Day: November 10, 2025

العطا ومناوي يعلنان عزمهما الوصول إلى «آخر شبر» في دارفور.. وعبدالواحد يطالب بوقف شامل لإطلاق النار

عبد الواحد النور يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في السودان يضم كل حاملي السلاح

دعا رئيس حركة جيش تحرير السودان، عبد الواحد النور، الإثنين، إلى وقف شامل لإطلاق النار يضم كل حاملي السلاح في البلاد وليس الأطراف المتحاربة فقط. 

وفي 2003 بدأ نور بقتال الحكومة المركزية في الخرطوم مطالبًا بالعلمانية والديمقراطية والعدالة ورفض طيلة عقدين التوقيع على أي اتفاقيات سلام قبل أن ينأى بحركته في الانخراط في الحرب الحالية، حيث أعلن الحياد التام.  

وقالت الحركة في بيان اليوم إن رئيسها التقى بوزير الخارجية ورئيس البرلمان الإيطاليين ومنظمة سنت جيديا في اجتماعات منفصلة ضمن جولة أوروبية يجريها منذ الثاني من نوفمبر الجاري.

وذكر البيان أن نور ناقش الوضع الإنساني الكارثي في السودان عامةً ومناطق سيطرة الحركة بشكل خاص والتي قال إنها استقبلت ملايين النازحين من دارفور وبقية أنحاء السودان.

وتقدر منظمات أممية فرار مئات الآلاف منذ اندلاع الحرب إلى مناطق تسيطر عليها الحركة في دارفور بما في ذلك طويلة وجبل مرة المعقل الرئيس للحركة. 

وأكد البيان أنه شرح المبادرة الإنسانية لمخاطبة الوضع الإنساني بمدينة الفاشر قبل اندلاع القتال فيها ورفض بعض أطراف الصراع لها.

 وأشار إلى أنها كانت يمكن أن تجنب الفاشر الحالة التي وصلت إليها، بالإضافة إلى الأدوار السياسية والإنسانية التي قال إن الحركة تقوم بها لوقف وإنهاء الحرب عبر تكوين أكبر جبهة وطنية.

كما طالب نور بالبدء الفوري في إجراءات وقف إطلاق النار بشكل شامل يضم جميع القوى الحاملة للسلاح وليس طرفي الصراع فقط. كما طالب أيضًا من الجهات الإيطالية الحكومية والمدنية بضرورة مساعدة الشعب السوداني في محنته عبر التدخل الإنساني العاجل للمناصرة ومجابهة الوضع الإنساني.

وذكر البيان أن رؤى وطرح الحركة لاقى استحسانًا وتفهمًا من الأطراف الإيطالية واعدين ببذل كافة الجهود الممكنة الممكنة لمساعدة السودان في كافة المناحي الإنسانية ووقف وإنهاء الحرب وصولاً إلى سلام شامل.

وفي يوليو 2024 طرح النور مبادرة تقضي بخروج جميع القوات المتقاتلة من الفاشر وتحويل المدينة إلى منطقة منزوعة السلاح على أن تتولى حركته إدارة الوضع الإنساني وتوفير الأمن للمواطنين والسعي مع الآخرين لمعالجة الوضع الذي خلفته الحرب.

العطا يتهم قوى إقليمية ودولية بالتآمر لنهب موارد أفريقيا وتقاسم النفوذ

اتهم مساعد قائد الجيش السوداني، ياسر العطا، قوى دولية وإقليمية ـ لم يسمها ـ بالتآمر لنهب موارد إفريقيا وتقاسم النفوذ عبر حشد الأموال والسلاح والمرتزقة.

 وقال العطا إن «عزيمة شبابنا ووحدتنا المؤسسية ستُحبط هذه المخططات» وذلك خلال مخاطبته أمس ضباط صف وجنود سلاح المدرعات ومتحركات العمليات أثناء تخريج بسلاح المدرعات.

وأكد العطا على أن «زخم العمليات» مستمر حتى الوصول إلى المواطنين في مناطق دارفور في «الطينة وكلبس وجرجيرة والجنينة وأم دخن» وغيرها.

وتابع العطا قائلًا: «ماتقوم به القوات العسكرية بكل فصائلها هو إستجابة لإرادة الشعب السوداني».

ورأى أن الطريق إلى السلام يمر عبر حسم التهديدات واستعادة الأمن لجميع المواطنين، معلنًا أن القوات «ستواصل التحرك بشجاعة وإصرار حتى تصل كل مواطن وتضمن له الأمان». وأضاف «الطريق إلى السلام يمر عبر حسم التهديدات واستعادة الأمن لجميع المواطنين».

مناوي: سقوط منطقة لا يعني النهاية وسنتحرك حتى آخر نقطة غربًا

توعد حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، في خطاب ألقاه يوم الأحد، أمام جمع من قادة الجيش والمشتركة وخريجين من سلاح المدرعات، بالتحرك نحو غرب السودان وتحريره «شبر شبر» حتى آخر منطقة في أم دافوق.

وقال مناوي: «ونحن في لحظة البلاوي التي ألمت ببلادنا من المؤامرات والطموح والأطماع غير الشرعية التي دخلت في السودان وفتت أهلنا وأهانت كرامتهم لا يمكن أن تسترد إلا بالصمود».

 وأكد أن أهل الفاشر سجلوا أكثر أنواع الصمود «في الدنيا على الإطلاق».

واعتبر مناوي إن سقوط منطقة لا يعني النهاية، مضيفًا «اتجاه عدونا معروف وهم محاصرون في مناطق محددة».

 وقال إن السودانيين لا يعرفون سيدًا غير الله، مضيفًا: «ليس من الممكن أن يأتي شخص مجرد مرتزق ومولود خلف الحدود لإحتلال البلد بالإرتزاق يغتصب ويقتل ويسلم البلد».

مدير الصحة العالمية يصف مقتل طبيب في الفاشر بالمأساة ويحث على إنهاء العنف ضد العاملين الصحيين

أعرب مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، عن حزنه لمقتل الطبيب بالمستشفى السعودي الفاشر، آدم ابراهيم إسماعيل، واصفاً الحادث بأنه «مأساة أخرى في السودان».

وحث على إنهاء العنف ضد العاملين في المجال الصحي، وقال مشددًا: «يجب أن تتوقف إراقة الدماء في السودان،السلام هو أفضل دواء».

وكانت وزارة الصحة الإتحادية قد أدانت قبل أيام اغتيال إسماعيل، محملةً «قوات الدعم السريع المسؤولية عن تصفيته بعد اعتقاله عقب دخولها مدينة الفاشر». وأوضحت أنه ظل يعمل في قسم الطوارئ بالمستشفى السعودي «لأكثر من 700 يوم» منذ اندلاع الحرب.

ودعت وقتها الوزارة منظمة الصحة العالمية والمنظمات الحقوقية للتحرك لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة ووصفتها بأنها «انتهاك صريح للقانون الدولي واتفاقيات حماية العاملين الصحيين».

الصحة العالمية:«192» هجومًا على المرافق الطبية في السودان منذ اندلاع الحرب

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم، إنها تحققت من وقوع هجوم على مستشفى بولاية جنوب كردفان ليصل بذلك عدد الهجمات على المرافق الصحية إلى« »192 هجوماً منذ أكثر من عامين ونصف.

وقالت المنظمة إن هجومًا على مستشفى الدلنج بولاية جنوب كردفان بتاريخ 6 نوفمبر الجاري تسبب في مقتل ستة مرضى وعائلاتهم بمن في ذلك «طفل يبلغ من العمر 12 عاماً وإصابة 12 آخرين». وأضافت «هذا الهجوم رقم 192 الذي تم التحقق منه على الصحة منذ أبريل 2023». 

والجمعة الماضي قال مصدر محلي من ولاية جنوب كردفان لـ«بيم ريبورتس» إن قصفًا مدفعيًا استهدف مدينة الدلنج لليوم الثاني على التوالي، مشيرًا إلى أن هجمات مشابهة يوم الخميس أصابت المستشفى التعليمي بالدلنج ما أسفر عن خسائر في البنية التحتية.

فرار نحو «850» أسرة من الفاشر إلى محيط محلية الطينة

قالت غرفة طوارئ محلية الطينة بولاية شمال دارفور إن المنطقة تعيش أوضاعًا إنسانية مأساوية في أعقاب موجة نزوح كبيرة قادمة من مدينة الفاشر بسبب الهجمات  الأخيرة.

وأوضحت الغرفة أن «أكثر من 850 أسرة» وصلت إلى المحلية في ظروف بالغة القسوة بلا مأوى ولا غذاء ولا دواء في ظل غياب تام لأي دعم إنساني.

والأسبوع الماضي تعرضت محلية الطينة لهجوم بطائرات مسيّرة من قوات الدعم السريع استهدفت مواقع سكنية و مدنية ومراكز إيواء النازحين  مما أدى إلى سقوط ضحايا وسط المدنيين.

وحثت الغرفة الأسرة الدولية بتدخل عاجل لاحتواء الأزمة الإنسانية الحاصلة بالأخص المناطق الحدودية لتقديم المساعدات الضرورية للنازحين المتضررين للتخفيف عن معاناة.

كما دعت إلى«فتح ممرات آمنة للمدنيين الفارين من الفاشر والمناطق حولها»، بالإضافة إلى توثيق الانتهاكات ومساءلة المسؤولين عنها دون الإفلات من العقاب وفقًا للقانون الدولي الإنساني.

كما دعت المجتمع الدولي للقيام بدوره في حماية المدنيين وتكثيف جهوده لوقف هجمات قوات الدعم السريع المستمرة على المدنيين في محلية الطينة الحدودية ووقف المأساة المستمرة في دارفور.

«أوتشا»: الموارد المتوفرة أقل من احتياجات آلاف الفارين من الفاشر إلى طويلة

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن آلاف النازحين الفارين من العنف في الفاشر وصلوا إلى محلية طويلة.

 وأكد المكتب أن الأمم المتحدة وشركاؤها يستمرون في تقديم المساعدات المنقذة للحياة لهم، مشيرًت إلى أن «احتياجات النازحين تفوق الموارد المتوفرة بشكل كبير»، داعيًا إلى دعم عاجل لتوفير شريان الحياة للنازحين.

«الدعم السريع» تقول إنها حشدت قوات ضخمة للسيطرة على معقل الجيش في بابنوسة

أعلنت قوات الدعم السريع، الإثنين، إنها «دفعت بحشود ضخمة» إلى مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان للسيطرة على الفرقة 22 معقل الجيش الرئيسي في المنطقة.

ويأتي ذلك بعد يوم من إعلان الجيش تصديه لهجوم مكثف على الفرقة قال إنه قتل فيه قائد الهجوم.

وتوعد جنود في الدعم السريع في فيديو نشرته القوات على حسابها بمنصة تليجرام بالاستيلاء على معقل الجيش.

الجيش يقصف مواقع لـ«الدعم السريع» في نيالا يومي السبت والأحد

قصف الجيش السوداني خلال يومي السبت والأحد عدة مواقع عسكرية لقوات الدعم السريع في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.

وقال مصدر من نيالا لـ«بيم ريبورتس» اليوم إن قصف يوم السبت استهدف «حيي المصانع والنهضة» في حدود الساعة السابعة مساء وقُتِل فيه بعض عناصر الدعم السريع. 

وأضاف المصدر أن قصف يوم الأحد والذي استهدف «محيط مطار نيالا الدولي» بالتزامن مع هبوط طائرة فيه تم حوالي العاشرة مساء.  

من الإمارات وإسرائيل إلى اليمين المتطرف الغربي: فبركة «رواية قتل المسيحيين في السودان» تصرف الأنظار عن انتهاكات «الدعم السريع» في الفاشر

منذ أواخر أكتوبر الماضي، تعيش مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، على صفيح ساخن؛ مع سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة بعد حصار خانق استمر 18 شهرًا. وأعقب ذلك انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة، وفرار آلاف السكان، فيما تحوّلت الشوارع إلى أطلال متأثرةً بالدمار والنهب والعنف. وتقلصت قدرة المستشفيات، وخلت أسواق المدينة إلا من أصوات الرصاص والنازحين الباحثين الأمان.

ومع تواتر الشهادات على انتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد المدنيين في الفاشر ومحيطها، وموجة الإدانات الدولية والضغوط الحقوقية المتصاعدة، رصد «مرصد بيم» حملة رقمية منسقة على منصة «إكس»، روّجت مزاعم بأن جماعات إسلامية متطرفة استهدفت مواطنين مسيحيين في السودان. وتقود الحملة حسابات إماراتية وأخرى إسرائيلية، إلى جانب حسابات شخصيات مُصنّفة ضمن اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا.

لاحظ فريق المرصد نشاط هذه الحسابات على منصة «إكس»، التي تركزت على نشر محتوى بشأن الأوضاع في مدينة الفاشر، على نحو منسق، ولكن في سياق بدا مخالفًا تمامًا للواقع؛ حيث تبنت سردية مضللة بصورة واضحة، وعمدت إلى تصوير ما يجري في المدينة على أنه نتاج هجوم جماعات إسلامية متطرفة على المواطنين المسيحيين. في هذا التقرير نوضح أهداف هذه الحملة وتكوينها ونحلل المحتوى المضلل الذي نشرته.

أهداف الحملة:

  1. تحويل الاتهام من «الدعم السريع» إلى جماعات إسلامية.
  2. تصوير الأزمة في السودان، ولا سيما الفاشر، وكأنها قضية دينية لكسب تعاطف خارجي.
  3. إغراق الفضاء بمحتوى مزيف لتشويش الإعلام.
  4. استغلال صور ومشاهد مؤثّرة لإثارة العواطف.
  5. نشر المواد عبر حسابات خارجية لزيادة الانتشار.

هندسة الرواية: كيف بُني الخطاب؟

أظهرت تحليلات فريق المرصد أنّ حساب باسم «أمجد طه» هو مهندس سردية هذه الحملة. وصاحب الحساب إماراتي الجنسية. يعرّف نفسه بأنه خبير في الشؤون الإستراتيجية في الشرق الأوسط. ونشر المرصد من قبل تقريرًا عن شبكة سلوك زائف منسق، يقودها الحساب، كانت تنشر محتوى مشابهًا، وتتهم الجيش باستهداف المسيحيين في السودان.

يأتي نشاط حساب «أمجد طه» هذه المرة في إطار جهود مختلفة، إذ يحاول – ضمن حسابات أخرى – نشر محتوى يقدّم سردية مغايرة تهدف إلى تحويل نظر المتلقي – غير السوداني بالأخص – بعيدًا عن انتهاكات «الدعم السريع» في مدينة الفاشر.

مع تصاعد وتيرة الأحداث في الفاشر، شرع حساب «أمجد طه» في نشر محتوى جديد عن الجماعات الإسلامية في السودان، إذ نشر الحساب مزاعم عن استعداد بريطانيا لمنح الجنسية لجهاديّ سوداني، بينما «يُذبح المسيحيون في السودان ونيجيريا على أيدي جماعات إسلامية متطرفة». 

زعم حساب «أمجد طه» كذلك أنّ «الجيش الإسلامي السوداني قتل مليوني مسيحي وهجّر ثمانية ملايين واغتصب 15 ألف امرأة، في حين يهاجم اليساريون الإمارات التي تُقرع فيها أجراس الكنائس بحرية وتضم أكثر من 40 كنيسة ويعيش فيها المسيحيون بسلام». وأضاف: «في الإمارات، المعابد اليهودية آمنة والديانات تتعايش». 

وفي منشوره، ركّز حساب «أمجد طه» على طرح نقطتين أساسيتين، هما: وجود جماعات إسلامية متطرفة في السودان تستهدف المسيحيين، وإبراز ذلك للعالم، والثانية أن الإمارات، على العكس، تدعم التنوع وتعايش الأديان. لكن اللافت أن الإحصائيات التي قدّمها الحساب بشأن أعداد القتلى المسيحيين والنازحين في السودان لم تُعضد بأيّ تقارير موثقة أو تُسند إلى أيّ مصادر موثوق بها.

