2 أغسطس 2024 – أبدت قوى سياسية سودانية، الخميس، مخاوفها من أن تفتح محاولة اغتيال قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، الباب أمام عمليات العنف السياسي في البلاد على مصراعيه وبالتالي الانزلاق في دوامة الفوضى.
كما تخوفت من أن تقود إلى ردود أفعال من الجيش قد تنسف محادثات السلام المرتقبة في سويسرا في الرابع عشر من الشهر الحالي، بالإضافة إلى تصعيد العمليات العسكرية على الأرض بما يجعل التوصل إلى حل سلمي تفاوضي بعيد المنال.
وصباح أمس الأربعاء هاجمت مسيرتان انتحاريتان قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، خلال تخريجه طلبة حربيين في منطقة جبيت الواقعة على مسافة حوالي100 كيلومتر جنوب شرقي مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد.
وقال الإعلام العسكري في بيان، إن خمسة أشخاص قتلوا في الهجوم – دون أن يحدد هوياتهم ـ ، لكن كان من بينهم ضباط حديثي التخرج وضابط برتبة عقيد.
وفيما ألقى المستشار بالدعم السريع، الباشا طبيق باللائمة على الإسلاميين، لم تعلق القوات بشكل رسمي على الهجوم على البرهان، كما ظلت تلتزم الصمت بشأن المُسيرات التي ظلت تهاجم مواقع عسكرية وحكومية بولايات البلاد الواقعة تحت سيطرة الجيش.
واعتبر عضو الهيئة السياسية بالتجمع الاتحادي، عمار حمودة، في تصريح لـ«بيم ريبورتس» أن محاولة اغتيال قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في قاعدة جبيت العسكرية الأربعاء أثرت على المساعي المبذولة لوقف اطلاق النار وبناء عملية سلام تفاوضية مما ألقى بظلال قاتمة حول الاستجابة المرجوة لمحادثات جنيف، قائلاً إن ذلك يتضح جليًا في شكل العمليات العسكرية التي دخلت مرحلة سيئة وفي خطاب البرهان بعد الهجوم.

وأوضح حمودة أن الواجب هو الإسراع في تحجيم تمدد الحرب إلى ساحات جديدة وأساليب جديدة، وتابع : «كل هذا مرتبط بالفشل في التوصل لوقف إطلاق النار»، أما سياسيًا، قال حمودة إن الاغتيالات السياسية جريمة تمثل قمة السوء في تسميم الأجواء السياسية.
وفيما يخص الحركات المسلحة، قال حمودة إنها الي اختارت الحرب، مشيرًا إلى أنها لا تقاتل كجهة منفردة وإنما تقاتل بجانب أحد الطرفين، ما يعني أنها موجودة في التفاوض، باعتبار تمثيل الجهة التي انحازوا إليها.
«تقدم»: نرفض مبدأ ومنهج تصفية الخصوم السياسيين
في المقابل، أعلن المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية «تقدم» عن رفض التحالف مبدأ ومنهج تصفية الخصوم السياسيين، وأنه يدين محاولة الاغتيال التي تعرض لها البرهان، معتبرًا أن وحدة القيادة داخل القوات المسلحة ضرورة لتحقيق السلام عبر الحل التفاوضي.
ورأى المتحدث الرسمي باسم التحالف، بكري الجاك، في تصريح لـ«بيم ريبورتس» أن مثل هذه الممارسات ستفتح بابًا جديدًا من دوامة العنف السياسي، مشيرًا إلى أن مثل هذا النهج سيعقد من فرص الوصول إلى سلام في البلاد عبر المفاوضات التي من المتوقع أن تجري في الرابع عشر من أغسطس.

ودعا الجاك كافة الأطراف للتحلي بروح المسؤولية لتجنيب البلاد خطر الانهيار الشامل الذي قال إنه لن يخلف سوى الموت والنزوح والدمار.
وبالنسبة لمطالبة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا المشاركة في محادثات سويسرا والتي تقاتل تحت راية الجيش، قال الجاك إنها تحاول الحصول على مكاسب سياسية مقابل مشاركتهم مع الجيش في القتال.
وأضاف «مسألة أنها انخرطت في الدفاع عن مؤسسات الدولة هذه مسألة تقديرات لإضفاء شيء من المشروعية الأخلاقية لحركات أصبحت جزءًا من السلطة بواسطة اتفاق سلام وقعته مع حكومة الثورة».
