تفشٍ واسع لحمى الضنك والملاريا ينهك المستشفيات والنظام الصحي في «ود مدني»

18 سبتمبر 2025 – كشف مصدر طبي في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان لـ«بيم ريبورتس»، الخميس، عن تفاقم خطير في انتشار حمى الضنك والملاريا بالمدينة والولاية ككل، مؤكدًا أن المستشفى يستقبل يوميًا ما بين 100 إلى 150 حالة دخول جديدة.

وأوضح أن نسبة الإصابة المؤكدة بحمى الضنك تتجاوز 80%، بينما تصل إصابات الملاريا إلى نحو 90% من الحالات التي تُجرى لها الفحوصات داخل مستشفى ود مدني التعليمي.

وأشار إلى أن المعامل الخارجية في «شارع الدكاترة» تجري ما يقارب ألف فحص دم كامل يوميًا، وتظهر النتائج إصابة أكثر من 60% من الحالات، فيما تستقبل المستوصفات الخارجية بين 15 إلى 20 مريضًا يوميًا «بنسبة إصابة مؤكدة تتجاوز 60%».

وأكد أن الكوادر الطبية تعمل في ظروف قاسية «بإمكانات محدودة وانعدام شبه كامل للرواتب»، حيث يباشر الأطباء والممرضون عملهم من الصباح الباكر وحتى ساعات المساء دون راحة بسبب ضغط الحالات.

وفي ظل هذا التفشي، قررت وزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة في خطاب اطلعت «بيم ريبورتس» عليه اليوم، تعطيل الدراسة في جميع المدارس الثانوية بالولاية لمدة 15 يومًا ابتداءً من الأحد المقبل 21 سبتمبر وحتى السبت 4 أكتوبر 2025، وفقًا لقرار رسمي صادر اليوم الخميس عن إدارة المرحلة الثانوية.

نقص حاد في الأدوية وارتفاع الأسعار

وفيما يخص الأدوية والمعينات الطبية، أوضح المصدر أن صيدلية المستشفى العام شبه فارغة، مع انعدام الأدوية المجانية وصعوبة الحصول على المحاليل الوريدية الأساسية مثل «محاليل البندول».

ولفت إلى أن أسعار محاليل البندول ارتفعت خلال الأيام الماضية من 1700– 2000 جنيه إلى 2800 جنيه، بينما تجاوز سعر المحاليل في بعض الصيدليات 4500–5000 جنيه.

وأضاف: «مريض الضنك يحتاج في الحد الأدنى إلى 8 محاليل و6 رينجر خلال يومين، بجانب أدوية الملاريا، ما يرفع تكلفة الفاتورة الواحدة إلى أكثر من 100 ألف جنيه».

أزمة في بنك الدم

وأشار المصدر إلى أن الأزمة الكبرى تتمثل في بنك الدم المركزي الذي يضم جهاز فصل الدم الوحيد المستخدم لإنتاج الصفائح الدموية، وهو الجهاز الوحيد الذي يعمل فعليًا بالمدينة.

وأضاف: «هناك جهاز آخر موجود في مستشفى الذرة لكنه مخصص لمرضى الذرة، بينما الجهاز الخاص بمركز الكلى مخصص فقط لمرضى الكلى». موضحًا أن جميع المستشفيات — الشرطة، علياء، التعليمي، والمستوصفات الخاصة — تعتمد على هذا الجهاز المركزي، الذي يشغله شخص واحد فقط، ما أدى إلى عجز متزايد عن تلبية احتياجات المرضى.

وتابع أن مرضى حمى الضنك يحتاجون بشكل عاجل إلى الصفائح الدموية، لكن الضغط العالي على الجهاز أدى أحيانًا إلى عدم القدرة على استقبال المتبرعين، لافتًا أن الوضع زاد سوءًا بفصل عدد من العاملين في بنك الدم بعد تنفيذهم إضرابًا احتجاجًا على تأخر رواتبهم لأربعة أشهر بحسب المصدر نفسه.

انهيار المنظومة الصحية

وأكد المصدر أن «الوضع متأزم ومتدهور»، مشيرًا إلى غياب كامل للمنظمات الإنسانية وعدم وجود أي دعم حتى في شكل أدوية أساسية.

وقال إن مستشفى ود مدني التعليمي يعاني نقصًا حادًا في الأسرة لدرجة أن المرضى يضطرون إلى استئجار أسِّرة من خارج المرافق، فيما يُضطر أحيانًا إلى تنويم مريضين على سرير واحد. وأضاف أن غرف الإنعاش ممتلئة بالكامل، بينما وصلت تكلفة السرير في العناية المكثفة بالمستوصفات الخاصة إلى نحو 800 ألف جنيه سوداني في اليوم.

تفشٍ على نطاق واسع

وأردف المصدر بأن حمى الضنك وصلت مرحلة الوباء في ود مدني، قائلاً: «لا توجد أسرة في المدينة إلا وبها مصاب أو اثنان على الأقل»، موضحًا أن السلطات اكتفت بتدشين حملات صحية خلال الأسبوع الجاري لمكافحة البعوض والإصحاح البيئي لافتاً إلى أن هذه حلول لا تزال محدودة ولا تتناسب مع حجم الكارثة.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع