1 أغسطس 2025 – قال الخبير السوداني في القانون الدولي، محمد عبد السلام، إن الاعتراف الدولي بالحكومات لا يتم إلا استنادًا إلى معايير محددة، تشمل «احترام حقوق الإنسان، والقدرة على حفظ الأمن، والاعتراف بحقوق الأقليات»، موضحًا أن الاعتراف يرتبط بمسألتين في القانون الدولي هما: «الاعتراف بالدولة، والاعتراف بالحكومة».
والسبت الماضي أعلن تحالف السودان التأسيسي «تأسيس» بقيادة قوات الدعم السريع، تشكيل حكومة موازية في غرب البلاد.
وأوضح عبد السلام خلال ندوة نظمها تحالف «المدافعين عن حقوق الإنسان في السودان» على الإنترنت يوم الخميس بمشاركة قانونيين وصحفيين وممثلي منظمات مجتمع مدني، أن الوثائق الصادرة عن كيانات غير معترف بها لا تُعد قانونية في المحافل الدولية.
وفي مقارنة قانونية، أشار عبد السلام إلى تجارب مثل (صوماليلاند)، و(الصحراء الغربية) وغيرها، وهي كيانات انفصلت عن دولها لكنها لم تحصل على اعتراف دولي واسع، مما جعل الوثائق الصادرة عنها عديمة الأثر القانوني خارج نطاق سيطرتها.
وحذّر عبد السلام من أن البلاد تواجه خطر «الانقسام الفعلي» مع تصاعد الصراع المسلح وغياب السيطرة الموحدة للدولة مما ينذر بالانهيار.
ولفت إلى أن من يمتلك السجل المدني حاليًا هي الحكومة في بورتسودان، ما يعني أن المواطنين في مناطق النزاع – مثل دارفور وكردفان – سيواجهون صعوبات متزايدة في الحصول على الوثائق والخدمات بناء على اتهامهم بأنهم حواضن الدعم السريع.
وكانت قيادات من تحالف «تأسيس»، قد تحدثت في تصريحات عن نية الحكومة الموازية إنشاء سجل مدني خاص بها وطباعة وثائق ثبوتية وجوازات سفر، في ظل ما وصفوه بـ«حرمان المواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع من الحصول على وثائق من بورتسودان».
بيع الوهم
وحول هذه الخطوات، أشار عبد السلام إلى أنها تصطدم بالإطار القانوني الدولي، الذي يُلزم أن تصدر الوثائق من سلطة معترف بها حتى تكتسب القوة القانونية.
وقال: «حتى الآن، لا توجد دولة واحدة اعترفت بتأسيس كحكومة شرعية أو منحتها حق التصرف الدبلوماسي»، مشددًا على ضرورة توخي الحذر من «بيع الوهم بشأن صلاحية الوثائق الصادرة من كيانات لا تحظى باعتراف دولي».
تقييد حرية الحركة
داخليًا، أوضح عبد السلام أن العبور وحرية الحركة بين مناطق السيطرة المختلفة أصبحت مصطدمة بقيود قانونية وأمنية، على رأسها قوانين الأمن الوطني، والتي تسمح بإيقاف الأشخاص الذين لا يحملون أوراقًا ثبوتية.
وأضاف «إذا لم يستطع الشخص إثبات وضعه القانوني، فلن يتمكن من الحصول على وثيقة رسمية»، مشيرًا إلى أن هذا الوضع يسهم في تكريس التمييز القائم على الهوية.
وأشار إلى أن إثبات الهوية في الظروف الراهنة «سيفتح الباب أمام تمييز على أساس الهوية، وهي مسألة محرمة قانونًا لكنها تواجه غيابًا فعليًا للسيادة وانعدام حلول قانونية في الوقت الحالي».
وكان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، قد أصدر بيانًا الثلاثاء أدان فيه بشدة إعلان حكومة موازية في السودان، واعتبر أن الخطوة تهدد وحدة البلاد وسلامتها الإقليمية.
ودعا المجلس جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف أو دعم الكيان الجديد.