة لحسابات آلية

3. حجم نشاط الحساب غير متناسب مع عمره: عليـك أن تكـون أكثـر حـذرا في حـال ملاحظة وجـود حسـاب أنشـئ حديثا و لكـن عـدد متابعيه أو عـدد المنشورات التي نشرها كبيـر نسبيا بالنسبة لعمره.
4. توقيت النشر للحساب: أحيانا هذه الحسابات الالية تنشر المحتوى في وقت معين متكرر علـى سـبيل المثال الحسابات التي تنشر في دقائق محددة من أي ساعة خلال اليوم. من المستبعد أن يلتزم الإنسان بهذا النمط المتسق.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع