
غارقة في آثار الحرب.. الخرطوم تبحث عن ذاتها بعد عامين من احتراقها في قلب «نبوءة قديمة»

سارة حاج الحسن، مجاهد الدومة، ملاذ البدوي وعمر الفاروق
بالكاد تحاول العاصمة السودانية الخرطوم النهوض والعودة إلى الحياة بعد أوسع أعمال عنف عرفتها في تاريخها الحديث، تجاوزت كل الأحداث الدموية الموثقة التي وقعت فيها.
في صباح السبت، الموافق 15 أبريل 2023، دخلت الخرطوم في قلب نبوءة دمارها التي كان قد أطلقها أحد رجال الدين البارزين في العصر السناري الشيخ فرح ود تكتوك، والذي نقل عنه التراث السوداني مقولته إن الخرطوم «تعمر لسوبا، وتتفكك طوبة طوبة».
اندلع حريق الخرطوم في ذلك الصباح، عبر صراع مسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلى أن انتهى في مايو 2025، لكنه ترك عاصمة البلاد والمدينة التاريخية غارقة في وحل الدمار والأوبئة والأمراض. ومنذ أن استعادها الجيش في مايو الماضي، أصبحت تكابد لتعود إلى الحياة مرة أخرى.
غير أن المنظور العسكري والسياسي لاستعادة العاصمة من قبضة قوات الدعم السريع التي كانت جزءًا من الجيش السوداني، عبر عنه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، من مركز السلطة التاريخي في القصر الجمهوري الواقع على ضفاف النيل الأزرق، حين قال بزهو المنتصر: «الخرطوم حرة».
كانت هذه عبارة العودة والانتصار الحاسمة التي أطلقها البرهان، أمام حشد من جنوده في ردهات القصر الجمهوري المحطمة في 26 مارس 2025، والتي عنت له عودة التاريخ إلى مساره، بعد انحرافه بقوة غير مسبوقة لمصلحة قوات الدعم السريع في حرب الأصدقاء–الأعداء التي مزّقت البلاد.
جاءت عودة البرهان إلى القصر الرئاسي بالخرطوم، حيث يوجد مكتبه، منذ وصوله إلى السلطة في 2019، امتدادًا لجنرالات الجيش وحكام السودان منذ الاستقلال، بعد نحو عامين من سيطرة قوات الدعم السريع على معظم أنحاء العاصمة، بما في ذلك القصر الجمهوري، في تغيُّر تاريخي ضرب مركز السلطة الذي ورثه السودانيون من حقبتين استعماريتين، إذ بُني القصر للمرة الأولى في العام 1832.
ولم تكن إشارة البرهان في ذلك اليوم –ولم تكتمل سيطرة الجيش على الخرطوم حينها– إذ هبطت مروحيته في مطار الخرطوم الدولي للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، متفقدًا مكتبه في القيادة العامة للجيش، ثم عرج إلى القصر الجمهوري، إلا إِشارة واضحة إلى أن مركز السلطة لم يتحطم بالكلية، وإن تحطم خلال سيطرة «الدعم السريع»، فإن تلك الحقبة والتي بدأت بدخول «الدعم السريع» إلى القصر في أعقاب سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، في أبريل 2029، قد شُطبت بقوة السلاح.
دفع كل ذلك –سيطرة الجيش على الخرطوم وكامل وسط السودان بحلول شهر مايو 2025– قوات الدعم السريع وحلفائها ليس للتخلي عن القصر الجمهوري وحسب، بوصفه رمزًا للسلطة في السودان على مدار نحو 200 عام، وإنما دفعهم إلى نحو 1,200 كيلومتر غربًا، لإنشاء مركز بديل للسلطة في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، مع أنهم خططوا مسبقًا لإدارة البلاد من مقرن النيلين في الخرطوم.
كانت فترة سنتين كافية لعودة البرهان إلى مركز النفوذ التاريخي في الخرطوم الذي أسسه البريطانيون والذي لا يتجاوز عدة كيلومترات من محيط مطار الخرطوم الدولي جنوبًا، مرورًا بالقيادة العامة للجيش، وصولًا إلى القصر الرئاسي المطل على النيل الأزرق، ونهاية بمجمع الوزارات على شارع النيل، حيث قبض حكام السودان على السلطة على مدار سبعة عقود، بمن فيهم «حميدتي» الذي عمل نائبًا للبرهان منذ أبريل 2019 وحتى أبريل 2023، فاقتتلا قتال الصديق الذي يصبح عدوًا، ومن ثم ذهب «حميدتي» إلى مركز بديل لم يتضح مصيره النهائي بعد، فيما عاد البرهان إلى مركز السلطة التقليدي.
لكن عامين من الحرب في الخرطوم التي عرفت الخراب في دورات عنف عديدة سابقًا، والتي بنيت في نسختها الحديثة على مدار أكثر من 200 عام بدايةً من عام 1821، لم تعد تلك الخرطوم بعدها. كما أنها لم تعد صالحة للحياة، إلا بالكاد، أو بقوة إرادة من بقي فيها طيلة خرابها الأخير الذي بدأ في أبريل 2023 وانتهى في مايو 2025.
هذه الإرادة يجسدها محمد العوض المولود في الخرطوم، شاهدًا على مدار أكثر من عامين على حطام مدينته والتي عادت عقودًا إلى الوراء وأصبحت تحت إرادة الرصاص والمدافع، والذي يقول لـ«بيم ريبورتس»: «كنا نصحو يوميًا على مقتل أو إصابة جارٍ لنا أصابته طلقة طائشة».
عمارة الخرطوم في خضم حروب المدن والسلطة
تحولت الخرطوم، خلال حرب أبريل 2023، إلى ساحة حرب، حيث قتل آلاف المواطنين وشرد ملايين وشهد بنيانها العمراني والخدمي، وكذلك البنى التحتية، تدميرًا عنيفًا وممنهجًا. وقد طال هذا الدمار والخراب الأحياء السكنية القديمة والحديثة.
كما امتدت آلة الحرب لتدمير آلاف المنازل، والأسواق التجارية، مثل سوق «سعد قشرة» والسوق العربي وأبنيته التي تتسم بطابعها المعماري الفريد، ومطار الخرطوم الدولي. وشمل التخريب المتعمّد أيضًا معالم أثرية بارزة، وتدمير أجزاء كبيرة من القصر الجمهوري.
واضطلعت القيمة المعمارية في المدينة بدور مهم في تشكيل رمزية السلطة، حربًا وسلمًا؛ فالقصر الجمهوري، على سبيل المثال، ظل يحمل قيمة تاريخية ومعمارية وسياسية ثابتة عبر الزمن.
أشار تقرير سابق لـ«بيم ريبورتس» إلى الارتباط الوثيق بين القصر الجمهوري والثورات الشعبية والمسيرات الجماهيرية، إذ كان القصر دومًا وجهةً للاحتجاجات الهادفة إلى إسقاط الأنظمة المستبدة في البلاد على مدار عقود.
وفي ظل الحرب الحالية، عقب دخول الجيش السوداني للقصر الجمهوري –والخرطوم– بعد معارك شرسة استمرت لأسابيع، رصدت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام خروج عدد من المسيرات الشعبية ببورتسودان وعبري ومناطق مختلفة خاضعة لسيطرة الحكومة السودانية، احتفالًا باستعادة الجيش السيطرة على القصر الجمهوري في مارس 2025.
ويثير اعتبار «تحرير القصر» رمزًا سياسيًا وعسكريًا تساؤلات جوهرية: ماذا يعني تحرير القصر الجمهوري بالنسبة إلى الحرب على مستوى الولاية والدولة؟ وهل ما يزال القصر يحتفظ برمزيته التاريخية والعسكرية في الذاكرة الشعبية؟ لكن عبارة «الخرطوم حرة» التي أطلقها البرهان، وانتظام أعمال الصيانة وإعادة التأهيل، على رأسها مطار الخرطوم الدولي والقصر الجمهوري، بالإضافة إلى إعلان رئيس الوزراء المعيّن كامل إدريس عن خطة لعودة الحكومة المركزية لممارسة أعمالها من الخرطوم في أكتوبر المقبل، تفصح عن نية قوية لاستعادة مركز حكم كاد أن يُفقد بقوة السلاح.

دمار قديم
هذا الخراب الذي تلبس الخرطوم لم تشهد مستوى مماثلًا له على نطاق المدينة منذ معركة كرري في مدينة أم درمان في العام 1898. فقبيل وصول الحملة البريطانية إلى مدينة أم درمان، بدأ سلاح المستعمر بقصف الجزء العلوي من قبة المهدي في محاولة لهدم رمزية الدولة المهدية، وإسقاطها معنويًا قبل إسقاطها عسكريًا، وكان ذلك إيذانًا باندلاع المعركة وسقوط الخرطوم. وتحولت أم درمان، بيد الحرب، إلى مقابر مفتوحة وبقايا أحياء سكنية ووجه غير مألوف للمدينة.

التاريخ السياسي المبني للخرطوم
يشير الكاتب سعد محمد أحمد سليمان في كتابه «الخرطوم عبر العقود، النشأة والتطور (1821-1970)» إلى أن العمران التدريجي للخرطوم، بوصفها مدينة إدارية ومعسكر دائم للأتراك، بدأ في فترة الحكم التركي – المصري (1820)، بعد إعلانها حاضرة الدولة في عقد خورشيد باشا في العقد الثاني من القرن التاسع عشر، تاركين خلفهم العاصمة الزرقاء، سنار، موبوءة بالملاريا والدسنتاريا وأثر بالحروب والنزاعات. كانت الخرطوم، وقتها، حلاّل قديمة (قرى)، وبقايا قرى العصر المسيحي في بري، وجزيرة توتي، وخلاوي دينية، إلى جانب قبب، وأضرحة، وديوم (مثل ديم عبدالقادر ود أم مريوم جنوب الفتيحاب).
