السودان: ترحيب «متعدد الأوجه» بوصول ملف الحرب إلى المكتب البيضاوي بطلب سعودي

مثّل إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تدخله المباشر لإنهاء الحرب في السودان، بطلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لحظة فارقة في إعادة تشكيل المواقف السياسية المحلية في البلد الإفريقي الذي تمزقه حرب داخلية مدعومة أجنبيًا. 

وحرّكت تصريحات ترامب، في أكبر تعاطي أمريكي مع الأزمة التي تعصف بالبلاد، الداخل السوداني بقوة، حيث جلبت ترحيب الخصوم السياسيين الرئيسيين في البلاد  لكنهم مع ذلك اختلفوا في طريقة الحل. 

 بما في ذلك الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع والحركة الإسلامية وتحالف صمود بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، لكنهم مع ذلك اختلفوا في طريقة الحل. 

من جهتها، قالت الحكومة السودانية في بيان صادر من مجلس السيادة إنها ترحب بجهود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لإحلال «السلام العادل والمنصف» في البلاد. 

وشكر البيان السوداني الحكومتان على «جهودهما المستمرة لإيقاف نزيف الدم السوداني» مؤكدًا استعداد الحكومة للانخراط الجاد معهم لتحقيق السلام الذي ينتظره الشعب السوداني. 

كما شكر البرهان في منشور على حسابه بمنصة إكس كلًا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وانضم رئيس الوزراء المعين، كامل إدريس، إلى قائمة المرحبين بجهود ومساعي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لـ«إحلال السلام العادل والمستدام في السودان».

وأكد إدريس في منشور على حسابه بمنصة إكس «الاستعداد التام للانخراط الجاد لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والرفاه للشعب السوداني».

ومع تركيز البيان الحكومي على جهود الرياض وواشنطن، قال التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة صمود إنه لا يتوقع مبادرة جديدة.

وأضاف المتحدث الرسمي باسم التحالف بكري الجاك في تصريح لـ«بيم ريبورتس» «لكن قد نرى سرعة في تنفيذ خارطة طريق الرباعية و محاصرة الأطراف الرافضة لها والضغط عليها وربما معاقبتها».

ومنح التدخل المباشر للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال محادثات أجراها مع ولي عهد السعودية محمد بن سلمان يومي الثلاثاء والأربعاء في العاصمة واشنطن الصراع في السودان زخمًا كبيرًا.

وأكد هذا التأثير الجاك، قائلًا «بالطبع الرئيس الأمريكي بحكم الدستور وقدرة أميركا يعتبر أكثر شخصية مؤثرة وذات نفوذ في العالم وحديثه فقط عن السودان لعب دورًا مهمًا فى تحريك جهود السلام».

ورأى الجاك أن مبادرة الرباعية قامت في الأساس على تنفيذ إعلان جدة وتوقيع هدنة إنسانية لثلاثة أشهر تمدد لوقف شامل لإطلاق النار مع وقف العدائيات لإكمال ترتيبات إنهاء الحرب بعد إيقافها بعملية سياسية تؤسس لحكم مدني و استعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي.

فيما اعتبر رئيس حركة تحرير السودان— التيار الثوري الديمقراطي، ياسر عرمان، أن مبادرة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي دفعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتولّي ملف سلام السودان تمثّل «تطورًا نوعيًا» يعيد وضع القضية السودانية على طاولة البيت الأبيض، ويعزّز جهود الخارجية الأميركية والمبعوث الخاص لدفع مسار وقف إطلاق النار الإنساني.

 وقال في مقال نشره على حسابه بمنصة فيسبوك اليوم إن الخطوة «إنجاز يستحق الترحيب من كل المهتمين بوقف الحرب».

وأشار عرمان إلى أن تجارب «جدة الأولى» التي قادتها السعودية والولايات المتحدة أحرزت تقدمًا لكنه لم يكن كافيًا، داعيًا إلى اجتماع عاجل في جدة ضمن مسار الرباعية ومن دون التفريط في قوة الدفع الحالية.

 وأكد أن الظروف الآن أكثر ملاءمة للوصول إلى وقف إطلاق نار إنساني.

ورأى عرمان أن إعلان الرباعية وجد قبولًا واسعًا وسط السودانيين لأنه وضع مبادئ تعالج جذور الأزمة، وربط بين وقف الحرب وإنهائها في حزمة واحدة. وشدّد على أن السلام الدائم لن يتحقق عبر صفقات قصيرة الأجل تعيد إنتاج الأزمة أو تكافئ أطراف الحرب، خصوصاً الحركة الإسلامية التي قال إنها «اختطفت الدولة وهددت الاستقرار الإقليمي والدولي».

واتهم عرمان الإسلاميين، ومن أسماهم أطراف انقلاب 25 أكتوبر، بإشعال الحرب طمعاً في السلطة والموارد، مشددًا على أن أي اتفاق لا يستند إلى إرادة جماهيرية شعبية واسعة سيكون هشاً وغير مستدام. 

وأكد عرمان أنه لنجاح مبادرة ولي العهد السعودي يتطلّب الأمر توحيد الرؤية بين السعودية ومصر والإمارات، باعتبارها دولاً تؤدي أدوارًا مؤثرة في مسار السلام، داعيًا إلى حوار «منتج وشفاف»، بين الأطراف الثلاثة لإنهاء الحرب ومعاناة السودانيين مع استصحاب الأدوار القطرية والتركية.

الحركة الإسلامية ترحب

وفي تطور لافت، دخلت الحركة الإسلامية السودانية والتي تتهمها أطراف سودانية بإشعال الحرب، على خط الحراك الذي أحدثته المحادثات السعودية-الأمريكية.

وشكرت في بيان باسم أمينها العام علي كرتي «المسعى الحميد المبارك»، لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، واصفة موقفه بأنه «موقف القائد المسؤول في أرض الحرمين».

وقالت إنه يدافع عن أهل السودان الذين أخرجتهم «أطماع دويلة الشر» عبر «مليشياتها المتمردة» من ديارهم.

وأضافت الحركة أنها «تمد يدها للرياض في المضي قدمًا نحو حفظ كرامة أهل السودان وتحقيق قيم العدالة والسلام والأمان، وتجديد عهدها للشعب السوداني وقيادته للوقوف في صف الحق والعدل والحفاظ على أمن السودان وسيادته».

عودة الاهتمام الدولي الجاد

وكان تحالف صمود قد رحب في بيان أمس بتصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول توليه شخصيًا ملف وقف الحرب في السودان استجابة لطلب السعودية.

 وقال التحالف إن ذلك يمثل «مؤشرًا على عودة الاهتمام الدولي الجاد»، مؤكدًا أن الخطوة قد تضيف زخمًا لمسار الرباعية وتدفع نحو هدنة إنسانية عاجلة توقف استهداف المدنيين وتتيح وصول الإغاثة.

وفي الوقت ذاته، حذّر التحالف من القوى التي «تعمل على إطالة أمد الحرب»، وعلى رأسها الحركة الإسلامية والنظام السابق، وقال إنها تسعى لإعادة إنتاج سلطتها. 

ودعا التحالف السودانيين للضغط على أطراف النزاع للانخراط في مفاوضات جادة تضع مصلحة المواطنين أولاً.

شروط للسلام

وبينما لم تعلق قوات الدعم السريع أو تحالف تأسيس رسميًا، حتى الانتهاء من كتابة هذا التقرير، بتصريحات الرئيس الأمريكي، رحب مستشار قائد قوات الدعم السريع الباشا طبيق في منشور على حسابه بمنصة إكس اليوم بتصريحات ترامب بشأن سلام السودان.  

وقال طبيق «لا يرفض السلام إلا تجّار الحروب ومصاصو دماء الشعوب». وأضاف أن «أي سلام لا يذهب إلى تشخيص جذور الأزمة السودانية ويضع لها حلولاً جذرية، ولا يؤسس لدولة تقوم على حقوق المواطنة والعدالة والمساواة، ولا يضع أساسًا لجيش مهني جديد بعيد عن الهيمنة السياسية ويتولى حماية حدود البلاد لن يكون إلا امتداداً لدائرة الحروب ودَوّامة الصراع».

تدخل فوري

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفي تطور لافت، قد وضع ملف حرب السودان في صدارة اهتماماته، معلنًا أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طلب منه التدخل «الفوري» لوقف ما يجري في السودان.

ووصف ترامب الوضع بأنه «أخطر مكان على وجه الأرض»، واعتبر الحرب الدائرة «أكبر أزمة إنسانية على الإطلاق»، مشيرًا إلى نقص غذاء وأطباء وكل مقومات الحياة. 

وقال إن القادة العرب، وفي مقدمتهم ولي عهد السعودية، طالبوه باستخدام نفوذه لإنهاء المأساة.

وأكد أن واشنطن ستعمل مع السعودية والإمارات ومصر وشركاء آخرين في الشرق الأوسط لإيقاف الفظائع وتحقيق الاستقرار، مضيفًا أن السودان «حضارة عظيمة يمكن إصلاحها».

ومثل هذا التصريح أول تعهد مباشر من ترامب بالتدخل في الملف السوداني منذ عودته للبيت الأبيض، ما فتح الباب أمام موجة واسعة من المواقف الدولية والمحلية.

حليف حاسم في البحر الأحمر

وفي واشنطن نفسها، رحب رئيس لجنة العلاقات الخارجية الأمريكي السيناتور الأميركي، جيم ريتش، بتصريحات ترامب عن السودان والذي وصفه بالحليف المحوري في البحر الأحمر في تصريح لافت. 

 وقال ريتش «أحيي دعوة الرئيس ترامب إلى العمل لإنهاء الحرب في السودان وهو مستوى من المشاركة غير موجود في ظل إدارة بايدن»، مضيفًا أن حرب السودان «كارثية» وتنتج أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفظائع مروعة، بما في ذلك الإبادة الجماعية. 

وأكد استعداد الكونغرس للعمل مع ترامب للوصول إلى سلام مستدام، وإنهاء معاناة الشعب السوداني، وتثبيت هذا الحليف الحاسم في ممر البحر الأحمر.

وسرعان ما أكد مستشار أول وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية، مسعد بولس بأن الولايات المتحدة ملتزمة بإنهاء الصراع المروع في السودان بقيادة الرئيس ترامب.

وأضاف: « كما قال ترامب فإننا نعمل مع شركائنا لتسهيل هدنة إنسانية ووضع حد للدعم العسكري الخارجي للأطراف، والذي يؤجج العنف».

وقال إن السلام والاستقرار سيتيحان للسودانيين العودة إلى «الحكم المدني في سودان موحد»،مؤكدًا أن إدارة ترامب «تتحرك الآن» مع المسؤولين المعنيين.

تقييد أوروبي ضد عبد الرحيم دقلو

وفي موازاة التطورات المتعلقة بالتصريحات الأميركية والتحركات السعودية تجاه الأزمة السودانيو، برز موقف أوروبي جديد، باتخاذ حزمة تقييدات جديدة تتعلق بالسودان، حيث أصدر بيانًا شديد اللهجة حيال الانتهاكات الواسعة التي تُتهم قوات الدعم السريع بارتكابها، خاصة بعد سيطرتها على مدينة الفاشر. 

وأعلن مجلس الشؤون الخارجية في بروكسل اعتماد تدابير تقييدية ضد «عبد الرحيم حمدان دقلو»، باعتباره أحد أبرز قيادات الدعم السريع، مؤكدًا استعداده لفرض مزيد من الإجراءات على كل الأطراف التي تسهم في زعزعة استقرار السودان أو عرقلة مسار الانتقال السياسي.

ووصف الاتحاد الأوروبي هذه الممارسات بأنها «قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، مشيرًا إلى القتل على أسس عرقية، والعنف الجنسي المنهجي، والتجويع كأداة صراع، ومنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المدنيين.

وشدد البيان على أن المساءلة ووقف الإفلات من العقاب يمثلان محور النهج الأوروبي الجديد تجاه الأزمة، مع تجديد الدعم لتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية وبعثة تقصي الحقائق. 

كما دعا الاتحاد إلى الالتزام بحظر السلاح وفق قراري مجلس الأمن 1556 و1591، والعودة للمفاوضات، وضمان وصول المساعدات دون عوائق والسماح بوجود أممي دائم في مناطق النزاع.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع