9 أبريل 2025 – قال رئيس الوزراء السابق والتحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة – صمود- عبدالله حمدوك، الأربعاء، إن أزمة السودان الحالية نتيجة عقود من الإقصاء والتفاوت الاقتصادي وانهيار المؤسسات.
وفي 15 أبريل 2023 اندلع صراع مسلح على السلطة بين الجيش السوداني وحليفته السابقة قوات الدعم السريع شبه العسكرية على مدى نحو عقدين انتهى بانزلاق ثالث أكبر بلد إفريقي في أتون حرب واسعة النطاق قتلت عشرات الآلاف وشردت الملايين.
كما أكد حمدوك في مقال رأي نُشر اليوم على صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية أنه لا حل عسكريًا للصراع في السودان، مشيرًا إلى أن البلاد تقف عند نقطة الانهيار.
وشدد حمدوك على ضرورة أن يُسفر مؤتمر لندن حول السودان عن نتائج ملموسة تؤسس لعملية سلام حقيقية تبدأ بعقد مؤتمر دولي للتعهدات المالية يسد الفجوة التمويلية التي حددتها الأمم المتحدة، ويضع إطارًا شاملًا لإعادة إعمار السودان بمشاركة مدنية فعالة.
وفي 30 أكتوبر دعا حمدوك، إلى أهمية استنباط رؤى جديدة وخلاقة لمواجهة متطلبات إعادة الإعمار، ما بعد الحرب، مع الأخذ في الاعتبار الواقع الجيوسياسي الدولي وضمور الموارد المالية.
ومن المنتظر أن تستضيف العاصمة البريطانية لندن في 15 أبريل الحالي بالتزامن مع الذكرى الثانية لاندلاع النزاع، مؤتمرًا دوليًا رفيع المستوى حول الأزمة الإنسانية في السودان.
وينعقد المؤتمر بتنظيم مشترك من المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، بهدف تنسيق الجهود الدولية لمعالجة الأزمة المتفاقمة في السودان حيث تم توجيه الدعوات لحضور المؤتمر إلى وزراء خارجية 20 دولة، بما في ذلك قطر، ومصر، وتركيا، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.
ومع ذلك، لم تُوجه الدعوة إلى الحكومة السودانية الحالية، حيث أبدت اعتراضها على ذلك وفق رسالة أرسلها وزير الخارجية السوداني إلى نظيره البريطاني، وجه فيها انتقادات شديدة إلى لندن.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز التنسيق بين الجهات الدولية الفاعلة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، والعمل على حماية المدنيين، ودعم جهود السلام في السودان.
ودعا حمدوك إلى تحرك أممي وإقليمي عاجل، من خلال عقد جلسة مشتركة بين مجلسي السلم والأمن التابعين للاتحاد الأفريقي والأمن الدولي لاتخاذ تدابير عملية لحماية المدنيين وفقًا للقانون الإنساني الدولي، إلى جانب اجتماع تحضيري مدني شامل، تنظمه منظمة الإيقاد والاتحاد الإفريقي بقيادة سودانية، لوضع هيكل متكامل لعملية سلام تعالج جذور النزاع.
وأكد حمدوك على أنه لا «يوجد حل عسكري لحرب السودان» محذرًا من أن استمرار الصراع سيؤدي إلى مزيد من التشرذم والمعاناة، كما أنه يحمل خطرًا حقيقيًا بتفكك البلاد على أسس المصالح المتصارعة.
واعتبر أن ما يحدث الآن من مأساة إنسانية هو «نتيجة عقود طويلة من الإقصاء، والتفاوت الاقتصادي، وانهيار المؤسسات، وليس قدرًا محتومًا».
حمدوك: بورتسودان في زاوية بعيدة من البلاد
وقلل حمدوك من استعادة الجيش للقصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم، وقال رغم إنها غيرت ما أسماه المشهد التكتيكي، ومع ذلك لم تغير من الحقيقة الأساسية وهي «ألا طرف قادر على تحقيق نصر حاسم دون التسبب في خسائر كارثية بين المدنيين»، مؤكدًا أن الحل الوحيد يكمن في تسوية سياسية تفاوضية وشاملة.
وفي 27 يونيو 2024 قال حمدوك في مقابلة مع صحيفة (ذا ناشيونال) الإماراتية الناطقة باللغة الانجليزية ردًا على إصرار البرهان على انعقاد اجتماع ثنائي في بورتسودان: «بورتسودان في زاوية بعيدة من البلاد، إذا كنت تعمل من قصر الدولة في الخرطوم، كنت سآتي لرؤيتك غدًا».
وخلال الشهر الماضي سيطر الجيش السوداني علي القصر الرئاسي وكامل العاصمة الخرطوم بعد ما استولت عليه الدعم السريع عليه في اليوم الأول للحرب.
كما أوضح حمدوك أن السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة السودان هو «إقامة حكومة مدنية ديمقراطية تمثل جميع السودانيين»، مشددًا على أن الحكم العسكري والانقلابات لم يحققا في السابق استقرارًا دائمًا، بل رسّخا أزمات جديدة ومستمرة على حد قوله.
وأضاف أن الحرب لم تعد تهدد السودان فقط، بل تجاوزت حدوده وأسهمت في زعزعة الاستقرار الإقليمي، وانتشار الأسلحة، والنزوح العابر للحدود، وضرب التجارة والتعاون الأمني في المنطقة.
وأشار إلى أن دول الجوار مثل تشاد وجنوب السودان تكافح لإدارة تدفق اللاجئين، ما ينذر بأزمة أوسع إذا لم يُعالج الوضع سريعًا.
حمدوك: اجتماع لندن فرصة مفصلية لإنقاذ السودان
من ناحية أخرى، رحّب حمدوك باجتماع لندن حول السودان، واصفًا إياه بلحظة مفصلية يجب أن يتحول فيها الموقف الدولي من مجرد القلق إلى اتخاذ خطوات جماعية حقيقية.
واقترح أن يتبنى الاجتماع «خطة عمل لندن من أجل السودان» والتي تشمل التأكيد على القيادة المدنية كأساس لأي تسوية، ورفض أي ترتيبات تعيد الحكم السلطوي، أو تفتح الطريق أمام عودة النظام السابق، أو تؤدي إلى تقسيم السودان.
بالإضافة إلى تأسيس مجموعة اتصال دولية رفيعة المستوى تنسّق الجهود الدولية وتدفع باتجاه وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وتأمين المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين والتحضير لمؤتمر دولي للتعهدات المالية يسد فجوة التمويل الإنساني والإنمائي، ويؤسس لإطار واضح لإعادة الإعمار، بمشاركة نشطة من المدنيين السودانيين.
وحذّر حمدوك من أن تجاهل هذه الفرصة قد يؤدي إلى انفجار أكبر في المنطقة، ويُفاقم الأزمة داخليًا وإقليميًا، مؤكدًا أن الوقت قد حان لـ«تحرك دولي مسؤول وشجاع».
نداء للسلام والإرادة السياسية
وأكد حمدوك أن «الحروب لا تنتهي بمجرد الإنهاك، بل عندما تفرض الإرادة السياسية والدبلوماسية والعمل الجماعي طريقًا نحو السلام»، مشددًا على أن المجتمع الدولي مطالب اليوم بدعم المدنيين السودانيين ليس فقط بالإدانة أو البيانات الرمزية، بل عبر دعم حقيقي يمكّنهم من استعادة وطنهم.
وقال إن حرب السودان ليست أزمة داخلية فحسب، بل اختبار لصدق التزام العالم بقيم السلام والديمقراطية وحماية الحياة الإنسانية.