«بيم ريبورتس» تكشف تفاصيل القصف الدامي على «كادقلي» بجنوب كردفان

9 فبراير 2025 – ما يزال العشرات من جرحى القصف المدفعي الذي تتهم الحركة الشعبية-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، بتنفيذه يوم الاثنين الماضي، يتلقون العلاح في «مستشفى كادقلي المرجعي»، في ظل نقص في الكوادر الطبية في المدينة المحاصرة من أكثر من قوة مسلحة، وتفتقر لأقل الخدمات الطبية والاقتصادية ومقومات الحياة والأمن.

وفي وقت أكد مصدر طبي من كادقلي صحة الاتهامات الموجهة للشعبية بقصف المنطقة والتسبب في سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، نفى متحدث باسم الشعبية لـ«بيم ريبورتس» قصفهم المدينة.

وقال المصدر الطبي لـ«بيم ريبورتس» إن القصف المدفعي خلف ما يزيد عن «50» قتيلًا وإصابة أكثر من «70» آخرين، مشيرًا إلى أنهم بحاجة لتدخل جراحي لإسعاف المرضى المصابين بالكسور، في ظل وجود «جراح واحد» فقط يعمل في مستشفى السلاح الطبي، وأعداد بسيطة من نواب الأخصائيين والممرضين، مما فاقم حجم الكارثة والوضع الانساني.

وأضاف المصدر أن الوفيات بالمدينة ما زالت مستمرة بسبب كون العناية الصحية وتغطية الأحداث الطارئة غير كافية في هذه العمليات، موضحًا أن هناك نقص في المعدات الطبية وأكياس الدم، لأن معظم الجرحى كانوا بحاجة للدم.

وذكر أن الحاجة لإسعاف المصابين جعلت كل الكوادر الطبية وكل مكوناتها ومسمياتها من معاونيين وممرضين معاشيين وغيره تتداعى إلى «مستشفى كادقلى المرجعي» لتدارك الوضع، مشيرًا إلى أن المستشفى يفتقر حتى للمخدر والمحاليل الطبية قبل أن يشير إلى أن المنظمات أحضرت بعض المعينات.

ولفت إلى أنه في ظل الحصار المفروض على المدينة كانت المعينات الطبية تصل إلى كادقلي عبر «تبرعات واجتهادات التجار» بعد دفعهم ضرائب باهظة على المرور وأحيانًا يتعرضون للنهب، مواصلًا : «الوضع الطبي هش».

تبادل للاتهامات

والثلاثاء الماضي، اتهم الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، خالد الإعيسر، الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية، بتنفيذ عمليات قصف عشوائي استهدف فيها سوق مدينة كادقلي ومراكز الإيواء المؤقتة في مدارس المدينة، بالإضافة إلى مناطق سكنية متفرقة، بينما نفت الأخيرة صلتها بالحادثة ووجهت بدورها اتهامًا للجيش بتنفيذ القصف.

بينما شدد الناطق الرسمي باسم وفد النقاش حول المساعدات الإنسانية بالحركة الشعبية، جاتيقو اموجا دلمان، على أنهم موجودون داخل مدينة كادقلي منذ عام ونصف العام، ولم يستهدفوا خلالها أي مدني وتمسك بأن «ادعاءات الجيش بأن الشعبية قصفت السوق ومواقع أخرى غير صحيح».

لكن المصدر الطبي، قال إن القصف المدفعي الذي تسبب في مقتل واصابة العشرات، جاء من جانب الحركة الشعبية- شمال.

وأضاف «لم يكن هناك تدوينًا مدفعيًا من قبل الجيش في يوم الحادثة»، معتبرًا أن حادثة الإثنين هي «أكبر مأساة تتعرض لها مدينة كادقلي منذ عام 1983 وطوال فترة الحرب بين الجيش السوداني والحركة الشعبية».

وفي منتصف يناير الماضي، تبادل الجيش السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان، الاتهامات بشأن هجمات حول مدينة «الدلنج» التي يسيطر عليها الجيش، وتعد ثاني أكبر مدينة بولاية جنوب كردفان بعد عاصمتها «كادوقلي»، وبشأن عدد من الحوادث الأخرى، في بيانات متتابعة.

وتسيطر الشعبية على الطريق الرابط بين مدينتي كادقلي والدلنج، ما أدى إلى قطع المدينة عن ولاية شمال كردفان، كما أنها تنتشر في الجزء الشرقي والجنوبي من مدينة كادقلي.

ماذا حدث في 3 فبراير؟

مووفقًا للمصدر الطبي، فإن القصف وقع بعد سيطرة الجيش على جبل المك، لافتًا إلى أن المواطنين كانوا محاصرين من جهتين في شمال الولاية بسبب إغلاق الطريق من الدلنج لكادقلي بواسطة الحركة الشعبية، ومن الدلنج للأبيض، بواسطة الدعم السريع مما خلق حالة من المجاعة والمعاناة والفقر.

وقال إن المواطنين، تحركوا في يوم القصف، في موكب من حجر المك للمدينة، في تلك الأثناء، تم قصف الموقع من الحركة الشعبية بـ12 دانة منها ثلاثة في منطقة حجر المك، أصابت هذا العدد الكبير من المواطنين، لافتًا إلى أن من بين الضحايا إمام المسجد العتيق.

في المقابل، قال دلمان، إن قوة تابعة للجيش بجانب – مليشيا – كافي طيارة، تقدمت برفقة عدد كبير من المستنفرين إلى منطقة حجر المك التي قال إن الجيش الشعبي لتحرير السودان يسيطر عليها واشتبكت مع ارتكازات الشعبية على «سفح الجبل».

وأضاف «بعدها أجبرها الجيش الشعبي علي التراجع والعودة إلى داخل المدينة، لكن قوة أخرى من الجيش والمليشيات الموالية له تحركت وتمركزت في منطقة التقاطع شمال مدينة كادوقلي».

وتابع «وتزامنًا مع الاشتباك في جبل حجر المك قامت مدفعية «الفرقة 14 مشاة» التابعة للجيش بقصف المواقع المتقدمة للجيش الشعبي في مناطق: «كيقا، تلو، حجر المك، سرف الضي، الدشول».

واتهم دلمان الجيش بزعزعة الوضع الأمني بغرض عرقلة عملية توزيع المساعدات الإنسانية واستخدامه الغذاء كسلاح، موضحًا أن منظمة سمارتن بريس الأمريكية تنوي توزيع ما يقارب 800 طن متري من الأغذية للمواطنين، مضيفاً:«هذه الإغاثة تم ترحيلها من جوبا إلى كادوقلي بموافقة الحركة الشعبية».

غير أن المصدر الطبي «أكد على أن المواطنين ناقمين على ما تم من قبل الحركة الشعبية وعلى الوضع العام».

وأضاف «حتى المنظمات المتعاونة مع الطرفين في جانب المعينات الطبية استنكرت القصف من بينها منظمة سمارتين الموجودة هنا»، مشيرًا إلى أنهم كانوا «شهودًا داخل كادقلي وعلى أن القصف كان من مناطق الحركة الشعبية»، ناقلًا عنهم استعدادهم لتقديم المساعدات الإنسانية.

ولفت إلى أن القصف تزامن مع «موعد انتهاء مدة اتفاق وقف العدائيات لوصول المساعدات الانسانية».

إنسانيًا، ذكر المصدر أن المواطنين في كادقلي يعيشون في حالة من «التوجس وانتظار الأجل المحتوم»، على حد تعبيره.

أما في الجانب الاقتصادي، أوضح أن الأسواق توقفت وكذلك التجارة ووسائل كسب العيش التي أصبحت محصورة في بيع الحطب والفحم، وأردف «القصف أثر سلبًا بالشكل الذي يستدعى تدخل المنظمات».

وأوضح أن المنظمات الموجودة حالياً في كادقلي هي « المجلس النرويجي، ومفوضية اللاجئين، ويونيسيف، والصحة العالمية، إنقاذ الطفولة، وكونسيرن، العمل ضد الجوع، بالإضافة إلى منظمات إنسانية ووطنية أخرى»، مشيرًا إلى أن عملها ينحصر على الوضع الإنساني وليس الطوارئ ولا تستطيع تقديم الكثير.

ادانة أممية

والخميس أكدت الأمم المتحدة أن الوضع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بالسودان، يوشك على الوصول إلى كارثة مع تصاعد المعارك، بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وصرحت المنسقة المقيمة ومنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمانتين نكويتا سلامي، في بيان لها، إن أحدث التقارير تفيد بأن اندلاع الأعمال العدائية في كادقلي بجنوب السودان، أسفر عن مقتل «ما لا يقل عن 80 مدنيًا وإصابة العشرات».

وأدانت المنسقة الأممية «عرقلة المساعدات الإنسانية واحتجاز المدنيين»، محذرة من أن الاحتياجات الإنسانية تظل ماسة في ولاية النيل الأزرق، مع تزايد التهديدات من تصعيد العنف وتأثيره على حياة المدنيين.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع