ينشر «مرصد بيم» منذ أغسطس 2023، تقريرًا شهريًا، يوضح فيه أبرز الادعاءات الكاذبة، وعمليات التضليل الإعلامي التي جرى رصدها. يأتي ذلك، في خضم حرب شرسة تدور بين الأطراف المتقاتلة، ليس على الأرض فحسب، وإنما على مستوى الإعلام أيضًا حيث يتم تزييف الكثير من الحقائق وتضليل الرأي العام، بل وصنعها من العدم في بعض الحالات.
يغطي التقرير التالي، الادعاءات الخاطئة والمضللة في الفضاء الرقمي السوداني، لشهر فبراير «2024». كما يقدم تحليلًا مختصرًا لأبرز اتجاهات التضليل والأدوات المستخدمة فيه.
وكان «مرصد بيم» قد نَشر تقريرًا عن الأخبار المضللة التي تم تداولها في الفضاء الرقمي السوداني، خلال شهر فبراير . وتنوعت تلك التقارير من حيث «الأساليب والأدوات المستخدمة في عمليات التضليل، والاتجاهات، والفاعلين في عملية التضليل وشكل العملية التضليلة نفسها ». شمل التضليل عددًا من الفاعلين في الشأن السوداني، بما في ذلك كيانات سياسية وعسكرية وأفراد.
الأساليب والأدوات:
هناك أساليب وأدوات متعددة جرى استخدامها في عمليات التضليل. رصد فريق «مرصد بيم» منها الآتي:
- فبركة البيانات، والادعاء بأنها صادرة من الفاعلين في الشأن السوداني، سواء كانوا في الجانب العسكري أو المدني.
- نشر معلومات مضللة تختص بالراهن السوداني وما يجري فيه على المستوى الداخلي أو خارجيًا.
- إعادة نشر مقاطع فيديو قديمة، بوصفها حديثة، وذلك في سياق منفصل عن تاريخها الأصلي.
- تزييف الخطابات ونسبتها إلى جهات رسمية في الدولة.
- صياغة تصريحات على لسان قادة عسكريين وسياسيين ونسبها إليهم.
- نشر معلومات مضللة في إطار الدعاية الحربية متعلقة بتقدم أو تقهقر لطرف من طرفي الصراع.
الفاعلون في حملات التضليل:
أشارت الدراسات والتقارير التي عمل عليها «مرصد بيم»، إلى أن هناك جهات داخلية وخارجية، كانت فاعلة في عمليات التضليل في الفضاء الرقمي السوداني. وحددت الدراسات الفاعلين على المستوى الداخلي في خمس فئات شملت: «جهات مناصرة للدعم السريع، جهات داعمة للجيش، وجهات ذات توجه إسلامي، وجهات تناهض الحكم العسكري». بينما أشارت الدراسة إلى أن الفاعلين الأجانب، في الفضاء الرقمي السوداني، هم: «روسيا – دولة الإمارات العربية المتحدة – مصر- إثيوبيا». تعمل كل هذه القوى/الجهات على نشر المعلومات الزائفة والمضللة التي تخلق أفقاً ضبابيًّا حول ماهية الوضع في السودان.
في شهر فبراير الماضي نشطت حملات التضليل المدعومة من تلك الجهات الفاعلة في التضليل في الشأن السوداني وعملت على نشر العديد من الادعاءات الزائفة والمضللة التي الحقت بالجمهور ضررًا بالغًا حيث انتشرت تلك الشائعات بينهم خالقة حالة من الضبابية وانعدام الرؤية فيما يتعلق بالراهن السوداني ونجد ايضًا أن تلك الحملات استخدمت أشكال مختلفة من التضليل الذي ساعد على انتشار المعلومات المغلوطة بين الناس واستهدفت تلك الحملات جهات مدنية وعسكرية أو دعمتها في بعض الأحيان وكل ذلك تم بمواد تضليلية.
1.الحملات التي استهدفت الجيش أو روجت له:
يلعب الجيش السوداني دورًا محوريًا في الشأن السوداني منذ اندلاع الحرب بينه وبين قوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023 ومنذ ذلك الوقت نشطت حملات التضليل الداعمة للجيش التي تنشر أخبارًا عن انتصاراته وتقدماته الميدانية وفي نفس السياق الزمني نشطت حملات التضليل المناوئة للجيش التي نشرت معلومات مضللة عن تقهقره على حساب الدعم السريع أو حتى انهزامه في بعض الأحيان، وفيما يلي استعراض لأهم هذه الأشكال من التضليل:
من حملات التضليل التي روجت للجيش تلك التي جاءت في أعقاب الأنباء حول تقدم الجيش في مواقع مختلفة في أم درمان حيث كثرت الأخبار حول الأمر ومن ثم نشطت الحملات الداعمة للجيش وعملت على نشر محتوى مضلل يهدف لنسب انتصارات جديدة للجيش حيث تمت مشاركة مقطع فيديو لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان خلال زيارة ميدانية له إلى أحد المستشفيات على أنها مقطع فيديو زيارة «البرهان» لمستشفى السلاح الطبي بأم درمان عقب تحرير الجيش له غير أن الفيديو كان قديمًا ولا علاقة له بما يجري في أم درمان، حيث تم وضع صورة في بداية المقطع تحمل لافتة لمستشفى علياء العسكري ودمجها مع مقطع فيديو قديم يعود إلى زيارة قائد الجيش السوداني لمصابي العمليات العسكرية في مستشفى عطبرة العسكري بولاية نهر النيل في أغسطس الماضي.
من حملات التضليل التي روجت للجيش أيضًا كانت تلك التي ربطت بين تعاون الدعم السريع ودولة الإمارات العربية المتحدة حيث صيغت أخبار عديد مضللة عن هجوم الجيش على دعم قادم من الإمارات لقوات الدعم السريع. حيث تم تداول ادعاء عن استهداف الجيش لمطار الجنينة وتدميره بالكامل بعدما هبطت عليه طائرة إماراتية تحمل دعمًا لقوات الدعم السريع غير أن الادعاء كان مضللًا ولم يقم الجيش بأي عملية استهداف لمدينة الجنينة منذ يناير الماضي. فهنا نلاحظ، أن الحملة المضللة عملت على تحقيق عنصرين الأول؛ كان إثبات وجود تدفق لدعم اماراتي للدعم السريع، والثاني قدرة الجيش على رصد ذلك الدعم القادم للدعم السريع من كافة المنافذ.