ارتفاع وفيات منجم «التقولة» بجنوب كردفان إلى «29» شخصًا وسط تكتم حكومي
21 أكتوبر 2025 – ارتفع عدد ضحايا الكارثة الصحية جراء استخدام السيانيد وتقارير عن تفشي الكوليرا في منجم التقولة بمحلية قدير بولاية جنوب كردفان إلى 29 شخصًا بعد انتشال جثث ستة أشخاص جدد، فيما لا تزال السلطات تتكتم على المعلومات وتفرض إغلاقًا على المنطقة وسط ضعف في إمكانيات الإسعاف والرعاية الطبية.
وفي 19 أكتوبر أعلنت لجنة مناهضة السيانيد بمحلية قدير عن وفاة 23 شخصًا وإصابة 145 آخرين في حادثة صحية وصفتها بالكارثية داخل منجم التقولة بمحلية تلودي، وسط ترجيحات بأن تكون الأسباب ناجمة عن تسمم بمخلفات التعدين باستخدام مادة السيانيد، أو تفشٍ محتمل لوباء الكوليرا لكن مصادر تحدثت مع «بيم ريبورتس» قالت إن السلطات تغطي على استخدام السيانيد بأن الإصابات سببها الكوليرا.
وقال مصدر من محلية تلودي لـ«بيم ريبورتس» إن منجم التقولة بتلودي يعيش أوضاعًا صحية حرجة مع تسجيل 145 إصابة، في وقت تقتصر فيه الخدمات الصحية على إسعافات أولية وعدد محدود من الممرضين دون أطباء مختصين أو تجهيزات كافية.
وذكر أن السلطات المحلية أغلقت المنجم والمناطق المحيطة به، ومنعت دخول المواطنين بينما يسود الذعر بين السكان والعمال في مواقع التعدين الأهلي.
وأوضح المصدر أن أولى الحوادث المشابهة وقعت في ديسمبر 2024 لكنها كانت محدودة، قبل أن تتكرر بصورة أوسع منذ أبريل الماضي.
وأشار إلى أن بعض جدران المناجم تُشيَّد باستخدام مشمعات شفافة ومواد محلية تتسرب منها المواد الكيميائية إلى التربة والمياه، وأن أولى الإصابات ظهرت وسط العمال العاملين في المنجم ثم انتقلت إلى السوق وقرى أم دوال وباجون والتقولة عامةً.
وأضاف المصدر أن عمليات استخلاص الذهب تُجرى باستخدام مادة السيانيد بطرق غير علمية، إذ تُخلط المواد السامة في أماكن مكشوفة رغم أن اشتراطات السلامة تقتضي أن تكون المعالجات تحت الأرض وفي مواقع مغلقة وبعيدة عن العمال.
كما أوضح أن مناهضين لاستخدام السيانيد في تلودي كانوا قد تعرضوا لاعتداء من بعض أهالي المنطقة أثناء محاولتهم الإبلاغ عن المخاطر، وفتحوا بلاغات لم تُنظر بسبب عدم وجود قاض، ما جعل المعدنيين يترددون في التبليغ بعد الحادثة الأخيرة.
وبيّن المصدر أن الشركة السودانية للموارد المعدنية كان يفترض أن تنفذ حملات توعية بسلامة المواطنين لكنها لم تقم بهذا الدور، مشيرًا إلى أن حالات مماثلة كانت تُسجل سابقًا ولكن بأعداد محدودة قبل أن تتفاقم مؤخرًا.
نطاق معقد
بينما أكدت مصادر أهلية لـ«بيم ريبورتس» أن المنطقة تقع في نطاق معقد تتقاطع فيه مناطق سيطرة الحركة الشعبية شمال من الجهات الغربية والجنوبية مع مناطق خاضعة لقوات الدعم السريع شمالًا، فيما تحيط بها غابات كثيفة ومناجم صغيرة تديرها مجموعات مختلفة.
وكانت لجنة مناهضة السيانيد بمحلية قدير قد أكدت أن منجم التقولة شهد خلال الأشهر الماضية حوادث صحية مشابهة شملت إصابات جلدية ونفوق طيور، وحمّلت السلطات الصحية والأمنية مسؤولية الإهمال، مطالبة بوقف استخدام السيانيد وإرسال فرق طبية عاجلة لتقصي الحقائق.
ويُعد منجم التقولة أحد أكبر مواقع التعدين الأهلي في جنوب كردفان، وتُتهم فيه شركات –من بينها شركات حكومية وعسكرية- باستخدام مواد سامة في استخلاص الذهب دون رقابة حكومية فعالة، ما جعل المنطقة بؤرة متكررة للتلوث البيئي والأوبئة.