7 مارس 2025 – قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، في تقرير الجمعة، إنها أطلعت على وثيقة داخلية لشركة «بايكار» التركية –وهي المزود الرئيس للطائرات بدون طيار للجيش التركي والمصدر الدفاعي الرائد في البلاد– تشير إلى أن حكومة السودان أرادت إعطاء حق بناء ميناء «أبو عمامة» وإدارته لشركات تركية، وذلك في أعقاب اجتماع عقدته الحكومة السودانية مع الشركة الدفاعية، في سبتمبر الماضي.
وكشفت الصحيفة، في سياق متصل، عن محادثات هاتفية وتواصل بين شركة أسلحة تركية ثانية تدعى «أركا للدفاع» –وهي شركة ناشئة وتأسست في 2020– وبين القوني حمدان دقلو شقيق قائد الدعم السريع الأصغر ومسؤول صفقات شراء الأسلحة لـ«الدعم السريع». واتهمت شركات الدفاع التركية بالتواصل مع الجانبين المتحاربين في السودان.
وفي نوفمبر 2024، أعلن وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم عن إلغاء السودان اتفاقًا مع الإمارات كان يقضي بإنشاء ميناء «أبو عمامة» على ساحل البحر الأحمر، وذلك إثر اتهام الحكومة لأبو ظبي بدعم قوات الدعم السريع. في وقت تبحث فيه الحكومة السودانية مع موسكو إمكانية إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان.
وكشفت «واشنطن بوست» عن اطلاعها على مجموعة من الرسائل النصية وتسجيلات الهاتف والصور ومقاطع الفيديو ووثائق الأسلحة وغيرها من السجلات المالية، والتي «تثبت صفقات أسلحة بين تركيا والجيش السوداني» – بحسب الصحيفة التي قالت إن شركة الدفاع التركية «بايكار» –التي يشترك في ملكيتها صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان– قامت بتأجيج الحرب في السودان.
وذكرت الصحيفة أنه وخلال المناقشات التي أعقبت بيع الطائرات من دون طيار إلى السودان، أخبر مسؤولون تنفيذيون في شركة «بايكار» زملاءهم أن القادة في الجيش السوداني كانوا يفكرون في منح الشركات التركية حق الوصول إلى مناجم النحاس والذهب والفضة، كما تظهر وثائق الشركة، فضلًا عن حقوق تطوير «أبو عمامة» –وهو ميناء رئيسي على البحر الأحمر سبق أن وعدت به الحكومة الإمارات العربية المتحدة، وهو أيضًا مطمع لموسكو– بحسب التقرير.
وقالت الصحيفة: «توضح الوثائق الحوافز التي يبدو أن السلطات السودانية تقدمها للشركات الأجنبية في مقابل المساعدة العسكرية، وهي لمحة نادرة عن عالم الصفقات الحربية الغامض».
وأوضح التقرير أن شركة «بايكار» باعت أسلحة بقيمة 120 مليون دولار على الأقل –بما في ذلك ثماني طائرات من دون طيار من طراز «TB2» ومئات الرؤوس الحربية– إلى الجيش السوداني خلال العام الماضي، وفقًا لعقد وشهادة المستخدم النهائي التي قالت «واشنطن بوست» إنها اطلعت عليها إلى جانب رسائل أخرى ومعلومات تتبع الرحلات الجوية التي تدعم البيع – بحسب ما ذكرت.
ولفتت الصحيفة إلى أن شحنات «بايكار» للجيش السوداني تنتهك عدة عقوبات فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مما يوضح المخاطر التي تتعرض لها الشركات التركية في سعيها إلى تعميق نفوذها في جميع أنحاء إفريقيا – وفقًا للصحيفة.
وقالت الصحيفة إن الطائرة «بيكار 2 المتطورة» تستطيع حمل أكثر من 300 رطل من المتفجرات، وهي مصنوعة من العديد من المكونات المصنوعة في الولايات المتحدة. وأوضحت أن الشركة التركية والجيش والحكومة السودانية لم يستجيبوا لطلبات التعليق على المعلومات التي أوردتها في التقرير.
وذكرت الصحيفة أن الشحنة السرية من الطائرات من دون طيار والصواريخ التركية سُلمت إلى الجيش السوداني في سبتمبر 2024. وأضافت: «كان فريق من شركة بايكار –أكبر شركة دفاعية في تركيا– على الأرض للتأكد من أن الصفقة تسير بسلاسة».
وتضمن العقد 600 رأس حربي وست طائرات من دون طيار من طراز «TB2» وثلاث محطات تحكم أرضية، ووعد بأن يسلم 48 فردًا الأسلحة مع تقديم «الدعم الفني داخل البلاد» – بحسب الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرسائل تُظهر تسليم طائرتين من دون طيار إضافيتين في أكتوبر، في حين استمرت شحنات الأسلحة حتى نوفمبر. ووقع العقد ميرغني إدريس سليمان، المدير العام لمنظومة الصناعات الدفاعية السودانية، والذي فرضت عليه واشنطن لاحقًا عقوبات شخصية «لكونه في مركز صفقات الأسلحة التي غذت وحشية الحرب ونطاقها» – طبقًا لتعبير الصحيفة.
تواصل مع الدعم السريع
وفي الأثناء، كشفت الصحيفة عن محادثات هاتفية وتواصل بين شركة أسلحة تركية ثانية تدعى «أركا للدفاع» –وهي شركة ناشئة في تركيا، وتعد وافدًا جديدً نسبيًا، وتأسست في العام 2020، وفقًا لموقعها على الإنترنت، بحسب الصحيفة– وبين القوني حمدان دقلو شقيق قائد الدعم السريع الأصغر ومسؤول صفقات شراء الأسلحة لـ«الدعم السريع»، واصفةً التسجيلات بين الشركة والقوني بـ«الدافئة والمفصلة».
وأوضحت الصحيفة التي اتهمت شركات الدفاع التركية بالتواصل مع الجانبين المتحاربين في السودان، أنها لم تتمكن من تحديد ما إن كانت «أركا» قد قدمت أسلحة لقوات الدعم السريع.
وأضافت الصحيفة أنه بينما كانت أنقرة تقدم نفسها وسيطًا، كانت شركة «بايكار» تتفاوض على صفقة الأسلحة مع الجيش السوداني، فيما كانت شركة أسلحة تركية ثانية «أركا للدفاع» على اتصال مكثف بشخصية بارزة من قوات الدعم السريع.
ونقلت الصحيفة تصريحًا عن المديرة التنفيذية لشركة «أركا» تؤكد فيه أن الشركة لم تبع أسلحة لقوات الدعم السريع قط، ولكنها لم تجب عن أسئلة بشأن اتصالاتها مع القوني – بحسب الصحيفة. ونقلت الصحيفة أيضًا عن مستشار قوات الدعم السريع محمد المختار تصريحه بعدم علمه بالمحادثات، وتأكيده أن المجموعة لم تتلقّ أسلحة من تركيا قط، لكنها كانت تتمتع بعلاقات جيدة مع الحكومة في أنقرة – بحسب ما ذكر.
ونبهت الصحيفة إلى أن الصراع في السودان تحول على نحو متزايد إلى «معركة بالوكالة بين القوى الأجنبية، بما في ذلك روسيا وإيران، والأهم من ذلك الإمارات العربية المتحدة»، لافتةً إلى «تجاهل دور تركيا إلى حد بعيد». وأشارت الصحيفة إلى أن القيود المفروضة على الإبلاغ جعلت من المستحيل تحديد مقدار الدعم العسكري المهرّب إلى السودان من قبل قوى خارجية.