ما مطالب اعتصام (مخيم زمزم للنازحين) بشمال دارفور؟

في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي، أعلن سكان مخيم زمزم للنازحين (15 كلم جنوبي مدينة الفاشر)، ولاية شمال دارفور عن اعتصام مفتوح، أغلقوا على إثره الطريق الرابط بين مدينة الفاشر وولايات إقليم دارفور الأخرى، ونظم سكان المخيم، هذا الاعتصام على خلفية مقتل (5) أشخاص من سكان المخيم، الذي تتفشى فيه حوادث القتل والاغتصاب، وغيرها من الانتهاكات والظروف اليومية التي يعيش فيها سكان المخيم.

وفي يناير من هذا العام، شهد المخيم جريمة قتل مماثلة، راح ضحيتها 5 من سكان المخيم، وجرح 6 آخرين، وسرقة 450 رأساً من الماشية، أعقبتها احتجاجات واسعة وسير سكان المخيم موكباً  إلى مكتب والي شمال دارفور للمطالبة بتوفير الحماية للمخيم وسكانه، لكن الاستجابة من قبل الوالي كانت من نفس الكأس، حيث واجهت قوات حراسة منزله المحتجين بالرصاص، وتسببت في إصابة 4 منهم بجروح. 

اعتصام من أجل العدالة

مع تكرار حوادث القتل والسرقة وإفلات المجرمين من العقاب، لم يجد سكان مخيم زمزم للنازحين طريقاً لتحقيق العدالة وإشهار مطالبتهم بها سوى الدخول في اعتصام مفتوح، من أبرز مطالبه تحقيق العدالة ، والحياة الكريمة للنازحين، وتوفير الحماية للمدنيين ، والتحقيق في كل الانتهاكات التي وقعت على النازحين وراح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، بالإضافة للتحقيق في قضايا الاغتصاب التي شهدها الجزء الغربي من المخيم. فعلى مدى سنوات والنازحين يتكبدون خسائر في الأرواح والممتلكات، الأمر الذي يحد من قدرتهم على ممارسة أنشطتهم الحياتية. 

ويتمثل  القسم الآخر من المطالب بتوفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم عبر تأهيل المرافق الصحية ومصادر مياه الشرب، علاوة على  صيانة مدارس مرحلتي الأساس والثانوي داخل المخيم.

شهدت مطالب الاعتصام دعماً كبيراً من المجتمعات المحلية بولاية شمال دارفور، حيث سيّر مواطنون من مختلف الولايات داخل الإقليم والنازحون بالمخيمات الأخرى مواكب تضامنية لمنطقة الاعتصام. كما  نفذ طلاب مخيم زمزم بالجامعات والمعاهد العليا وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل دعماً لاعتصام سكان المخيم، و سلموا مذكرة تحوي مطالب الاعتصام المتعلقة بالتحقيقات في الجرائم الجنائية، إلى رئيس إدارة حقوق الإنسان بوزارة العدل.

وعود مستمرة بالإصلاح

زار وفد من حكومة ولاية شمال دارفور اعتصام معسكر زمزم، والتقى بالمعتصمين، قدم الوفد في زيارته وعوداً بتحقيق مطالب الاعتصام، بدءًا من المتعلقة بتوفير الحماية للمعسكر عبر القوات الأمنية، لكن لم يمر على هذه الوعود أكثر من أيام حتى هوجمت المزارع الواقعة غرب المخيم، والتي يمارس فيها النازحون أنشطتهم الزراعية، التي يعتمدون عليها في معيشتهم.  وقدم الوفد الحكومي وعداً بتوفير قوات خاصة بحماية المدنيين. 

وكانت اتفاقية جوبا للسلام، الموقعة في 3 أكتوبر 2020م بين عدد من الحركات المسلحة وحكومة السودان الانتقالية، قد نصت على تأسيس قوات لحماية المدنيين، وفي يوليو الماضي، اُعلن عن تخريج 2000 من أفراد الحركات المسلحة، بمدينة الفاشر، بعد تلقيهم تدريبات عسكرية بهدف تشكيل قوة حماية المدنيين، وكان الاتفاق قد نص على تشكيل قوة من 12 ألف جندي، على أن يكون نصفها من الحركات الموقعة على اتفاق السلام، والنصف الآخر من القوات النظامية، إلا أن هذا لم يحدث، وهو ما يدفع مواطني دارفور عموماً، وسكان المخيمات على وجه الخصوص، ثمنه بغياب الحماية.

حسرة على اتفاقية السلام

بعد التوقيع على اتفاقية جوبا للسلام، خرج النازحون بمخيم زمزم في مواكب احتفالية صاحبتها الهتافات والأغاني، ورفعوا لافتات تعبر عن أملهم في تحقق سلام ينهي مآسي النزوح ، ويعيد لهم الحياة التي سلبتها سنوات الحرب وعدم الاستقرار ، التي استمرت لما يربو على السبعة عشر عاماً. لكن ما حدث كان عكس التوقعات، لم تر بنود الاتفاقية النور، وعبر سكان المعسكر عن خيبتهم واحباطهم، واتهموا قوات الحركات المسلحة الموقعة على الاتفاقية بالتقاعس في تنفيذها.

اعتصام زمزم امتداد للحركات الاجتماعية والاعتصامات التي شهدتها دارفور خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي وإن تعددت مطالبها واختلفت حسب السياقات المحلية من مدينة إلى أخرى، ومن مخيم في شمال دارفور إلى مخيم في غرب دارفور، إلا أنها تلتقي في مطلب جوهري ومشترك، وهو توفير الأمن والسلام للمواطنين.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع