13 أبريل 2025 – «لم نستطع حصر الضحايا.. لكن جثث القتلى في الشوارع»، يقول وزير الصحة بولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر لـ«بيم ريبورتس».
واجتاحت قوات الدعم السريع اليوم بالقوة العسكرية مخيم زمزم للنازحين الواقع على بعد 15 كيلو مترًا جنوب مدينة الفاشر في عملية أدت إلى فرار عشرات الآلاف إلى الفاشر، في واحدة من أكبر موجات التهجير القسري السريعة منذ اندلاع الحرب قبل عامين.
وامتلأت مقاطع مصورة بثها موالون لقوات الدعم السريع على وسائل التواصل الاجتماعي بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات إعدام جماعي وإهانات جسدية ومعنوية.
هناك في زمزم، وفي محيط الفاشر بشكل عام، لم تكن النداءات الأممية والدولية والمحلية على مدار اليومين الماضيين مسموعة في أذان قوات الدعم السريع بوقف هجماتها حيث اجتاحت اليوم المخيم، ولم يكن أمام عشرات الآلاف من حل سوى الفرار سيرًا على الأقدام أو عبر الدواب والقليل عبر السيارات في رحلة نزوح عكسية إلى الفاشر.
«الوضع الإنساني صعب.. الناس في حاجة ماسة للحماية والأكل والشرب والدواء»، يصف خاطر الوضع قائلًا «هناك موجات نزوح من زمزم إلى الفاشر مشيًا على الأقدام معظمهم أطفال ونساء وكبار سن بينهم جرحي.. علامات الإعياء والجوع والعطش وعدم النوم واضحة.. لا أدرى كيفية استيعاب المرضى في مستشفى ميداني»، يقول خاطر.
بداية الهجمات ونية مسابقة بالاجتياح
وبدايةً من يوم الجمعة الماضي بدأت قوات الدعم السريع في شن هجوم بري عنيف على مخيم زمزم للنازحين والذي يعد من أكبر مخيمات النزوح في شمال دارفور حيث كان يعيش فيه مئات الآلاف من النازحين القدامي والجدد.
ودفع أكثر من 100 شخص بينهم كوادر طبية ثمن هجمات الدعم السريع مصحوبة بقصف مكثف بالمدفعية الثقيلة.
وعبرت قوات الدعم السريع فعليًا عن نواياها في اجتياح الفاشر في 10 مايو 2024 عندما أطلقت حملة عسكرية كبرى أسندتها لقائدها السابق، علي يعقوب والذي قتله الجيش في طرقات المدينة.
لكن النية الأكثر عنفًا عبر عنها نائب قائد قوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو الثلاثاء الماضي، عندما توعد باجتياح الفاشر فيما يبدو أن اجتياح زمزم اليوم ترجمة عملية لتهديداته، في طريقه إلى عاصمة إقليم دارفور.
ومع ذلك، نفت قوات الدعم السريع في بيان اليوم ما أسمتها بالادعاءات الكاذبة باستهداف للمدنيين داخل مخيم زمزم.
وقالت إنها نشرت وحدات عسكرية لتأمين المدنيين والعاملين في الحقل الطبي الإنساني في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور.
ووصفت سيطرتها على مخيم زمزم للنازجين بأنه تحرير مدعية أن الجيش والقوة المشتركة كانا يتخذانه ثكنة عسكرية ويستخدمان المدنيين دروعًا بشرية.
لكن، اليوم انضمت طبيبة إلى 9 آخرين من الكوادر الطبية والمتطوعين الذين قتلتهم الدعم السريع يوم الجمعة متأثرة بجراحها.
العالم يدين الهجمات على زمزم
غير أن العالم يرى ما يجري بعيونه، عكس ما تقوله قوات الدعم السريع، حيث استنكرت وزارة الخارجية السعودية الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر (زمزم وأبوشوك) والتي أسفرت عن مقتل وإصابة العديد من الأشخاص، في انتهاكٍ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأكدت الخارجية السعودية عن رفض المملكة لهذه الانتهاكات، مشددة على ضرورة توفير الحماية للعاملين في المجال الإغاثي والإنساني، وأهمية وقف الهجمات وتجنب استهداف المدنيين وتنفيذ ما تم التوقيع عليه في إعلان جدة (الاتفاق لحماية المدنيين في السودان) بتاريخ 11 مايو 2023.
الأطفال في الضحية الأبرز للجرائم المرتكبة، حيث أعلنت منظمة اليونيسيف اليوم عن أن ما لا يقل عن 23 طفلاً و9 عمال إغاثة في مخيمات الفاشر- زمزم وأبو شوك، قد قتلوا في هجمات الدعم السريع.
الأمم المتحدة عبرت كذلك عن فزعها إزاء التقارير الواردة من مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، وكذلك من مدينة الفاشر في شمال دارفور.
وقالت المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي في بيان أمس إنها تشعر بالفزع والقلق الشديد.
وأضافت «يُخشى مقتل أكثر من 100 شخص، من بينهم أكثر من 20 طفلاً، وتأكدت وفاة ما لا يقل عن تسعة من العاملين في المجال الإنساني أثناء قيامهم بمهمة لدعم الفئات الأكثر ضعفاً. وقُتل زملاء من منظمة دولية غير حكومية أثناء إدارتهم لأحد المراكز الصحية القليلة المتبقية التي لا تزال تعمل في المخيم».
واعتبرت المسؤولة الأممية إن هذا يمثل تصعيدًا مميتًا وغير مقبول آخر في سلسلة من الهجمات الوحشية على النازحين وعمال الإغاثة في السودان منذ اندلاع هذا الصراع قبل عامين تقريبًا.
إدانات محلية
محليًا، قالت مجموعة محامو الطوارئ الحقوقية إن قوات الدعم السريع مجازر مروعة بحق المدنيين في شمال دارفور، في امتداد متواصل لسلسلة من الجرائم الممنهجة والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.
وشددت على أن قوات الدعم السريع المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم الممنهجة. ونؤكد أن استمرار الإفلات من العقاب يشجع على تكرار هذه الانتهاكات.
التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) أدان الجرائم والانتهاكات الجسيمة من هجوم قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين بشمال دارفور، مشيرًا إلى أنه أدى إلى مقتل وإصابة ونزوح عدد واسع من المدنيين والعاملين بالحقل الإنساني في المعسكر.
ودعا التحالف في تصريح صحفي اليوم إلى وقف كل الأعمال العدائية التي تستهدف حياة وأمن المدنيين في كافة أرجاء السودان، مشددًا على ضرورة توصيل المساعدات الإنسانية لمستحقيها وإقرار تدابير ملزمة لحماية المدنيين.
كما أدان حزبي الأمة القومي والمؤتمر السوداني هجمات الدعم السريع على مخيم زمزم.