25 أكتوبر 2025 – دعا تجمع الأجسام المطلبية (تام) إلى إغلاق أسواق منطقة المثلث (تلودي، وكالوقي، والليري) في جنوب كردفان، في ظل استمرار الوفيات ونفوق المواشي في منجم «التقولة» بمحلية «تلودي»، نتيجة تفشي إسهالات «حادة وقاتلة»، رجّحت أنها ناجمة عن تلوث بمادة السيانيد المستخدمة في التعدين، في وقت تنشط فيه منظومات عسكرية متعددة داخل المنطقة – بحسب البيان.
وفي السياق، نشرت لجنة مناهضة السيانيد بمحلية «قدير»، اليوم السبت، مقطع فيديو يوثّق ما قالت إنه نفوق أبقار بمادة السيانيد في منجم «التقولة»، مؤكدةً أن هذه المشاهد «تنفي مزاعم المنتفعين من الشركات».
وبالأمس، بثّت اللجنة مقطعًا مصورًا يوثق معاناة طفلة من مواليد «تلودي» تبلغ خمسة أعوام، من «تأخر في النمو وتقرحات جلدية وتصبغات وجفاف»، وقالت عنها إنها «إحدى ضحايا التلوث الناتج عن المواد المستخدمة في عمليات استخلاص الذهب في مناجم جنوب كردفان».
وقال تجمع الأجسام المطلبية، الجمعة، إن الوضع في منطقة «المثلث» يشير إلى «حدوث تلوث كيميائي غير مسيطر عليه»، مؤكدًا أنّه يتطلب تشكيل لجنة طبية وبيئية وخبراء معامل مستقلين فورًا، لإجراء الفحص اللازم لعينات من المياه والهواء والتربة.
ويُعدّ منجم «التقولة» أحد أكبر مواقع التعدين الأهلي في جنوب كردفان، وتُتهم فيه شركات، بينها جهات حكومية وعسكرية، باستخدام مواد سامة في استخلاص الذهب دون رقابة فعالة، ما جعل المنطقة بؤرة متكررة للتلوث البيئي والأوبئة.
وتقع منطقة «التقولة» ضمن نطاقٍ معقدٍ تتقاطع فيه مناطق سيطرة الحركة الشعبية شمال من الغرب والجنوب، مع مناطق تخضع لـ«الدعم السريع» شمالًا، ما يجعل الرقابة الإدارية والبيئية شبه مستحيلة.
وأفاد شهود عيان، وفق بيان تجمع الأجسام المطلبية، بأنّ مركز «الحكمة» الصحي في «التقولة»، يستقبل عشرات الحالات يوميًا من المصابين بالإسهال على «انعدام الدواء وضعف التجهيزات الطبية»، مشيرين إلى «إحصاء 150 إصابة و30 حالة وفاة خلال ثلاثة أيام فقط، أغلبها وسط الرجال، إلى جانب رصد حالات إجهاض بين النساء الحوامل».
وذكر البيان أنّ مواطنين وثقوا بالصور مستودع براميل تحتوي على مادة «السيانيد» التي وصفها بأنها «عالية السمية»، مما «يزيد من ترجيح أن التلوث ناتج عن أنشطة التعدين».
والأسبوع الماضي، شهدت مناطق «تلودي» و«قدير» احتجاجات واسعة ضد شركات التعدين التي تستخدم مادة السيانيد. وأغلق محتجون أحواض السيانيد في منجم «الكيس» شمال «تلودي» بالقوة الجماهيرية، مرددين شعارات تطالب بوقف التعدين عبر المواد السامة، ومحاسبة الجهات المتورطة في الكوارث البيئية.
وقالت لجنة مناهضة السيانيد بمحلية «قدير»، في بيان، حينها، إن المنجم يقع على طريق تلودي – مفلوع، ويبعد أقل من كيلومترين من المدينة، ما يشكل خطرًا مباشرًا على السكان. وأشارت إلى أن الطواحين الرطبة رُكّبت في أغسطس الماضي دون مراعاة اشتراطات السلامة، داعيةً المواطنين إلى مزيدٍ من التماسك والتصعيد حتى وقف استخدام السيانيد في كامل المنطقة.
وفي تطورات سابقة، قال مصدر محلي من محلية «قدير»، في إفادة لـ«بيم ريبورتس»، الأسبوع الماضي، إن عدد ضحايا حادثة منجم «التقولة» ارتفع إلى 29 شخصًا بعد العثور على جثث إضافية. فيما بلغت الإصابات أكثر من 145 إصابة، وفقًا للجنة مناهضة السيانيد التي عزت الأمر إلى «تفشي إسهالات معوية خطيرة».
وبيّن الشاهد أن أولى الإصابات ظهرت وسط العمال داخل المنجم، قبل أن تنتقل إلى السوق وقرى أم «دوال» و«باجون» و«التقولة» عامة. كما أوضح أن عمليات استخلاص الذهب تُجرى بطرق غير علمية وفي أماكن مكشوفة، حيث تُخلط المواد السامة في الهواء الطلق، مع أن اشتراطات السلامة تقتضي إجراء المعالجات تحت الأرض وفي مواقع مغلقة.
وأضاف الشاهد أن بعض جدران المناجم تُشيّد بمواد محلية ومشمعات شفافة تتسرب منها المواد الكيميائية إلى التربة ومصادر المياه، ما يزيد احتمالات تلوث الآبار والينابيع. كما انتقد تقصير الشركة السودانية للموارد المعدنية في التوعية بإجراءات السلامة رغم مسؤوليتها المباشرة، مشيرًا إلى أن حوادث مماثلة سُجلت سابقًا، لكنها كانت محدودة قبل أن تتفاقم مؤخرًا.
 
 

