Tag: الجيش

واشنطن: محاولات إنشاء حكومة موازية تهدد بالتقسيم الفعلي للسودان

5 مارس 2025 – انضمت الولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء، إلى الدول والمنظمات الأممية التي أبدت قلقها، أو رفضها لتشكيل حكومة موازية في السودان بقيادة قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش منذ أبريل 2023.

وأمس وقعت قوات الدعم السريع وحلفاؤها في العاصمة الكينية نيروبي على دستور انتقالي نص على تشكيل «جيش وطني جديد» من القوى العسكرية الموقعة على ميثاق نيروبي الشهر الماضي، بالإضافة إلى علمانية الدولة، ضمن بنود أخرى.

وقال مكتب الشؤون الإفريقية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية في تصريح على منصة إكس إن محاولات إنشاء حكومة موازية لا تساعد في تحقيق السلام والأمن في السودان وتهدد بمزيد من عدم الاستقرار والتقسيم الفعلي للبلاد.

وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها العميق إزاء التقارير التي تفيد بأن قوات الدعم السريع والجهات الفاعلة المتحالفة معها قد وقعت على «دستور انتقالي» للسودان.

وبحسب دستور تحالف السودان التأسيسي «تأسيس» فإن قوات الدعم السريع والجيش الشعبي والحركات المسلحة الموقعة على ميثاق نيروبي هي نواةً للجيش الوطني الجديد، بالإضافة إلى إقراره حل ما أسماها مليشيات المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.

ونص الدستور الانتقالي كذلك على إلغاء الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019 وجميع القوانين والقرارات والمراسيم السابقة وأن يكون السودان دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، ذات هوية سودانوية، تقوم على فصل الدين عن الدولة وفصل الهويات الثقافية والعرقية والجهوية عن الدولة والتأكيد على أن المواطنة المتساوية هي الأساس للحقوق والواجبات.

وفي 23 فبراير الماضي وقعت قوات الدعم السريع والحركة الشعبية – شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، إلى جانب حركات مسلحة أخرى، وأحزاب سياسية أبرزها حزب الأمة القومي على ميثاق نيروبي الذي يمهد لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع.

وكان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش – ستيفان دوجاريك، قد أعرب عن قلقه، من الإعلان المقرر عن تشكيل قوات الدعم السريع حكومة موازية، قائلًا إن من شأن ذلك أن يزيد من «انقسام السودان ومفاقمة الأزمة».

فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه البالغ» إزاء التوقيع على ميثاق نيروبي، وعده «تصعيدًا جديدًا للصراع في السودان». ودعا غوتيريش جميع الأطراف إلى «الامتناع عن أيّ خطوات قد تزيد من تعقيد الوضع الإنساني والسياسي في البلاد».

أيضًا أبدى عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي قلقهم من إعلان قوات الدعم السريع عن تشكيل حكومة موازية، في حين نفت نيروبي «اعترافها بأيّ كيان مستقل في السودان».

والأسبوع الماضي أعربت عدد من الدول العربية عن قلقها من تشكيل حكومة موازية ودعت للحفاظ على تماسك ووحدة السودان ورفض التدخلات الخارجية بينها السعودية والكويت ومصر وقطر.

«شهود عيان»: «5» قتلى وعدد من الجرحى في قصف جوي للجيش بأم درمان القديمة

الخرطوم 24 نوفمبر 2023 – قال شهود عيان لـ«بيم ريبورتس»، إن 5 أشخاص قتلوا، بينهم أم وابنتها، فيما أصيب آخرون بعضهم في حالة خطرة، خلال قصف جوي للجيش السوداني، صباح اليوم على منطقة بيت المال بمدينة أم درمان.

وأضاف شهود العيان، أن الضحايا الخمسة بمن فيهم الأم وابنتها قد قتلوا في منطقة بيت المال وسط.

من جهتها، ناشدت «لجنة ثوار بيت المال» الجيش السوداني بإيقاف الهجمات الجوية على المنطقة، مشيرة إلى أن خسائر المواطنين في الأرواح والممتلكات جراء القصف الجوي تفوق تلك التي يسببها للدعم السريع.

وأكدت في بيان اليوم، وقوع عدد من الإصابات وسط سكان بيت المال جراء القصف الجوي صباحًا، مشيرة إلى أن الحصر ما يزال مستمرًا نسبة لتدهور وصعوبة الاتصالات.

فيما قال أحد سكان بيت المال لـ«بيم ريبورتس»، إن أعداد المواطنين في المنطقة والأحياء المجاور لا يتجاوز الـ«500».

وذكر أن حدة الاشتباكات في المنطقة ازدادت بعد التدمير الجزئي لجسر شمبات، مشيرًا إلى المنطقة المتاخمة له كانت قد شهدت هدوءًا نسبيًا قبل ذلك.

وأوضح المصدر، أن حي بيت المال يشهد انقطاعًا للتيار الكهربائي لأكثر من «4» أشهر، وقال:«المنطقة تبدو كمنازل الأشباح».

ما حقيقة مقطع فيديو متداول عن إسقاط «الدعم السريع» طائرة تتبع للجيش في ولاية الخرطوم؟

ما حقيقة مقطع فيديو متداول عن إسقاط «الدعم السريع» طائرة تتبع للجيش في ولاية الخرطوم؟

تداول عدد من رواد منصة التواصل الاجتماعي «فيسبوك» مقطع فيديو يظهر إسقاط طائرة حربية مع أصوات رصاص، مدعين أن مقطع الفيديو يظهر طائرة من طراز انتنوف تتبع للجيش السوداني أسقطتها قوات الدعم السريع يوم أمس الأربعاء في ولاية «الخرطوم».

للتحقق من صحة الادعاء، أجرى فريق «مرصد بيم»، بحثًا عكسيًا لمقطع الفيديو موضع التحقق وتوصلنا إلى أن مقطع الفيديو قد سبق نشره من قبل على الإنترنت في شهر أكتوبر الماضي مع نص يفيد بأنه إسقاط طائرة تتبع للجيش في مدينة «نيالا» من قبل الدعم السريع.

الخلاصة

ما حقيقة مقطع فيديو متداول عن إسقاط «الدعم السريع» طائرة تتبع للجيش في ولاية الخرطوم؟

مضلل

ما حقيقة تصريح الناطق الرسمي باسم الجيش بأن الانصرافي هو من يتحمل سقوط المدرعات؟

ما حقيقة تصريح الناطق الرسمي باسم الجيش بأن الانصرافي هو من يتحمل سقوط المدرعات؟

 تداول عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي«فيسبوك» صورة إطارية لقناة «الجزيرة السودان» تحمل تصريحاً منسوباً للناطق الرسمي باسم الجيش السوداني «نبيل عبدالله» يفيد بأن الأخير صرح قائلاً “الناشط السياسي الشهير «بالإنصرافي» هو من يتحمل سقوط المدرعات لأن خطته الدفاعية كانت السبب الرئيسي في الهزيمة”.

للتأكد من صحة الادعاء بحث فريق «مرصد بيم» في الصفحة الرسمية لقناة «الجزيرة السودان»على «فيسبوك» ولم نجد أي تصريح أو خبر يدعم الادعاء موقع التحقق.

لمزيد من التحقق بحث فريقنا في صفحة «القوات المسلحة السودانية» التي تنشر بيانات الناطق الرسمي باسم الجيش بشكل منتظم ولم نجد ما يؤكد صحة الادعاء.

الخلاصة

ما حقيقة تصريح الناطق الرسمي باسم الجيش بأن الانصرافي هو من يتحمل سقوط المدرعات؟

مفبرك

كيف تدور الحرب الإعلامية الموازية بين الجيش السوداني والدعم السريع؟

بالتزامن مع المعارك المستعرة في شوارع الخرطوم المكتظة و ولايات البلاد المختلفة منذ يوم السبت الماضي بين الجيش السوداني و(الدعم السريع)، يخوض طرفا الصراع في السودان حربا أخرى، ساحتها منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، لبث دعايتيهما في السيطرة على المواقع الجغرافية، وإبداء المواقف السياسية، وتبادل الاتهامات بشأن المسؤولية عن الانتهاكات، ومن أطلق الرصاصة الأولى.

بداية الاشتباكات

عند التاسعة تقريباً من صباح السبت 15 أبريل، دوى صوت الرصاص في جنوب الخرطوم، وفي مناطق أخرى مختلفة من العاصمة التي كانت تشهد حشدا للآليات العسكرية لأيام قبل ذلك، وخلال ذلك اليوم تبادل الطرفان الاتهامات بشأن مسؤولية إطلاق الرصاص.

بعد 3 ساعات من الاشتباكات حملت الدعم السريع، الجيش، مسؤولية اندلاع المواجهات، وقالت في بيان إنها “فوجئت بقوة كبيرة من القوات المسلحة تدخل الى مقر وجود القوات في أرض المعسكرات سوبا بالخرطوم”. واعتبرت ذلك سببا للتحرك العسكري في جميع أنحاء البلاد.

استغرق رد الجيش مفندا 3 ساعات أخرى، متهما (الدعم السريع) بمحاولة السيطرة على مواقع استراتيجية تشمل القصر الجمهوري، والقيادة العامة للجيش. وبحسب هذه الرواية، اعتبر أن ما قامت به قوات الدعم السريع تمرد على سلطة الدولة، وحملها مسؤولية جر البلاد إلى العنف.

بيان الجيش حول استهداف سكن البرهان

قاعدة مروي الجوية

تضارب الحقائق امتد من مسؤولية بدء المعارك، إلى السيطرة على الأرض، فكانت قاعدة مروي الجوية شمالي البلاد، التي شهدت اشتباكات متزامنة مع المعركة في الخرطوم، إحدى أبرز المواقع التي تنازع الجيش والدعم السريع حقيقة السيطرة عليها.

تكررت خلال الأيام الماضية البيانات ومقاطع الفيديو من الطرفين التي تظهر جنودا من القوتين “يؤكدون” سيطرتهم على مطار وقاعدة مروي الجوية، بينها مقطع فيديو من الجيش ليل 18 أبريل، وكذلك الأربعاء الماضي.

بيانات الدعم السريع

بيان رقم (2)
بيان رقم (3)

بيانات الجيش

القصر الجمهوري

ظل القصر الجمهوري وسط الخرطوم منطقة اشتباك يسعى كل من الجيش والدعم السريع لبسط سيطرته عليه، وتبادلا البيانات المؤكدة لذلك.

في نهار 17 أبريل نفى الجيش أن يكون الدعم السريع قد سيطر على القصر الجمهوري أو قصر الضيافة، واصفا ما تنشره صفحات الدعم بأنها “شائعات”.

في اليوم التالي، نشرت قوات (الدعم السريع) مقطع فيديو لقواتها أمام القصر الجمهوري، وذلك بعد يوم من فيديو آخر لأحد جنودها في محيط القصر ويسمع في الخلفية أصوات الاشتباكات، فيما لا تزال الاشتباكات جارية في محيطه.

مطار الخرطوم

من المطار الوحيد في العاصمة، تتصاعد الأدخنة ظاهرة للعيان بدلا عن ارتفاع الطائرات من مدرجاته، أما مقاطع الفيديو فتظهر اندلاع النيران في الطائرات الرابضة على المدرج.

في اليوم الأول انتشرت صورة مجندين اثنين في صالة الوصول بالمطار، ودارت الاشتباكات في المدرج مودية بحياة مسافرين وصلوا على متن رحلة قادمة من المملكة العربية السعودية.

لم يتحمل أي من الطرفان مسؤولية إطلاق النار الذي أدى لمقتل المسافرين، لكن كلا منهما أكد سيطرته على المرفق الاستراتيجي مفندا ادعاءات الآخر، فيما لا تزال المعارك جارية في محيطه حتى يوم أمس الأربعاء.

الإذاعة والتلفزيون

أكد شهود عيان في أحياء أمدرمان القريبة من الإذاعة والتلفزيون احتدام الاشتباكات في المنطقة، وتداول سكان المنطقة على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تظهر تخوفهم من حدة القتال.

القوتان المتقاتلتان حاولتا تأكيد السيطرة على مقر الإذاعة والتلفزيون بالبيانات على منصات التواصل الاجتماعي، وفي بث تلفزيون السودان والنيل الأزرق.

ففي اليوم الأول للاشتباكات ظهر المذيع مبارك خاطر في استديو أخبار التلفزيون لدقائق، ليعلن وقوع اشتباكات قرب المقر وينقطع البث عقب ذلك.

ويوم الاثنين نشر تلفزيون السودان تصريحا للناطق الرسمي باسم الجيش السوداني العقيد نبيل عبد الله. 

فيما ظهرت صورة الناطق باسم الدعم السريع الرائد نجم الدين إسماعيل على تلفزيون النيل الأزرق مساء الاثنين أيضا، دون نشر اي تصريح.

قبل أن تنشر صفحة الجيش السوداني على فيسبوك مقطع فيديو للرائد نجم الدين إسماعيل يعلن فيه انشقاقه عن الدعم السريع وعودته إلى الجيش السوداني.

البيانات المتضاربة

الدعم السريع:

الجيش:

بث الدعاية

منذ اليوم الأول أطلق الطرفان اتهامات تجاه بعضهما، لوصم كل منهما أمام المجتمع الدولي والإقليمي، وسحب الرأي العام لصالحه.

الدعم السريع ركز على وصف حربه أنها ضد “قيادة الجيش” وليس الجيش كله، وبحسب روايته، فإن من يقاتلهم هم “إسلاميون متطرفون“، ونفى عن نفسه تهم استهداف البعثات الدبلوماسية، متهما ذات الإسلاميين بتنفيذ ذلك و”ارتداء زيه”.

فيما اتهمت وزارة الخارجية في بيان الثلاثاء الماضي الدعم السريع باستهداف مقار البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية.

الدعم السريغ يتهم الجيش بموالاة الإسلاميين

فيما تركزت رواية الجيش على وصف “قيادة قوات الدعم السريع” بأنها متمردة، معلنة إنهاء انتداب ضباط القوات النظامية بأفرعها المختلفة إلى الدعم السريع، وداعية إياهم لتسليم أسلحتهم، قبل أن يعلن البرهان “العفو مقابل وضع السلاح” لكل أفراد الدعم.

الجيش في المقابل اتهم قوات الدعم السريع بالانفلات، وحملها مسؤولية استهداف البعثات الدبلوماسية، ومسؤولية مقتل موظفي صندوق الغذاء العالمي في كبكابية شمال دارفور.

الجيش يتهم الدعم السريع بالانفلات واستهداف البعثات الدبلوماسية

انتصارات دائمة

المقدم مصعب طه الأمين، ضابط بالجيش السوداني قتل في القيادة العامة للجيش، واحد من كثيرين لم تعرف أعدادهم بعد على الرغم من انتشار كتابات التعازي والنعي وسط كتابات السودانيين في مواقع التواصل، لأقارب من القوات النظامية المتقاتلة، لقوا حتفهم خلال الصراع المستعر.

عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني هنادي فضل تنعي قريبها الضابط مصعب الأمين «المشنور للأصدقاء»

ففي كل بيانات الجيش والدعم السريع، يذكر التقدم والسيطرة على مواقع جديدة وانشقاق الجنود من القوتين أو تسليمهم، وتغيب أخبار وإحصائيات القتلى والمصابين منهما.

الرؤية السياسية ضبابية

رغم استمرار القتال ليومه الخامس، لا يتحدث الجيش أو الدعم السريع عن خطة سياسية، ويغيب التصريح بالدافع السياسي الحقيقي وراء المعركة، التي سبقها خلاف سياسي بحت، في حين يخبرنا التاريخ ألا حرب تحدث من أجل الدافع الحربي وحده، خصوصا إذا ما كانت حربا أهلية بين أبناء البلد نفسه.

فقبل اندلاع المواجهات، كان مقررا المضي في اتفاق سياسي لتقاسم السلطة بين القوى السياسية وإنشاء مجلس أعلى للقوات المسلحة يضم الجيش والدعم السريع، قبل أن تقف قضية الإصلاح الأمني عقبة أمام إتمام الاتفاق ويتأجل توقيعه.

الدعاية السياسية للجيش، اعتبرت ما يحدث “ظروفا صعبة” بسبب “تمرد غير مبرر” من الدعم السريع، وأن قيادة الجيش مازالت ملتزمة بـ”المسار السياسي”، و”ألا تراجع أو نكوص” عن تنفيذه. لكن هذا المسار السياسي لا تتضح تفاصيله، ولا يعاد ذكره في بيانات الناطق الرسمي أو تصريحات قادة الجيش.

أما قوات الدعم السريع فتؤكد في بياناتها أنها ما أجرت هذا التحرك إلا لمواجهة “الإسلاميين”، وأنها ملتزمة بالعملية السياسية، ذات العملية التي لم يكمل الطرفان ما طلب منهما لإنجازها والوصول لاتفاق حول قضية الإصلاح العسكري.

لكن هذا التصريح لا يفصل أبدا ما هي خطة هذا الفصيل المسلح السياسية إن أكمل حربه ضد قيادة الجيش التي يتهمها بالانقلاب وموالاة الإسلاميين.

ومع تواصل المواجهات، تستمر الأطراف في خلق استقطاب إعلامي أكبر، عبر التضليل وفبركة الأخبار، واستعمال الدعاية السياسية والعسكرية لتقوية مواقفها.

بعد عام من حكم الجيش.. هل أصبح الاقتصاد السوداني على حافة الانهيار؟

من تحت رماد الأزمة الاقتصادية والمالية، انطلقت شرارة ثورة ديسمبر 2018م، التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير في أبريل 2019م.

والأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان حالياً، تعد في الأصل امتداداً لتركة الخسائر التي خلفها نظام البشير، تضافرت مع فقدان البلاد لأكثر من ثلثي عائداتها الاقتصادية من النفط عقب انقسام جنوب السودان في يوليو 2011م.

لم يكن فقدان عائدات النفط كل شيء، إذ صاحبه سوء في إدارة الموارد واستشراء الفساد، بالإضافة إلى تسارع وتيرة التدهور الاقتصادي والصرف الأمني العالي، للنظام المخلوع، أثناء محاولته قمع الثورة.

كان “البرنامج الإسعافي” خطة المعارضة الرئيسية لمعالجة الوضع الاقتصادي في البلاد، قبل سقوط نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير. لكن، مع وصول الحكومة الانتقالية للسلطة في أغسطس 2019م، بدا أن لديها خطة مختلفة في إدارة الملف الاقتصادي عن حاضنتها السياسية، في خضم عقوبات غربية وديون مليارية وسيطرة القطاع العسكري على الاقتصاد، اختارت إعادة هيكلة الاقتصاد عن طريق الدعم الخارجي المرتبط بمؤسسات التمويل الدولية.

لتبدأ الحكومة الانتقالية تعاطيها مع الأزمة الاقتصادية، من خلال العمل على إعادة علاقات البلاد مع المجتمع الدولي، قبل أن تنخرط في اتفاقات وتفاهمات، على أمل إعفاء الديون وإيجاد تمويل من المؤسسات الدولية، في محاولة لإعادة هيكلة الاقتصاد وإنعاشه.

وأثمر حراك الحكومة الانتقالية في هذا الاتجاه، عن وصول السودان في التاسع والعشرين من يونيو 2021م إلى نقطة القرار التي قضت بتخفيف أعباء الديون، بعد قرار المجلسين التنفيذيين للمؤسسة الدولية للتنمية بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إذ تعد هذه العملية هي الأكبر في تاريخ مبادرة دعم الدول الفقيرة المثقلة بالديون (الهيبيك).

لكن، بعد عام واحد فقط من انقلاب الجيش في 25 أكتوبر 2021م، تم تعليق عملية إعفاء الديون، وأصبحت حتى تلك المكتسبات القليلة والتي كانت في طور البداية في مهب الريح، ولم يعد الاقتصاد السوداني، يعاني من حالة تدهور وحسب، وإنما بات أقرب إلى حالة السقوط الحر.

تلقائياً تعمقت أزمة الاقتصاد السوداني، كون الحكومة الانتقالية كانت تعول على الدعم الخارجي المرتبط بعملية إعفاء الديون والاستمرار في تطبيق سياسات البنك الدولي.

ومع ذلك، أعلنت سلطة الأمر الواقع، أنها ستعتمد على الموارد الذاتية، لكن بعد عام من خطتها المعلنة، انزلقت البلاد إلى حالة حادة من الركود الاقتصادي، تجلت مظاهرها في انخفاض كبير للطلب، وخروج قطاعات عديدة وحيوية من خط الإنتاج، بجانب احتجاجات مستمرة للتجار والشركات والمنتجين، بما في ذلك الإضرابات والعصيان المدني، خلال الأشهر الأخيرة.

ويعرف المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، وهو مجموعة من الاقتصاديين، الركود بأنه: “انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي، ينتشر في جميع أنحاء الاقتصاد ويستمر لأشهر عديدة”.

