22 يوليو 2024 – كشفت المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الإفريقي «شبكة صيحة»، الاثنين، عن توثيقها حوالي 250 حالة عنف جنسي ضد النساء في جميع أنحاء السودان، بما في ذلك جرائم الاغتصاب، منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.
كما أعلنت عن توثيقها 75 حالة عنف جنسي تشمل جريمة الاغتصاب الجماعي بولاية الجزيرة وسط السودان ارتكبت بواسطة قوات الدعم السريع منذ اقتحامها الولاية في ديسمبر الماضي.
وقالت المديرة الإقليمية لـ«شبكة صيحة»، هالة الكارب، في مؤتمر صحفي، الاثنين على منصة زووم، إن العنف الذي يتعرض له سكان الجزيرة غائب عن الخطاب السياسي السوداني.
وشددت على أن جرائم العنف الجنسي التي أرتكبت في الجزيرة ممنهجة وليست أحداثًا فردية، بما في ذلك جرائم الاغتصاب الجماعي، موضحة أن الولاية لا تحظ بالاهتمام الكافي.
وأصدرت شبكة صيحة بالتزامن مع المؤتمر الصحفي تقريرًا يسلط الضوء على انتهاكات العنف الجنسي في الجزيرة، بعنوان: «ولاية الجزيرة حيث الفظائع المنسية – تقرير عن العنف الجنسي المرتبط بالنزاع».
وقالت الكارب إن اجتياح الدعم السريع لولاية الجزيرة تسبب في شبح المجاعة، مشيرة إلى أنها كانت ملاذًا للنازحين الفارين من ولايات السودان المختلفة، مؤكدة أن التاكتيك الثابت لقوات الدعم السريع هو عمليات النهب التي يصاحبها جرائم عنف جنسي، كما اتهمتها بتجنيد الأطفال.
كما دعت إلى محاكمة قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل محاكمة جنائية على غرار محاكم رواندا، قبل أن تدعو البعثة الدولية المستقلة لتقصّي الحقائق في السودان إلى الوصول المعلومات خاصة في الجزيرة، مشددة على ضرورة عدم الإفلات من العقاب.
أنماط العنف الجنسي
في السياق، قالت الناشطة الحقوقية هديل جعفر، في المؤتمر الصحفي، إن أساليب العنف الجنسي التي استخدمتها قوات الدعم السريع في الجزيرة هي نفسها التي نفذتها في حرب دارفور قبل أكثر من عشرين عامًا.
وأوضحت أن لقوات الدعم السريع ثلاثة أنماط تنتهجها عند اقتحامها منطقة معينة، أولها استخدام أسلوب الصدمة بإطلاق النار واقتحام الأسواق والبنوك والمنازل ومن ثم اغتصاب النساء داخل منازلهم وقتل الرجال والفتيان بشكل مباشر كوسيلة للإخضاع.
وأشارت إلى أن النمط الثاني؛ هو ارتكاب جرائم العنف الجنسي بعد سيطرتهم على المنطقة ومن ثم المساومات في الزواج القسري ومقايضة الفتيات مقابل المال، لافتة إلى أن ذلك يتم من غير موافقة الأسر. كما أكدت أنه يتم إجبار الفتيات على الزواج من عدة رجال.
أما النمط الثالث، بحسب جعفر، هو استهداف نساء محددات مثل العاملات في مجال الأطعمة والشاي والممرضات وجميع أولئك النسوة الذين تجبرهن الظروف بالوجود في الأماكن العامة.
ولفتت إلى أن هذا النمط مصحوب بقدر أقل من التفاوض والتنسيق مع السكان المحليين، مشيرة إلى أن هذه الأساليب تنطوي على الرغبة في الانتقام وتهدف إلى بث الرعب وسط السكان، وأن الهدف منها قتل روح المقاومة.
اختطاف النساء والفتيات
فيما قالت منسقة مشاريع السودان بشبكة صيحة، عادلة أبوبكر، إن حالات العنف الجنسي بدأت في الأيام الأولى لاقتحام الدعم السريع لولاية الجزيرة، موضحة أن أبرز معوقات الرصد متمثلة في انقطاع خدمات الاتصالات والانترنت في معظم أنحاء ولاية الجزيرة منذ فبراير الماضي.
وأكدت أن الدعم السريع تتحكم في الإنترنت الفضائي (ستارلينك)، مشيرة إلى أنه وسيلة غير آمنة للابلاغ عن الانتهاكات. كما أكدت أن هناك قرى كثيرة بعيدة عن الخدمات ولا يوجد فيها حتى الانترنت الفضائي مما يصعب الوصول للسكان المعرضين للعنف.
وأوضحت أيضًا غياب المنظمات الحقوقية في ولاية الجزيرة، مؤكدة أنه حتى تلك الموجودة ليس لها موارد كافية كما أن خبراتها ليست كبيرة في مجال التوثيق. كذلك قالت إنه يتم التوثيق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كخيط للوصول إلى معلومات أخرى والتحقق منها لاحقًا.
ونوهت منسقة مشاريع السودان بشكبة صيحة إلى أن 90 في المئة من جرائم العنف الجنسي بولاية الجزيرة كانت اغتصاب جماعي.
وأضافت أنه يتم اختطاف النساء والفتيات لفترات قد تصل إلى أسبوع أو أسبوعين ومن ثم رميهم في الشوارع، مشيرة إلى أنها جريمة استعباد جنسي بحسب القانون الإنساني الدولي.
استعباد جنسي وتهجير قسري
في وقت قالت ناشطة حقوقية من ولاية الجزيرة، في المؤتمر الصحفي، لكنها لم تكشف عن هويتها لدواع أمنية، إن هناك عمليات استغلال جنسي واغتصاب جماعي واختطاف.
وأوضحت أن عدم وجود الإنترنت يمنعهم من التبليغ وتلقي الدعم الطبي بالإضافة إلى عدم وجود شوارع آمنة، بجانب مشكلة الوصمة الاجتماعية وهو الأمر الذي تسبب في حمل بعض النساء.
وأكدت الناشطة أن التهجير القسري يستهدف بشكل أساسي النساء والأطفال، مشيرة إلى انه تم اغتصاب فتاة لمدة أسبوع والتي أبلغت بعد فرارها أن العديد من النساء تم اغتصابهن.
وأضافت أنه تم أيضًا اغتصاب طبيبات وتوثيق 25 حالة حمل لطفلات قاصرات بواسطة عناصر قوات الدعم السريع.
فيما قال شاهد عيان من الجزيرة وناشط حقوقي في المؤتمر الصحفي إن أكثر المناطق المتأثرة هي المناطق داخل مشروع الجزيرة والبعيدة عن المناطق الحضرية، مشيرًا الى الانتهاكات كبيرة جدا والهدف منها تهجير السكان عبر الانتهاكات الجنسية.
وأضاف أن الوضع الصحي في الولاية متردي جدًا وبالتالي لا يوجد علاج للمغتصبات، مشيرًا إلى وقوع انتهاكات كبيرة في مناطق الحلاوين وود سلفاب والمدينة العرب والكاملين ومناطق أخرى في الجزيرة، معتبرًا أن الهدف هو السيطرة على الأرض مثل ما حدث في حرب دارفور بواسطة قوات الدعم السريع.