وبحسب الجاك، فإن الخطير في هذا التوجه، يمكن أن يفتح الباب لمشاركة كل من قاتل في صفوف الجيش، مشيرًا إلى أنه من الطبيعي أن تمثيلهم يأتي مع الجيش طالما أنهم يقاتلون تحت رايته.
وقال «وهذا ضمنيًا يعني المنافسة مع الجيش وبقية حلفائه للحصول على مكاسب سياسية نتيجة لمشاركتهم في القتال».
وأضاف «هذا قد يخلق تعقيدات جديدة حول السيطرة والقيادة فى معسكر الجيش ويمكن أن يصعب من مهمة وقف إطلاق النار والتوصل إلى سلام، إضافة إلى تحويل العمل السياسي إلى مجرد جهد عسكري وليس ببناء منظومة سياسية وجماهير وقواعد».
فيما يتعلق بموقف الجيش بعد محاولة اغتيال قائده، رأي الجاك أنه لا يمكن التنبؤ بهذا الأمر.
أما فيما يتعلق بتأثير مباحثات العلمين المصرية التي أجراها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي مع نظيره التشادي، محمد ديبي، بشأن السودان، الثلاثاء، قال إنه لا يمكن معرفة ما إذا كان سيكون لها تأثير سلبي أم إيجابي فهذا أمر سابق لأوانه، لكن المؤكد أن هنالك مساعٍ للتنسيق بين كل هذه الأطراف وبدأت في المباحثات التي عقدت في جنيف الشهر الماضي.
تفسيرات عدة لمحاولة اغتيال البرهان
أما المحلل السياسي، مجدي عبد القيوم، رأى في تصريح لـ«بيم ريبورتس» أن محاولة اغتيال البرهان تحتمل عدة تفسيرات وبالتالي تفتح على قراءات مختلفة، بحسب قوله.
وقال «من الممكن مثلاً أن تكون من جهات ترفض أن يمضي الجيش إلى نهاية الشوط في ملف السلام ومن الممكن العكس تمامًا أنها من جهة ترفض إيقاف الحرب حاليًا لأسباب تخصها، وكذلك مممكن أن تكون من أطراف خارجية».
وأضاف «في كل الأحوال البحث عن السلام خيار مرتبط بالاستراتيجي الأمني ولا علاقة له بالشخوص دون التقليل من أدوارهم».
وتابع «لذلك لا أرى أن موقف الجيش كمؤسسة مرهون لموقف فردي، لاسيما أن هذه الحرب المفروضة على بلادنا يتداخل فيها العاملان الإقليمي والدولي، بإعتبار أنها تندرج في سياق الحروب بالوكالة، وبالتالي هي مهدد للأمن القومي يتم التعامل معها من هذه الزاوية».
مطالبة الحركات المسلحة بالمشاركة في المحادثات مفهومة لكنها غير مهضومة
وفيما يخص موقف الحركات المسلحة، قال إنه مفهوم في هذا الظرف بالنظر إلى أنها لم تُدمج حتى الآن في القوات المسلحة وتعمل في إطار اتفاق سلام جوبا.
وأضاف «صحيح أنها تخوض الحرب تحت القيادة الموحدة للجيش ولكن ما لم تكتمل عملية الدمج والتسريح تبقى مطالبتها مفهومة لكنها غير مهضومة، فكان من الممكن وهو الأصوب، أن تطالب بأن تكون جزءًا من الوفد المفاوض للجيش، لا أن تتحفظ على عدم توجيه الدعوة لها».
ورأى عبد القيوم أن أي مباحثات سواء كانت في العلمين أو غيرها لا يمكن أن تشكل ضغطا علي الجيش ولا ينبغي أن يكون ذلك، مضيفًا لا يجب على المؤسسة العسكرية قبول ذلك، في ظل استمرار ما وصفها بالمليشيا في ارتكاب الانتهاكات تجاه المواطن ورفضها تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في إعلان المبادئ الصادر عن منبر جدة.
وتابع «الوسطاء لا يستطيعون ممارسة أي ضغوط علي الجيش إلا في حال تمكنوا من إلزام الدعم السريع بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في جدة وهذا ما لم يحدث حتى الآن».
وفيما يتعلق بتأثير اجتماعات العلمين ودورها في الضغط على الجيش في ملف التفاوض، عاد القيادي بالتجمع الاتحادي عمّار حمودة وشدد على أن المطلوب من الأطراف الخارجية هو محاصرة الحرب وعدم التورط فيما يزيد أوارها ومعاناة المواطنين، مشيرًا إلى أن كل عمل من الأطراف الخارجية يجب أن يكون لمصلحة الشعب السوداني.