الخرطوم، 15 أغسطس 2023 – حذّرت قوى سياسية ومسؤولين سابقين في السودان، من مغبة تشكيل حكومات متوازية في البلاد. في وقت تكمل الحرب اليوم، بين الجيش و«الدعم السريع» خمسة أشهر منذ اندلاعها في العاصمة الخرطوم منتصف أبريل الماضي.
جاءت التحذيرات، في أعقاب تسجيل صوتي منسوب لقائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، نُشر على حسابه أمس بموقع «إكس»، اتهم فيه رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بالتخطيط لتشكيل حكومة بالتعاون مع من وصفهم بـ«الفلول» في إشارة لأنصار النظام السابق.
وفي 2017، أجاز برلمان النظام المخلوع، قانون قوات «الدعم السريع» والتي أسندت قيادتها لـ«حميدتي».
وكان «حميدتي»، قد حذّر في «تسجيله الصوتي» من تكوين حكومة في مدينة بورتسودان شرقي البلاد التي اتخذها البرهان عاصمة بديلة له، وقال إن هذا الأمر يعني الاتجاه لـ«سيناريوهات» حدثت في دول مجاورة.
وأضاف: «رغم سيطرتنا على أجزاء واسعة من البلاد، إلا أننا لن نقوم بإعلان حكومة حفاظاً على وحدة البلاد»، مؤكدًا أن قواته تسيطر على معظم ولاية الخرطوم وأجزاء واسعة من البلاد.
ومع ذلك، لا تسيطر «الدعم السريع» التي تقاتل الجيش منذ منتصف أبريل الماضي، بشكل كامل على أية ولاية من ولايات السودان الـ18التي تدور فيها الحرب بما في ذلك العاصمة، حيث ما تزال المعارك دائرة بين الطرفين.
حكومة مؤقتة
وفي منتصف أغسطس الماضي، طرح نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، «خريطة طريق» لإنهاء الحرب، تضمنت تشكيل حكومة مؤقتة «لتعمل على توفير الخدمات وتنسق مع الأحزاب والائتلافات لإجراء عملية سياسية من أجل التوافق على ترتيبات دستورية جديدة».
كذلك، تأتي تصريحات «حميدتي»، بعد ساعات من إصدار قوى سياسية ومسلحة «إعلان أسمرا» الذي تحدث عن إيقاف الحرب وفق ترتيبات جديدة، بالاستناد على «إعلان جدة» الموقع بين الجيش و«الدعم السريع» في 12 مايو الماضي بوساطة سعودية – أمريكية.
مرحلة جديدة وتصريح خطير
وفي رد فعل على تصريحات «حميدتي»، قال عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي، إنه «آن الأوان لنترك خلافاتنا جانبًا ونتوحد على الوطن حتى نجد أرضًا وبلادًا نقول فيها رأينا ونتفق ونختلف تحت مظلتها».
وأشار إلى أنهم سبق وحذروا من هذه الخطوة عندما تم تهديدهم من قبل العسكريين بالانقلاب، وفق ما قال، لافتًا إلى دعوتهم وقتها للوحدة والاستعداد للمواجهة لحماية البلاد والانتقال.
كما أكد الفكي، أنهم عادوا وحذروا مجددًا عندما كانت طبول الحرب تقرع، وقال «اليوم ندخل مرحلة جديدة عقب كلمة قائد قوات الدعم السريع الذي توعد فيها بتشكيل حكومة في الخرطوم حال إعلان حكومة من قبل قائد الجيش».
من جانبه، وصف وزير شؤون مجلس الوزراء السابق، خالد عمر، التصريح الذي أدلى به قائد الدعم السريع بأنه «خطير للغاية»، وقال «البلاد تتجه نحو التقسيم بسرعة الصاروخ، لا لشيء إلا لطمع فلول النظام البائد في الاستيلاء على السلطة حتى ولو كان ثمن ذلك تفتيت السودان».
ورأى عمر أن «الواجب الآن»، هو أن تتوحد كل القوى الراغبة في السلام من أجل إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية التي تحفظ وحدة السودان وسلامة ارضه وشعبه. وتعيد بناء مؤسسات الدولة على أساس صحيح وعادل يعالج القضايا التي ظلت تولد حلقات عدم الاستقرار في السودان.
سيناريو خطير
في السياق، قال حزب المـؤتمر السوداني، إن وسائل إعلام مختلفة تناولت في الأيام السابقة دعاوى من قبل ما وصفها بواجهات النظام البائد وأجسام محسوبة على معسكر انقلاب 25 أكتوبر 2021، تدعو قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، لتشكيل حكومة.
وفي 25 أكتوبر 2021 قاد كلًا من البرهان و«حميدتي» انقلابًا عسكريًا، أطاح بالحكومة الانتقالية.
وأضاف المؤتمر السوداني في بيان أمس، أن قائد قوات «الدعم السريع» صرّح الخميس، أنه في حال تم ذلك، فسوف يعلنون في المقابل تشكيل حكومة موازية في أماكن سيطرتهم.
وأوضح البيان، أن حزب المؤتمر السوداني، يرى أن الانزلاق لإعلان حكومة وحكومة موازية من قبل الطرفين في أماكن سيطرة كل منهما، يعد تصعيدًا خطيرًا يهدد وحدة البلاد ويمهد لتقسيمها في سيناريو مشابه لدول إقليمية أخرى.
وأكد حزب المؤتمر السوداني على «موقفه الراسخ» من الحرب بوجوب إيقافها فورًا والذهاب إلى طاولة المفاوضات السلمية لتفضي لوقف دائم لإطلاق النار، ثم معالجة الوضع الإنساني الكارثي الذي يلقي بظلاله القاتمة على المشهد.
وتابع: «ومن ثم الشروع في عملية سياسية تقودها أكبر جبهة مدنية مؤمنة بوقف الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي لتقوم بوضع المعالجات الناجعة لمسببات الحرب وتجترح المنهجية السليمة لتصحيحها.. ثم تشرع في تشكل السلطة المدنية الخالصة التي تقود الفترة الانتقالية وفق رؤى السودانيات والسودانيين، لتلبي طموحاتهم وتوقف معاناتهم الأليمة».
وفي السادس من سبتمبر الجاري، أصدر البرهان مرسومين دستوريين، قضيا بحل قوات «الدعم السريع» وإلغاء قانونها لعام 2017 شاملًا تعديلات 2019. سبق ذلك، في التاسع عشر من مايو الماضي، إصداره قرارًا بإعفاء حميدتي من منصبه كنائب لرئيس مجلس السيادة وتعيين، مالك عقار بدلًا.
ومنذ خروجه من القيادة العامة بالخرطوم، في الرابع والعشرين من أغسطس الماضي، زار البرهان خمس دول، بجانب عدة ولايات داخل البلاد.