تَهدف وسائل التواصل الاجتماعي في الأساس إلى خلق مساحات للتعبير الحر عن الرأي والرأي الآخر، إلا أنها في الوقت نفسه قد تُستخدم كأداة في متناول الحكومات لنشر الدعاية السياسية وتغيير اتجاهات الرأي العام.
تَستخدم العديد من الجهات، المحلية والإقليمية والدولية، عمليات التضليل الإعلامي، كسلاحٍ سياسي لتمرير أجندتها، وتحقيق مصالح ومكتسبات سياسية، أو اقتصادية، أو عسكرية، وهو ما وثقته قاعدة بيانات تقارير (مرصد بيم)، بالإضافة إلى تقارير المؤسسات الدولية، وشركات التكنولوجيا الكبرى.
وعطفاً على تقرير سابق نشرته (بيم ريبورتس) عن شبكة تضليل، تُروج لمصالح دولة الإمارات، وتهاجم قوى سياسية سودانية في (تويتر)، فقد رصد فريق (مرصد بيم) عملية معلوماتية في (تويتر) تُمثل امتداداً لتلك الشبكة، تستهدف الرأي العام في عدد من الدول العربية والافريقية وتأثر فيه.
تسعى هذه الشبكة للترويج لدور الإمارات في المنطقة باعتبارها راعية للسلام، وتدعم أنظمة سياسية وكيانات وشخصيات موالية لأبوظبي، بالإضافة إلى مهاجمة شخصيات وجماعات تنتسب للإسلام السياسي، أو ذات مواقف معادية للاتجاه السياسي للإمارات في بلدانها.
تنشط شبكة الحسابات ذات الصلة بالعملية المعلوماتية المشار إليها في هذا التقرير، في (السودان وتونس وموريتانيا واليمن وليبيا).
السودان
في فبراير الماضي نشر فريق مرصد بيم تحقيق عن شبكة تضليل تروج لمصالح الإمارات وتهاجم قوى سياسية في السودان. وامتداداً لهذه الشبكة رصد فريقنا نشاط جديد تعاود عبره الشبكة التغريد في الفضاء الرقمي السوداني في موقع (تويتر) تسعى من خلاله إلى إرباك الرأي العام السوداني والترويج لعلاقات أبوظبي بالنظام العسكري في الخرطوم مستخدمة وسم: (#السودان_في_قلب_الإمارات) ، تنشر فيه الشبكة محتوى يفيد بأن دولة الإمارات تدعم الوفاق والسلام والاستقرار في السودان. وتتضمن التغريدات صوراً تجمع رئيس دولة الإمارات (محمد بن زايد) وقائد الجيش السوداني (عبد الفتاح البرهان).
وفي مسعى لتلميع صورة حلفاء أبوظبي على ما يبدو، نشطت الشبكة تحت وسم (#البرهان_في_الإمارات)، وذلك وبالتزامن مع زيارة قائد الجيش (عبدالفتاح البرهان) إلى دولة الإمارات، في فبراير من العام الحالي، حيث نشرت الحسابات المعنية عدداً من التغريدات التي يفيد محتواها بمتانة العلاقات السودانية – الإماراتية وأن الإمارات تولي اهتماما كبيرا للسودان وأنها تدعم العملية السياسية الجارية في السودان لتحقيق الوفاق والاستقرار على حد تعبيرهم.
لاحظ فريق مرصد بيم أن عدداً من الحسابات المكونة للشبكة نشطت في وقت سابق في هجوم ممنهج على القوى المدنية السياسية في السودان، على عكس ذلك نشرت هذه الحسابات محتوى إيجابي عبر تغريدات تضمنت صورا لقائد الجيش في السودان، يبدو وكأنها تدعم قوى الانقلاب العسكري في السودان.
بعد اندلاع الحرب في السودان بتاريخ 15 أبريل، نشر فريق (مرصد بيم) تحقيقاً وضح فيه عودة نشاط لشبكة الحسابات المعنية عبر عدد كبير من التغريدات التي تستهدف الرأي العام السوداني، تروج فيه لمصالح الإمارات وتتبني الدعاية الإعلامية لصالح قوات الدعم السريع، وتهاجم الجيش السوداني.
تونس
في تونس نشطت شبكة الحسابات عبر عدد من التغريدات تهاجم عبرها شخصيات وتنظيمات سياسية تونسية، وتدعم أخرى، حيث وجد فريقنا أن نشاط الشبكة في الفضاء الرقمي التونسي يستهدف حركة النهضة التونسية وزعيمها (راشد الغنوشي) وذلك بربط نشاط الحركة بنشاط جماعة الإخوان المسلمين. كما تنشر شبكة الحسابات محتوى يدعم سياسة الرئيس التونسي (قيس سعيد)، هذا بالإضافة إلى الترويج لدعاية أبوظبي بأنها داعمة لاستقرار الشعوب العربية.