Day: August 10, 2025

السودان: الإمارات تعلن «تجديد دعوتها» لإنهاء الصراع بعد أيام من إجراءات اقتصادية مشددة

10 أغسطس 2025 – أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، الأحد، تجديد دعوتها لإنهاء الصراع في السودان، وذلك بعد أيام من اتخاذها إجراءات اقتصادية مشددة ضد السودان بما في ذلك منعها هبوط الطائرات السودانية في مطاراتها.

والأسبوع الماضي احتدم الصراع بين السودان والإمارات على خلفية اتهامات جديدة من الخرطوم لأبوظبي بتمويل مشاركة مرتزقة كولومبيين ومن دول الجوار لصالح قوات الدعم السريع.

وفي مايو الماضي، وعقب هجمات جوية مدمرة على عاصمة البلاد المؤقتة بورتسودان، قطع السودان العلاقات مع الإمارات.

وأكدت دولة الإمارات وفقًا لوكالة الأنباء الرسمية «وام»، أنها تجدد «موقفها الراسخ المتمثل في دعم الشعب السوداني في سعيه نحو تحقيق السلام والاستقرار وضمان مستقبل كريم له».

وشددت دولة الإمارات على «التزامها بدعم عملية يقودها المدنيون وتضع احتياجات الشعب السوداني فوق مصالح أي طرف»، حسبما ذكرت «وام».

واتهمت الإمارات الحكومة السودانية بأنها تعمل على تقويض الجهود الرامية إلى إنهاء النزاع واستعادة الاستقرار.

كما اتهمتها بتصعيد «الادعاءات الزائفة ضمن حملة ممنهجة»، مشيرة إلى أنها تمثل «جزءًا من نهج مقصود للتهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين، والتنصل من تبعات أفعالهم، بهدف إطالة أمد الحرب وعرقلة أي مسار حقيقي للسلام».

ورغم النفي المشدد لأبوظبي لدعمها أي من طرفي الصراع في السودان، إلا أن تقارير صحفية وأممية موثقة أكدت دعم الإمارات لقوات الدعم السريع.

«محامو الطوارئ» تحمل الجيش مسؤولية مقتل أربعة مدنيين في سنار على يد «مستنفر»

10 أغسطس 2025 – حمّلت مجموعة محامو الطوارئ الحقوقية، الأحد، الجيش السوداني مسؤولية قتل مسلح «مستنفر» أربعة مدنيين في ولاية سنار جنوب شرقي البلاد، قبل أن تطالبه بفتح تحقيق عاجل حول الحادثة.

ويقاتل عشرات الآلاف من المستنفرين إلى جانب الجيش السوداني في مناطق البلاد المختلفة بناء على نداء أطلقه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الأشهر الأولى للحرب.

وقال محامو الطوارئ في بيان، إن مسلحًا «مستنفر» يتبع للجيش اغتال أربعة مدنيين في قرية القربين بمحلية الدالي والمزموم بولاية سنار يوم الثلاثاء.

وأشار البيان إلى أن «الجريمة المروعة» وقعت بالقرب من مركز الشرطة والاستخبارات العسكرية، «مما يثير تساؤلات جدية حول تورط بعض عناصر الأجهزة الأمنية ويكشف عن ضعف الرقابة وغياب المساءلة».

وأوضح البيان أنه تم توثيق عشرات الحوادث المماثلة لجرائم قتل نفذها مستنفرون في مناطق متعددة ما يعكس نمطًا مقلقًا من الانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين تحت مظلة التسليح غير المنضبط.

وأكد البيان أن هذا الحادث يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني والقوانين الوطنية التي تحمي المدنيين وحقهم في الحياة والسلامة الشخصية.

وأضاف «كما يعكس الخطر المتزايد لانتشار السلاح وتسليح المدنيين في السودان حيث تحولت الأسلحة من أدوات دفاعية محصورة في أيدي القوات النظامية إلى وسائل تمكين تُستخدمها جماعات مسلحة خارج إطار القانون».

ورأى أن هذا الأمر يؤدي إلى تصاعد النزاعات الداخلية وزيادة حدة الصراعات القبلية ويفاقم حالة اللااستقرار الأمني في مناطق واسعة من البلاد، مدينًا بشدة هذه الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها المستنفرون المسلحون.

وتابع البيان «بما أن الجيش هو المسؤول المباشر عن تسليح هؤلاء المدنيين وتجنيدهم؛ فإننا نؤكد أن هذا الأمر يعد إخلالًا جسيمًا بالمسؤوليات القانونية والأخلاقية».

وطالب محامو الطوارئ الجيش بتحمل مسؤولياته الكاملة في التحقيق العاجل والمحاسبة الصارمة لجميع المتورطين، سواء من نفذ هذه الجرائم؛ أو من سمح بها من خلال عمليات التسليح غير المنضبطة.

كما دعا البيان مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمقرر الخاص إلى متابعة هذه الانتهاكات عن كثب والضغط على السلطات السودانية لضمان حماية المدنيين، واحترام حقوق الإنسان وتفعيل آليات العدالة والمساءلة.

قدور خامدة ومواقد مطفأة في الفاشر المحاصرة وسط أزمة جوع معلنة

10 أغسطس 2025 – كانت أصوات الملاعق وهي تضرب باطن القدور الكبيرة في المطابخ المجتمعية «التكايا» بمثابة موسيقى الحياة في الفاشر. هناك، حيث يتجمع الأطفال قبل الظهر، ويمتد صف النساء وهن يحملن الأواني، كانت رائحة العدس أو العصيدة الساخنة كافية لبث الأمل في يوم آخر من النجاة في المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام وتواجه أزمة جوع حادة منذ أشهر. لكن منذ أيام خفتت معظم الأصوات، وأُطفئت المواقد، إلا من مطبخ واحد، «مطبخ الخير» في حي أبو شوك الدرجة الأولى، يقاوم على أمل أن يصمد أكثر.

منذ 10 مايو 2024 تحاصر قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني عاصمة شمال دارفور، الفاشر، في محاولة لإسقاطها باعتبارها آخر مدينة كبرى في دارفور في يد الجيش.

خلّف الحصار أزمة إنسانية تضاعفت في 13 أبريل الماضي بتكثيف الدعم السريع هجماتها علي معسكرات النازحين في أبو شوك وزمزم واقتحامها، بالإضافة إلى عشرات القرى حول الفاشر مما خلف ما يزيد عن 400 قتيل بينهم ما لا يقل عن 11 عامل إغاثة وخلقت هذه الهجمات موجات نزوح وفرار نحو محليات أخرى وإلى داخل عاصمة شمال دارفور، مما ضاعف الضغط على المطابخ.

ورغم أن الأحداث العسكرية الجارية في الفاشر صاحبتها إدانات أممية ودولية واقليمية واسعة وتحذيرات من استمرار الحصار والقتال إلا أنها لم تجد أذنًا صاغية حتى اللحظة فيما توقفت المساعدات الإنسانية من المنظمات الدولية بسبب الوضع الأمني.

أيضًا صاحب التعنت في استمرار الحصار تجاهل لطلب أممي من الأمم المتحدة في يونيو الماضي بفتح مسار لإدخال المساعدات الإنسانية مما رمى مزيدًا من الأعباء على عاتق القائمين على التكايا والمتبرعين من أهالي الفاشر والسودان لاعتماد المواطنين عليها كليًا، خاصة مع إغلاق غالبية الأسواق واستمرار غلاء السلع.

الوضع لم يقف عند ذلك فقط فقد حرقت عمدًا إحدى أكبر القوافل الإنسانية مكونة من 15 شاحنة في يونيو الماضي حينما كانت في طريقها إلى الفاشر محملة بشحنة مساعدات غذائية وطبية في يونيو الماضي قادمة من بورتسودان بعد اعتراضها وحجزها في منطقة الكومة فيما تبادل طرفا القتال الاتهامات بشأن المسؤول عن الهجوم.

وبعد أشهر من صمود الفاشر في وجه التجويع الذي اتخذته قوات الدعم السريع كسلاح في المنطقة، أعلنت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر يوم السبت عن توقف تكية الفاشر وتوقفها عن استقبال التبرعات مؤقتًا نظرًا لإنعدام السلع الأساسية، مشيرةً إلى أن التوقف إلى حين التمكن من توفير سلع لازمة وناشدت بإيقاف الجوع والحصار وارسال الغذاء والدواء جوا.

المطبخ الأخير

محمد الرفاعي المشرف على مطبخ الخير بالفاشر وهو المطبخ الأخير الذي يعمل حاليًا بشكل متواضع لإنقاذ ما تبقى، يقول لـ«بيم ريبورتس» بصوت متعب: «السلع غير موجودة وحتى البسيطة منها أصبحت معدومة، البصل معدوم، الأرز إن وجد الكيلو منه بتسعين ألف، وعبوة الزيت الكبيرة بمليار و850 مليون، والسكر معدوم».

ويوضح الرفاعي أن أسواق الفاشر اليوم تشبه مخازن خاوية، ويقول: «آخر كيلوجرام سكر بيع قبل يومين بعد صف طويل، وحتى الأمباز – الذي كان غذاء الطوارئ – أصبح نادرًا وارتفع سعره أكثر من خمسة أضعاف. اللحوم اختفت، الماشية استهلكت حتى آخر رأس، وكيلوجرام اللحم إن وجد صار بمائة ألف جنيه سوداني.

ويشير الرفاعي إلى أن معظم ما يتداوله التجار الآن مصدره المؤن التي خبأها نازحون قدموا إلى الفاشر من حوالي 35 قرية حولها قبل أن ينزحوا مرة ثانية إلى خارج المدينة.

ويذكر أنهم بعضهم طرح هذه السلع المخزنة للبيع عبر أقاربهم الموجودين في الفاشر بعد نداءات من أئمة المساجد وحملات على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب ببيع السلع المخزنة لتتمكن التكايا من مواصلة العمل في ظل توقف الأسواق إلا سوق واحد تحفظ الرفاعي عن ذكره لأسباب أمنية خوفًا من قصفه.

لكن هذه المخزونات تقترب من النفاد، بحسب الرفاعي، ومعها تتوقف محاولات التهريب الفردية التي كان يقوم بها بعض الشباب الذين يقطعون مسافات طويلة على الأقدام من مناطق مثل مليط، قرني، زمزم، طويلة، وحلة شيخ إلى حاملين علي ظهورهم مؤن بسيطة.

يشير الرفاعي أيضًا إلى احتمالية انتقال الوضع للأسوأ وينوه إلى أن 3522 شخص نازح في الفاشر يواجهون الجوع ما لم تتوفر السلع في الفاشر، كما يلفت إلى أن أعداد سكان الفاشر المقيمين أكبر من المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، لافتاً أن سكان الفاشر لم ينزحوا منها بل النازحين هم الذين كانو قد قدموا من مناطق أخرى إلى الفاشر.

وراء هذه الأرقام والبيانات أيضًا مشاهد يصعب احتمالها: أطفال برؤوس كبيرة وأجساد هزيلة بفعل سوء التغذية، وسوق ومخازن خالية وأسر تعيش على وجبات عبارة عن 15 كيلو من الحبوب والمعكرونة أو أمباز يحاول الواقفين علي التكايا خلطه مع لبن أو كاسترد لجعل مزاقه مستساقاً.

«نناشد بالدعم.. ثم الدعم»، يكرر الرفاعي، مؤكدًا أن وكالات الأمم المتحدة هي الأمل الوحيد الآن، لكنه يوضح أن إيصال المساعدات مرهون بموافقة أطراف النزاع، وموسم الأمطار في دارفور يجعل الطرق طينية ولا تسمح بمرور القواقل البرية ولذا يرى أن الحل الوحيد في الإسقاط الجوي.

وبينما ينتظر الجميع لقمة تخمد جوعهم يواصل مطبخ الخير إطعام من يستطيع، مدركًا أن اللحظة التي يخبو فيها آخر موقد، ستكون الفاشر قد دخلت قلب المجاعة.

ويوم الثلاثاء حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، وفق ما أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا، من أن خطر المجاعة يتزايد في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان، وأن «الوقت ينفد».

وأكد فليتشر أن مكتب الأمم المتحدة يواصل الدفع من أجل هدنة إنسانية تسمح بإدخال المساعدات على نطاق واسع، بالإضافة إلى عودة الوجود الكامل للأمم المتحدة في المنطقة.