
تقرير: مراكز الاعتقال في ولاية الجزيرة تشهد انتهاكات جسيمة وتعذيبًا ممنهجًا
15 سبتمبر 2025 – قال مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان في تقرير حديث، الإثنين، إن معتقلين في مراكز الاحتجاز بولاية الجزيرة وسط السودان يعيشون أوضاعًا مأساوية منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 وحتى سبتمبر الحالي.
يُذكر أن المرصد قد تم تكوينه عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني في ديسمبر 2024، وهذا هو التقرير الثاني له بعد أن رفع في وقت سابق مذكرة بخصوص ما وصفه بـالإبادة الجماعية التي جرت في منطقة الهلالية شرق الجزيرة.
ويعمل المرصد بالتنسيق مع بعثات حقوقية دولية والمقررين الخاصين المعنيين بالانتهاكات، مركزًا على توثيق انتهاكات حرب 15 أبريل في مناطق النزاع عامة، مع خصوصية واضحة لولاية الجزيرة، كما يضم مدافعين عن حقوق الإنسان من خلفيات مهنية مختلفة.
وقال المركز إنه رصد انتشار مراكز الاعتقال في محليات المناقل، ود مدني، الحصاحيصا، وشرق الجزيرة «رفاعة»، مع تصاعد الانتهاكات على يد جهات أمنية وعسكرية متعددة، حيث ينفي الجيش والقوات المتحالفة هذه الاتهامات.
وبحسب التقرير، شملت الجهات المسؤولة عن الاعتقالات والانتهاكات كلًا من الخلية الأمنية، الاستخبارات العسكرية، القوة المشتركة، قوات درع السودان، ومجموعة تطلق على نفسها «البراؤون».
وأوضح المرصد أن هذه الانتهاكات تضمنت التعذيب القاسي، المعاملة المهينة، الاحتجاز في ظروف غير إنسانية، والحرمان من الحق في المحاكمة العادلة.
في معتقل مصنع سور بمدينة الحصاحيصا، وثق المرصد احتجاز أكثر من 230 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، دون فصلهم عن البالغين، بينما رُصد في مدينة رفاعة احتجاز أكثر من 70 شخصًا داخل غرفة ضيقة بمساحة 6×8 أمتار، حيث تعرضوا للتجويع والضرب المستمر. كما سجلت معتقلات المناقل عمليات تصفية جسدية ودفن ضحايا التعذيب في مقابر مخصصة بحسب المرصد.
وأشار التقرير إلى أن مدينة ود مدني هي الأكثر تضررًا من حيث عدد المعتقلين، حيث تجاوزت حالات الاعتقال ثلاثة آلاف، معظمهم من النشطاء السياسيين، أعضاء لجان المقاومة، ومتطوعين في غرف الطوارئ.
وأوضح أن 950 ملفًا أُحيلت إلى المحاكم، صدرت فيها أحكام قاسية تراوحت بين السجن لسنوات طويلة والمؤبد والإعدام. كما تمت محاكمة ما لا يقل عن 150 امرأة بتهم ملفقة، فيما وُثقت أكثر من 160 حالة تضمنت اعترافات قسرية انتُزعت تحت التعذيب.
ومن بين أبرز الحالات التي وثقها التقرير، مقتل المواطن خالد حسن عوض الجيد «ود الليبي» بعد اعتقاله في المناقل قبل رمضان 2024، حيث أُبلغت أسرته بوفاته بعد العيد دون تقديم أي تقرير طبي أو تفسير رسمي، وسط ترجيحات بوفاته تحت التعذيب أو نتيجة إهمال طبي.
كما رصد التقرير اعتقال الكاتب والمؤرخ والإذاعي المعروف خالد بحيري «70 عامًا» في يناير 2025، واحتجازه سرًا لثلاثة أشهر قبل نقله إلى سجون سيئة السمعة، حيث تدهورت حالته الصحية نتيجة ظروف الاحتجاز والحرمان من العلاج.
ولفت المرصد كذلك إلى انتشار الفساد المالي داخل مراكز الاعتقال، إذ يُفرج عن بعض المحتجزين مقابل رشاوى باهظة، منها خمسة ملايين جنيه سوداني للحصول على «شهادة انتساب» صورية لقوات درع السودان، وما لا يقل عن ثمانية ملايين جنيه للإفراج من مقار الخلية الأمنية. كما وثق التقرير حالات اختفاء قسري وجرائم اغتصاب، خاصة في ود مدني.
وأكد المرصد أن ما يجري في ولاية الجزيرة يمثل «نمطًا ممنهجًا من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني»، داعيًا إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفيًا، وفتح تحقيقات مستقلة لمحاسبة المتورطين في التعذيب والقتل والإخفاء القسري، وضمان تقديم الدعم القانوني والطبي للمعتقلين.
ودعا المرصد في تقريره بالتشديد على ضرورة تحرك عاجل لحماية المدنيين في الجزيرة ووقف الانتهاكات الممنهجة.
 
 



