«هيومن رايتس ووتش»: الدعم السريع ترتكب جرائم حرب بجنوب كردفان

10 ديسمبر 2024 – قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، الثلاثاء، إن قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها ارتكبت في الفترة بين ديسمبر 2023 ومارس 2024، انتهاكات عديدة ضد المدنيين في محلية هبيلا في ولاية جنوب كردفان، أثناء الاشتباكات مع الجيش السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال.

وأوضحت المنظمة في تقرير أصدرته اليوم، أن هذه الانتهاكات تشكّل جرائم حرب وشملت القتل والاغتصاب واختطاف السكان من الإثنية النوبية ونهب المنازل وتدميرها. وتسببت كذلك في نزوح جماعي، وحولّت كُلّا من هبيلا وفايو المجاورة إلى مدينة أشباح.

في وقت حثت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي بنشر بعثة على وجه السرعة لحماية المدنيين في السودان.

وقال جان باتيست غالوبين، وهو باحث أول في الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش إن انتهاكات قوات الدعم السريع بحق المدنيين في جنوب كردفان تشكل مثالا على الفظائع المستمرة في جميع أنحاء السودان.

باحثو المنظمة يزورون مناطق سيطرة الشعبية

على مدار 16 يومًا في أكتوبر الماضي، زار باحثو هيومن رايتس ووتش مناطق جبال النوبة في جنوب كردفان الخاضعة لسيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال والتي تستضيف عشرات آلاف النازحين – معظمهم من النوبة – ممن فروا من المناطق التي يتنازع عليها الجيش والدعم السريع.

ووفقًا للتقرير فقد أجرى الباحثون مقابلات مع 70 نازحًا، 40 منهم ناجون من هجمات قوات الدعم السريع على هبيلا وفايو والقرى المجاورة، وحللوا صور الأقمار الصناعية للمنطقة بين ديسمبر 2023 وأكتوبر 2024.

كما تحدث الباحثون أيضا مع 24 شخصا آخرين، منهم عمال إغاثة، ومسؤولون محليون، وآخرون لديهم معرفة بالمنطقة.

وبناء على المقابلات مع شهود وثقت هيومن رايتس ووتش، مقتل 56 شخصا أعزل في هذه الهجمات، بينهم 11 امرأة وطفل واحد.

وأعدمت قوات الدعم السريع أشخاصا في منازلهم وأطلقت النار على آخرين في الشارع وقتلتهم، وأضاف التقرير قد تكون الأرقام الفعلية أكبر بكثير نظرا لفرار الكثيرين في اتجاهات مختلفة بعد الهجمات.

كما وثقت هيومن رايتس ووتش اغتصاب 79 فتاة وامرأة، في حالات شملت العبودية الجنسية، بناء على مقابلات مع ضحايا، وشهود، وأقارب الضحايا وأصدقائهن.

بداية الهجوم على هبيلا

وفي 31 ديسمبر الأول 2023، هاجم مقاتلو قوات الدعم السريع بلدة هبيلا، التي يسيطر عليها الجيش السوداني في ذلك اليوم، وفي الأيام التالية، قتلوا في هجمات متعمدة وعشوائية قرابة 41 مدنيا ومقاتلا أعزل، وجرحوا آخرين، واغتصبوا نساءً وفتيات، كما نهبوا المنازل على نطاق واسع.

وقالت ثلاث نساء إن قوات الدعم السريع قتلت في وقت مبكر من صباح 31 ديسمبر الأول ثمانية أشخاص على الأقل، بينهم أقاربهن، في الحوش العائلي الذي لجأت إليه أسرهن في حي الصفا.

وأضافت واحدة بينهن «عندما وصلت قوات الدعم السريع، قالوا للرجال: ʹأخرجوا أسلحتكم!ʹ. رد الرجال بأنهم لا يحملون أي أسلحة؛ فقالت القوات: ʹأحضروا أموالكمʹ. رد الرجال بأنهم لا يملكون أموالا. عندها بدأت قوات الدعم السريع في إطلاق النار عليهم».

كذلك قال أربعة ناجين إن معظم السكان فروا من هبيلا بعد استيلاء قوات الدعم السريع عليها، وإن المدنيين تعرضوا لإطلاق النار وقُتلوا أثناء فرارهم. كما أعدمت قوات الدعم السريع جنودا ورجال شرطة عزّلا من القوات المسلحة السودانية، في أماكن شملت منازلهم.

واجه المدنيون الذين بقوا انتهاكات جسيمة على أيدي قوات الدعم السريع، التي نهبت، واغتصبت النساء والفتيات، وقتلت من حاول التدخل من رجال وفتيان. عاد بعض من فروا بعد بضعة أيام لجمع متعلقاتهم ووجدوا أن البلدة تعرضت للنهب.

وفي 1 يناير الماضي، هاجمت قوات الدعم السريع مدينة فايو، على بعد 17 كيلومتر إلى الجنوب، والتي كانت أيضا تحت سيطرة الجيش، كان هذا أول هجوم من هجمات عدة قتلت فيها قوات الدعم السريع 21 مدنيا على الأقل، واختطفت 18 امرأة وفتاة وخمسة رجال على الأقل، ونهبت ودمرت ممتلكات مدنية.

امرأة من فايو، قالت إنها فرّت مع سكان نوبيين آخرين بعد الهجوم الأولي في 1 يناير، وعادت بعد بضعة أسابيع لجمع ممتلكاتها. قالت: «لم يتبقَّ شيء. دُمر كل شيء ونُهب بالكامل… أخذوا سريري والملاءات وجَرّارنا مع مقطورته وملابسنا وكل مقتنياتنا [في منزلنا]… وحتى الباب».

تسبب هذا الأمر في فرار عشرات الآلاف من منازلهم في جميع أنحاء المنطقة مع استمرار الهجمات، التي وقع جزء منها ضد المدنيين، والاشتباكات بين قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها والحركة الشعبية للسيطرة على هبيلة وفايو.

حرائق ونهب في هبيلا وفايو

وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية علامات نهب وحرائق في هبيلا وفايو، وأضرارا ناجمة عن الحريق في أربع قرى مجاورة.

وحددت هيومن رايتس ووتش في مقطع فيديو الموقع الجغرافي لإحدى هذه القرى، تونجول، وهي قرية تقع على بعد 13 كيلومترا جنوب غرب هبيلا. ويُظهر المقطع رجالا يرتدون زي قوات الدعم السريع يركبون دراجة نارية في القرية.

وأشار التقرير إلى أنه يمكن رؤية المنازل تحترق على طول الطريق. تُظهِر تحليلات صور الأقمار الاصطناعية احتراق المنازل في بعض الأحيان بين 11 و14 فبراير، في حين أظهرت بيانات الشذوذ الحراري حريقا فوق تونغول في 12 فبراير.

يشكّل القتل المتعمد للمدنيين، والاغتصاب والأشكال الأخرى للعنف الجنسي، والنهب، والتدمير المتعمد للممتلكات المدنية جرائم حرب.

وقال غالوبان: «ينبغي للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي اتخاذ خطوات حاسمة لنشر بعثة يمكنها حماية المدنيين السودانيين من القوات التي تعيث فسادا. يمكن نشر بعثة لحماية المدنيين في المناطق التي لجأ إليها المدنيون ولكن حيث الاحتياجات الإنسانية ماسة، مثل مناطق جنوب كردفان التي زرناها».

وقالت رُبى (20 عاما) من هبيلا إن رجالا عرب بملابس مدنية دخلوا الحوش الذي تسكنه في ذلك الصباح وأمروها والمدنيين الآخرين في المنزل بتسليم مقتنياتهم الثمينة.

وأضافت قائلة إن الرجال سألوا زوجها بعد ذلك عما إذا كان جنديا. قالت إنه عندما أجاب بأنه مدني، سألوه عن قبيلته. قالت إنه عندما أجاب بأنه نوبي قالوا له: «يا نوبيون، نحن غاضبون منكم، اليوم يومكم». ثم أطلقوا النار عليه وقتلوه فورا.
فيما قال شاهدان آخران إنه في صباح يوم 31 ديسمبر2023 أيضا، أطلق رجل يرتدي زي قوات الدعم السريع النار على عبير (25 عاما)، وقريبها عبد الرحمن، وأصاب رجلا آخر في منزل عبير.

قالت جارة عبير، حواء إدريس، التي كانت في المنزل وقتها، إنها رأت المهاجم يطلق النار على عبير، التي كانت في سريرها، في صدرها، وإن عبير وعبد الرحمن توفيا فورا. أضافت أن عبير كانت قد وضعت مولودها، محمد، قبل أربعة أيام، وإن الطفل نجا من الهجوم لكنه مات بعد خمسة أيام جرّاء الجوع.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع