15 أبريل 2025 – قالت صحيفة الغارديان البريطانية، الإثنين، إن الضغوط تتزايد على دولة الإمارات بشأن مشاركتها في مؤتمر في لندن الذي عقد اليوم لوقف الحرب الدائرة في السودان، وذلك بعد تسريب تقرير سري لخبراء من الأمم المتحدة أثار تساؤلات جديدة حول دورها في الصراع.
ولطالما اتُّهمت الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع السودانية بالأسلحة سرًا عبر دولة تشاد المجاورة، وهي تهم نفتها أبوظبي بشكل قاطع.
وكشف تقرير داخلي مصنف (سري للغاية) اطّلعت عليه صحيفة الغارديان البريطانية عن رصد عدة رحلات شحن جوية من الإمارات استخدمت فيها طائرات نقل مسارات تُظهر محاولات متعمدة لتفادي الرصد أثناء توجهها إلى قواعد في تشاد، حيث تم توثيق عمليات تهريب أسلحة عبر الحدود نحو السودان.
وبحسب الصحيفة، تُعقّد هذه الاتهامات موقف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الذي وجّه دعوة مثيرة للجدل إلى الإمارات، إلى جانب 19 دولة أخرى، لحضور محادثات السلام الخاصة بالسودان والتي عقدت اليوم في لانكستر هاوس في لندن.
وقال دبلوماسي رفيع مطّلع على التقرير المسرّب طلب عدم الكشف عن هويته، إن على المملكة المتحدة أن تشرح كيف تر على مجازر الأطفال وعمال الإغاثة، بينما تستضيف الإمارات في مؤتمرها بلندن.
وأشارت الصحيفة إلى أن التقرير، المكوّن من 14 صفحة والذي أُنجز في نوفمبر الماضي وأُرسل إلى لجنة العقوبات الخاصة بالسودان التابعة لمجلس الأمن، أعدّه فريق من خمسة خبراء أمميين.
وذكرت أن الفريق وثق (نمطًا منتظمًا) من رحلات الشحن بطائرات إليوشن Il-76TD انطلقت من الإمارات باتجاه تشاد، حيث حدّدوا ثلاثة مسارات برية يُحتمل استخدامها في تهريب الأسلحة إلى السودان.
ولفت التقرير إلى أن وتيرة الرحلات الجوية من مطارات في الإمارات إلى تشاد كانت منتظمة لدرجة أنها شكّلت ما وصفه الخبراء بـ(جسر جوي إقليمي جديد).
وأضاف أن هذه الرحلات اتّسمت بظواهر غير اعتيادية، حيث كانت الطائرات تختفي عن الرادارات خلال (مقاطع حاسمة) من رحلاتها، وهو ما أثار (تساؤلات بشأن احتمال تنفيذ عمليات سرية).
وعلى الرغم من ذلك، أكد الخبراء أنهم لم يتمكنوا من تحديد محتويات تلك الرحلات أو تقديم دليل قاطع يُثبت نقلها لأسلحة.
ولم تدرج نتائج التقرير المتعلقة بتلك الرحلات الجوية لم تُدرج في النسخة النهائية المقرر صدورها قريبًا، والتي تتكون من 39 صفحة، ولم تتضمن أية إشارة إلى الإمارات سوى في سياق مشاركتها في محادثات السلام.
وتجئ هذه التساؤلات في وقت شهدت فيه نهاية الأسبوع الماضي موجة عنف دامية ارتكبت خلالها قوات الدعم السريع مجازر بحق أكثر من 200 مدني في مخيمات النازحين حول مدينة الفاشر، آخر معقل رئيسي للجيش السوداني في إقليم دارفور.
وقال الدبلوماسي «سيكون من المخزي ألا يسفر المؤتمر عن نتائج ملموسة لحماية المدنيين في ظل استمرار الإبادة الجماعية».
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في يناير الماضي أن قوات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية في السودان، من جانبها، تؤكد الإمارات التزامها بجلب (السلام الدائم) إلى البلاد.
وفي تحديث صادر في نوفمبر، حدّد خبراء الأمم المتحدة 24 رحلة شحن على الأقل لطائرات Il-76TD هبطت في مطار (أم جرس) في تشاد العام الماضي، في إطار تحقيقاتهم حول تهريب أسلحة محتمل إلى دارفور في انتهاك لحظر الأسلحة المفروض.
وأوضح التقرير أن هذه الرحلات تزامنت مع تصعيد للقتال في مدينة الفاشر، وشهدت تلك الفترة «ارتفاعًا في نشاط الطائرات المسيّرة من قبل قوات الدعم السريع لأغراض قتالية واستخباراتية»، وهو ما وصفه الخبراء بـ”مرحلة تكنولوجية جديدة” في سير العمليات القتالية.
ووفقًا التقرير، فإن بعض الرحلات تعود لشركات طيران مرتبطة سابقًا بـ«الخدمات اللوجستية العسكرية ونقل الأسلحة بطرق غير مشروعة»، وقد تم التحذير من اثنتين منها سابقًا بسبب انتهاك حظر السلاح.
كما وثّق الخبراء (رحلات منتظمة) إلى تشاد من مطاري رأس الخيمة والعين في الإمارات، مع ملاحظات متكررة بشأن اختفاء الطائرات من أنظمة التتبع خلال أجزاء حرجة من الرحلات.
في إحدى الحالات، وصف التقرير رحلة أقلعت من رأس الخيمة، واختفت أثناء الطيران، ثم ظهرت لاحقًا في العاصمة التشادية نجامينا قبل أن تعود إلى أبوظبي.
ورغم كل هذه المؤشرات، شدّد فريق الخبراء على أنهم لم يتمكنوا من إثبات أن الطائرات كانت تنقل أسلحة، قائلين إن «الرحلات افتقرت إلى أدلة بشأن طبيعة الحمولة».
وأضاف التقرير أن أربعة من أصل خمسة خبراء رأوا أن هذه الرحلات «تمثل اتجاهًا جديدًا مهمًا»، إلا أن ما تم التوصل إليه «لم يستوفِ المعايير المطلوبة لإثبات وجود عمليات نقل أسلحة».
أشار سكان مدينة نيالا في جنوب دارفور إلى وجود “نشاط لطائرات شحن”، وعزا بعض المخبرين ذلك إلى عمليات لوجستية لقوات الدعم السريع، لكن التقرير أوضح أن «الأدلة المتقاطعة المطلوبة لتأكيد طبيعة الحمولة كانت غائبة».
وخلص التقرير إلى أن «الاستنتاج بأن هذه الرحلات كانت جزءًا من شبكة لنقل الأسلحة يُعد أمرًا سابقًا لأوانه».
كما أكد أن ارتباط بعض الرحلات وشركات النقل الجوي بتاريخ في الخدمات العسكرية أو انتهاك حظر السلاح «لا يرقى إلى مستوى إثبات نقل أسلحة في الوقت الراهن».
وأشار إلى أن «الأنماط الشاذة في مسارات الطيران، مثل اختفاء الطائرات من الرادارات أو الإقلاع دون تسجيل، تثير القلق، لكنها لا توفر دليلاً موثقًا يربط هذه الرحلات بشكل مباشر بعمليات شحن أسلحة»