14 ديسمبر 2024 – انتهت، أمس الجمعة، جلسات سماع المرافعات الختامية للاتهام والدفاع، في قضية المتهم السوداني علي عبد الرحمن، المعروف بـ«علي كوشيب»، بالمحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، والتي بدأت منذ الأربعاء الماضي.
ويُتّهم عبد الرحمن الذي سلّم نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية طوعًا في العام 2020، بارتكاب هجمات عنيفة على قرى في منطقة «وادي صالح» بوسط دارفور في أغسطس 2003، وارتكاب 31 جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، بما فيها جرائم قتل واغتصاب وتعذيب ونهب ومعاملة وحشية.
وفي خطوة مفاجئة، أنكر المتهم علي عبد الرحمن، خلال كلمته أمام المحكمة، الجمعة، صلته بأيّ من التُهم الموجهه إليه، ومضى إلى حدّ إنكار أن يكون هو «علي كوشيب الحقيقي»، قائلًا إنّه ادّعى ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية، لأنّه كان «يائسًا وقلقًا» من أن يُعتقل من قبل السلطات السودانية الجديدة. فيما قدم محاميه حججًا تدعم ادعاء موكله بأنه ليس «علي كوشيب» المتهم بارتكاب جرائم في دارفور خلال العامين 2003 – 2004. ولكن هيئة محامي دارفور وصفت دفوعات محامي «علي كوشيب»، بأنها «واهية» و«ليست منتجة قانونًا في الدعوى أمام المحكمة»، وتكْشِف أنّ «محامي الدفاع تعوزه البينة المنتجة للدفاع الصحيح عن موكله وصار يتخبط».
وقال المتّهم مخاطبًا هيئة المحكمة الجمعة: «لقد انتظرت طوال شهرين مختبئًا، كنت خائفًا من أن يتمّ اعتقالي» من قبل السلطات السودانية التي تولّت الحكم بعد سقوط البشير. وأضاف: «لو لم أقل ذلك لما استقبلتني المحكمة ولكنت ميتًا» الآن.
ومن جانبه، قال المستشار القانوني الرئيسي للدفاع عن كوشيب، سيريل لاوتشي، إنه لا دليل على صحة ما وصفها بـ«المقابلة المزعومة» لمكتب المدعي العام السوداني مع «علي كوشيب» في نوفمبر من العام 2006، ولا على أنها أجريت مع المتهم نفسه الماثل الآن أمام المحكمة، مشيرًا إلى أنّ عمر الشخص المستجوب في المقابلة 40 عامًا، فيما كان عمر عبد الرحمن 57 عامًا في وقت المقابلة.
ولفت محامي الدفاع عن «علي كوشيب» إلى أنّ مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان، لم يحصل على المقابلة إلا في العام 2021، مضيفاً أنّه إذا صحت هذه المقابلة وهذا «أمر متنازع عليه» وفق ماقال ،فإن السلطات السودانية كان لديها 15 عامًا لتحضيرها. وأضاف لاوتشي: «رأينا كيف يتعامل مكتب المدعي العام مع هذه المقابلة»، موضحًا: «لم يسبقها أي ضمانات تتطلبها المادة 55/2 من النظام الأساسي [نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية]»، ومشيرًا إلى أنّ الدفاع فوجئ بمدى استخدام مكتب المدعي العام لهذه المقابلة دليلًا لإدانة السيد عبد الرحمن، وإلى أن النقاش طوال المحاكمة اقتصر على هذه المقابلة وعلى مدى صحتها وأصالتها أو صلتها بالسيد عبد الرحمن.
وجادل الدفاع أيضًا بأن «علي كوشيب» عضو في «الدفاع الشعبي»، بينما «عبد الرحمن ليس كذلك»، وبأن «علي كوشيب كان عقيد العقداء في قبيلته مهما كانت»، في حين أن «عبد الرحمن لم يكن كذلك»، كما ذكر المحامي في دفوعه أنّ «كوشيب من قبيلة الرزيقات بينما عبد الرحمن من قبيلة التعايشة»، مشيرًا إلى أنّ «علي كوشيب» لوحق من قبل السلطات السودانية ومدرج في السجل القضائي السوداني، في حين أنّ «عبد الرحمن ليس لديه سجل في القضاء السوداني» – حسب قوله.
ومضى محامي الدفاع إلى أبعد من ذلك، بالحديث عن مقارنات وصفية بين الاثنين، قائلًا إن «علي كوشيب أحدب وعبد الرحمن يقف مستقيمًا بشكل ملحوظ»، وأنّ «كوشيب لديه ندوب في جبهته وخديه وهي غير موجودة عند عبد الرحمن»، وذكر متابعًا أن أذني علي كوشيب مثقوبتان على عكس عبد الرحمن، وشدد على أنّ عبد الرحمن لم يكن من «الجنجويد» ناهيك بأن يكون زعيمهم. وزاد: «إن الشخص الذي يقف خلفي والواضح لكم ليس علي كوشيب».
