14 أبريل 2025 – قال قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال عبد العزيز الحلو، الاثنين، إن «التهميش والتظلم من الخرطوم –وما يمثلها في بورتسودان– من المشتركات التي تجمعهم مع الدعم السريع».
ووصف الحلو، في مقابلة تلفزيونية مع قناة «الحدث» السعودية، اليوم، الحركةَ الشعبية وقوات الدعم السريع بأنهما «متجاوران ومنسجمان»، مشيرًا إلى أنهما أعلنتا وقف الحرب بعضهما ضد بعض، لأن المشتركات بينهما أكبر من العوامل التي تفرقهما.
وفي الرابع من مارس الماضي، وقعت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال مع قوات الدعم السريع وحركات مسلحة أخرى، في العاصمة الكينية نيروبي، على دستور انتقالي ينص على تشكيل حكومة موازية في السودان، في أعقاب توقيع هذه الأطراف على إعلان سياسي في نوفمبر من العام الماضي.
وكانت قوات الدعم الدعم السريع قد نشرت مقاطع مصوّرة من مناطق سيطرة الحركة الشعبية في جنوب كردفان، وتحدثت عن تحالف عسكري بينهما، فيما ألمح مسؤول في الحركة الشعبية، في تصريح سابق لـ«بيم ريبورتس»، باحتمالية تطوير الميثاق السياسي الموقع عليه مع «الدعم السريع» إلى تعاون عسكريّ.
وأجاب الحلو، في مقابلته اليوم مع قناة «الحدث»، عند سؤاله عن احتمالية نشوب خلاف بينهم و«الدعم السريع» قائلًا: «بالنسبة لنا، ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم، هذه طبيعة السياسة». وتابع: «الدعم السريع أدركت طبيعة الصراع في السودان، وأنه ليس صراعًا إثنيًا بل صراع مركز وهامش، وبذلك فإن التقارب والتحالف مع الدعم السريع يستند إلى أساس».
وذكر الحلو أنه يمكن الوثوق في «الدعم السريع»، مشيرًا إلى أنها وقعت على ميثاق تحالف السودان التأسيسي الذي قال إنه «حرر الدعم السريع من هيمنة الجيش السوداني وسطوته»، مشيرًا إلى أن الوثيقة تتضمن «انتقالًا والتزامًا بعقد اجتماعي جديد» بعيدًا عما أسماه «السودان القديم» الذي قال إنه «يولد الحروب» حسب تعبيره.
ونفى الحلو وجود أيّ خلافات بينهم وقادة «الدعم السريع». وقال: «لا توجد أيّ خلافات؛ هذه أمنيات حكومة بورتسودان»، لافتًا إلى أنهم وقعوا على «وثائق مهمة تناولت قضايا كبيرة».
وردًا على سؤال عن إمكانية محاسبة «الدعم السريع» على الانتهاكات التي اتهمت بارتكابها خلال الحرب، نبّه الحلو إلى أن الوثيقة تتحدث عن «العدالة والمحاسبة التاريخية». وأضاف: «نحن سنحاكم الدعم السريع بالوثيقة التي وقعت عليها»، مشيرًا إلى أن جرائم «الدعم السريع» القديمة «لا تنسى ولا تسقط بالتقادم». «لا أحد فوق القانون، والدعم السريع نفسها تدرك ذلك» – أردف الحلو.
وتعليقًا على سؤال بشأن تبرير الانتهاكات لأنها وسيلة لغاية أخرى، قال الحلو إن «الغاية هي السلام المستدام والوحدة العادلة والاستقرار في السودان»، واصفًا إياها بـ«الغاية النبيلة»، وواصل قائلًا: «أما بالنسبة للانتهاكات فهي ليست حكرًا على الدعم السريع، فالجيش أكبر جهة ارتكبت انتهاكات داخل السودان، والدعم السريع كانت أداة في يده».
وذكر زعيم الحركة الشعبية – شمال أن «الأمم المتحدة مغيبة ولا ترى الانتهاكات التي ارتكبها الجيش منذ العام 1995 وحتى الآن في جميع مدن السودان» مضيفًا: «عندما طالب حميدتي بحقوق أهل دارفور في السلطة والثروة حاربوه»، لافتًا إلى أن هذا «أحد أسباب تحول الدعم السريع». وأشار الحلو إلى تضررهم من الجهات التي توجه دعوات إلى البرهان بوصفه رئيس مجلس السيادة في البلاد، مطالبًا بتوجيهها إلى «المؤسسات»، ومشددًا على أنه «لا شرعية في السودان في ظل انهيار الدولة».
وفيما يتعلق بمحاسبة «الدعم السريع» على انتهاكات الحرب في الفاشر عاصمة شمال دارفور، قال الحلو إن الفاشر واحدة في سلسلة الانتهاكات التي ترتكب في السودان، قبل أن يضيف: «لكن في وثيقة تأسيس ستكون هناك محاسبة.. الشعب السوداني سيحاسب الجيش والبرهان والدعم السريع وعبد العزيز وكل من ارتكب جرائم».
وتمسك الحلو بأنهم يسعون إلى «تغيير ميزان القوى»، قائلًا إنه لا بد من هزيمة من أسماهم «قوى الظلام القديمة» التي يمثلها الجيش السوداني – حسب قوله، مشيرًا إلى أنه –أي الجيش– «أحد ركائز السودان القديم».
قبول الجيش بسودان جديد
واستبعد الحلو توقف الحرب وحدوث أيّ تغيير في البلاد دون قبول الجيش الجلوس معهم والاتفاق على «سودان جديد» – بحسب وصفه. وأضاف: «يمكننا وقف الحرب وإنهائها إن توافقنا على معالجة جذور مسائل مثل استخدام الدين في السياسة ومسائل العنصرية والهيمنة الثقافية والتنمية غير متوازية والمركزية القابضة وغيرها».
وعن فرص جلوسهم إلى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، قال الحلو إنهم سبق أن جلسوا مع الجيش في جوبا في العام 2021 ووقع معهم على إعلان مبادئ لحل المشكلة، قبل أن يواصل: «لكن لم تمر سوى ثلاثة أشهر قبل أن يتنصل عن ذلك، ورجع إلى حشد القوات في جنوب كردفان والنيل الأزرق لقتالنا بدلًا من الحل السلمي على الطاولة»، مشيرًا إلى أنّ «السودان القديم وحكومة المؤتمر الوطني لا تؤمن إلا بالحل العسكري».
وأضاف الحلو: «إذا وافق البرهان على ميثاق تأسيس سنوقع معه غدًا، لكنه متمسك بالعنف والحرب وسيلةً»، مردفًا: «سبق أن جلسنا مع البشير وأحمد هارون». «هم يتحدثون عن الدولة الدينية وهي تفرق بين السودانيين على أساس العقيدة، فكيف تتحدث عن التعايش والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة» – زاد الحلو.
وردًا على سؤال عن مشاركة أفراد محسوبين على النظام القديم ضمن تحالف تأسيس، أجاب الحلو بأن بعض الذين وقعوا على ميثاق التحالف من النظام السابق، مشيرًا إلى أنه «من هنا تأتي أهمية تأسيس». وأضاف: «هناك أكبر حزبين تشاركا في حكم السودان في فترات الديمقراطيات الثلاث، وهناك اسم مهم جدًا في القائمة هو اللواء برمة ناصر الذي وقع على التحالف بأكثر من 80% من عضوية حزب الأمة» وواصل: «هناك فصيلان مهمان من الحزب الاتحادي الديمقراطي انشقا عن شرق السودان وشماله، ويملكان ثقلًا جماهيريًا كبيرًا».
حكومة تأسيس ستنهي الحرب
وعن تفاصيل الحكومة الموازية المقرر تشكيلها في مناطق سيطرة «الدعم السريع»، قال الحلو إنها ستكون «حكومة مدنية حديثة» دون أن يفصح عن مكان تشكيلها أو وزمانه. وتابع: «لم نقطع موعدًا للإعلان عن الحكومة حتى نحاسب عليه.. يمكننا إقامة حكومة من أيّ منطقة في السودان».
وعدّ الحلو أن القصر الرئاسي رمزًا للظلم، قائلًا إن «لا أحد يرغب في الجلوس فيه»، ومشيرًا إلى أنّ «خسارة القصر لا تعني خسارة الحرب» وأردف: «بإمكاننا بناء ألف قصر سياسي في السودان»، لافتًا إلى أن القصر الجمهوري «رمز للتمييز والتفرقة». وحذر الحلو ما أسماها «سلطة بورتسودان» بأنها إن لم ترعوِ وتقبل بالحل السلمي للنزاعات السياسية، فإن «الحرب ستصلها في بورتسودان ومروي»، مضيفًا: «وغدًا ليس ببعيد».
وأوضح الحلو أن الحل السلمي يكون بمخاطبة ما وصفها بـ«جذور الأزمة» التي قال إنها تتعلق بقضايا علاقة الدين بالدولة، مشيرًا إلى أن «تحالف تأسيس قام بذلك، وهي العلمانية وضمان حياد الدولة إزاء الأديان والملل والمذاهب المختلفة، وتعريف طبيعة الدولة بأنها دولة مواطنة لمعالجة مسألة الهيمنة الثقافية» – حسب قوله.
وزعم الحلو أن الحكومة الموازية –المرتقب تشكيلها– «تتبنى مشروعًا يحافظ على وحدة السودان». وأضاف: «نعتقد أن تأسيسها سيغير ميزان القوى، خاصة أنها حكومة خدمية»، مرجحًا أن «تكتسب قوى مادية ومعنوية وفكرية لهزيمة سلطة بورتسودان القديمة» التي قال إنها تعمل على «إحياء القوانين القديمة»، متهمًا الجيش بأنه «بطبيعته يقاتل مواطنيه».
وقال الحلو إن البرهان شوّهَ الوثيقة الدستورية للعام 2019 وأعلن أن «الشريعة هي مصدر التشريعات والقوانين» – حسب قوله، مضيفًا : «لكن أغلبية الشعب الآن مع العلمانية».
وذكر الحلو أن الحرب ستنتهي عبر تشكيل حكومة تحالف تأسيس، مضيفًا أنها الحل لأنها «ستخدم المواطن وتقدم نموذجًا جديدًا للحكم وستكون حكومة خادمة لا حكومة تسلطية»، لافتًا إلى أن ذلك هو ما «سيُكسبها تأييد الشعب السوداني واحترامه». وأكد الحلو أن «هزيمة سلطة بورتسودان هي إعلان عن نهاية الحروب وعدم الاستقرار والكراهية بين السودانيين».