Day: May 30, 2024

مؤتمر «تقدم» يعلن عن مائدة مستديرة تستثني «المؤتمر الوطني» ويجيز «مبادئ» تأسيس جيش قومي مهني

30 مايو 2024 – أقر المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدينة «تقدم»، الخميس، تأسيس وبناء منظومة عسكرية وأمنية «احترافية ذات عقيدة قتالية وطنية»، بالإضافة إلى إنشاء نظام حكم فدرالي «حقيقي» عماده الاعتراف بالحق الأصيل لجميع الأقاليم في إدارة شؤونها ومواردها عبر مجالسها التشريعية وسلطاتها الإقليمية.

وذكر البيان الختامي أن المؤتمر الذي انعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين يومي 27 و30 مايو الحالي، شارك فيه أكثر من 600 عضو جاؤوا من ولايات السودان الـ 18 ومن 24 دولة من المهجر.

وقرر المؤتمر «الشروع الفوري» للتحضير لمائدة مستديرة لكل السودانيين من «قوى الثورة والتغيير والقوى الرافضة للحرب والمؤمنة بالتحول الديمقراطي»، ما عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته.

كما أجاز المؤتمر ما أسماها مبادئ وأسس عملية تأسيس وبناء جيش قومي مهني واحد لا يتدخل في السياسة والاقتصاد، معتبرًا هذه الأسس بداية طريق الاستقرار بوقف الحروب وإغلاق طرق الانقلابات العسكرية.

أيضًا، أجاز المؤتمر النظام الأساسي والهيكل التنظيمي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم». وبحسب البيان، فقد وضع «الضوابط اللازمة» للتمثيل واتخاذ القرار، مشيرًا إلى أن النظام الأساسي أقر نسبة 40% للنساء ونسبة 40% للشباب، واختارت الهيئة القيادية الجديدة والتي اختارت بدورها رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك رئيساً لها.

«طعم العافية»

قالت التنسيقية في البيان الختامي لمؤتمرها التأسيسي إن الشعب السوداني لم يذق طعم العافية منذ فجر الاستقلال وحتى حرب الخامس عشر من أبريل 2023، وأنه ظل يعاني من فشل حكوماته المتعاقبة في إخراجه من الفقر والأمية ومن اشتعال الحروب الأهلية والمناطقية التي أهدرت قواه المادية والبشرية.

وطال البيان الانتقادات للحكومات الاستبدادية والتي قال إنها ارتكبت أبشع الجرائم في حق السودانيين انتهاءً بالحرب الحالية المدمرة التي أصبح ميدانها هو الشعب وبيوته وممتلكاته وبنيته التحتية على «فقرها وبؤسها».

وبحسب البيان، فقد اتسم الحوار بين المؤتمرين بالجدية والصراحة والجرأة في مناخ ديمقراطي حقيقي أدى لبناء توافق كبير في الرؤى والقرارات التي خرج بها المؤتمر.

وأكد المؤتمر على أن الأولوية القصوى والملحة؛ هي الوقف الفوري غير المشروط للحرب التي قال إنها أوصلت البلاد إلى الانهيار وقتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين وتسببت في أكبر حالة نزوح في العالم.

كما شملت أجندة المؤتمر، بحسب البيان، قضايا العون الإنساني وأوضاع السودانيين نازحين ولاجئين، وآثار الحرب على حياة الناس، ومحاربة خطاب الكراهية وسبل تفادي نذر الحرب الأهلية الشاملة.

كما أدان المؤتمر ما وصفه بفشل طرفي الصراع في الجلوس للتفاوض لوقف إطلاق النار وإعاقة مسارات توصيل الاغاثة للمتضررين في كافة أنحاء البلاد، مدينًا كذلك استخدام الغذاء كسلاح في الحرب، مناشدًا المجتمع الدولي للتدخل والضغط الجاد على طرفي الصراع لإعادتهما إلى منبر التفاوض وإقرار آليات لحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الانسانية.

كذلك أدان المؤتمر بأشد العبارات الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والمليشيات والحركات المتحالفة معهما، مطالبًا بالتحقيق الدولي في هذه الانتهاكات والجرائم ومحاسبة المتورطين فيها.

كما أجاز المؤتمر رؤية سياسية لـ«إيقاف وانهاء الحرب وتأسيس الدولة واستكمال الثورة»، ترتكز على وقف وإنهاء الحرب وإعادة الأمن والاستقرار وعودة النازحين ووحدة السودان شعباً وأرضاً وإقامة دولة مدنية ديمقراطية «تقف» على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات وتعترف بالتنوع وتعبر عن جميع مكوناتها بلا تمييز.

سياسات المحتوى على فيسبوك.. بين حرية التعبير ومكافحة خطاب الكراهية والتحريض

بالتزامن مع الحرب الدائرة على الأرض في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تشهد وسائل التواصل الاجتماعي حربًا أخرى لا تقل ضراوة، حيث تنشط منصات الدعاية الحربية وخطابات الكراهية بصورة مكثفة، مستغلة مختلف أدوات التضليل ونشر الخطاب المحرض والمعلومات المزيفة للنيل من الخصوم السياسيين والعسكريين.

وتعتبر هذه المعركة الرقمية، جزءاً لا يتجزأ من الصراع الأكبر، حيث يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الرأي العام وتوجهات الجمهور، ما يضيف بعدًا جديدًا وخطيرًا للصراع، في السياق الاجتماعي على وجه الخصوص.

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في نشر خطاب الكراهية

منذ بدء انتشارها بشكل هائل، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي توفر منصات واسعة النطاق يمكن من خلالها نشر الرسائل بسرعة فائقة، سواء كانت إيجابية أو سلبية. وأظهرت دراسات أن انتشار خطاب الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى تشكيل مجتمعات افتراضية متشددة، تتبادل الأفكار المتطرفة والعنيفة. كما أن المنصات تتيح للفرد العادي الوصول إلى جمهور واسع بدون رقابة تذكر، مما يسهل نشر الأفكار السامة والتحريضية.

وتتخذ هذه العوامل أبعادًا أكثر خطورة في ظل التهميش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في السودان. يعيش كثير من السودانيين في ظل ظروف صعبة، تجعلهم عرضة بشكل أكبر للانجذاب نحو الخطابات المتطرفة التي تعد وسيلة للتعبير عن استيائهم وغضبهم. وبالتالي، يمكن أن يؤدي انتشار خطاب الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى تفاقم التوترات والصراعات في المجتمعات وزعزعة استقرارها.

إغلاق المنصات وجهود مكافحة التحريض

تعمل منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، للتصدي لخطاب الكراهية عبر مراقبة المحتوى المنشور وإزالة المحتوى الذي يخرق سياسات الاستخدام.

لدى شركة «ميتا»، التي يتبع لها فيسبوك، سياسة استخدام خاصة بالمنظمات والأفراد الخطرين، تهدف إلى منع وإعاقة الأضرار في العالم الواقعي من خلال حظر المنظمات والأفراد الذين يعلنون عن «مهام عنيفة» أو يشاركون في أعمال عنف. تتضمن هذه السياسة حظر وجود هؤلاء المستخدمين على منصات «ميتا» مثل فيسبوك وانستغرام وإزالة المحتوى الذي يشيد بهم أو يدعمهم.

وكانت منصة فيسبوك في أغسطس الماضي قد أغلقت الصفحة الرسمية لمستشار قائد قوات الدعم السريع، يوسف عزت الماهري. جاءت الخطوة بعد إغلاق صفحات قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي» وصفحة قوات الدعم السريع ومستشارها عمران عبدالله، وذلك في سياق الانتهاكات العنيفة وواسعة النطاق التي ارتكبتها الدعم السريع في السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.

كما أغلق فيسبوك في مايو 2024، صفحة «الانصرافي» التي اعتاد صاحبها نقل بث مباشر يتناول تحليلات سياسية وعسكرية، متحدثًا عن تحركات الجيش السوداني.

وعلى الرغم من أن الشركة لم توضح الأسباب وراء إغلاق صفحة الانصرافي، إلا أن هذا القرار ربما يمكن تفسيره بناءً على اعتياد الانصرافي نشر خطابات تحريض على العنف، الذي يتنافى مع سياسات المنصة، مثل الاحتفاء بالقصف الجوي والعمليات العسكرية للجيش. كما درج على توظيف التكوينات العرقية في تحليلاته، ولعل من أبرز أمثلة ذلك حديثه عن نائب قائد الجيش السوداني، شمس الدين الكباشي، ردًا على الأصوات التي أشارت إلى عدم كفاءة البرهان لقيادة الجيش، حيث قال إن ولاء الفريق الكباشي للجيش السوداني لن يصمد أمام ولائه القبلي في حال وصلت الحرب إلى مرحلة «بقاء أو فناء عنصر في السودان»، على حد قوله.

تحليل خطاب الكراهية وأسلوب نشره

وكان تقرير «بيم ريبورتس» الذي تناول أنماط خطاب الكراهية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي في ظل الحرب، أشار إلى انتشار آليات تبرير للعنف ذات طابع تحريضي. تضمنت هذه الآليات وصف مجموعات إثنية بالحيوانات، والحشرات، وحتى الفيروسات والكائنات الطفيلية التي يجب التخلص منها، وهي أساليب شائعة تهدف إلى نزع الإنسانية عن الفئة المستهدفة لتبرير العنف الموجه ضدها أو التحريض عليها.

كما يستخدم ناشرو المحتوى أسلوب التخويف في خطاباتهم، حيث يتهمون قبائل ومجموعات عرقية معينة بالتسبب في الحرب، ويصفونها بصفات تثير الخوف مثل الحقد والشر.

ولم يقتصر التخويف في الخطاب العرقي على الاتهام المباشر، بل يتم اللجوء إلى أساليب متعددة ومدروسة للتأثير على مشاعر ووجهات نظر الأفراد، منها التعميم المفرط، حيث يتم تحويل الأفراد المنتمين إلى مجموعة عرقية معينة إلى نمط واحد يتم وصفه بشكل سلبي، بدلاً من الحديث عن الأفراد أو الجماعات الفاعلة. هذا التعميم يخلق تصوراً جامداً ويُسهّل شيطنة المجموعة المستهدفة، مما يقدم أفرادها كـ”تهديد وجودي” للمكونات الأخرى.

سياسات المحتوى على «فيسبوك»

تعد سياسات فيسبوك لمكافحة خطاب الكراهية والتحريض جزءًا من جهودها للحفاظ على بيئة آمنة للمستخدمين، إلا أن تطبيق هذه السياسات يواجه تحديات كبيرة، خاصة في سياق النزاعات المعقدة مثل النزاع السوداني. إذ يتمحور التحدي الأساسي حول تحقيق التوازن بين حرية التعبير وضرورة منع انتشار الخطاب الضار الذي يمكن أن يؤدي إلى العنف.

في 11 أبريل 2024، أعلنت لجنة المراقبة الخاصة بشركة “ميتا” عن قرارها بإلغاء قرار “ميتا” بالسماح بنشر مقطع فيديو يظهر رجالا مسلحين في السودان من قوات الدعم السريع وهم يعتقلون شخصًا داخل مركبة عسكرية.

وتتعلق القضية بفيديو يظهر رجالًا مسلحين في السودان يعتقلون شخصًا داخل مركبة عسكرية، وحثت اللجنة على تطوير حل قابل للتوسع لتحديد المحتوى بشكل نشط يكشف عن الأسرى في الحروب.

وعبرت اللجنة أيضًا عن قلقها إزاء فشل “ميتا” في إزالة الفيديو، وذكرت في بيانها قيام ثلاثة مستخدمين على فيسبوك بالإبلاغ عن المحتوى. ومع ذلك، لم يتم إعطاء أولوية لمراجعة المحتوى.

ووجدت اللجنة أن المحتوى ينتهك قواعد “ميتا” بشأن المنظمات والأفراد الخطرين، وأن إزالة الفيديو إجراء ضروري.

جهود مستمرة

تعمل ميتا على مكافحة خطاب الكراهية على منصاتها، خاصة خلال فترات النزاعات والحروب . كما تعمل الشركة من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوظيف فرق المراجعة البشرية، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني، على توفير بيئة رقمية أكثر أمانًا لمستخدميها.

ومع ذلك، يبقى التحدي كبيراً في مواجهة الكم الهائل من المحتوى الذي يتم نشره يومياً، ويتطلب الأمر جهوداً مستمرة وتحسينات دائمة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

يرى النقاد أن جهود محاربة خطاب الكراهية على منصات التواصل الاجتماعي غير كافية، وتتمثل أبرز أوجه قصورها في نقص الاستثمار في الموارد البشرية والتقنية اللازمة لإزالة المحتوى المبلغ عنه، كما قد يغيب مراعاة السياق الثقافي واللغوي في تقييم المحتوى ما يؤدي لتأخير التعامل مع المحتوى الضار مما يسمح له بالانتشار.

وتعتبر الاستجابة البطيئة للمحتوى المبلغ عنه أيضاً واحدة من التحديات الرئيسية التي تواجهها ميتا في مكافحة خطاب الكراهية والمحتوى الخطير، خاصة خلال فترات النزاعات والحروب في الدول التي لا تملك قوانين محاسبة لسياسات هذه الشركات.

ظلت  مكافحة خطاب الكراهية على منصات التواصل الاجتماعي عاملاً مهماً في تعزيز السلم الاجتماعي، ما يجعل سرعة وفعالية استجابة ميتا للمحتوى الضار عاملاً مهماً في الحد من التحريض على العنف والكراهية بين أفراد المجتمع.

كما أن تحسين استجابة ميتا وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي لخطاب الكراهية والمحتوى الخطير ليس مجرد ضرورة تقنية، بل هو خطوة مهمة نحو بناء مجتمعات أكثر أماناً وعدلاً.