شيد حينها الحكم التركي – المصري بناياتٍ عديدة في الخرطوم، صمد بعضها الى حين استقلال السودان ويومنا هذا، مثل سرايا الحكمدار التي بنيت في العام 1832 (القصر الجمهوري حاليًا)، ومسجد الخرطوم العتيق، وقبب العثمانيين في وسط الخرطوم، والمساجد والإرساليات، إلى جانب الأسواق، لا سيما السوقين الإفرنجي والعربي. واتسمت الخرطوم في عهد الاستعمار التركي بالتفرقة العمرانية الواضحة ما بين مساكن الأغنياء وموقعها الجغرافي والمساكن الشعبية الضيقة والمظلمة وموقعها النائي المشيدة من اللبن وأسوار طينية.
عند تحرير الإمام المهدي وأتباعه الخرطوم من الاستعمار التركي في 26 يناير 1885، كانت أم درمان في بادئ الأمر نقطة تحول وحركة، تنطلق منها المهدية لنشر الفكر والدعوة المهدية نحو الشرق، الشام، وشبه الجزيرة العربية. لكن لم يبرح المهدي موقعه لإكمال مشروعه، فتوفي بعد أشهر قليلة في البقعة وعقب وفاته، أمر الخليفة عبدالله التعايشي بإخلاء مدينة الخرطوم ونقل جميع سكانها إلى أم درمان.
ويشير الكاتب سعد محمد أحمد سليمان إلى أن قرار هجر الخرطوم جاء –جزئيًا– لمحو ما وصف بالجور والظلم والتعسف والفساد الذي اتسم به العهد التركي المصري، ولتشييد مدينة أم درمان لتكون عاصمة للدولة المهدية. أصبحت أم درمان، آنذاك، عاصمة الدولة المهدية ومدينة إدارية وعسكرية لشؤونها، تتمركزها قبة الإمام المهدي وضريحه، وبُنيت مساكنها من القش والجلد والشكاب وأنقاض مباني الدولة التركية في الخرطوم. ولم يتم وقتها تدمير الخرطوم بشكل متعمّد من قِبل الأنصار، بل جرى هجرها. غير أنّ ما لحق بالمنازل والأسواق من هدم وتخريب وقع تحت بصر وسمع الأنصار، وذلك بالرغم من صدور قرارٍ بالإبقاء على ما تبقّى من مباني الخرطوم دون هدم
لاحقًا/ في سبتمبر 1898، شنّ الجيش الإنجليزي حملة عسكرية بقيادة جنرال كتشنر حاصر فيها الخرطوم وهاجم أم درمان، مُعلنًا عن نهاية الدولة المهدية. وبعد معركة حامية استمرت ست ساعات، أضحت أم درمان مدينة جريحة، استمر تنكيلها لثلاثة أيام، ولم يظهر على مدّ البصر من جبل كرري إلى أرض البقعة سوى مقابر جماعية وجثث وأشلاء وخرائب وبقايا أحياء ومصانع.
عقب الاستيلاء الدموي على السلطة، أعاد البريطانيون إعمار الخرطوم لتكون عاصمة للبلاد مرة أخرى. وبقي بيت الخليفة (متحف بيت الخليفة حاليًا) –وعدد قليل من البنايات– صامدًا بعد المعركة، كما ظلّت بوابة عبد القيوم آخر جزء متبقٍ من سور مدينة أم درمان. وجرى تخطيط الخرطوم وفقًا لرؤية جنرال كتشنر، الذي رأى أن يتم القضاء على معظم ملامح الدولة العثمانية في الخرطوم، وتخطيط مدينة عصرية كبرى، وترك أم درمان –بدمارها وخرابها– عاصمة غير رسمية للسكان المحليين. وقتها غُرست بذرة المدينة المركزية التي تتمتع بالبنى التحتية وشبكة الطرق والصرف الصحي ومبان سكنية وتجارية متعددة الطوابق وذات الطابع المعماري الفريد، لكن، لصالح البريطانيين على وجه الخصوص.
فيما بعد، استمرت حكومات ما بعد الاستقلال في عمل عدة مبادرات لتخطيط البنية العمرانية العامة، حيث تم العمل على أربعة خطط توجيهية/هيكلية للخرطوم: خطة دوكسياديس 1959، وخطة ميفيت (MEFIT) في عام 1975، والخطة الهيكلية لدوكسياديس والمعماري السوداني عبد المنعم مصطفى في عام 1991. وأخيرًا في العام 2008 خطة ميفيت وسينيتس (MEFIT & CENTETS).
دور الهجرة في تشكيل النسيج الحضري للخرطوم
لا تعد ظاهرة النزوح القسري بفعل النزاعات جديدة على السودان، ولا على الخرطوم بوجه أخص بل متجذرة تاريخيًا من الهجرة القسرية في فترة الدولة المهدية بسبب النزاعات الداخلية والخارجية، مرورًا بحرب أبريل 2023، يختلف فيها الزمن ووجهة الحركة، وتتفق موجات النزوح القسري في الأسباب البنيوية.
وخلّفت النزاعات المستمرة في جنوب السودان وأحداث الجفاف والتصحر والمجاعات في غرب السودان في مطلع ثمانينات القرن الماضي أزمة نزوح قسري داخلي كبيرة، لا سيما في العاصمة الخرطوم. وفي العام 2003، عقب اندلاع الصراع في دارفور، أظهرت الدراسات أن 17% من سكان السودان نازحين، وكان لحركة النازحين تأثير كبير في تشكيل النسيج الحضري الخرطوم.
وعملت سياسة الدولة، آنذاك، بجمع النازحين في مناطق محددة، وبعيدة من مركز المدينة، لتسهيل توزيع الخدمات، وأمرت بإجلاء النازحين من المساكن العشوائية، وإعادة توطينهم في أربعة معسكرات أنشأتها في عام 1991، وهي «دار السلام» في أم درمان و«جبل أولياء» و«ود البشير» و«مايو». أشارت الأرقام الصادرة عن حكومة السودان في أبريل 2010 إلى أن 623,667 نازحًا داخليًا يعيشون في العاصمة المثلثة (الخرطوم الكبرى)، وذلك بالإضافة إلى 1.5 مليون نازح داخلي “مندمج محليًا”، فيما اضطر مئات الآلاف منهم للعيش في مساكن عشوائية ومبانٍ غير مكتملة وهياكل ومواقع إنشاءات.¹
أثارت سياسة إجلاء النازحين من مناطق سكنهم مخاوف المنظمات الدولية وأشعلت الجدل فيما يخص حقوق النازحين وسلامتهم لبعض الأسباب، أهمها أن الحكومة رحّلت النازحين إلى مناطق بعيدة في أطراف ولاية الخرطوم عزلتهم من إمكانية الوصول الى فرص دخل، غير أن هذه المناطق تفتقر إلى أيّ مقومات بيئة معيشية وخدمات أساسية تجعلها صالحة للعيش.
وشكلت أزمة النزوح وسياسات الدولة الصارمة تجاهها الشكل الحضري الحالي للخرطوم، بما يمليه من تخطيط مركزي وغير عادل، تسكن فيه الفئات المستضعفة وذات الدخل المحدود في أطرافها.
وعكست أسماء معسكرات النازحين ومناطق سكنهم قسوة الظروف المعيشية التي عايشوها وما زالوا يعيشونها في أطراف الخرطوم حتى بعد مرور أربعة عقود. يُعرف معسكر «دار السلام» في أم درمان بين السكان باسم «جبرونا»، كما سُمّيت أحياء أخرى في أم درمان سكنها النازحون بـ«زقلونا». وظهرت أيضًا أحياء تحمل أسماء، مثل «كرور» و«عشش الفلاتة» و«كرتون كسلا» و«مانديلا» وغيرها.
في المقابل، كان للأغاني الدور الكبير في إبراز قسوة الحياة والأحلام المقهورة، ورسم صورة الخرطوم على حقيقتها –على الأقل كما تبدو من أطرافها، أو ما يُعرف أيضًا بهامشها– «خرطوم عيان.. عيان ما معروف»، للفنان الجنوب سوداني إيمانويل كيمبي.
الحياة في الخرطوم خلال الحرب
لم يكن غالبية سكان ولاية الخرطوم، بمدنها الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان، يتوقعون مع اندلاع شرارةٍ المواجهات العسكرية المسلحة، في 15 أبريل 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أن تتحول هذه الشرارة إلى حرب تجرف حيواتهم ومعيشتهم اليومية على سهول الانهيار والتهجير القسري والموت الذي ملأ الشوارع، وأن تتحول الميادين وباحات البيوت إلى مقابر جماعية، وآثار الرصاص والمقذوفات علاماتٍ في الحوائط، بدل اللوحات والبروش والعبارات الدينية وأدوات الزينة، وكل ما يعلقه أحدهم وإحداهن تعبيرًا عما يمثله عقائديًا واجتماعيًا واقتصاديًا.