عقب ذلك تحول الحساب من الاتهامات المعمّمة للجيش السوداني والجماعات الإسلامية المنضوية تحته – على حد وصفه – إلى التركيز على الفاشر. وبالتزامن مع إعلان قوات الدعم السريع عن سيطرتها على المدينة، نشر الحساب مزاعم عن تورط أفراد الجيش السوداني بـ«قيادة الإخوان المسلمين» في «أكل قلب إنسان بعد قتل رجل وأطفاله في الفاشر»، حسب وصفه. وأضاف: «يرتدي ملابس مصنوعة في تركيا ويحمل أسلحة تركية، ويستخدم طائرات مسيّرة إيرانية، وقد منح إرهابيي حماس (6 آلاف) جوازات سفر سودانية».

ولم يقدّم الحساب أيّ أدلة أو صور أو معلومات موثقة تدعم هذه السردية. فيما أعادت العديد من الحسابات الإسرائيلية والإماراتية نشر المحتوى الذي ينشره، وعقد مقارنة بين ما يحدث في السودان وما يحدث في غزة، مشيرةً إلى أن حماس تقتل الإسرائيليين، فيما تقتل الجماعات الإسلامية في الجيش السوداني المسيحيين، وكل ذلك بـ«دوافع دينية» – حسب زعمها.

ولاحظ فريق المرصد أنّ حسابات ضمن هذه الحملة أعادت توظيف بعض الصور التي انتشرت عقب تصاعد وتيرة الانتهاكات ضد المدنيين في الفاشر على أنها توثق تلك الانتهاكات – أعادت توظيفها لتبدو وكأنها توثق انتهاكات من قبل الجماعات الإسلامية ضد المسيحيين. ونشر حساب باسم «Nima Yamini» هذه الصور، معلقًا عليها بمقطع مصوّر يقول فيه إنها صور «ذبح مسيحيين في السودان، ولا يتكلم عنها أحد لأنه لا وجود لإسرائيل هناك، لكي تلام على ما يحدث»، على حد تعبيره. 

كما ذكر الحساب أن «المجازر العنيفة التي ارتكبتها الجماعات الإسلامية بحق المسيحيين في السودان فظيعة إلى درجة أنه يمكنك أن ترى الدماء من الفضاء، عبر صور الأقمار الصناعية». وشارك صورة جوية ملتقطة عبر الأقمار الصناعية، لتعضيد مزاعمه.

ومن الجدير بالذكر، أن تصريحات مشابهة كان قد أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على منصة «تروث سوشيال» الأسبوع الماضي، اتهم فيها الحكومة النيجيرية باضطهاد المسيحيين، مما أثار حفيظة السيناتور النيجيري علي ندومي ممثل جنوب بورنو عن حزب المؤتمر التقدمي في نيجيريا، الذي رفض التصريحات، ووصفها بـ«الجاهلة والمضللة»، مؤكدًا أن العنف في نيجيريا عشوائي يطال المسلمين والمسيحيين على حدٍّ سواء.

دومينيك تارتشينسكي: اليمين المتطرف يشارك في الحملة

نشر حساب باسم «Dominik Tarczyński MEP» صورة من الصور التي نُشرت في سياق انتهاكات الفاشر، قائلًا: «السودان: إبادة المسيحيين على يد الإسلاميين». فيما أعاد حساب «أمجد طه» وحسابات أخرى نشطة في الحملة، نشر المحتوى نفسه لضمان انتشاره. 

وتبين للمرصد أن صاحب الحساب دومينيك تارتشينسكي، هو سياسي بولندي وعضو في البرلمان الأوروبي منذ العام 2020 عن حزب القانون والعدالة (PiS) اليميني المحافظ. ويُعرف بمواقفه المتشددة ضد المهاجرين، خاصةً من الدول ذات الأغلبية المسلمة، إذ صرّح مرارًا بأن بولندا لم ولن تستقبل لاجئين مسلمين، معتبرًا ذلك حماية لهوية البلاد. في حين دفعت هذه التصريحات وغيرها مراقبين إلى تصنيف تارتشينسكي ضمن السياسيين الأوروبيين الذين يتبنون خطابًا معاديًا للإسلام.

واتضح لفريق المرصد الرابط ما بين اليمين المتطرف المعادي للإسلام ونشاط هذه الحملة. وهو ما تجلى في منشور آخر على حساب باسم «Tommy Robinson» يتضمن صورة امرأة وطفلها، وصورة أخرى يزعُم أنها لأسيرة إسرائيلية، معلقًا: «اختلفت الأماكن، لكن الإيديولوجيا واحدة»، في إشارة إلى إيديولوجيا الجماعات الإسلامية. 

ومع البحث، تبيّن أنّ صاحب الحساب تومي روبنسون، هو ناشط بريطاني مثير للجدل، اشتهر بمشاركته في تأسيس حركة رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL)، وهي حركة مصنفة ضمن اليميني المتشدد، تركز على مهاجمة الإسلام والمسلمين في بريطانيا وأوروبا. 

وينشط روبنسون في تنظيم مسيرات وتظاهرات ونشر محتوى إعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي يبرز خطاب الإسلاموفوبيا. ومن المهم الإشارة إلى أن القاسم المشترك بين هذين الحسابين ليس فقط العداء للإسلام، ولكن الدعم الكامل لإسرائيل، وهو ما برز بدرجة كبيرة في التنسيق مع بقية حسابات الحملة التي شاركت محتوى الحسابين، إلى جانب مشاركة حساب «إسرائيل بالعربية» محتوى الحملة.

قوات الدعم السريع «الإسلامية»

وفي الوقت الذي تروّج فيه الحملة وجود جماعات إسلامية متطرفة داخل الجيش السوداني، تُتداول سردية في بعض الأوساط السياسية والإعلامية، تقول إن قوات الدعم السريع نفسها مرتبطة وتعبر عن جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي. رغم تناقض هذا الادعاء مع الخطاب الرسمي الذي تتبناه قوات الدعم السريع نفسها، إذ تصف خصومها – وعلى رأسهم الجيش السوداني – بأنهم امتداد للحركة الإسلامية وتنظيم الإخوان المسلمين، وتقدّم نفسها بأنها قوة تحارب «الدولة العميقة الإسلامية» التي حكمت السودان لعقود.

أوضح مثال على هذا الخلط هو مشاركة حساب «Leo Housakos» في الحملة، وهو سياسي كندي وعضو في مجلس الشيوخ الكندي عن مقاطعة «كيبيك»، واللافت في مشاركة السيناتور ليو هوساكوس أنه أكد «إبادة المسيحيين في السودان»، لكنه وجّه أصابع الاتهام إلى قوات الدعم السريع «الإسلامية» بدلًا عن «الجماعات الإسلامية في الجيش» كما تصفهم الحملة، في انحراف واضح عن سرديتها والأطراف التي تستهدفها. 

وتجدر الإشارة إلى وضوح الارتباط بين خطاب اليمين متمثلًا في هوساكوس، وميله إلى نقد الأصوات المعارضة للحرب الإسرائيلية في غزة، وهو ما أشار إليه بالقول: «الأصوات التي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة، تصمت الآن عن الحديث عما يجري في  السودان».

تفنيد السردية والمحتوى الذي رافقها

تدّعي حسابات الحملة أن الحرب الدائرة في السودان حرب دينية تستهدف المسيحيين، ولكن هذا الطرح يفتقر إلى أيّ أدلة موثقة ولا يستند إلى تقارير ميدانية أو حقوقية معتمدة. وعليه، فإنّ تصوير الحرب وكأنّها «استهداف للدين المسيحي» يُعدّ تضليلًا للرأي العام.

ويُذكر أنّ تقارير حقوقية أشارت إلى أنّ الاستهداف المتكرر لدور العبادة في السودان خلال الحرب الجارية، لم يقتصر على ديانة بعينها، بل شمل المساجد والكنائس على حدٍّ سواء؛ فقد وثّقت اللجنة الدولية لتقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حوادث قصف مساجد في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، في تقريرها المقدّم إلى مجلس حقوق الإنسان في الثامن من سبتمبر الماضي. وقالت إنها تلقت مزاعم موثوقة بشن هجمات مماثلة على أماكن عبادة أخرى من قِبل كلا الطرفين المتحاربين، بما في ذلك قصف قوات الدعم السريع لكنائس في الفاشر، وقصف القوات المسلحة السودانية لمساجد وكنيسة معمدانية في «ود مدني» والخرطوم. 

وأضاف التقرير: «تشير هذه الشهادات إلى أن أماكن العبادة أصبحت ضحايا مباشرة للعمليات العسكرية والصراع المسلح، ما يعكس الطبيعة الشاملة للعنف الذي طال المدنيين من مختلف المعتقدات، دون تمييز ديني واضح».

الصورة والتقنية في خدمة التضليل

وعلى الصعيد نفسه، لاحظ فريق المرصد أنّ «الأدلة البصرية» التي استخدمتها الحسابات النشطة في هذه الحملة، كانت جميعها مضللة ومأخوذة من سياقات مختلفة. فعلى سبيل المثال، تداولت الحسابات صورة امرأة تحتضن طفلها فيما تظهر ظلال بنادق في الصورة، والتي انتشرت على أساس أنها توثق تعرض امرأة وطفلها للقتل على يد «الدعم السريع» في الفاشر. ولكن أثبتت تحقيقات المرصد أنّ الصورة مجتزأة من مقطع فيديو مولّد بالذكاء الاصطناعي، نشره حساب باسم «khoubaib.bz» على «إنستقرام»، مما يبيّن مساعي الحملة إلى استخدام المحتوى البصري الذي انتشر عقب سقوط الفاشر في يد «الدعم السريع»، وإعادة تدويره على نحو يصرف الأنظار عن انتهاكات «الدعم السريع» ويحولها إلى إدانة الجيش.

وتداولت حسابات الحملة كذلك صورة امرأة معلقة على شجرة مع طفلين، على أنهم ضحايا القتل الممنهج ضد المسيحيين في السودان، ولكن الصورة مضلِّلة ولا صلة لها بالسودان، إذ تحقق منها «مرصد بيم» من قبل، وتوصّل إلى أنها نُشرت في 18 فبراير 2025 على منصة «إكس»، على أنها حادثة في تشاد، فيما تُداولت، بعد يوم واحد، في سياق أحداث عنف في جمهورية مالي. وكانت الصورة نفسها قد تداولت على نطاق واسع، في سياق مضلل، عقب سيطرة «الدعم السريع» على الفاشر.

وانتشرت خلال الأيام الماضية صور أقمار أصطناعية من مدينة الفاشر، تُظهر بقعًا حمراء ، في مواقع شهدت معارك بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، حللها مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لجامعة «ييل» الأمريكية، مرجحًا أنها تشير إلى وقوع مجازر وعمليات قتل جماعي بعد سيطرة «الدعم السريع» على المدينة. وتداولتها وسائل إعلام دولية، مثل «الجزيرة الإنجليزية» و«أسوشيتد برس».

ورغم قوة المؤشرات البصرية، أكدت تلك التقارير أنّ الصور وحدها لا تكفي لإثبات أنّ البقع الحمراء الظاهرة في الصورة هي دماء، من دون تحقيق ميداني مستقل. ومع ذلك تلقفت حسابات الحملة هذه الصور، ونشرتها مدعيةً أنها أدلة توثق المجازر بحق المسيحيين في السودان على يد الجماعات الإسلامية، وأخرجتها بالكامل من سياقها الأصلي، بهدف تضليل الجمهور وإثارة تعاطف الرأي العام.

تكشف هذه الحملة التي قادتها حسابات داعمة للإمارات وإسرائيل لترويج رواية «استهداف المسيحيين في السودان» على يد جماعات إسلامية متطرفة في الجيش السوداني، عن تضليل مركّب؛ وتبيّن كيف يمكن حرْف صور ومقاطع فيديو متداولة في المنصات الرقمية عن سياقها بالكامل، وخلق «رواية بديلة» من العدم، بالاستناد إلى صور مولّدة بالذكاء الاصطناعي أو مقتطعة من سياقها الأصليّ. 

كذلك، وضح سلوك إعادة النشر والمشاركة في ترويج سردية الحملة عبر حسابات من دول مختلفة إلى تشابك الخيوط من الإمارات وإسرائيل إلى اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا الشمالية، بهدف توجيه الرأي العام نحو قراءة مضللة لطبيعة الصراع في السودان، بدلًا من نقل الواقع الميداني بدقة.

قائمة ببعض الحسابات التي شاركت في الحملة: