تحقيق صحفي: الإمارات متورطة في إعادة تصدير شحنات أسلحة بلغارية للسودان

18 أبريل 2025 – كشف تحقيق نشرته وكالة صحفية فرنسية، الجمعة، عن تورط دولة الإمارات في نقل قذائف «هاون» أوروبية الصنع إلى السودان، منتهكةً حظر تصدير الأسلحة الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على البلد الإفريقي الممزق بالنزاع منذ ما يزيد على عامين.

وكان مجلس الأمن الدولي قد فرض عقوبات على السودان في العام 2004 بموجب القرار 1591 الذي يحظر بيع الأسلحة أو توريدها إلى جميع الأطراف المتحاربة في دارفور، مع فرض عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأصول على من ينتهك هذا القرار. فيما طالب مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس، في سبتمبر الماضي، في كلمة أمام مجلس الأمن، بمراجعة تصدير الأسلحة إلى الإمارات بعد استخدامها بواسطة «الدعم السريع» التي تقاتل الجيش السوداني بأسلحة وصواريخ متطورة.

وقالت وكالة «فرنسية 24» إن فريق تحريرها ومراقبون تمكنوا من الحصول على وثائق حصرية، بينها العقد الذي وصلت بموجبه أسلحة صُنعت في بلغاريا إلى ساحات القتال في السودان. وكشفت الوكالة أن الشركة التي أشرفت على العقد هي شركة «إنترناشيونال غولدن غروب»، وهي شركة إماراتية معروفة بتورطها في نقل أسلحة إلى مناطق تخضع لحظر تصدير أسلحة – بحسب تقرير الوكالة.

واستند التحقيق الذي أجرته الوكالة الفرنسية إلى مقاطع فيديو صوّرها مقاتلون سودانيون توثق غنيمة استولوا عليها بتاريخ 21 نوفمبر 2024، تشمل «قذائف هاون» كانت –وفق تأكيدهم– بحوزة قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني منذ منتصف أبريل 2023.

وبحسب إفادات خبراء في قطاع التسليح لـ«فرانس 24»، فإن شركة «إنترناشيونال غولدن قروب» أسست في سنة 2002، ومنذ العام 2017 تقدم نفسها على أنها المزود الأول للقوات المسلحة ووزارة الداخلية الإماراتية. وبالإضافة إلى ذلك، تعرف بضلوعها في تحويل وجهة الأسلحة إلى مناطق النزاع.

ووصف تقرير الوكالة سمعة شركة «إنترناشيونال غولدن قروب» الإماراتية بأنها «سيئة جدًا»، لافتًا إلى أنها معروفة وسط مصنعي الأسلحة، ولديها سمعة بأنها أشبه بدولة داخل الدولة الإماراتية، إذ يُسمح لها بالتصرف في تدفق الأسلحة بطريقة غامضة – وفق التقرير. وأشار تقرير الوكالة إلى وجود وثائق لأنشطة الشركة «المزعزعة للاستقرار» في تقارير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة بشأن ليبيا، إذ صدرت أسلحة اشترتها الإمارات إلى ليبيا التي تخضع لحظر شامل لتصدير الأسلحة من قبل مجلس الأمن الدولي منذ 2011.

وقال تقرير الوكالة الفرنسية إن اللجنة الوزارية لمراقبة تصدير الأسلحة والهيئة البلغارية المكلفة بمنح تراخيص تصدير الأسلحة، امتنعتا عن مدهم بمزيد من المعلومات بشأن البلد المصدر الأول لـ«قذائف الهاون» من تصنيع شركة «دوناريت Dunarit»، قبل أن يضيف أن مصدرًا –فضّل عدم ذكر هويته– زوّد فريق تحرير الوكالة بنسخة من شهادة التوصيل المذكورة آنفًا. وتتضمن الوثيقة الصادرة في يوم 16 أغسطس 2020 من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة – تتضمن «معلومات قيّمة بشأن عملية التسليم» – طبقًا للتقرير الذي لفت إلى أن الوثيقة تبيّن أن الطرف الأخير المستلم لـ«قنابل الهاون» بلغارية الصنع هو جيش الإمارات العربية المتحدة نفسه.

وذكر التقرير أن فريق تحرير «فرانس 24» تمكن من الحصول على وثيقة مرتبطة بعملية شراء «قذائف هاون» من صنع بلغاريا. وتؤكد هذه الوثيقة الصادرة من الإمارات العربية المتحدة، أن هذا البلد الخليجي تلقى النوع نفسه من «قذائف الهاون» التي ظهرت في مقاطع الفيديو التي التقطت في السودان – وفقًا للتقرير.

تسليم على دفعتين

وكشف التقرير أن الأسلحة تشمل «قنابل هاون من عيار 81 مم شديدة الانفجار»، بالإضافة إلى أنواع أخرى من القذائف. وأشار إلى أن كمية «قذائف الهاون» التي سُلمت «كبيرة جدًا» ويصل عددها إلى 15 ألف قذيفة من عيار 81 مليمترًا، لافتًا إلى أنها مثل تلك التي ظهرت في مقاطع الفيديو التي التقطت في السودان في يوم 21 نوفمبر 2024. كما شملت عملية التسليم أيضًا 2,780 قذيفة من عيار 60 مم، و30 ألف قذيفة من عيار 82 مم، إلى جانب 11,464 قذيفة من عيار 120 مم، وهو «عيار شديد القوة». وقد يبلغ الثمن الإجمالي لهذه الأسلحة 50 مليون يورو – بحسب التقرير الذي ذكر أن هذه الأسلحة سُلمت على دفعتين، الأولى في يناير والثانية في فبراير 2020.

ونبه التقرير إلى أن الجيش الإماراتي يقول إنه المستخدم النهائي لهذه القذائف ويشير إلى شركتين متداخلتين في عملية التسليم، هما شركة إماراتية هي «إنترناشيونال غولدن غروب بي جي إس سي International Golden Group PJSC»، وأخرى بلغارية هي «آرم – بي جي ليميتد ARM–BG LTD». وأشار إلى أنه وفي المحصلة، ذُكرت هاتان الشركتان بالإضافة إلى القيادة العامة للجيش الإماراتي، أما شركة «دوناريت المصنعة» لهذه الأسلحة فلم يُشر إليها.

أبو ظبي لم تبلغنا بإعادة تصدير الأسلحة

ولفت التقرير إلى أن الوثيقة التي صدرت في أكتوبر 2019، تُلزم الجيش الإماراتي «باستخدام الأسلحة للاحتياجات الخاصة بالقوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة»، وبـ«عدم نقلها أو إعادة تصديرها أو إعارتها أو تأجيرها إلى طرف ثالث أو إلى أي بلد دون موافقة السلطات المختصة في بلغاريا».

وأوضح أن اللجنة الوزارية البلغارية أصرت على أنها: «لم تقدم أي ترخيص لتصدير الأسلحة إلى دولة السودان». فيما نقل التقرير عن المدير العام لشركة «دوناريت» البلغارية بيتار بيتروف قوله إن أبو ظبي لم تُبلغهم بإعادة تصدير الأسلحة، وليس لديهم علم بذلك. وتابع: «وفق القواعد المحددة، عندما يقرر المستخدم النهائي إعادة تصديرها، يجب عليه أن يُعلم مسبقًا كل الأطراف المتداخلة في عملية التسليم، أي المصنع واللجان المختصة، وكل الأطراف». «في هذه الحالة، لم يفعلوا ذلك، لا أعلم ما حدث بعد ذلك» – أردف بيتروف بحسب الوكالة.

وأضاف التقرير: «وتصر اللجنة الوزارية لمراقبة التصدير في بلغاريا في عدة مناسبات بأن البلد «يحترم بصرامة كل الالتزامات في مجال مراقبة عمليات التصدير، ويتبع سياسة وطنية مسؤولة».

ومع ذلك أشار التقرير إلى أن هذا النوع من عمليات التسليم لا يتطابق مع ما يتطلبه عمل مجموعة مسلحة كبيرة غير حكومية، مضيفًا: «يمكن القول، بصراحة، إنها كمية ضخمة على مجموعة من هذا النوع». «في المقابل، في حال تعلق الأمر بدولة تعيش نزاعًا مفتوحًا، فإنها كمية محدودة نسبيًا» – أردف التقرير.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع