6 سبتمبر 2025 – رحب التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود)، السبت، بتقرير البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان، والذي صدر بالأمس تحت عنوان «حرب الفظائع»، موثقًا الجرائم التي ارتكبتها الأطراف المتقاتلة في حق المدنيين.
وكان تقرير البعثة الأممية قد اتهم الطرفين المتصارعين في السودان بارتكاب انتهاكات قال إنها «قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، لافتًا إلى أن بعض الأفعال قد تصل إلى مستوى الإبادة الجماعية. وأورد التقرير تفاصيل عن مجزرة معسكر «زمزم» للنازحين جنوب الفاشر في أبريل الماضي، والتي قُتل فيها –بحسبه– ما بين 300 و1,500 مدني، معظمهم من النساء والأطفال. كما وثّق انتهاكات جسيمة، مثل القتل العمد والاغتصاب والاسترقاق والعنف الجنسي، إلى جانب الاضطهاد على أسس عرقية.
وقال تحالف «صمود»، في بيان، اليوم، إن التقرير وثّق، بالتفصيل، ما ارتكبته القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والفصائل المتحالفة معهما من «انتهاكات مروعة استهدفت المدنيين بشكل ممنهج»، مخلفًا ما وصفه بـ«أكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم حاليًا».
ولفت التحالف إلى توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق، قائلًا إنها تشمل: محاسبة الأشخاص والجهات المسؤولة عن الجرائم، والضغط على أطراف النزاع لوقف الحرب فورًا، إلى جانب السماح بوصول المساعدات الإنسانية، وضمان إجراءات فعالة لحماية المدنيين، وفك الحصار عن المناطق الأكثر تضررًا، بالإضافة إلى تمديد ولاية المحكمة الجنائية، وتوسيع حظر السلاح ليشمل جميع أنحاء البلاد. كما شدد التقرير على أهمية مواصلة الجهود من أجل بلوغ «سودان ديمقراطي تعددي يحترم حقوق الإنسان لجميع أهله دون تمييز».
وأكد تحالف «صمود» مساندته الكاملة للتوصيات الواردة في التقرير، داعيًا مجلس حقوق الإنسان، المقرر انعقاده هذا الشهر في جنيف، إلى تمديد عمل البعثة وتبني توصياتها وحث المؤسسات الدولية والإقليمية على دعم عملها وتمكينها من أداء مهامها على الوجه الأمثل.
وكان تقرير البعثة قد كشف أيضًا أن قوات الدعم السريع استخدمت الحصار أداة حرب، عبر استهداف أسواق الغذاء والمراكز الطبية والمخابز ومصادر المياه، مما أدى إلى حرمان السكان من احتياجاتهم الأساسية. كما اتهم الجيش بإنشاء أكثر من 100 مركز اعتقال داخل ثكنات عسكرية. فيما وصف أوضاع المحتجزين لدى «الدعم السريع» بـ«المأساوية»، مشيرًا إلى تعرض كثيرين للتعذيب الشديد والإعدام بإجراءات موجزة، فضلًا عن إجبار بعض الأسر على دفع فدية مقابل الإفراج عن ذويهم.
ووثّق التقرير «أعمال عنف جنسي ممنهجة ارتكبها مقاتلو الدعم السريع»، شملت: الاغتصاب والاستعباد الجنسي والزواج القسري، إلى جانب الاستهداف على أساس الهوية العرقية، قائلًا إن هذه الأعمال طالت نساءً وفتيات، بعضهن لم يتجاوزن الثانية عشرة من العمر، فضلًا عن تورط عناصر من الجيش وقوات متحالفة معه في أعمال عنف جنسي داخل أماكن الاحتجاز.
كما أشار تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى مقتل أكثر من 84 عاملًا في المجال الإنساني ما بين أبريل 2023 وأبريل 2025، واعتقال آخرين تعسفًا، بالإضافة إلى استهداف قوافل الإغاثة وعرقلة وصول المساعدات، في وقت أدى فيه النزاع إلى نزوح أكثر من 12.1 مليون شخص، فيما يعاني أكثر من نصف سكان السودان من انعدام الأمن الغذائي، وسط انهيار شبه كامل للنظام الصحي.
وأكد رئيس البعثة محمد شاندي عثمان أن استهداف المدنيين ومصادر حياتهم «استراتيجيات متعمدة لا أعمالًا عرضية». فيما شددت الخبيرة منى رشماوي على أن التقرير لا يكتفي بتوثيق الفظائع، بل يقدم «خارطة طريق لتحقيق العدالة»، داعية إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية وإنشاء آلية قضائية مستقلة وتفعيل الولاية القضائية العالمية لمحاسبة المسؤولين.