استطلاعات لأعضاء (المقاومة) تكشف عن تحدياتهم ومواقفهم من الأحزاب السياسية

أجرى قسم (سوداليتيكا) في (بيم ريبورتس) استطلاعين للرأي استهدفا لجان المقاومة في جميع محليات ولاية الخرطوم، بشأن طبيعة دورها، والتحديات التي تواجهها في بناء منظومتها الأفقية، التي ظلت تشارك بصفة رئيسة في تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد، منذ اندلاع الثورة في عام 2018م. كما وقفا على آراء أعضاء اللجان الخاصة بقضايا الحكم والتحول الديمقراطي، وتصورهم لدور الفاعلين السياسيين في الفترة الانتقالية.

واستهدف الاستطلاع الأول فهم طبيعة تكوين اللجان من فئات عمرية، وتوزيع النوع الاجتماعي والمهن داخلها، ومدى فاعلية الأعضاء في المناطق المختلفة، كما تضمن جزئية لقياس آرائهم حيال الأساليب المتبعة للتنظيم الداخلي، مثل الهيكلة، وطرق اختيار وتصعيد القيادات، وطرق صناعة المواثيق، بالإضافة إلى فهم أراء أعضاء اللجان، بخصوص الدور الذي يجب أن تلعبه اللجان في مناطقها، إن كان دوراً سياسياً أم اجتماعياً أم ثقافياً أم خدمياً.

بينما استهدف الاستطلاع الثاني معرفة تصور أعضاء لجان المقاومة بولاية الخرطوم عن دور اللجان والفاعلين السياسيين في عملية التحول الديمقراطي، وقضايا الانتقال الأكثر أهمية من وجهة نظرهم، كما استهدف الاستطلاع الثاني قياس اتجاهات الرأي العام بخصوص تكوين هياكل الحكم خلال الفترة الانتقالية، على المستوى السيادي والمستوى التنفيذي والمستوى التشريعي، وآراءهم بخصوص المجالس المحلية ودور اللجان في تشكيلها، وتصور الأعضاء لمستقبل اللجان فيما بعد الفترة الانتقالية، والدور الذي يمكن أن تلعبه اللجان في ظل حكومة منتخبة. 

وجمع الاستطلاع الأول 300 عينة، منها 66 عينة من محلية الخرطوم تمثل (22 %) من مجموع العينات، و 63 عينة من محلية جبل أولياء تمثل (21 %) من مجموع العينات، و56 عينة من محلية أمبدة تمثل (18.67 %) من مجموع العينات، و45 عينة من محلية بحري تمثل (15 %) من مجموع العينات، و 45 عينة من محلية شرق النيل تمثل (15 %) من مجموع العينات، و 15 عينة من محلية أمدرمان تمثل (5 %) من مجموع العينات، و 10 عينات من محلية كرري تمثل (3 %) من مجموع العينات.

وتضمن الاستطلاع الثاني آراء 320 عينة، 80 عينة منها جُمعت من محلية الخرطوم تمثل (25 %) من مجموع العينات، و80 عينة من محلية جبل أولياء تمثل (25 %) من من مجموع العينات، و40 عينة من محلية أمدرمان تمثل (12.5 %) من مجموع العينات، و40 عينة من محلية بحري تمثل (12.5 %) من مجموع العينات، و40 عينة من محلية أمبدة تمثل (12.2 %) من مجموع العينات، و21 عينة من محلية شرق النيل تمثل (6.5 %) من مجموع العينات، و20 عينة من محلية كرري تمثل (6.2 %) من مجموع العينات.

وبيّن تحليل النوع الاجتماعي للاستطلاع الأول أن أغلبية المستجيبين للاستطلاع هم من الذكور بنسبة (69 %)، بينما مثلت نسبة المستجيبات الإناث (31 %). إضافة إلى أن أغلبية المشاركين في الاستطلاع تراوحت أعمارهم بين 20 إلى 35 عاماً، ويمثلون نسبة (81.88 %).

وفيما يخص المهن، أوضحت نتائج الاستطلاع الأول أن (37.25 %) من المستجيبين هم من الطلبة، ما يجعلهم يمثلون الفئة الأعلى وسط المشاركين بالاستطلاع، يليهم الموظفون بنسبة (18.79 %)، وأصحاب الأعمال الحرة بنسبة (15.77 %) على التوالي.

وجاء تحليل النوع الاجتماعي للاستطلاع الثاني ليؤكد أيضاً أن أغلبية المستجيبين للاستطلاع هم من الذكور باختلاف بسيط في النسب مع الاستطلاع الأول، حيث مثلت نسبة الذكور (64 %)، ومثلت نسبة الإناث المشاركات في الاستطلاع (36 %)، إضافة إلى أن أغلبية المشاركين في الاستطلاع الثاني تراوحت أعمارهم بين 20 إلى 35 عاماً، بنسبة بلغت (82.2 %).

أما بالنسبة للمهن، فبيّنت نتائج الاستطلاع الثاني، أن (42.2 %) من المستجيبين طلبة، يليهم الموظفون بنسبة (13.4 %)، وأصحاب الأعمال الحرة بالنسبة نفسها.

وخلُصت نتائج الاستطلاعين إلى أن المستجيبين يمثلون جزءًا من العضوية الفاعلة داخل اللجان، مِن ثَمَّ فإن تحليل مهن المستجيبين يمكن أن يكون مؤشراً إلى أن الطلاب والخريجين الجدد لديهم إمكانية أكبر للتفرغ لعمل اللجان أكثر من بقية أصحاب المهن الأخرى.

وكشف الاستطلاع الأول عن أن تمثيل النساء والفئات ذات الدخل المنخفض ضعيف داخل لجان المقاومة، غير أن حضور هاتين الفئتين يختلف من منطقة لأخرى، فمحليات الخرطوم وجبل أولياء هي الأوفر حظًا في عدد النساء المشاركات في عمل لجان المقاومة، بناء على رأي المستجيبين، بينما يزيد تمثيل الفئات ذات الدخل المنخفض في محليتي شرق النيل وجبل أولياء. 

واتفق غالبية أعضاء لجان المقاومة في معظم المحليات على أن الدور الأهم للجان هو الدور السياسي، ثم الاجتماعي، ويليهما الدور الخدمي، باستثناء محلية بحري، التي رأى أعضاء لجانها أن الدور الاجتماعي أو الثقافي هو الأهم، ومحلية شرق النيل التي يوجد بها تقارب كبير بين عدد الذين أجابوا بالدور السياسي والاجتماعي.

وفيما يخص دور الفاعلين السياسيين في عملية التحول الديمقراطي، رأت أغلبية المستجيبين من أعضاء لجان المقاومة، وفقاً للاستطلاع الثاني، أن اللجان يجب أن تتجه إلى البناء القاعدي، وذلك بنسبة (70.6 %)، إلى جانب الضغط على السلطة لتحقيق الأهداف المعلنة بنسبة (68.1 %)، أما نسبة المشاركين في الاستطلاع الذين أجابوا بالأدوار المتعلقة بالمشاركة في هياكل الدولة كانت (42.8 %)، وتليها المشاركة في تنفيذ خطط الحكومة الانتقالية المعلنة بنسبة (38.1 %).

وأشار فريق البحث الخاص بقسم (سوداليتيكا) إلى أن النسب الخاصة بدور لجان المقاومة في عملية التحول الديمقراطي، تتوافق مع نتائج الاستطلاع الأول المتعلقة بدور اللجان في الأحياء (دور سياسي، اجتماعي، أم خدمي)، فالنتائج كانت تصب في اتجاه دور اللجان في التوعية السياسية لسكان المناطق، وأن ثمة حاجة للتنظيم والتنسيق، بالإضافة إلى أن لجان المقاومة تختلف عن اللجان التي عُرفت بـ “لجان التغيير والخدمات”، التي كانت تختص بالدور الخدمي في الأحياء، وتعمل وفقاً لموجهات وخطط الحكومة الانتقالية التي سبقت انقلاب 25 أكتوبر.  

وأكدت نتائج الاستطلاعين أن عدداً كبيراً من أعضاء لجان المقاومة قد فقد الثقة في الأحزاب السياسية، وتحديداً فيما يتعلق بإدارة الدولة خلال الفترة الانتقالية، بيد أن الاستطلاع الثاني نوه إلى الاتجاهات الخاصة بأعضاء لجان المقاومة حيال دور الأحزاب في الفترة الانتقالية، لافتاً إلى أن (91.6 %) من نسبة المستجيبين أجابت بأن دور الأحزاب السياسية يجب أن يحصر في التجهيز للانتخابات كأولوية، ما يتضمن تركيزها على البناء التنظيمي، كما رأى (32.5 %) من المستجيبين أن الأحزاب لديها دور رقابي يتمثل في مراقبة أداء الحكومة الانتقالية، بينما رأى (21.6 %) أن الأحزاب يجب أن تشارك في هياكل الدولة في ظل الفترة الانتقالية.

واتفقت أغلبية المستجيبين للاستطلاع الثاني بنسبة (71.6 %)، أن الدور الأساس للنقابات المهنية هو التركيز على القضايا الفئوية المتعلقة بالقواعد التي يمثلها الجسم المهني، وأجاب (52.2 %) بأن النقابات ينبغي أن يكون لديها دور في مراقبة أداء الحكومة الانتقالية، بينما رأى (30.9 %) من المستجيبين أن النقابات المهنية يجب أن تشارك في هياكل الدولة، وفي الحوار السياسي.

ورأت أغلبية المستجيبين الذين يشكلون نسبة (72.5 %) أن المشاركة في تنفيذ خطط الحكومة الانتقالية تمثل الدور الأهم للمجتمع المدني، يأتي بعد ذلك الدور المتعلق بمراقبة سير الحكومة الانتقالية والذي حاز نسبة (53.4 %) من المستجيبين، وهو الدور المشترك بين جميع عناصر التحول الديمقراطي، ثم تأتي المشاركة في هياكل الدولة أو الحوار السياسي بنسبة (16.9 %) وتمثل نسبة الاستجابات الأقل فيما يخص دور منظمات المجتمع المدني، وتضمنت أغلبية الإجابات التي صٌنفت كأخرى بنسبة (7.5 %) إشارات إلى أدوار تتعلق بتعزيز الحوار المجتمعي عبر الأنشطة الثقافية والتوعوية.

وبالنسبة لقضايا الانتقال ذات الأولوية القصوى، كشف الاستطلاع الثاني عن أن الاتجاه العام وسط أعضاء لجان المقاومة يرى أن تلك القضايا على التوالي تتمثل في إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، وإصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية، والقصاص والعدالة الانتقالية.

وشددت الغالبية العظمى من المستجيبين بنسبة (93.1 %) على أن نموذج الشراكة بين العسكر والمدنيين على مستوى المجلس السيادي لا يجب أن يستمر. وأوضح عدد كبير من الرافضين للشراكة يمثلون نسبة (46.3 %) أن المؤسسة العسكرية لا يمكن الوثوق بها، وأن التجارب عبر تاريخ السودان أثبتت أن الجيش يعتبر مهدداً حقيقياً لعملية التحول الديمقراطي. ويعتقد بعض المستجيبين بنسبة (37.9 %) أن السبب وراء رفضهم للشراكة يعود إلى أن المؤسسة العسكرية ليس من صلاحياتها المشاركة في هياكل السلطة، وأنها لا يجب أن تتدخل في السياسة بصورة عامة.

بينما أشار الذين يعتقدون بإمكانية استمرار الشراكة ونسبتهم (6.9 %) إلى ضرورة إيجاد شروط لاستمرارها، من بينها القصاص للشهداء، وتحقيق العدالة الانتقالية، وعدم التدخل في مهام الحكومة التنفيذية، وأن تنحصر مهامهم في حفظ الأمن والسلام، وإصلاح المؤسسة العسكرية.

وبالعودة إلى الاستطلاع الأول، أوضح عدد كبير يُمثل نسبة (63.1 %) من المستجيبين أن التحدي الأكبر الذي يواجه بعض لجان المقاومة هو الاختراقات الأمنية، وأضافوا أن بعض اللجان تواجه إشكالية فقد الأعضاء الثقة في بعضهم بعضاً، وثمة شبه اتفاق على أن هذه الإشكالات قد تولد انقسامات داخلية، مما يعطل فاعلية اللجان وتوافقها على رؤية موحدة.

وذكر (43.96 %) من المستجيبين أن التحدي الثاني الذي يواجه اللجان يتمثل في ضعف الخبرة في العمل السياسي والتنظيمي، ثم تأتي مسألة تأخير صياغة رؤية سياسية موحدة، كإحدى العوامل التي تعيق التوافق بين عضوية اللجان بنسبة (22.48 %)، أما بقية الردود الخاصة بتشخيص التحديات التي تواجه اللجان، فأشارت إلى تدهور الوضع الاقتصادي كعامل يعيق عمل اللجان بنسبة (13.4 %)، بالإضافة إلى القبضة الأمنية، واستهداف الأعضاء من قبل السلطات بنسبة (13.4 %)، والبعد عن المجتمع والقواعد بنسبة (13.4 %).

ولفت (74 %) من المستجيبين إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر الوسيلة الأفضل للتواصل مع المواطنين أو سكان الأحياء، بينما نوه (71 %) إلى أن المخاطبات المباشرة تعتبر الوسيلة الأكثر فاعلية وتأثيرًا في عملية التواصل مع القواعد.

وأجابت الأغلبية بنسبة (53.9 %) بأن التنسيقيات الولائية تعتبر المستوى المطلوب للتنسيق بين اللجان، تليها التنسيقيات المحلية بنسبة ( 34.3 %) ثم الأحياء بنسبة (11.8 %). 

وأوضح الذين أجابوا بالتنسيقيات الولائية أو المحلية، أن القضايا التي تستوجب هذا المستوى من التنسيق هي على الأغلب تلك التي تم وصفها بـ “القضايا القومية”، مثل توحيد المواثيق السياسية بين اللجان، وقضايا الحكم وهياكل الدولة (المجلس السيادي والتشريعي والتنفيذي). أما القضايا التي تستوجب التنسيق على المستوى المحلي، فهي الجوانب الخدمية، مثل الصحة والتعليم، وتوفير مستلزمات العيش للمواطنين، ثم تأتي بعد ذلك قضايا تكوين هياكل الحكم المحلي.

ورأى الذين أجابوا بـ “أحياء فقط”، وهو عدد بسيط نسبياً (يٌمثل 11.8% من العينات ككل)، أن هناك قضايا تحتاج إلى التنسيق بين اللجان، ولكن يمكن أن يتم ذلك عبر المكاتب المختصة بذلك مباشرة.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع