الخرطوم، 30 سبتمبر 2023 – نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تقريرًا، الجمعة، عن دعم دولة الإمارات العربية المتحدة لأحد طرفي الحرب في السودان، من خلال مطار بقرية نائية في تشاد.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها دولة أبوظبي بدعم أحد طرفي الحرب في السودان، حيث قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية في أغسطس الماضي، إن الدولة الخليجية الغنية أرسلت شحنات أسلحة للدعم السريع عن طريق مطار أم جرس شرقي تشاد.
وقال تقرير«نيويورك تايمز»، إن الإمارات تدير عملية خفية متقنة لدعم أحد طرفي الحرب في السودان، تحت غطاء إعانة اللاجئين، حيث توفر الأسلحة، والعناية الطبية، وتستقبل الحالات الخطيرة في أحد مستشفياتها العسكرية، حسب ما قال عدد من المسؤولين السابقين والحاليين في الولايات المتحدة، وأوروبا وعدد من البلاد الأفريقية.
وذكر التقرير، أن العملية تتمركز في مطار ومستشفى ميداني في بلدة نائية في تشاد، حيث تهبط طائرات الشحن الإماراتية بشكل شبه يومي منذ يونيو حسب صور الأقمار الصناعية وتصريحات المسؤولين الذين تحدثوا عن معلومات استخبارية حساسة على أساس عدم كشف هويتهم.
وأشار التقرير إلى أن هذا الدعم يعتبر أحدث مثال على استخدام الإمارات، والتي هي حليف للولايات المتحدة الأمريكية في الخليج العربي، لثروتها الهائلة وأسلحتها المتطورة لتكون لاعبًا أساسيًا، وأحياناً صانع ملوك في جميع أنحاء أفريقيا.
وأضافت الصحيفة الأمريكية، أن الشواهد في السودان توضح أن الإمارات تدعم قوات «الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش السوداني التي خلفت خمسة آلاف قتيل، وتسببت في نزوح أكثر من أربعة ملايين شخص منذ أبريل، إلا أن الإمارات تصر على أن عملياتها بالقرب من الحدود السودانية عمليات إنسانية بحتة.
ومنذ بداية وصول الطائرات إلى قرية «أم جرس» التشادية، نشرت وكالة الأنباء الإماراتية صورًا للمستشفى الميداني الفخم، الذي قالت إنه عالج أكثر من 6 آلاف شخص منذ يوليو، وتظهر مقاطع الفيديو طائرات الشحن الإماراتية وهي تنزل حزم مساعدات خارج أكواخ قش في قرى قريبة، وتتبرع بالماشية وتعمل على صيانة المدارس، وقامت حتى بتنظيم سباق للجمال.
وقالت الإمارات، إن دافعها هو إعانة اللاجئين السودانيين الهاربين من العنف القبلي في إقليم دارفور، ولكن منذ اندلاع الحرب في السودان، بالكاد سجلت «أم جرس» 250 لاجيء حسب منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، حيث تتواجد أزمة اللاجئين على بعد عدة مئات من الكيلومترات باتجاه الجنوب، أي مسافة قيادة ليومين خلال الصحراء والطرق الترابية، حيث تكتظ المخيمات المترامية بـ420 ألف سوداني في ظروف حرجة.
وقالت «نيويورك تايمز»، إن الإمارات في الحقيقة، تستخدم عملياتها الإنسانية للتستر على دعمها العسكري لقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، قائد المليشيا من دارفور الذي لديه علاقات طويلة طويلة الأمد مع الإمارات.
«الإمارات تعتبر حميدتي رجلها» قال أحد كبار المسؤولين الأمريكيين، «لقد شاهدنا هذا من قبل، يختارون رجل يدعمونه حتى النهاية».
نشاط إماراتي مكثف في أفريقيا
وكطرف نشط في أفريقيا، وقعت الإمارات صفقات قيمتها مئات مليارات الدولارات للتعدين في الكونغو، وللحصول على حصص الكربون في ليبيريا وللتحكم في الموانئ في تنزانيا والصومال والسودان.
وفي شرق ليبيا، تدعم الإمارات الزعيم الحربي «خليفة حفتر» في انتهاك للقانون الدولي لحظر الأسلحة. وفي اثيوبيا دعمت رئيس الوزراء أبي أحمد بالمسيرات المسلحة في لحظة حرجة في نزاع «تيغراي» في 2021، الأمر الذي قلب دفة الحرب بنجاح.
وفي السودان، دعمت الإمارات جهود السلام كجزء من الحوار الأمني الرباعي؛ الإئتلاف الدبلوماسي الذي يتضمن أيضاً الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والمملكة العربية السعودية، حيث تحاول أن تكون وسيطاً لإنهاء الحرب عن طريق التفاوض، في وقت تؤجج فيه الأسلحة الإماراتية الحرب.
وفي الأسابيع الأخيرة استخدم «الدعم السريع» صواريخ «كورينت» المضادة للدبابات، وفرتها الإمارات لمهاجمة فيلق مدرعات في قاعدة في العاصمة الخرطوم حسب مسؤولين سودانيين وأمريكيين، إلا أن الإمارات نفت في السابق دعمها لأي من طرفي الحرب في السودان.
ويثير النشاط الإماراتي في السودان غضب المسؤولين الأمريكيين، الذين يشعرون بالتوجس من العلاقات المتنامية بين الإمارات وروسيا والصين، فبالرغم من أن محمد بن زايد يستضيف 5 آلاف مسؤول عسكري أمريكي في الدولة النفطية، إلا أن نشاطها في السودان يضعه في كفة الداعم الآخر لحميدتي، مجموعة «ڤاغنر» الروسية.