8 أكتوبر 2025 – جدّد تحقيق صحفي مشترك بين منصة «La Silla Vacía» الكولومبية وصحيفة «The Guardian» البريطانية، نُشر الأربعاء، التأكيد على وجود مئات المرتزقة الكولومبيين في السودان يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع، كما أظهر تورطهم في تدريب مجندين سودانيين أطفال على استخدام السلاح وإرسالهم إلى خطوط القتال ليُقتلوا.
وفي أغسطس الماضي تأكدت «بيم ريبورتس» عبر تحقيقات مفتوحة المصدر من وجود مقاتلين أجانب يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر بشمال دارفور.
وفي 7 أغسطس الماضي أمر الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، سفيرته في القاهرة، بفتح تحقيق حول مقتل عدد من مواطنيه المرتزقة في السودان وذلك بعد 3 أيام من اتهام السودان دولة الإمارات العربية المتحدة بتمويل مشاركة مرتزقة من كولومبيا في صفوف قوات الدعم السريع، حيث نفت أبوظبي الاتهامات ووصفتها بـ«المزاعم الباطلة والمناورات الإعلامية الهزيلة». كما نفت قوات الدعم السريع الاتهامات ذاتها.
وكان المتحدث باسم القوة المشتركة أحمد حسين مصطفى، قد قال لـ«بيم ريبورتس»، في 3 أغسطس إن مشاركة «مرتزقة أجانب» في المعارك الدائرة في الفاشر ليست مجرد تطور ميداني، بل تُعدّ «تجاوزًا خطيرًا يضرب في عمق السيادة الوطنية ويغير طبيعة الصراع».
وذكر مرتزق، يُدعى «كارلوس» -اسم مستعار-، في شهادته أنه وصل إلى السودان في مطلع العام الحالي بعد توقيعه عقدًا شهريًا بقيمة 2,600 دولار أميركي عبر شركة أمنية خاصة.
وأشار إلى أنه خضع لفحوصات طبية في العاصمة الكولومبية بوغوتا، قبل نقله عبر أوروبا إلى إثيوبيا ثم إلى قاعدة عسكرية إماراتية في بوصاصو بالصومال، ومنها إلى مدينة نيالا في جنوب دارفور، التي أصبحت مركزًا رئيسيًا للمرتزقة الكولومبيين.
وقال كارلوس إن أولى مهامه تمثلت في تدريب مجندين سودانيين داخل معسكرات ضخمة، موضحًا أن «أغلب المجندين كانوا أطفالًا لم يمسكوا سلاحًا من قبل».
وأضاف «علمناهم استخدام البنادق والرشاشات وقاذفات RPG، ثم أُرسلوا إلى الجبهة. كنا ندربهم ليذهبوا ويُقتلوا». ووصف تلك التجربة بأنها «فظيعة ومجنونة»، لكنه أضاف: «للأسف، هذه هي الحرب».
وأوضح التحقيق أن المرتزقة الكولومبيين انتشروا في مدينة الفاشر المحاصرة، كبرى مدن شمال دارفور، حيث تدور أعنف المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقالت مصادر من مخيم زمزم للنازحين، أكبر مخيمات السودان، إن المرتزقة شوهدوا داخل المخيم بعد أن اجتاحته قوات الدعم السريع في أبريل الماضي، ما أسفر عن مقتل ما بين 300 و1,500 شخص في واحدة من أسوأ المجازر منذ اندلاع الحرب.
وتتهم تقارير عدة شركات أمنية خاصة بأنها الجهة التي استأجرت المقاتلين الكولومبيين، ويُعتقد أن الإمارات العربية المتحدة موّلت تلك العمليات، وهي اتهامات تنفيها أبوظبي باستمرار.
وبحسب المحللة في مجموعة الأزمات الدولية، إليزابيث ديكنسون، فإن كولومبيا تمتلك فائضًا كبيرًا من المقاتلين ذوي الخبرة بعد عقود من النزاع المسلح، ما جعلها من أكبر الدول المصدّرة للمرتزقة في العالم. وأضافت أن «الجنود الكولومبيين مدرَّبون تدريبًا عاليًا وخاضوا حروبًا شديدة التعقيد، ما يجعلهم جاهزين للقتال في أي مكان».
فيما أوضح الخبير الأميركي في شؤون المرتزقة شون مكفيت، أن مشاركة المقاتلين الكولومبيين في النزاعات الخارجية بدأت بالتصاعد منذ عام 2010، عندما تم التعاقد معهم لحماية منشآت نفطية في الإمارات، ثم شاركوا في حرب اليمن، وقال: «المرتزقة يمنحون الدول إنكارًا معقولًا، فعندما يُقبض عليهم أو يُقتلون، يمكن التبرؤ منهم بسهولة».
وقال كارلوس، الذي خدم سابقًا في أوكرانيا إلى جانب القوات الأوكرانية قبل قدومه إلى السودان، إنه غادر في النهاية بسبب مشكلات في دفع الأجور، مضيفًا أن ثلاثين مقاتلًا آخرين انسحبوا معه، «لكن في الوقت نفسه، كانت تصل طائرات تقل ثلاثين آخرين بدلهم».