22 أكتوبر 2025 – أوقف مواطنون في مدينة تلودي بولاية جنوب كردفان، الأربعاء، عمل عدد من شركات التعدين من العمل في منجم الكيس شمال المدينة، احتجاجًا على استخدام مادة السيانيد في عمليات استخلاص الذهب.
وقالت لجنة مناهضة السيانيد بمحافظة قدير في بيان اليوم إن المحتجين أغلقوا الأحواض بالقوة الجماهيرية، ورددوا شعارات تطالب بوقف التعدين عبر السيانيد ومحاسبة الجهات المتورطة في الكوارث البيئية، مشيرًا إلى أن منجم الكيس يقع في طريق تلودي – مفلوع ويبعد أقل من كيلومترين عن المدينة، ما يشكل خطرًا مباشرًا على صحة السكان بحسب البيان.
وأوضح البيان أن الطواحين الرطبة جرى تركيبها في أغسطس الماضي، داعيًا إلى إيقافها فورًا، فيما حثت اللجنة المواطنين على « المزيد من التماسك والتصعيد حتى وقف عمل السيانيد في كامل المنطقة».
وأمس الثلاثاء أفاد مصدر محلي من محلية قدير القريبة من المنطقة لـ«بيم ريبورتس» بارتفاع عدد ضحايا الحادثة الصحية التي وقعت في منجم التقولة بمحلية تلودي قبل يومين إلى 29 شخصًا بعد انتشال جثث ستة أشخاص إضافيين، فيما بلغت الإصابات أكثر من 145 حالة، وفق لجنة مناهضة السيانيد بمحلية قدير.
وكانت اللجنة قد قالت -في بيان سابق- إن كارثة صحية وقعت داخل منجم التقولة، أدت لوفاة 23 شخص وإصابة العشرات بأمراض وسط ترجيحات بأن تكون ناجمة عن تسمم بمخلفات التعدين باستخدام مادة السيانيد أو تفشٍ محتمل لوباء الكوليرا، مشيرةً إلى أن السلطات تتكتم على المعلومات وتفرض إغلاقًا على المنطقة.
وأكد مصدر من المحلية لـ«بيم ريبورتس» أمس أن المنجم يعيش أوضاعًا صحية حرجة مع محدودية الإمكانيات الطبية، حيث تقتصر الخدمات على إسعافات أولية وعدد محدود من الممرضين دون أطباء مختصين.
ولفت إلى أن السلطات المحلية أغلقت المنجم والمناطق المحيطة ومنعت دخول المواطنين، ما زاد حالة الذعر بين السكان والعمال.
وأشار المصدر إلى أن أولى الحوادث المماثلة وقعت في ديسمبر 2024 لكنها كانت محدودة، قبل أن تتكرر بصورة أوسع منذ أبريل الماضي، لافتًا إلى أن بعض جدران المناجم تُشيَّد بمواد محلية ومشمعات شفافة تتسرب منها المواد الكيميائية إلى التربة ومصادر المياه.
وأضاف أن أولى الإصابات ظهرت وسط العمال العاملين في المنجم ثم انتقلت إلى السوق وقرى أم دوال وباجون والتقولة عامة.
وبيّن أن عمليات استخلاص الذهب تُجرى بطرق غير علمية، إذ تُخلط المواد السامة في أماكن مكشوفة رغم أن اشتراطات السلامة تقتضي أن تكون المعالجات تحت الأرض وفي مواقع مغلقة.
كما ذكر أن الشركة السودانية للموارد المعدنية لم تنفذ حملات توعية بسلامة المواطنين رغم مسؤوليتها المباشرة، مؤكدًا أن حوادث مماثلة سُجلت سابقًا لكن بأعداد محدودة قبل أن تتفاقم مؤخرًا.
وتقع المنطقة في نطاق معقد تتقاطع فيه مناطق سيطرة الحركة الشعبية شمال من الغرب والجنوب، مع مناطق تخضع لـقوات الدعم السريع شمالًا، مما يعرقل الرقابة البيئية والإدارية.
وكانت لجنة مناهضة السيانيد بمحلية قدير قد ذكرت أن منجم التقولة شهد خلال الأشهر الماضية حوادث صحية مشابهة شملت إصابات جلدية ونفوق طيور، وحمّلت السلطات الصحية والأمنية مسؤولية الإهمال، مطالبة بوقف استخدام السيانيد وإرسال فرق طبية عاجلة لتقصي الحقائق.
ويُعد منجم التقولة أحد أكبر مواقع التعدين الأهلي في جنوب كردفان، وتُتهم فيه شركات –من بينها شركات حكومية وعسكرية– باستخدام مواد سامة في استخلاص الذهب دون رقابة حكومية فعالة، ما جعل المنطقة بؤرة متكررة للتلوث البيئي والأوبئة.