فالحرب دائمًا ما كانت في مكانٍ آخر، وفي ذاكرةٍ أخرى. وحتى بالنسبة إلى النازحين من حروب دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق؛ الساكنين في أطراف المدينة، الخرطوم، وهوامشها، فإن الحرب العسكرية كانت مرجأة، وبدلًا منها كانت تُخاض حرب الحياة اليومية في سبيل توفير سبل العيش، والخروج من منازلهم فجرًا، والعودة في أواخر الليل تكسوهم رائحة الأسواق وأعمال القطاع غير الرسمي، ورهق العمل في أعمال مختلفة ومتباينة، لكن ما يجمعها محنة مشتركة، يتشاركها جزء كبير من السودانيين والسودانيات من ساكني العاصمة الخرطوم.
لكن الحرب كانت أسرع من المخيال واللحظات المتاحة للتفكير؛ إذ وجد سكان العاصمة أنفسهم في وسط وضمن عملياتٍ عسكرية تزداد حدتها في كل يومٍ يندفع فيه تيار الزمن قدمًا من لحظة 15 أبريل، بدءًا من الآلة العسكرية ومدافعها القصدية وغير القصدية.
«كنا نصحو يوميًا على مقتل أو إصابة جارٍ لنا أصابته طلقة طائشة»، كما يوضح في تسجيلٍ صوتي لـ«بيم ريبورتس»، محمد العوض، وهو أحد مواليد الخرطوم ومواطنيها، ويعيش فيها إلى هذه اللحظة.
كما فقدت الخرطوم البنية التحتية للحياة؛ إذ عانت من شح في موارد المياه ومصادر توفير الغذاء والمهن التي تقيم أعواد الفتية والفتيات بما تيسر، سواء كان عبر الوظائف في القطاع الرسمي، بشقيه العام والخاص، إذ «توقفت الرواتب التي استمرت لمدة ستة أشهر وبعدها توقفت – في القطاع الخاص» كما يقول العوض الذي الذي كان يعمل مدرسًا في إحدى المدارس الخاصة.
كما فقد العديدون أعمالهم في مهن القطاع غير الرسمي، في الأسواق ومحال الأطعمة وبيع الشاي وغيرها، والتي تشكل عصب الحياة في السودان، وفضاءً لإعالة آلاف الأسر من خلال حركة الناس في الفضاء اليومي.
مع هذه المعطيات الجديدة، شهدت الخرطوم حركة نزوح ولجوء قسري واسعة إلى قرًى ومدنٍ وأرياف مختلفة داخل السودان، علاوةً على موجات لجوءٍ إلى دول الجوار، حركة محكومة بقدرات الناس المادية وخياراتهم الاجتماعية والوجودية كذلك، إذ لم يكن النزوح واحدًا، بل نزوحاتٍ عدة، تخضع لتقديرات الأسر وقدرتها على الحركة.
لكن في وسط هذا الخراب الذي شهدته المدينة، ظلت آلاف الأسر قابعة فيها، لأسباب مختلفة ومشروعة، كلٌّ حسب قصته وحياته، هذا البقاء نفسه الذي سيتحول إلى ذريعةٍ للاستهداف والتنكيل، خاصةً مع تقاسم جغرافيا المكان والسيطرة العسكرية عليه.
من جنوب الخرطوم، إلى مدينة أم درمان، حيث كان الوضع مغايرًا، إذ «شهدت انتشارًا عسكريًا طوال فترة الاشتباكات المسلحة» حسب ما يخبرنا الممرض والناشط في العمل الإنساني والمجتمعي محمد أنور الذي يضيف أن أصوات الاشتباكات كانت قريبة جدًا، فيما لم تكن تفارق أصوات الرصاص والمدافع الأجواء. علاوةً على أن التنقل كان شبه مستحيل بسبب نقاط التفتيش والاشتباكات المفاجئة.
كل ذلك جعل من الظروف المعيشة صعبةً للغاية، خاصةً مع انقطاع المياه والكهرباء لفترات طويلة، وإغلاق الأسواق التي تأثرت أشد التأثر، فأصبحت إما مغلقة أو أن أسعار السلع فيها باهظة الثمن.
وصحيًا، كان الوضع كارثيًا، والوصول إلى الخدمات الطبية يشكل تحديًا كبيرًا أمام المواطنين، ليدفع هذا السبب، ضمن أسباب أخرى، كريم الذي شعر بالتزام أخلاقي، إلى البقاء والتطوع والمشاركة في مبادرات إغاثية وصحية منذ بداية الحرب، منها غرفة استجابة طوارئ مستشفى النو، بالإضافة إلى عمله في قضايا حقوق الإنسان.
يخبرنا كريم: «في أثناء المعارك كانت الحياة بين الخوف والترقب، كل يوم جديد يحمل أحداثًا ليست في الحسبان، وكان الناس يحاولون التأقلم وسط أصوات المدافع والرصاص».