وذكر لاوتشي أن شاهدان غير كوشيب استجوبا في تقرير مكتب المدعي العام السوداني، مشيرًا إلى أنه لم يُطلب منهما التوقيع على محضر مقابلتهما ولم يُقرأ عليهما، فيما استجوب كوشيب بصفته شاهدًا ولم يُبلغ بأن ما يقوله سيستخدم ضده، ولم يكن لديه إمكانية أو حرية عدم الإجابة عن الأسئلة التي طرحت عليه – بحسب لاوتشي.
وتعليقًا على سير محاكمة «علي كوشيب» أمام «الجنائية الدولية»، قال رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور المكلف ،الصادق علي حسن، في حديث إلى «بيم ريبورتس»، إن دفوعات محامي «علي كوشيب» – «واهية، وليست منتجة قانونياً في الدعوى أمام المحكمة»، مشيرًا إلى أنّ «محامي الدفاع تعوزه البينة المنتجة للدفاع الصحيح عن موكله، وصار يتخبط».
واستنكر حسن أن يكون ضمن دفوعات محامي الدفاع أن «المتهم ليس هو المتهم الماثل أمام المحكمة»، قائلًا إن الدفع بمثل هذه الحجج في هذه المرحلة «ليس منتجًا»، خاصةً أن المتهم سلّم نفسه طواعية إلى المحكمة وهو يعلم بالتهم المنسوبة إليه ولم يثر ما أثاره الآن عند مثوله أمام المحكمة – وفق قوله.
وأبان حسن أن «قضية الاتهام، هكذا بلا بينات، تصلح لدحض التهم المنسوبة إلي كوشيب»، لافتًا إلى أنه في حال أيّد الاتهام التُهم المنسوبة إلى كوشيب بـ«بينات متماسكة»، فإن قرار المحكمة سيكون «الاستجابة لمطالب الادعاء وتوقيع العقوبة التي تناسب الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب».
وقلّل حسن من أهمية دفع محامي كوشيب برفض القبيلة التي ينتمي إليها «علي كوشيب» الانضمام إلى مكافحة ما أسماه «التمرد»، قائلًا إنه لا يعد دفعًا منتجًا في الدعوى، موضحًا أن التهمة الموجهة إلى كوشيب هي أنه «قام بارتكاب الجرائم المنسوب إليه بشخصه، مع المتهمين الآخرين الذين يمثّلون النظام الحاكم»، ومنوهًا بأن قبيلة علي كوشيب لا صلة لها بالجرائم المنسوبة إليه.
وزاد حسن: «أما بشأن أنه كبش فداء ضحت به الحكومة السودانية لحماية البشير والمسؤولين في حكومته السابقة، فهذه قرينة تدحض مزاعمه بأنه ليس زعيمًا، مشيرًا إلى أن من يُضحى به بالضرورة تتوافر فيه ما يشير إلى أنه على علاقة بالأفعال المدعاة». «كما أن التحقيق الجنائي الذي أفضى إلى ملاحقته جنائيًا أمام المحكمة الجنائية الدولية لم تقم به حكومة البشير أو نظامها العدلي والقضائي” – أضاف حسن.
وفيما يخص مسألة التعويضات، قال رئيس هيئة محامي دارفور المكلف إن اتخاذ قرار بشأنها يتطلب صدور حكم قضائي من المحكمة، مشيرًا إلى أنّ الحديث عن تعويضات قبل صدور الحكم «سابق لأوانه».
وكان محامي الدفاع عن «علي كوشيب» قد قال إنه «منذ يوليو 2020، يزعم الدفاع أن الضحايا سيحصلون على تعويضات دون انتظار وبغض النظر عن نتيجة المحاكمة. وقد تكرر هذا في مقدمة مرافعاته النهائية»، وفق ما ذكرت المحكمة الجنائية في منشور لها على منصة «إكس».
وفي بيانه الختامي لمحاكمة عبد الرحمن كوشيب، كان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان قد صرّح بأن هذه المحاكمة «خطوة أولية مهمة في معالجة الإفلات من العقاب الذي سمح باستمرار الجرائم في دارفور دون منازع». ووصف خان المحاكمة بـ«الرائعة» لأنها المحاكمة الأولى وفقًا للإحالة من مجلس الأمن الدولي، والأولى بتهمة «الاضطهاد على أسس جنسية وعرقية وسياسية»، مما يُظهر «الطبيعة المتقاطعة للتمييز»، مشيرًا إلى أن «هذه الإجراءات هي الأكثر كفاءة في تاريخ المحكمة».
ووفقًا للأمم المتحدة، فقد خلّفت الحرب التي اندلعت في دارفور منذ 2003 نحو « 300 ألف قتيل و2.5 مليون نازح ولاجئ».

سياسي
بعد اتهامات (حميدتي).. من المتسبب في إيقاف الدعم والمساعدات الدولية؟
اتهم نائب رئيس مجلس السيادة في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ـ أشخاص لم يسمهم ـ قال إنهم تسببوا في إيقاف منح مالية من السعودية