وسط استجابات رسمية فاترة.. كيف توسعت رقعة العنف الأهلي الدامي في أقاليم السودان؟

مع استمرار دوامة العنف الأهلي والاجتماعي التي ظلت تعيشها البلاد في السنوات الثلاث الأخيرة، وتمدد رقعتها وتفاقم حدتها عقب انقلاب 25 أكتوبر الماضي، أفاق السودانيون يوم الجمعة الماضي، على وقع انفجار أحداث عنف أهلي بإقليم النيل الأزرق، وضعت حداً لحياة العشرات في غضون ساعات قليلة، دون أن يكون الكثيرين على معرفة بسياقها.  

وبينما امتدت أحداث الاقتتال الدامي لعدة أيام، ظلت الصورة العامة لأسباب النزاع الدموي غير واضحة المعالم. لكن، لاحقاً مع توالي ردود الأفعال، بدأ إطلاق الاتهامات، وتحميل المسؤولية والتنصل منها من جانب آخر.

يوم الأحد الماضي، فيما كانت الأطقم الطبية تُكافح في التعامل مع عشرات الإصابات الخطرة، بمستشفى الدمازين، في ظل شح الإمكانيات وعدم وجود كمية كافية من الكهرباء بالمستشفى، ظهر القائد العام للقوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، وهو يتلقى التهاني في القيادة العامة بالخرطوم من الضباط والجنود بمناسبة عيد الأضحى.

وسط تحذيرات ومناشدات بخطورة الأوضاع، التزمت سلطة الأمر الواقع والقوات المسلحة الصمت  لساعات طوال دون اتخاذ أية تدابير على الأرض، قبل أن تبدأ الأخيرة في نشر قوات عسكرية، يوم الاثنين، بمدينة الدمازين والمناطق التي شهدت النزاع، وذلك بعد مقتل نحو 97 شخصاً ومئات الجرحى. 

وجاء تدخل القوات العسكرية المتأخر للفصل بين المجموعات السكانية المتصارعة في إقليم النيل الأزرق، امتداداً لتدخلات أخرى متأخرة سابقة، في خريطة عنف أهلي تمتد من مدينتي بورتسودان وكسلا شرقاً وتنتهي في مدينة الجنينة بأقصى الغرب، مروراً بغرب وجنوب كردفان وأخيراً إقليم النيل الأزرق، حيث كان تدخل سلطة الأمر الواقع في كل هذه الأحداث، يأتي بعد سقوط الضحايا.

كما لا تختلف استجابة النيابة العامة، في الشق العدلي، التي أعلنت عن فتح تحقيق في أحداث العنف الدموي بالنيل الأزرق، من استجابة القوات العسكرية المتعلقة بالتقصير في أداء مهامها، حيث فتحت العديد من التحقيقات في غالبية هذه الأحداث دون تقديم أي متهمين للمحاكمة، ودون أن تعلن حتى عن نتائج تحقيقاتها.

وأسند النائب العام خليفة أحمد خليفة، رئاسة اللجنة إلى رئيس نيابة عامة، فيما شملت عضويتها عناصر من القوات المسلحة، الشرطة، جهاز المخابرات العامة والدعم السريع.

وفي ظل غياب فعل ملموس لتخفيف حدة الأزمة، كادت الأمور تخرج من السيطرة، يوم الاثنين، بمدينة كسلا شرقي البلاد، عندما احتج المئات على أحداث العنف في النيل الأزرق، حيث قتل 3 أشخاص فيما أحرقت بعض المكاتب والسيارات بمقر حكومة ولاية كسلا. أيضاً شهدت مدينة ود مدني بعض التوترات لكنها انتهت من دون وقوع أعمال عنف.

ومع تنامي المخاوف من الانزلاق في أتون صراع أهلي دموي واسع النطاق في بلد بالأساس يعاني هشاشة أمنية، تظاهر السودانيون بمدن مختلفة شملت كلاً من: كسلا، بورتسودان، القضارف، مدني، كوستي، ربك، الأبيض والخرطوم احتجاجاً على الأوضاع بإقليم النيل الأزرق، وتنديداً بفشل السلطة العسكرية الحاكمة في حفظ الأمن.

وفي الخرطوم، أطلقت الشرطة السودانية، عبوات الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين تظاهروا بشارع المطار، قبل أن يتجمعوا لاحقاً بساحة الحرية.

أيضاً اتهم كل من الحزب الشيوعي والحركة الشعبية ـ شمال بزعامة عبد العزيز الحلو في بيانين منفصلين، الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار بالتسبب في أحداث العنف الأخيرة قبل أن يلقيا باللائمة على اتفاق سلام جوبا.

وحمل الجانبان السلطة العسكرية الحاكمة مسؤولية ما وقع من أحداث، فيما شددت الحركة الشعبية بزعامة عبد العزيز الحلو، على أن ما جرى هو “صراع سياسي تم نسج خيوطه بخبث ومُكر شديدين بهدف تمرير أجندة سياسية مكشوفة ومعلومة، وليست مجرد نزاعات إثنية”.

 وفي استجابتها لتصاعد الأحداث بولاية النيل الأزرق، ناشدت لجان مقاومة الدمازين، في بيان، “الثوار والثائرات وجميع المواطنين بنبذ القبلية والجهوية ووقف نزيف الدماء”، كما ناشدت لجان مقاومة الرصيرص، المنظمات المحلية و العالمية بالتدخل لاغاثة النازحين جراء احداث النيل الازرق.

من جانبه، أدان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودا، فولكر بيريتس، وقال في تصريح إعلامي: “إن العنف بين المجتمعات والخسائر في الأرواح في منطقة النيل الأزرق في السودان أمر محزن ومقلق للغاية.”

خسائر العنف الراهن بولاية النيل الأزرق

خسائر العنف الراهن بولاية النيل الأزرق
خسائر العنف الراهن بولاية النيل الأزرق
خسائر العنف الراهن بولاية النيل الأزرق

خسائر العنف الأهلي بأبو جبيهة

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع