18 يونيو 2025 – قالت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان إن النزاع الأهلي في البلد لا يقترب من نهايته، مشيرة إلى أن معاناة المدنيين تتفاقم يومًا بعد يوم في ظل تفكك الحكم، وعسكرة المجتمع، وتدخل جهات أجنبية.
وفي أكتوبر 2023 اعتمد مجلس حقوق الإنسان، قرارًا بتشكيل بعثة أممية لتقصي الحقائق في الانتهاكات الجسيمة التي وقعت في السودان منذ اندلاع الحرب.
وأكدت البعثة، في تقرير قُدم الثلاثاء إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف، أنها جمعت أدلة على ارتكاب جرائم دولية تلطخ سمعة جميع المتورطين فيها.
وأوضح التقرير أن ما بدأ كأزمة سياسية قد تحول إلى حالة طوارئ حقوقية كبرى تدخل عامها الثالث دون أي بوادر لحل قريب.
وجددت البعثة دعوتها إلى المجتمع الدولي بفرض حظر شامل على توريد الأسلحة إلى السودان، وضمان ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة.
وأشارت إلى توثيقها تصاعد استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية، وارتفاعًا مقلقًا في العنف الجنسي، وحصارًا ممنهجًا للمرافق الطبية، إضافة إلى استخدام المساعدات كسلاح حرب.
انتهاكات واسعة: قتل واغتصاب وتجويع
وقال رئيس البعثة، محمد شاندي عثمان، إن السودان يشهد أزمة دموية تتغذى يومًا بعد يوم في ظل غياب الإرادة السياسية، مشيرًا إلى أن البعثة «جمعت أدلة وملفات عن الجناة المحتملين» وتعاونت بشكل سري مع جهات قضائية دولية.
من جانبها، قالت عضوة البعثة، منى رشماوي، إن ما بدأ كأزمة سياسية وأمنية أصبح الآن حالة طوارئ خطيرة على مستوى حقوق الإنسان، لافتة إلى أن الانتهاكات المرتكبة تلطخ سمعة جميع المتورطين فيها،فيما يستمر المدنيون في دفع الثمن الأكبر، خاصة النساء والأطفال.
وأشار التقرير إلى أن الحرب – التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسفرت عن مقتل الآلاف، ونزوح أكثر من 13 مليون شخص داخل السودان وخارجه، في ظل تدمير واسع للبنية التحتية والأسواق والمرافق الصحية.
مجازر في دارفور وأم درمان
وأوضحت البعثة أنها وثقت تصاعدًا في استهداف المدنيين في مدينة الفاشر، من اعتقالات وقتل إلى حرق قرى ونهب ممتلكات على يد قوات الدعم السريع.
وواصلت «خلال هجوم بين 10 و13 أبريل على محيط المدينة، قُتل أكثر من 100 مدني، بينما قُتل 15 آخرون في قصف على الكومة. كما ارتكبت قوات الدعم السريع مجزرة في حي الصالحة بأم درمان يوم 27 أبريل، راح ضحيتها 30 مدنيًا».
وفي مناطق أخرى خاضعة لسيطرة الجيش، مثل الخرطوم وسنار والجزيرة، قالت البعثة إنها وثقت انتهاكات انتقامية واسعة النطاق، استهدفت مدنيين يُشتبه في دعمهم للدعم السريع، بينهم أطباء وعمال إغاثة ونشطاء، تعرّض بعضهم للتعذيب والإعدام.
المستشفيات تحت النار والمساعدات تُستخدم كسلاح
أيضًا حذرت البعثة من أن الأطراف المتحاربة تُحول المساعدات الإنسانية إلى أداة للضغط والتجويع، لافتة إلى أن الجيش فرض قيودًا وصفتها بالـبيروقراطية على توصيلها، بينما نهبت قوات الدعم السريع القوافل ومنعتها من الوصول للمتضررين.
وفي 2 يونيو، قُتل خمسة موظفين في قصف على قافلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة بالكومة، كما تعرض المستشفى السعودي في الفاشر لقصف متكرر من قبل الدعم السريع، فيما استهدفت طائرة مسيرة تابعة لهم مستشفى الأبيض الدولي في شمال كردفان، ما أدى إلى مقتل ستة مدنيين وإغلاق آخر عيادة نشطة في المنطقة.
عنف جنسي واسع النطاق
كذلك قال التقرير إن النساء والفتيات، لا سيما في مناطق النزوح، يتعرضن لأشكال مروعة من العنف الجنسي تشمل الاغتصاب الجماعي، والزواج القسري، والاستعباد الجنسي، في ظل غياب شبه تام للحماية، وخصوصًا في المخيمات الخاضعة لسيطرة الدعم السريع.
وأكدت خبيرة البعثة، جوي نغوزي إزييلو، أن المساءلة ليست ترفًا بل ضرورة لتحقيق سلام دائم،محذرةً من أن غياب المحاسبة هو أحد الأسباب الجذرية لاستمرار النزاع في السودان.