في مسار الاقتصاد قبل الانقلاب، أشار المجلسين التنفيذيين للمؤسسة الدولية للتنمية بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وقتها، إلى أنه من شأن تخفيف أعباء الديون دعم جهود السودان في تنفيذ إصلاحاته المرجوة، بموجب هذا التخفيف وفق مبادرة (هيبيك) وغيرها من المبادرات، سينخفض الدين الخارجي العام للسودان بأكثر من 50 مليار دولار، أي ما يمثل أكثر من 90% من مجمل الدين الخارجي إذا تمكن السودان من الوصول لنقطة الإنجاز وفق هيبيك في غضون 3 أعوام تقريباً. في خطوة وصفها رئيس الوزراء آنذاك، عبد الله حمدوك، بأنها “علامة فارقة ومهمة تدعم جدول أعمال السودان للإصلاح والتنمية وتشجع رفع المستويات المعيشية لبلادنا”.

كما اعتبر وصول السودان رسمياً الى نقطة قرار مبادرة الهيبيك بأنه “إنجاز هائل”، بعدما أصبح مؤهلاً للاستفادة من هذه المبادرة.

ونتيجة لهذه الخطوات التي تصب “في مصلحة الإصلاحات الاقتصادية” اقترب السودان من تحقيق استقرار اقتصادي في الفترة التي سبقت انقلاب الجيش في 25 أكتوبر 2021م، حيث انخفض معدل التضخم بمقدار 35 نقطة لأول مرة منذ ما يزيد عن عام، نتيجة لذلك أيضاً انخفض العجز المزمن في الميزان التجاري بنسبة 25%.

علاوة على ذلك، بلغت حصيلة الضرائب غير المباشرة ما يقارب 48 مليار جنيه في أغسطس 2021م مما ساعد وزارة المالية على تغطية التزاماتها، لكن لم يستمر الحال طويلا حيث تأثر الاقتصاد بإغلاق الشرق وميناء بورتسودان ضمن سلسلة الأحداث التي سبقت الانقلاب.

غير أن انقلاب القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر 2021م، مثل نقطة تراجع كبيرة بالنسبة إلى التقدم المحرز، وأفشل خطط الحكومة الانتقالية التي سعت حثيثا من أجل الوصول إليها.

عقب إطاحته بالحكومة الانتقالية، أصدر البرهان عدداً من القرارات تبنى فيها التزام السودان بالمضي في نفس مساره الاقتصادي، لكن لم تمر ساعات حتى تتالت ردود الفعل الدولية الحاسمة إزاء الانقلاب، كان أولها إعلان “واشنطن الصارم” إنها “مستعدة للجوء إلى كل الإجراءات المناسبة لمحاسبة من يحاولون تعطيل إنفاذ إرادة الشعب السوداني “مؤكدة قيامها بقطع المساعدات المالية”.

في وقت وجيز، علّق المجتمع الدولي مساعداته وخططه تجاه السودان، وأصبحت سلطة الأمر الواقع في مواجهة داخلية وخارجية، جعلت الاقتصاد يتراجع سريعاً إلى الخلف، بناء على ما خلفته التغييرات السياسية.

جزء من هذه التراجعات التي شهدها الاقتصاد السوداني، كشفها نائب محافظ بنك السودان المركزي السابق، فاروق كمبريسي، والذي قال إن السودان خسر حوالي 4.6 مليار دولار أمريكي من المساعدات التنموية الضرورية، من بينها حوالي 2.6 مليار دولار من مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، كانت مخصصة لتطوير مشاريع حيوية في الزراعة والري والطاقة والصحة، بالإضافة إلى حوالي 580 مليون دولار خصصها المانحون الأجانب لبرنامج دعم الأسر السودانية (ثمرات). كما قامت الولايات بتعليق 700 مليون دولار من المساعدات التي تمت الموافقة عليها بعد إلغاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب.

تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد بدأت في تسليم السودان 350 ألف طن متري من القمح بقيمة 125 مليون دولار لتخصص للخبز المدعوم في البلاد، قبل أن توقفها. واستمرت التداعيات عندما أعلنت مجموعة دول نادي باريس، في يونيو 2022م، تعليق إعفاء مديونيتها المستحقة على السودان، إلى حين قيام حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية.

كل تلك الخسائر الاقتصادية، لم توقف البرهان من مواصلة ما سماه “إجراءات تصحيحية” غداة انقلابه حيث أعد وزير المالية في سلطة الأمر الواقع، جبريل إبراهيم موازنة في مطلع العام 2022م، قال إنها تعتمد على موارد البلاد الذاتية. غير أن خبراء، رأوا أنها موازنة فاشلة وغير منطقية، بل وشككوا في مقدرة الدولة على الالتزام بها، بالنظر للتحديات التي يواجهها السودان في مشهده السياسي الحالي.

في هذا السياق، يقول الباحث والمحلل الاقتصادي، فتحي هيثم لـ(بيم ريبورتس)، "إن غياب الدعم الخارجي، أدى إلى صعوبات بالغة في موزانة العام 2022م، مضيفاً أن هذه الصعوبات سوف تمتد حتى موازنة العام 2023م، إذ أن هناك بنوداً لا تستطيع الدولة القيام بها دون مساعدات خارجية، أهمها بنود استحقاقات اتفاق سلام جوبا والمشاريع التنموية في مناطق النزاعات".

خلال عام من الانقلاب، فرضت سلطة الأمر الواقع، سلسلة من الزيادات على أسعار الخدمات والرسوم والضرائب لتغطية العجز الكبير في الموازنة بسبب المشكلات المتنامية التي يعاني منها الاقتصاد في الوقت الراهن، بالإضافة للعزلة الاقتصادية التي يعانيها السودان بعد انقطاع وإيقاف المساعدات الدولية.

ساهمت هذه العوامل مجتمعة في تدهور كبير في أوضاع الموظفين والعاملين، وتمثل ذلك في ضعف الأجور في ظل ارتفاع هائل في أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات الأساسية. بالإضافة إلى زيادات جمركية أثرت على التجار والمنتجين الذين يواجهون تحدياً مزدوجاً في مواجهة ارتفاع تكاليف السلع المحلية والمستوردة والتراجع المهول في القدرة الشرائية، ما اضطر التجار والمنتجين إلى وقف البيع خوفاً من الآثار الكارثية المرتبطة بارتفاع الضرائب والرسوم وتكاليف النقل والشحن وغيرها.

وينطبق هذا الأمر على المنتجين الذين يواجهون عقبات كثيرة، للاستفادة من إنتاجهم مما جعلهم في نفس موقف التجار.

يقول الخبير الاقتصادي معتصم أقرع لـ(بيم ريبورتس) “على الرغم من أنه لا توجد إحصاءات دقيقة، لكن المؤشرات تقول إن النمو الاقتصادي ضعيف للغاية، إذ يقدر بين 1%-2%، أو يعتبر نمواً سلبياً.”

ويشتكي التجار من أن بضائعهم لا تباع والغرف الصناعية تحتج على الضرائب الباهظة، بالإضافة لعدم استقرار الكهرباء التي أدت لتوقف عملها كلياً أو جزئياً، وحاليا يعمل القطاع الصناعي بطاقة أقل من 20 %”.

في ظل هذه الظروف الطاحنة، اضطر الموظفون والعاملون في القطاعات الحكومية للاحتجاج وذلك باللجوء للإضرابات التي نظمتها نقابات وأجسام مهنية من أجل زيادة الأجور. شملت الإضرابات والاحتجاجات، مختلف القطاعات المهنية مثل أطباء الامتياز والعاملين في الكهرباء وأساتذة جامعات ومدارس حكومية وغيرها من مؤسسات إنتاجية وخدمية لها تأثيرها المباشر على الوضع في السودان، كما طالت الأزمة عدداً من الأسواق في مدن مختلفة حيث أقفلت أبوابها احتجاجاً، على سياسات سلطة الأمر الواقع.

استمرت تداعيات الركود الاقتصادي في التنامي مع تطور الأزمة السياسية في السودان، ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، دخلت سلطة الأمر الواقع في معركة متواصلة لتهدئة الوضع السياسي لكنها لم تفلح في ذلك، حيث تواصلت الاحتجاجات منذ اليوم الأول للانقلاب بالتزامن مع موجة من الإضرابات المتواصلة والتي تزداد رقعتها يوماً بعد يوم.

يعتقد خبراء، أن لهذه الظروف مجتمعة آثارها على الاقتصاد والذي يضع سلطة الأمر الواقع في خيارات ضيقة، اختارت فيها حتى الآن، صرف أموال الدولة على القطاع الأمني باعتباره أولويتها ضد المعارضة.

يعود أقرع ويقول: “إن تأزم الوضع والاحتقان السياسي الخارجي والداخلي، جعل موارد الدولة موجهة تجاه السيطرة الأمنية واحتواء التظاهرات من أدوات للقمع ورواتب للموارد البشرية التي أصبحت تعمل لوقت إضافي، مشيراً إلى أنه كان بالإمكان صرف تلك الموارد والأموال لدعم الاقتصاد، لكنها اليوم تذهب لتمويل الأجهزة الأمنية.”

طوال هذه الفترة المتأزمة كانت التقارير الصادرة من الجهاز المركزي للإحصاء السوداني تشير إلى انخفاض هائل ومستمر في معدل التضخم الاقتصادي، حتى وصل في سبتمبر الماضي إلى (107%)، لكن تلك الأرقام التي تظهر في التقارير لم تنعكس على أسعار السلع الاستهلاكية الأمر الذي يراه محللون وخبراء اقتصاديون انخفاضاً سلبياً.

السودان - معدل التضخم

يقول المحلل الاقتصادي (فتحي هيثم) لبيم ريبورتس: “إن الاقتصاد السوداني الآن في أوج ضعفه وهناك عرض كبير للسلع مقابل انخفاض في الطلب.

ويضيف “ما حدث من انخفاض في التضخم جاء نتيجة ارتفاع معدل الركود في الأسواق قياسا بأسعار الدولار إلى جانب انخفاض دخل الأسر السودانية، ما أدى إلى خفض استهلاكها اليومي من السلع الضرورية”.

في حين يصف أقرع تقارير الجهاز المركزي للإحصاء، بأنها “أرقام مسيسة”، قائلاً “إن هذه الإحصاءات مشكوك في مصداقيتها، لأن الجهاز المركزي لا يوضح منهجيته في حساب المعدل ولا يوضح ماهية سلة السلع التي بنى عليها الإحصائية، بالإضافة لضعف قدرات وإمكانيات الجهاز المادية”.

حديث الخبراء الاقتصاديين عن ارتفاع معدل الركود وانخفاض الطلب مقابل العرض يعضده تجار يعملون في قطاع المواد الغذائية.

"القوة الشرائية منخفضة للغاية، كان متجري السابق بمنطقة الطائف بالخرطوم مكتظاً طوال الوقت، خاصة في بداية الشهر، أما الآن لا يوجد زبائن على الإطلاق"، يقول محمد بلة صاحب محل لبيع المواد الغذائية.

ويضيف “يظهر الفرق أيضاً في نوعية المشتريات، يشتري الزبائن الآن الضروريات الاستهلاكية فقط، معظم المشتريات؛ إما سكر، بصل أو زيت، أما بالنسبة للمعلبات والبضائع المستوردة وأي سلعة غير ضرورية فهي غالباً ما تنتهي بالتلف داخل الرفوف، نتيجة لذلك صافي الربح من المتجر أصبح لا يغطي معي تكاليف المعيشة، مع أني أعمل فيه بدوامين صباحي ومسائي”.

ويتابع بلة قائلًا “حتى الشركات أصبحت غير مستقرة. فالأسعار ليست ثابتة وكل شهر له أسعاره المختلفة وبعض الشركات تُوقِف إنتاجها لأشهر ثم تعاود التوزيع بعد مدة بأسعار عالية”.

الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها البلاد، حذرت من تداعياتها الأمم المتحدة والتي أعلنت في آخر تقرير لها في أغسطس بخصوص الوضع في السودان، عن استمرار ارتفاع أسعار المحاصيل المحلية الاستهلاكية، حيث ارتفعت بنسبة 10-35%. وكشف التقرير عن تأثر المحاصيل التي سيتم حصادها في الشهر الحالي سلبيا نتيجة ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية كالوقود وتكاليف النقل وغيرها.

كل تلك الأزمات الطاحنة إلى جانب انخفاض احتياطيات العملات الأجنبية والذهب واستمرار انخفاض قيمة الجنيه السوداني، تمثل مصدراً إضافياً للقلق بشأن قدرة البلاد في السيطرة على الاقتصاد في ظل وضع سياسي محتدم ونزاعات أهلية في مناطق متفرقة بالبلاد، علاوة على اعتماد الدولة على جيب المواطن بشكل كبير لتغطية الموازنة الموضوعة.