تصاعد الخلافات داخل حزب الأمة بشأن عزل رئيسه المكلف

25 فبراير 2025 – يتواصل التراشق بالبيانات بين تيارين داخل حزب الأمة القومي، أحدهما يوالي رئيسه المكلف فضل الله برمة ناصر، وآخر رافض لخطوة توقيعه –مع آخرين– على ميثاق لتشكيل حكومة مع «الدعم السريع»؛ إذ صدر عن الحزب بيانان متتابعان، اليوم الثلاثاء، حمل أولهما توقيع رئيس المكتب السياسي للحزب، فيما صدر الثاني مزيلًا باسم «قيادات وكوادر حزب الأمة القومي»، ينتقدان قرارًا أصدرته مؤسسة الرئاسة، أمس الاثنين، قضى بعزل ناصر، مشددين على «عدم شرعية القرار». وأخيرًا أصدر ناصر قرارًا، مساء اليوم، بإنهاء تكليف نوابه ومساعديه ومستشاريه، وإعادة تعيين مؤسسة الرئاسة.

وتصاعدت حدة الخلافات داخل حزب الأمة القومي، في الأيام الماضية، إذ تبرأ كلٌّ من الناطق الرسمي باسم الحزب وأمينه العام الواثق برير ونائبة الرئيس مريم الصادق المهدي، الأحد، من «الميثاق السياسي» الذي وقع عليه رئيس الحزب المكلف برمة ناصر، لافتين إلى أنّ التوقيع جرى «دون الرجوع إلى مؤسسات الحزب». وقالت نائبة الرئيس مريم الصادق المهدي، في تصريحات صحفية، إن حزب الأمة سيعقد اجتماعًا الاثنين [الماضي]، لمناقشة موقف رئيس الحزب المكلف الذي اتهمته بتغييب مؤسسات الحزب وإضعاف بعضها.

ومن جانبه، رد ناصر، اليوم، بإصدار قرارات قضت بإنهاء تكليف نواب رئيس الحزب ومساعديه ومستشاريه، وإعادة تعيين مؤسسة الرئاسة «على أسس جديدة» – حسب وصف قراره. كما أعلن عن مشاورات مع المكتب السياسي والأمين العام بشأن ترتيبات الدعوة إلى انعقاد «مؤتمر عام استثنائي» للحزب.

وأمس الاثنين، اتخذت مؤسسة الرئاسة –التي شُكِلت لسد الفراغ القيادي الذي خلّفته وفاة رئيسه وإمام طائفة الأنصار الصادق المهدي في نوفمبر 2020، وإدارة الحزب جماعيًا– قرارها بسحب تكليف اللواء (معاش) فضل الله برمة من رئاسة الحزب، ولم تكتفِ بذلك، بل عينت القيادي بالحزب محمد عبد الله الدومة رئيسًا مكلفًا خلفًا لناصر، على أن يمارس صلاحياته عبر مؤسسة الرئاسة – بحسب ما قال بيانها.

وتوالت البيانات عمّن يُعتقد أنهم من التيار الموالي لناصر داخل حزب الأمة القومي، إذ لفت رئيس المكتب السياسي محمد المهدي حسن، في تصريح صحفي، اليوم، إلى أن الرئيس كُلّف بقرار من المكتب السياسى وليس من نوابه أو مساعديه ومستشاريه، مشيرًا إلى أن مؤسسات الحزب الرئيسة هي: الموتمر العام ورئيس الحزب والهيئة المركزية، بالإضافة إلى المكتب السياسى والأمانة العامة. وأضاف أن نواب الرئيس ومساعدوه ومستشاروه هم معاونوه وليست لديهم أيّ سلطات أو صلاحيات، وفق دستور الحزب، لإعفاء الرئيس أو عزله، قائلًا إنه «يمارس سلطاته الدستورية».

وشدد حسن على أن ناصر هو رئيس الحزب المكلف بسلطات الرئيس الدستورية، لافتًا إلى أن المخالفات المنسوبة إليه هي «تقديرات سياسية، ومحل النظر فيها هي المؤسسات» – بحسب قوله.

محاولة انقلابية على الدستور

وفي الأثناء، أصدر قادة في حزب الأمة القومي بيانًا وصفوا فيه قرار مؤسسة الرئاسة بـ«المحاولة الانقلابية على الشرعية الدستورية للحزب».

وأوضح البيان أنّ المادة الرابعة عشرة من دستور الحزب تنص على أنّ «الرئيس هو المسؤول السياسي والتنفيذي الأعلى»، وأنه «الممثل الرسمي للحزب في كافة المحافل الوطنية والإقليمية والدولية»، ولا يحتاج إلى أيّ تفويض من أيّ جهة داخل الحزب لممارسة صلاحياته – بحسب البيان الذي أضاف باقتضاب: «وعليه، فإن أيّ محاولة للالتفاف على هذه الحقيقة، تُعد خرقًا واضحًا لدستور الحزب وانقلابًا على الشرعية».

ولفت البيان إلى أن مؤسسة الرئاسة «جسمٌ استشاري أنشأه الرئيس السابق الإمام الصادق المهدي لمزيد من التشاور»، منبهًا إلى أنها «لا تملك أيّ سلطات تنفيذية أو قرارات ملزمة» ولا تنعقد إلا بدعوة من رئيس الحزب، مشيرًا إلى أن البيان الصادر عن مؤسسة الرئاسة «ليس سوى محاولة يائسة لتزوير إرادة مؤسسات الحزب واختطاف قراره».

وشدد البيان على أنه لا تملك أيّ جهة داخل الحزب، باستثناء المؤتمر العام، سلطة محاسبة الرئيس أو إقالته، مستشهدًا بالمادة (11) الفقرة (ب) والمادة (13) الفقرة (3) من دستور الحزب، ولافتًا إلى أن المؤتمر العام يحتاج إلى توافق ثلثيه ليمارس هذه السلطات [محاسبة الرئيس وإقالته].

واتهم البيان المجموعة التي أصدرت بيان مؤسسة الرئاسة بـ«ممارسة التضليل والانحراف عن المسار المؤسسي» وبالانحياز إلى ما أسماه «جيش الفلول». وقال إنها درجت على استخدام اسم الحزب على نحو غير شرعي لـ«تزوير إرادة مؤسساته، والتآمر على وحدته، في محاولة بائسة لجره إلى أجندات تخدم أعداء الديمقراطية والاستقرار» – بحسب تعبير البيان.

وعدّ البيان خطوة مؤسسة الرئاسة «عملًا تخريبيًا يستهدف وحدة الحزب»، مطالبًا قادة الحزب باتخاذ «إجراءات صارمة» ضد من وصفهم بـ«المجموعة المتفلتة»، وبالعمل «فورًا على حل ما يُسمى بمؤسسة الرئاسة» التي قال إنها «تحوّلت إلى أداة للفوضى والانقسامات»، ومحاسبة المتورطين في «هذا التعدي السافر على الدستور» – وفق وصفه.

وجددت المجموعة الموقعة على البيان دعمها وتأييدها «المطلق» لرئيس الحزب المكلف، ووقوفها خلفه في هذا «الظرف الحرج» –حسب وصفها– لافتةً إلى «جهوده الدؤوبة لإيقاف الحرب وإعادة الحكم المدني»، ومشددةً على رفض «أيّ محاولة للنيل من شرعيته أو التشكيك في قيادته».

ودعا البيان جماهير الحزب إلى «الالتفاف حول القيادة الشرعية ورفض المؤامرات»، مناشدًا جماهير الحزب بألا تنخدع بهذه «التحركات المشبوهة» – وفق تعبيره، وأن تظل ثابتة في دعمها للرئيس حتى انعقاد المؤتمر العام الذي قالت إنه «الجهة الوحيدة المخولة باتخاذ القرارات المصيرية بشأن مستقبل الحزب وقيادته».

وحذرت المجموعة من أيّ «محاولة للمساس بشرعية الحزب أو رئيسه»، قائلةً إنها «لن تمر دون رد حاسم». كما أعلنت عن عزمها على اتخاذ «كل التدابير الضرورية لحماية الحزب من الاختراقات والمؤامرات التي تهدف إلى زعزعة صفوفه» – بحسب ما ذكر البيان.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع