7 سبتمبر 2025 – اتهم السودان دولة الإمارات مجددًا بالوقوف وراء الحرب الدائرة في البلاد، واصفًا أبوظبي بأنها «المهندس المباشر» لمأساة السودان، ومؤكدًا أن ما يجري هو «عدوان خارجي بالوكالة» تموله وتديره الإمارات.
وطالب السودان مجلس الأمن بالتحقيق العاجل، وإدانة أبوظبي، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، إضافة إلى تصنيف قوات الدعم السريع جماعة إرهابية، وتعميم رسالته وملحقاتها كوثيقة رسمية من وثائق المجلس.
ونشرت وكالة السودان للأنباء «سونا»، اليوم، تفاصيل شكوى جديدة تقدم بها السودان إلى مجلس الأمن عبر بعثته الدائمة لدى الأمم المتحدة، تضمنت أدلة موسعة على تورط الإمارات في الحرب بالبلاد، من خلال تجنيد ونقل مئات المرتزقة الكولومبيين للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع وتمويل عملياتهم العسكرية.
وقالت سونا إن مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، بعث برسالة إلى رئيس مجلس الأمن كيم سانغجين، أوضح فيها أن التدخل الإماراتي أطال أمد الحرب ودمر البنية التحتية الحيوية وألحق معاناة لا توصف بالمدنيين.
وأضاف أن ذلك يشكل انتهاكًا جسيمًا لسيادة السودان، وخرقًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، إلى جانب مخالفته للقرارات الملزمة الصادرة عن المجلس، وعلى رأسها القرار 1591 (2005) والقرار 2736 (2024). كما اعتبر أن التدخل الإماراتي يمثل تهديدًا مباشرًا للسلام والأمن الإقليميين.
شبكات تجنيد عبر الإمارات
وأشارت الوثيقة إلى أن الحكومة السودانية جمعت أدلة واسعة تُظهر أن ما بين 350 و380 مرتزقًا كولومبيًا، معظمهم من جنود وضباط متقاعدين في الجيش الكولومبي، جرى تجنيدهم عبر شركات أمنية خاصة مقرها الإمارات.
وأوردت الشكوى أسماء هذه الشركات الأمنية الخاصة التي يقع مقرها في الإمارات لافتةً إلى أنها لعبت دورًا رئيسيًا في تجنيد المرتزقة الكولومبيين، من بينها مجموعة الخدمات الأمنية العالمية (GSSG) التي يترأسها الإماراتي محمد حمدان الزعابي ومقرها أبوظبي، ووكالة الخدمات الدولية (A4SI) التي أسسها العقيد الكولومبي المتقاعد ألفارو كويخانو وتعمل من مدينة العين الإماراتية.
وبحسب الرسالة، فإن هذه الشركات تعاقدت مع المرتزقة تحت غطاء تقديم «خدمات أمن وحماية»، غير أن الغرض الحقيقي كان نقلهم إلى السودان للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع ضمن ما يسمى «تشكيل ذئاب الصحراء».
وأوضحت الشكوى أن «المرتزقة» نُقلوا جوًا من الإمارات إلى بوصاصو في الصومال، ثم إلى بنغازي بليبيا تحت إشراف ضباط موالين للجنرال خليفة حفتر، ومن هناك جرى إدخالهم عبر الصحراء مرورًا بتشاد وصولًا إلى السودان.
وبحسب الوثيقة، جرى بين نوفمبر 2024 وفبراير 2025 تشغيل ما لا يقل عن 248 رحلة جوية، بلغ مجموع ساعات طيرانها 15,268 ساعة، عبر طائرات مستأجرة من الإمارات، استُخدمت لتهريب المرتزقة والأسلحة والمعدات العسكرية إلى السودان، خصوصًا إلى مدن نيالا والفاشر وحمرة الشيخ.
وأضافت أن أول دفعة من 172 مرتزقًا كولومبيًا وصلت إلى الفاشر في نوفمبر 2024، تلتها دفعات أخرى.
وأردفت «كان انتشارهم مركزًا بشكل خاص في دارفور حيث شاركوا في حصار مدينة الفاشر. كما انتشروا في جبهات أخرى شملت الخرطوم، أم درمان، الجزيرة، النيل الأبيض، سنار، النيل الأزرق، وكردفان».
وذكرت الشكوى أن المرتزقة الكولومبيين لم يقتصر دورهم على القتال المباشر، بل تولوا تشغيل طائرات الدرون، والمدفعية، والمركبات المدرعة، والمشاركة في الهجمات ضد القوات المسلحة السودانية والمدنيين.
انتهاكات موثقة
وتحدثت الشكوى عن توثيق سلسلة انتهاكات «فظيعة» ارتكبها المرتزقة بالتنسيق مع قوات الدعم السريع، شملت القتل خارج القانون الذي أدى إلى مقتل 73 مدنيًا بين 22 يناير و1 فبراير 2025 وتدمير 115 مبنى مدني، إلى جانب تجنيد الأطفال عبر إشراف مباشر على تدريبهم على السلاح والقتال.
وتضمنت الأدلة أيضًا استخدام أسلحة محظورة، بينها الفوسفور الأبيض، استنادًا إلى وثيقة عمليات مؤرخة في 1 ديسمبر 2024 حددت استهداف مناطق مدنية بهذه المادة، فضلًا عن نهب الموارد الطبيعية مثل الذهب والماشية والصمغ العربي وتهريبها عبر شبكات مرتبطة بالإمارات.
كما كشفت الوثيقة أن السلطات السودانية حصلت على خطة مفصلة لوحدة «ذئاب الصحراء» بشأن حصار الفاشر، تضمنت خرائط وإحداثيات دقيقة لمواقع القوات المسلحة السودانية.
وشددت الوثيقة على أن هذه الأفعال تمثل خرقًا صريحًا للقانون الدولي، بما يشمل اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لمناهضة الارتزاق (1989)، والبروتوكول الإضافي الأول (1977) لاتفاقيات جنيف، واتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن مكافحة الارتزاق (1977)، إضافة إلى مخالفتها للقانون الدولي العرفي.
كما لفتت إلى أن تحفظ الإمارات عند انضمامها لاتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية يعكس نيتها في الإفلات من المساءلة. واعتبرت أن المرتزقة الذين دفعت بهم أبوظبي إلى السودان يمثلون أدوات في حرب بالوكالة.
وأكدت الشكوى على أن الحرب الدائرة في السودان ليست صراعًا داخليًا كما يُروج له، وإنما حرب عدوانية أجنبية تمولها وتديرها الإمارات بصورة مباشرة. وقالت إن هذه الأفعال تجعل أبوظبي مسؤولة قانونيًا عن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بحق الشعب السوداني.
وطالبت الخرطوم مجلس الأمن بالتحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات، وإدانة الإمارات، ومحاسبة الجناة، وفضح ما وصفته بالجرائم الموثقة ضد المدنيين السودانيين.