ويضيف كريم في شأن الحياة الآن، بعد استعادة الجيش العاصمة كليًا من «الدعم السريع» أن «الوضع نسبيًا أكثر هدوءًا، لكن الخراب كبير، والبنية التحتية مدمرة، والناس تعاني نقص الخدمات وغلاء الأسعار». «هناك إحساس بأن المعركة العسكرية انتهت، لكن معركة إعادة الحياة على طبيعتها ما تزال في بدايتها» – يردف كريم.
يذهب محمد العوض، في توصيف الحياة الآن في الخرطوم، بعد استعادة الجيش لها، بأنها مختلفة، بدرجة كبيرة، عما قبلها، ويضيف: «أعرف أن هذه المسألة دائمًا ما تسيس، ولكن بأمانة، كشخص عاش ويعيش في الخرطوم طوال فترة الحرب ولم أُغادرها حتى الآن، فلا توجد مقارنة بين الفترتين، من حيث الحركة والتنقل والأمان النسبي. لكن في المقابل هناك صعوبة في الحياة، وهي المرتبطة بالحصول على عمل يدر دخلًا يمكن للشخص أن يعتاش عليه، ما يخلق حالة ركود في حركة البيع والشراء في آن».
أما في منطقة بحري، فتشير ابتسام، وهي مواطنة تعرف نفسها ضمن إعلام مساند للجيش السوداني على منصة «إكس» إلى أنه على الرغم من «انتهاء الحرب في الخرطوم» إلا أنه ما زالت هناك تحدياتٍ عسكرية «بعض الجنود يسرقون بيوت المواطنين، لذلك يجد المواطنون صعوبةً في الرجوع إلى منازلهم، ما لم يُسحب جنود بعض الفصائل التي تقاتل مع الجيش إلى معسكراتهم، ليتوفر الآمن الكامل».
أما معيشيًا، فتشير إبتسام إلى أن الوضع مستقر نسبيًا، إذ بدأت المحال التجارية في فتح أبوابها، ومع أن الأسعار غالية إلا أن السلع متوفرة، فيما تواجه بعض المناطق صعوبة في توفر الماء والكهرباء. لكن الحياة تستعيد عافيتها شيئًا فشيئًا، فقد رجع جزء كبير من الناس، وبدأوا يستخدمون ألواح الطاقة الشمسية لتوفير المياه.


صور من حي بري بعد تحرير الخرطوم تظهر آثار الحرب: قناة الجزيرة
تدمير متعمد للخرطوم
أسفر استخدام القذائف والقنابل والرصاص والأسلحة النارية في حرب أبريل 2023 عن تدمير متعمد لمدينة الخرطوم وخدماتها، شمل الأرشيف التاريخي، والبنايات التاريخية والأثرية، والمراكز الثقافية، بالإضافة إلى المؤسسات العامة، مثل الوزارات والبنايات الحكومية والمؤسسات التعليمية.

وقد تبادل طرفا الصراع إلقاء اللوم بعضهما على بعض في مسؤولية تدمير المدينة وخرابها؛ فقد أوضح رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 21 سبتمبر 2023، أن الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع «تحاول طمس تاريخ وهوية الشعب السوداني من خلال استهداف المتاحف وسجلات الأراضي والسجلات المدنية والسجلات القضائية».
خطاب رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وكالة السودان للأنباء، يوتيوب.
لكن، نظرًا إلى شدة النزاع، كان من الصعب خلال العامين الماضيين إجراء مسح شامل لحجم الضرر الذي لحق بالبنية العمرانية والمعالم التاريخية والأثرية في الخرطوم. وأشارت الهيئة القومية للآثار والمتاحف، إلى جانب المنظمات الدولية المعنية بالتراث الثقافي المادي والحي، إلى صعوبة الوصول إلى تقديرات دقيقة، وفق ما نشرته العربية نت.
وقد طالت الأضرار المباني التاريخية والمتاحف، من بينها: تدمير جزئي لمتحف السودان القومي، وانهيار سرايا الشريف الهندي (1942) بمنطقة بري شرقي الخرطوم، وأجزاء من مبنى البلدية في أم درمان، وكاتدرائية القديسين (متحف القصر الجمهوري حاليًا، بنيت في عام 1928). وتأثر مبنى الحقانية (مبنى السلطة القضائية حاليًا)، وعدة مباني لجامعة الخرطوم، وتشير صور الأقمار الصناعية على وجود أضرار واسعة في مبنى وزارة المالية، ومبنى الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في الخرطوم (1985) من تصميم المعماري عبد الله صبار.


أحدث الدمار والحرائق الذي طال المباني الحديثة في الخرطوم ضجة في وسائل التواصل الاجتماعي، مثل بنك «بيبلوس» الواقع في شارع المك نمر الخرطوم، وفندق «كورنثيا» (برج الفاتح سابقًا)، وأبراج النيلين، ومبنى الخطوط الجوية السودانية، بالإضافة إلى تدمير مبنى وزارة العدل في وسط الخرطوم بتاريخ 18 سبتمبر 2023 وتأثر أرشيفه الضخم. وتُعد ردود الأفعال تجاه دمار العمارة الحديثة في الخرطوم مؤشرًا لارتباط الذاكرة الجمعية الحديثة العامة بالمباني الحديثة، على بعد المواطنين من استخدام هذه الأماكن. وتوضح الفيديوهات المنتشرة من داخل القصر الجمهوري القديم حجم الضرر الذي تعرض له المبنى من الداخل والخارج.

تدمير متعمد للخرطوم
منذ إعلان الجيش تحرير كامل ولاية الخرطوم، في مايو الماضي، تحاول العاصمة أن تستعيد إيقاعها، غير أن هذا التعافي يصطدم بواقع أمني وخدمي وصحي واجتماعي بالغ التعقيد بعد عامين من الحرب داخل شوارعها.
فعلى الصعيد الأمني، عادت الشرطة لتنتشر في الولاية، وأُعيد افتتاح مكاتب السجل المدني والجوازات في أم درمان، إلى جانب جهود لترميم مراكز الشرطة والسجون مثل «سوبا» و«كوبر»، وفق ما أعلن عنه وزير الداخلية اللواء بابكر سامرا مصطفى في أغسطس الماضي.
لكن على هذه العودة، ما تزال المدينة تعاني من تفلتات أمنية وسرقات للمنازل وتعدي على الأفراد، هذا غير هجمات متقطعة بالطائرات المسيرة التي تنفذها قوات الدعم السريع، وأدت في مايو إلى انقطاع الكهرباء عن أحياء واسعة وهي هجمات مستمرة حتى سبتمبر الحالي.
وفي القطاع الصحي، تبدو الصورة أكثر قتامة، إذ نشر تقرير، في 27 مايو الماضي، أكد أن النظام الصحي في الخرطوم انهار بالكامل تقريبًا، بعد توقف جميع منشآته عن العمل، خاصة منظمة «أطباء بلا حدود»، التي علقت أنشطتها في مستشفى «بشائر» بجنوب الخرطوم في يناير بسبب التهديدات الأمنية قبل أن تعود في مايو لتقديم بعض الخدمات في مواجهة تفشي الكوليرا. ومع ذلك، أقر وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم، في 28 يونيو، بأن حجم الدمار تجاوز 11 مليار دولار، وأن الوزارة تلجأ إلى حلول بديلةـ مثل تشغيل بعض المرافق بالطاقة الشمسية.
الخدمات الأساسية، فقد حاولت الحكومة تنظيم الاستجابة عبر لجنة خاصة شكلها مجلس السيادة الحاكم في البلاد برئاسة عضو المجلس إبراهيم جابر، في 16 يوليو 2025، لإصلاح شبكات الكهرباء والمياه والطرق. وبحلول أغسطس، بدأت جهود لإعادة تشغيل المستشفيات والمدارس والجامعات وربطها مجددًا بالمياه والكهرباء، فيما أعلن عن خطة لإعادة افتتاح مطار الخرطوم الدولي في أكتوبر، بعد عمليات إصلاح شاملة. ومع ذلك، ما تزال أحياء عديدة، مثل أحياء بحري، خاصةً شمبات شمالي المدينة، تعتمد على المبادرات الأهلية في صيانة المحولات وآبار المياه.
وفي الجانب الاجتماعي، أخذت العودة إلى المدينة شكلًا تدريجيًا؛ فمنذ منتصف يوليو، بدأت قطارات خاصة تقل العائدين من مصر إلى الخرطوم في رحلة عودة طويلة عبر البر، كما انطلقت مبادرات مماثلة للعودة من الأردن، وانطلقت مبادرات شبابية وأهلية لإزالة الأنقاض وصيانة المدارس والمستشفيات منذ أواخر أغسطس. لكن، وفي المقابل، فقدت الخرطوم جانبًا من هويتها الثقافية والأثرية بعد تعرض المتحف الوطني للنهب والتدمير، بالإضافة إلى مكتبات ودور نشر، فيما لم تتعرض دار الوثائق القومية لضرر كبير.
آفاق إعادة إعمار الخرطوم
يعرف الباحثون في شؤون التمدن والنزاعات «إعادة الإعمار»² على أنه مفهوم متكامل يشمل كل ما يقتضيه الانتقال من حالة ما بعد الحرب إلى حالة الاستقرار والسلم، من إعمار سياسي واقتصادي واجتماعي وعمراني. وتعد عملية إعادة الإعمار عملية سياسية واقتصادية تهدف إلى ترميم المدينة المتضررة من الصراعات واستعادة الحياة فيها.
كيف يمكن للخرطوم أن تحقق عملية إعادة إعمار ناجحة وعادلة في ظل موازين القوى والراهن السياسي والاقتصادي؟ وما هي الشروط المطلوب توافرها لعملية إعادة الإعمار وإعادة البناء؟ ترتبط عملية إعادة الإعمار ارتباطًا وثيقًا بعوامل وشروط يمكن أن تحدد نجاحها، الشرط الأول هو مصير الحرب في السودان، والثاني توفر الموارد الاقتصادية اللازمة لإتمام عملية إعادة الإعمار، والثالث وجود أو غياب عملية سياسية على المستوى الوطني أو الإقليمي، وأخيرًا، وجود البُنى الاقتصادية السابقة للحرب، والإرث المؤسساتي.
من الناحية الهندسية، يرى بعض المعماريين والمهندسين والعاملين في مجالات الترميم والبناء أن إعادة الإعمار بعد الصراع تمثل فرصة لإعادة التفكير في «خرطوم جديدة» تُعالج المشكلات الهيكلية السابقة للمدينة، بما في ذلك التحديات البيئية والتخطيط غير العادل للموارد المتركّزة في وسط الخرطوم على حساب أطرافها. فالبناء بالمواد المحلية، على سبيل المثال، يُعد بديلًا فعّالًا لاستخدام «الكلادينج» ومواد البناء المستوردة، خصوصًا في ظل شكاوى المواطنين في الأشهر الأخيرة من الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء مثل الطوب والأسمنت. وتعد عملية إعادة الإعمار أيضًا برنامجًا إسعافيًا للتعافي من أثار النزاع، تتمثل في العمارة التذكارية ودورها في تأريخ الحروب وأحداث العنف العام.
بالنظر إلى حجم الضرر الذي لحق بالبنية التحتية، بما فيها محطات الكهرباء والمياه في الخرطوم، والصرف الصحي، والمباني العامة والخاصة، والأحياء، كيف يجب أن تكون خطة إعادة الإعمار وما الإطار الزمني الواقعي لتنفيذها؟ في هذا السياق، أعلنت حكومة ولاية الخرطوم في مايو عن ابتداء المرحلة الأولى من عملية إعادة الإعمار، والتي تشمل انتشال الجثث، وإزالة الألغام والأجسام غير المنفجرة، وفتح الطرق المسدودة، وتعبيد الشوارع.
كما عملت حكومة ولاية الخرطوم في الشهور المسبقة في اعادة تأهيل مطار الخرطوم الدولي والقصر الجمهوري، والمباني المركزية. في المقابل، ظهرت مبادرات إعادة إعمار وتعافي مجتمعية، تهدف إلى إعادة ترميم الخرطوم، وتنظيف البيوت والأحياء، واعادة تأهيل الجامعات، والمدارس.
وتارة أخرى، تبدأ الدولة عملية إعادة الإعمار بالهدم، إذ أعلنت حكومة ولاية الخرطوم عن إزالة السكن الاضطراري «العشوائي» في مناطق مختلفة من العاصمة مثل «مرسى شمبات»، و«العزبة»، و«أبو سعد»، و«حي البركة» بشرق النيل، وغيرها من العشوائيات في الولاية، وهي مبادرة احتفى بها كثيرٌ من الناس على وسائل التواصل وعدوها «نظافة لأوكار الجريمة».
لطالما عملت السلطات المتعاقبة في تاريخ الخرطوم، عقب الصراعات العسكرية والسياسية على محو ما تبقى من معالم مدينة وبناء مساحات جديدة تقصي أطرافها وسكانها، ومن هنا تتبادر إلى الذهن أسئلة بنيوية، ما هو الموقف المستقبلي للحكومات السودانية تجاه قضايا مثل التوزيع غير العادل للموارد والخدمات، والتركيز المفرط على إعادة مركز إعمار الخرطوم على حساب بقية الولايات؟ وما الآليات المقترحة لتعويض المواطنين وتحديد الأولويات الاسعافية؟ وكيف يمكن أن تُستعاد الحياة، بما في ذلك الخدمات الأساسية؟ ثم ما هو دور المتوقع من المجتمع الدولي والدول الإقليمية والمنظمات الدولية في عمليات إعادة الإعمار؟وكيف يمكن لعمارة الخرطوم أن تُحوِّل العنف والدمار الذي عاشه السكان إلى ذاكرة ملموسة تستحضر البطولات وتجسّد المعاناة؟
المراجع
1: منزول عسل (2006)، “لمن تُحتسب الحقوق؟ الاستجابات الوطنية والدولية لحقوق النازحين داخليًا في السودان”، مركز بحوث التنمية حول الهجرة والعولمة والفقر.
بنتوليانو، واخرون. «حدود المدينة: التمدّن والهشاشة في السودان – دراسة حالة الخرطوم». مجموعة السياسات الإنسانية، معهد التنمية الخارجية (ODI)، يناير 2011.