«خالد عمر» يطرح رؤية لحل الأزمة السودانية «تتجاوز» الماضي والحاضر

12 مايو 2025 – طرح نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي في تحالف صمود، خالد عمر، الإثنين، رؤية تتضمن الإصلاح السياسي وإرساء نظام حكم فيدرالي وإصلاح المؤسسة العسكرية وإقرار منهج للعدالة، لتجاوز ماضي وحاضر هذا البلد الذي تمزقه حرب مدمرة منذ أبريل 2023.

ورأى عمر بأن المستقبل لا يحتمل تلاعبًا بقضية الجيش الواحد المهني القومي، مشددًا على أن القوات المسلحة هي الأساس في ذلك بلا شك، وأضاف «لا أعتقد في صحة الحديث عن هدمها أو استبدالها».

وقال عمر في مقال نشره اليوم إن «طريقنا إلى مستقبل أفضل لا يمر عبر سجون الماضي أو الحاضر»، مضيفًا أن «السلام الحقيقي سيأتي حينما نفكر في المستقبل لا حين نغرق في الماضي أو الحاضر».

كما دعا عمر إلى (تصحيح النقاش) حول حرب 15 أبريل والتي قال إن الناس انقسموا فيها بشكل عميق على أسس عديدة، ما تسبب في ضياع «فضيلة الحوار الموضوعي بين الرأي والرأي المضاد».

في وقت أشاد عمر بما أسماه تصاعد الأصوات الداعية للتفكير في بدائل سلمية للصراع، عوضًا عن الاستمرار في النفخ في نار الحرب، على حد تعبيره.

وقال «بعد أكثر من عامين ذاق فيهما أهل السودان كل أشكال العذاب، فقد أضحى واضحًا صعوبة إنهاء هذا النزاع عسكريًا إضافة إلى الكلفة الباهظة التي تدفعها البلاد وشعبها جراء استمرار الحرب»، مضيفًا أن «أقصر الطرق وأكثرها جدوى حقيقة هو الحل السلمي التفاوضي اليوم قبل الغد».

بعدان للحرب

أشار عمر إلى أن الحرب في السودان لديها بعدين داخلي وخارجي لا يمكن أن تخطئهما العين، لافتًا إلى أن البعد الداخلي بين السودانيين أنفسهم، فيما وصف البعد الخارجي بأنه متشابك للغاية ويتزايد يومًا بعد يوم.

وتابع «المنهج الأوفق للوصول لحل مستدام هو حل الأزمة الداخلية بين السودانيين أنفسهم أولًا، وتوافقهم على عقد اجتماعي يضمن تعايشهم المشترك دون حروب أو قتال، ومن ثم مخاطبة البعد الخارجي للصراع بصورة موضوعية تجعل السودان آمنًا في ذاته ومتصالحًا مع محيطه الإقليمي والدولي وفق أسس عادلة ومنصفة».

وأكد أن غالبية السودانين لا يريدون الحرب، وقال «حتى من يساند منهم أي طرف من الأطراف تراه أحيانًا يتخوف من سلام لن يؤمن حياته وماله وعرضه وحريته».

وأردف «هي مخاوف متفهمة للغاية ومخاطبتها تأني عبر الحديث عن السلام الذي يريده كل منا، ونقاشه بعقول وقلوب مفتوحة حتى يتوافق الناس على أفضل الصيغ لإنهاء الحرب».

وعزا عمر جزءًا من الصراع في السودان إلى كونه بلد رسم حدوده المستعمر، ولم يُستشر أهله في هذه الحدود، موضحًا أن هذه الوضعية خلقت وحدة متنازع عليها أدت في نهاية المطاف لتقسيم السودان، ولا زال خطر التقسيم ماثلًا.

وشدد قائلًا «لا أعتقد بأن النموذج السابق سيصلح مرة أخرى».

حوار عميق

أوضح نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني أن الحل يتمثل في الحوار العميق بين السودانيين بمختلف أقاليمهم حول صيغة فيدرالية حقيقية تمنح كل أقليم صلاحيات حكم ذاته عبر أهله والاستفادة من ثرواته وضمانات حمايته في إطار وحدة متراضى عليها.

ووصف هذه الخطوة بأنها ستكون مدخلًا مهمًا ليطمئن كافة الناس حول أن المستقبل لن يكون كما كان الماضي والحاضر الذي نعيشه.

وحدة الجيش وتعبيره عن التعدد

بالنسبة لقضية المؤسسة الأمنية والعسكرية قال إنها قضية مفتاحية في الوصول لسلام مستدام.

ورأى أن الجيش السوداني تعرض لصنوف من التشويه في تاريخه عبر الاختراق الحزبي، وثقافة الانقلابات، وصناعة المليشيات والجيوش الموازية.

وتابع «كانت سنوات نظام المؤتمر الوطني هي الأسوأ، وما نعيشه اليوم هو حصاد ذلك التدمير الممنهج الذي اتبعه نظام البشير».

ومضى قائلًا «المستقبل لا يحتمل تلاعبًا في قضية الجيش الواحد المهني القومي، والقوات المسلحة هي الأساس في ذلك بلا شك، فلا أعتقد في صحة الحديث عن هدمها أو استبدالها، إنما المطلوب هو أن تبنى على أساس يضمن وحدة الجيش، وتعبيره عن تعدد وتنوع السودان».

كما دعا إلى بعده الكامل عن السياسة وإنهاء أي وجود حزبي داخله، واحتكار السلاح بصورة كاملة وعدم السماح بوجود أي تشكيلات مسلحة خارجها، واقتصار نشاطها الاقتصادي في الصناعات العسكرية ومتعلقاتها.

وأكد قائلًا «هذه الإجراءات يجب أن تشمل كذلك جهازي المخابرات والشرطة بذات المنهج مع تحديد الاختصاصات والصلاحيات. هنالك تجارب عالمية كثيرة يمكن أن نستهدي بها للوصول لهذه الغايات دون موت أو قتال».

سلام مستدام وإصلاح سياسي

فيما يتعلق بتحقيق سلام مستدام، رأى عمر أنه لا يمكن الوصول إليه بدون إقرار منهج واضح للعدالة، يكشف الجرائم وينصف الضحايا ويحاسب المنتهكين ويجبر الضرر.

وقال «الخطوة الأولى نحو التعافي الوطني تمر عبر بوابة الإنصاف وليس التناسي، ولدينا في تجارب مجتمعاتنا والإقليم من حولنا ما يمكن أن نستزيد منه لتحقيق ذلك».

سياسيًا، وصف عمر عملية الإصلاح السياسي بالواجب الملح، مشيرًا إلى أنه يتطلب تكوينات منظمة تلتزم بقواعد القانون والتداول السلمي للسلطة، والشفافية والمحاسبية في مصادر التمويل والصرف، وكيفية تعبيرها عن تنوع السودان وتعدده.

كذلك أكد عمر على أن يكون أمر حكم الناس متروكاً بالكامل لهم، عبر دستور يعبر عن إرادة الشعب، ومؤسسات تضمن التعبير عن أصوات الناس وحاجياتهم لا اهتمامات النخب فحسب.

ونوه عمر إلى أن إعادة الإعمار يجب أن تكون في إطار مشروع قومي تنموي يصحح ما وصفها بخطايا الماضي، ويعظم من بنية الإنتاج المحلي والتكامل الاقتصادي والتقني مع محيطنا العالمي.

عمر دعا كذلك إلى حل حقيقي وجذري لقضية الدين والدولة التي قال إنها أرقت منام البلاد لسنين طويلة وأدخلتها في صراعات ومشاريع أيديولوجية كلفتها وحدتها في نهاية المطاف.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع