Day: April 15, 2025

السودان: مساعٍ لاستعادة قطاع صحي مدمر بعد عامين من الحرب

لم يكن قد مر يومان على اندلاع الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم حتى أعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان عن تعرض أربع مستشفيات للقصف وخروج ثلاثة عن الخدمة وتعرض مستشفى للاعتداء واخلاء المستشفيات بما في ذلك مركز دكتورة سلمى لأمراض الكلى القريب من رئاسة قيادة الجيش بوسط الخرطوم.

وامتد الضرر حتى مستشفيات أخرى خارج الخرطوم إذ قالت اللجنة في تصريح صحفي بتاريخ 17 أبريل 2023 إنه تم اقتحام مستشفى الضمان التخصصي بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان مما أدى إلى خروجه عن الخدمة، مضيفةً كما خرج مستشفى الجنينة بولاية غرب دارفور ومستشفى الضمان ومشفى مروي العسكري عن الخدمة.

وسرعان ما ظهرت نتائج هذه الأضرار في الأيام الأولى حيث حبس مئات المرضى الذين كانوا يتلقون العناية في هذه المستشفيات والمرافقين لهم والكوادر الطبية العاملة بها كما اقتحمت الدعم السريع بعض هذه المستشفيات وشنت عددًا من الهجمات.

بتاريخ 15 أبريل قبل عامين اندلعت شرارة نزاع عسكري دامي في أعقاب التوترات العسكرية التي تصاعدت لأيام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معلنة بداية أكبر أزمة انسانية في العالم وفق ما وصفتها منظمات عالمية مخلفة آثارًا كارثية تضررت منها جميع القطاعات والخدمات خاصة الصحية في البلد المهترئ منذ ما قبل الحرب واستشرت خراباً ودراماً هائلاً وقتل وأصيب فيها مئات الآلاف.

في أول تصريح لمنظمة الصحية العالمية على الوضع في السودان أدان مديرها الإقليمي وقتها، أحمد المنظري، بشدة الهجمات المبلَّغ عنها على الموظفين الصحيين والمرافق الصحية وسيارات الإسعاف معتبرًا أنها آخذة في الازدياد. وأعرب عن قلقه البالغ إثر هذه البلاغات والتقارير وشدد على أن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية انتهاك صارخ للقانون الدولي والحق في الصحة. مطالباً بإيقافها على الفور. 

بمرور الشهر الأول للحرب أعلن الجيش السوداني في تصريح صحفي بتاريخ 17 مايو 2023 عن استمرار سيطرة الدعم السريع على 22 مستشفى ومرفق صحي وحولت بعضها إلى قواعد عسكرية. كما قالت اللجنة التمهيدية إن 66 بالمائة من مستشفيات البلاد الخاصة في المناطق القريبة من الإشتباكات توقفت عن الخدمة وتابعت : فمن أصل 89 مستشفى أساسياً في الخرطوم والولايات توقف عن الخدمة 59 مستشفى، و30 مستشفى فقط تعمل بشكل كامل أو جزئي.

وفيما يخص الأطباء قالت وزارة الصحة إن 11 طبيبًا قتلوا قضي بعضهم داخل المستشفيات التي تعرضت للقصف وآخرون أثناء ذهابهم إلى أماكن عملهم أو عودتهم منها.

وفي بادرة انسانية تجلت فيها معاناة الشعب في الوصول إلى العلاج وتخفيف الأطباء على المحاصرين في النزاع نشر أطباء متطوعون أرقام هواتفهم على منصات التواصل الاجتماعي، معلنين عن استعدادهم لتقديم الإستشارات الطبية للمرضى، وأكدوا أنه لا مانع لديهم من زيارتهم إذا كانوا بالقرب من مناطق سكنهم، كما أن آخرين حولوا أجزاء من منازلهم إلى عيادات يرتادها سكان الحي كما أنشأ بعضهم مجموعات على موقع التواصل واتس آب حولوها إلى عيادة عبر الأثير.

أيضًا تعرض الأطباء إلى المضايقات والإعتقال منذ بدايات الحرب وحتى اللحظة في مناطق سيطرة الدعم السريع، وذكرت منظمة أطباء السودان من أجل حقوق الإنسان في  تقرير لها صدر في أبريل الحالي قامت فيه بتوثيق وتحليل أنماط اعتقال الأطباء خلال الفترة من أبريل 2023 وحتى مارس 2025 ـ ذكرت أنها سجلت اعتقال 10 أطباء في 2023 وارتفعت إلى 15 حالة مضيفةً وفي 2025 سُجلت 11 حالة اعتقال جديدة حتى مارس.

وبحسب التوزيع الجغرافي الذي نشرته المنظمة، فإن الإعتقالات تركزت في أحياء أم درمان، شرق النيل، جبل أولياء، الرياض، الكلاكلة، المنشية، والحاج يوسف. وفي ولاية الجزيرة خصوصاً عاصمتها مدينة ود مدني، بالإضافة إلى حالات متفرقة في شمال كردفان، الدمازين، ربك، والدويم. 

ولفتت إلى أن العديد من هذه الاعتقالات تمت داخل المستشفيات أو العيادات الخاصة ،وأخرى من منازل الأطباءً أو حتى من المساجد ،منبهة إلى أن ذلك يعكس الطبيعة التعسفية والاستهداف الشخصي للكوادر الطبية.

بمرور 100 يوم على الحرب في السودان أعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في 23 يوليو 2023  أن 70% من المستشفيات في مناطق الاشتباكات بالخرطوم والولايات الأخرى متوقفة عن الخدمة من أصل 89 مستشفى أساسية في العاصمة والولايات.

ولفت البيان إلى أن هناك 62 مستشفى متوقفة عن الخدمة، و27 مستشفى تعمل بشكل كامل أو جزئي.وقبلها بأيام وثقت منظمة الصحة العالمية 82 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية منها 17 هجوم خلال ستة أسابيع فقط.

توقف المراكز المتخصصة

مع دخول الحرب شهرها الثاني دق ناقوس الخطر في المراكز المتخصصة مثل القلب والأورام والكلى ففي يوليو 2023 أشار تقرير للإدارة العامة للطب العلاجي، إلى خروج مراكز قسطرة وجراحة القلب عن الخدمة البالغة ست مراكز منها  خمس مراكز بولاية الخرطوم، ومركز واحد بولاية الجزيرة جراء الحرب والتي تعتبر من أهم المراكز، بينما أُجريت 280 عملية قسطرة علاجية، وتشخيصية وناظمات في المراكز العاملة وأشارت الإدارة إلى توقف مراكز المخ والأعصاب بالخرطوم، ود مدني ونيالا، فيما نوهت إلى أن 44 مركزا للكلى تعمل حاليًا من جملة 102مركزًا.وأضافت أنّ المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى وفر7 ماكينات للغسيل مع توزيع 38 ماكينة مقدمة من صندوق المرضى السعودي لبعض الولايات.

غير أن أزمة مراكز الكلى عادت بشكل أكبر وتضاعفت في أغسطس 2023 إذ  أصبحت غالب مراكز الغسيل في الولايات الآمنة مهددة بالإغلاق بسبب تزايد الضغط عليها جراء توافد أعداد كبيرة من النازحين لتلقي العلاج وإجراء الفحوص الطبية.

وإزاء هذا الوضع، أطلقت شبكة أطباء السودان نداءً عاجلاً إلى السلطات الصحية ومنظمة الصحة العالمية والمنظمات الإقليمية والمحلية العاملة في المجال، للإسهام في توفير معينات مرضى الكلى وإعادة صيانة الماكينات لفتت شبكة أطباء السودان إلى توقف المراكز في الأقاليم التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

بالنسبة لمراكز علاج الأورام والعلاج الإشعاعي التي كانت شحيحة في الأصل بالبلاد فقد السودان بسبب الحرب خمسة أجهزة للعلاج الإشعاعي كانت موجودة في ولايتي الخرطوم والجزيرة، ولم يتبق إلا جهاز واحد في مستشفى مروي شمالي السودان.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد قالت إن السودان كدولة نامية يحتاج إلى 42 جهاز علاج إشعاعي وذلك بناء على توصيات صدرت عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال مدير المراكز القومية لعلاج الأورام في السودان دفع الله عمر أبو إدريس في تصريح يوليو 2023 :”للأسف هذا هو الواقع، لا يتوفر علاج إشعاعي الآن في السودان، فقدنا كل آلات العلاج الإشعاعي في مدني والخرطوم، لدينا آلة واحدة بمستشفي مروي، وهذه الآلة توفر نحو 5 بالمائة فقط من حاجتنا للعلاج الإشعاعي”.

وقبل يومين وقعت وزارة الصحة الإتحادية اتفاقية مع مدينة الملك حسن الطبية ومركز الحسين للسرطان في المملكة الأردنية الهاشمية بغرض تعزيز التعاون الطبي لعلاج مرضى السرطان خاصة سرطان الأطفال والعلاج الإشعاعيّ وتوفير فرص تدريب للكوادر السودانية.

الفاشر قصة الصمود

طالت الحرب اقليم دارفور منذ الأيام الأولى غرباً وشمالاً وتعرضت مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور لعدد من الهجمات التي استهدفت المستشفيات بدايات الحرب وازدادت عنفاً يوماً عن يوم حتى انهار القطاع بالكامل في المدينة ومعسكرات النزوح بها.

وطالت الهجمات التي وصفت بالممنهجة من قبل الدعم السريع جميع مستشفيات الفاشر وأبرزها: (المستشفى التعليمي، مستشفى النساء والتوليد التخصصي، المستشفى العسكري، مستشفى الشرطة، مستشفى الفاشر الجنوبي)، وأغلقت بعضها أكثر من مرة ابتداءً من يونيو 2023  إلى أن توقفت بالكامل.

تمسك بالنجاة في الفاشر

ورغم استمرار الهجمات لم يستسلم المواطنين الموجودين في الفاشر من تشديد الدعم السريع حصارها عليها منذ مايو 2024 حيث افتتح المواطنون بمجهودات أهلية بعض المراكز بالإضافة إلى المستشفى السعودي للولادة لكن الدعم السريع استمرت في استهدافه عبر هجمات مستمرة لاقت انتقادًا دولياً واقليمياً حتى أغلق أكثر من مرة أخرها في ديسمبر 2024.

برز صمود أهل الفاشر في الحفاظ علي حقهم في العلاج عبر تصمميهم  ملاجئ تحت الأرض تحت إشراف إدارة المستشفى التخصصي للنساء والتوليد (السعودي) بهدف توفير الحماية اللازمة للأطباء والمدنيين، ولضمان استمرارية الخدمات الصحية الحيوية، حيث عُدت هذه الملاجئ خطًا دفاعيًا أساسيًا لضمان وصول الخدمات الصحية إلى الأشخاص الأكثر احتياجًا  وهي من حاويات (سعة 20 قدم)، تم دفنها في باطن الأرض وتغطيتها بأكياس من التراب.

وداخل هذه الهياكل، توجد غرفة مكتب للأطباء والطاقم الطبي، بالإضافة إلى غرفة للعمليات الطبية الطارئة في حالة اشتداد القصف أو الاشتباكات، ولكي يتمكن الأطباء والطاقم الطبي من مباشرة المهام الطبية والإسعافية بأمان.

أيضًا في يناير الماضي خطفت صورة تظهر اجراء أطباء المستشفى السعودي في الفاشر عملية جراحية بأضواء الهواتف المحمولة أثناء تعرضه للقصف وانقطاع الكهرباء قلوب السودانيين وعكست أقصى درجات الصمود والصبر من الكوادر الطبية . 

اعتراف بالانهيار

استمر الوضع الصحي في البلاد في التدهور حتى انهار القطاع بشكل شبه كامل إذ أعلن وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم في مؤتمر صحفي أواخر ديسمبر الماضي توثيق وزارة الصحة وفاة 12 ألف مدني في مستشفيات البلاد، وهو ما يمثل 10% فقط من إجمالي عدد القتلى في الحرب. 

واسترسل إبراهيم قائلاً إن الخسائر التي تكبدها القطاع الصحي نتيجة الحرب وصلت إلى نحو 11 مليار دولار. وأشار إلى أن 250 مستشفى من أصل 750 مستشفى خرجت عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحق بها، مما حرم الملايين من الرعاية الصحية الأساسية.ووصف وزير الصحة الوضع الإنساني في السودان بأنه الأسوأ في تاريخ البلاد.

الأوبئة تفاقم الأزمة

 لم تتوقف مأسي الحرب حيث تفاقمت الأزمة الصحية مع تفشي الأمراض الناجمة عن تلوث المياه إذ أكد وزير الصحة، تسجيل  1258 حالة وفاة بالكوليرا وأكثر من 48 ألف إصابة و8450 حالة بحمى الضنك،نتيجة انهيار البنية التحتية لمحطات المياه في عدة مناطق،  و870 حالة وفاة أمهات حوامل بسبب غياب الخدمات الصحية بمناطق سيطرة الدعم السريع، وأشار إلى فقد 60 كادراً صحيا أرواحهم أثناء تأدية عملهم.

80 مليون دولار لإصلاح النظام الصحي

مع تقدم الجيش السوداني في عدد من المحاور القتالية في العاصمة الخرطوم وبعض الولايات وعدت عدد من الدول بينها السعودية ومصر بالمساهمة في إعادة إعمار دمار الحرب وصحياً أطلقت وزارة الصحة السودانية مشروع المساعدة الصحية والاستجابة للطوارئ في السودان، الذي يستهدف 8 ملايين مواطن في عشر ولايات كمرحلة أولى.وقالت إن الولايات المستهدفة بالمشروع هي الشمالية، كسلا، نهر النيل، البحر الأحمر، الخرطوم، النيل الأزرق، سنار، شمال كردفان، جنوب دارفور، وغرب دارفور.

وبحسب تصريح صادر عن وزير الصحة يناير الماضي فإن المشروع مدعوم بمبلغ 20 مليون دولار من البنك الدولي، كجزء من ميزانية إجمالية تبلغ 80 مليون دولار مخصصة لإصلاح النظام الصحي، منها 20 مليونًا لتطوير المستشفيات عبر منظمة الصحة العالمية، و62 مليونًا للرعاية الصحية الأساسية عبر اليونيسف.

واعتبر وزير الصحة المُكلف هيثم محمد إبراهيم، أن المشروع يمثل خطوة رئيسية نحو إعادة بناء النظام الصحي في السودان، مشيرًا إلى الحاجة الملحّة لدعم 6 آلاف مؤسسة صحية في البلاد.

وأمس الأحد قدر الوزير المكلف في تصريح صحفي حوجة إعادة تأهيل القطاع الصحي المالية بـ(2.2) مليار دولار خلال العام الأول مضيفاً :”نعمل على توفيرها مع الدولة والمانحين”.

الغارديان: تقرير أممي سري يثير تساؤلات جديدة حول دور الإمارات في حرب السودان

15 أبريل 2025 – قالت صحيفة الغارديان البريطانية، الإثنين، إن الضغوط تتزايد على دولة الإمارات بشأن مشاركتها في مؤتمر في لندن الذي عقد اليوم لوقف الحرب الدائرة في السودان، وذلك بعد تسريب تقرير سري لخبراء من الأمم المتحدة أثار تساؤلات جديدة حول دورها في الصراع.

ولطالما اتُّهمت الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع السودانية بالأسلحة سرًا عبر دولة تشاد المجاورة، وهي تهم نفتها أبوظبي بشكل قاطع.
وكشف تقرير داخلي مصنف (سري للغاية) اطّلعت عليه صحيفة الغارديان البريطانية عن رصد عدة رحلات شحن جوية من الإمارات استخدمت فيها طائرات نقل مسارات تُظهر محاولات متعمدة لتفادي الرصد أثناء توجهها إلى قواعد في تشاد، حيث تم توثيق عمليات تهريب أسلحة عبر الحدود نحو السودان.
وبحسب الصحيفة، تُعقّد هذه الاتهامات موقف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الذي وجّه دعوة مثيرة للجدل إلى الإمارات، إلى جانب 19 دولة أخرى، لحضور محادثات السلام الخاصة بالسودان والتي عقدت اليوم في لانكستر هاوس في لندن.

وقال دبلوماسي رفيع مطّلع على التقرير المسرّب طلب عدم الكشف عن هويته، إن على المملكة المتحدة أن تشرح كيف تر على مجازر الأطفال وعمال الإغاثة، بينما تستضيف الإمارات في مؤتمرها بلندن.
وأشارت الصحيفة إلى أن التقرير، المكوّن من 14 صفحة والذي أُنجز في نوفمبر الماضي وأُرسل إلى لجنة العقوبات الخاصة بالسودان التابعة لمجلس الأمن، أعدّه فريق من خمسة خبراء أمميين.
وذكرت أن الفريق وثق (نمطًا منتظمًا) من رحلات الشحن بطائرات إليوشن Il-76TD انطلقت من الإمارات باتجاه تشاد، حيث حدّدوا ثلاثة مسارات برية يُحتمل استخدامها في تهريب الأسلحة إلى السودان.
ولفت التقرير إلى أن وتيرة الرحلات الجوية من مطارات في الإمارات إلى تشاد كانت منتظمة لدرجة أنها شكّلت ما وصفه الخبراء بـ(جسر جوي إقليمي جديد).


وأضاف أن هذه الرحلات اتّسمت بظواهر غير اعتيادية، حيث كانت الطائرات تختفي عن الرادارات خلال (مقاطع حاسمة) من رحلاتها، وهو ما أثار (تساؤلات بشأن احتمال تنفيذ عمليات سرية).
وعلى الرغم من ذلك، أكد الخبراء أنهم لم يتمكنوا من تحديد محتويات تلك الرحلات أو تقديم دليل قاطع يُثبت نقلها لأسلحة.
ولم تدرج نتائج التقرير المتعلقة بتلك الرحلات الجوية لم تُدرج في النسخة النهائية المقرر صدورها قريبًا، والتي تتكون من 39 صفحة، ولم تتضمن أية إشارة إلى الإمارات سوى في سياق مشاركتها في محادثات السلام.
وتجئ هذه التساؤلات في وقت شهدت فيه نهاية الأسبوع الماضي موجة عنف دامية ارتكبت خلالها قوات الدعم السريع مجازر بحق أكثر من 200 مدني في مخيمات النازحين حول مدينة الفاشر، آخر معقل رئيسي للجيش السوداني في إقليم دارفور.
وقال الدبلوماسي «سيكون من المخزي ألا يسفر المؤتمر عن نتائج ملموسة لحماية المدنيين في ظل استمرار الإبادة الجماعية».
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في يناير الماضي أن قوات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية في السودان، من جانبها، تؤكد الإمارات التزامها بجلب (السلام الدائم) إلى البلاد.


وفي تحديث صادر في نوفمبر، حدّد خبراء الأمم المتحدة 24 رحلة شحن على الأقل لطائرات Il-76TD هبطت في مطار (أم جرس) في تشاد العام الماضي، في إطار تحقيقاتهم حول تهريب أسلحة محتمل إلى دارفور في انتهاك لحظر الأسلحة المفروض.
وأوضح التقرير أن هذه الرحلات تزامنت مع تصعيد للقتال في مدينة الفاشر، وشهدت تلك الفترة «ارتفاعًا في نشاط الطائرات المسيّرة من قبل قوات الدعم السريع لأغراض قتالية واستخباراتية»، وهو ما وصفه الخبراء بـ”مرحلة تكنولوجية جديدة” في سير العمليات القتالية.
ووفقًا التقرير، فإن بعض الرحلات تعود لشركات طيران مرتبطة سابقًا بـ«الخدمات اللوجستية العسكرية ونقل الأسلحة بطرق غير مشروعة»، وقد تم التحذير من اثنتين منها سابقًا بسبب انتهاك حظر السلاح.
كما وثّق الخبراء (رحلات منتظمة) إلى تشاد من مطاري رأس الخيمة والعين في الإمارات، مع ملاحظات متكررة بشأن اختفاء الطائرات من أنظمة التتبع خلال أجزاء حرجة من الرحلات.
في إحدى الحالات، وصف التقرير رحلة أقلعت من رأس الخيمة، واختفت أثناء الطيران، ثم ظهرت لاحقًا في العاصمة التشادية نجامينا قبل أن تعود إلى أبوظبي.
ورغم كل هذه المؤشرات، شدّد فريق الخبراء على أنهم لم يتمكنوا من إثبات أن الطائرات كانت تنقل أسلحة، قائلين إن «الرحلات افتقرت إلى أدلة بشأن طبيعة الحمولة».


وأضاف التقرير أن أربعة من أصل خمسة خبراء رأوا أن هذه الرحلات «تمثل اتجاهًا جديدًا مهمًا»، إلا أن ما تم التوصل إليه «لم يستوفِ المعايير المطلوبة لإثبات وجود عمليات نقل أسلحة».
أشار سكان مدينة نيالا في جنوب دارفور إلى وجود “نشاط لطائرات شحن”، وعزا بعض المخبرين ذلك إلى عمليات لوجستية لقوات الدعم السريع، لكن التقرير أوضح أن «الأدلة المتقاطعة المطلوبة لتأكيد طبيعة الحمولة كانت غائبة».
وخلص التقرير إلى أن «الاستنتاج بأن هذه الرحلات كانت جزءًا من شبكة لنقل الأسلحة يُعد أمرًا سابقًا لأوانه».
كما أكد أن ارتباط بعض الرحلات وشركات النقل الجوي بتاريخ في الخدمات العسكرية أو انتهاك حظر السلاح «لا يرقى إلى مستوى إثبات نقل أسلحة في الوقت الراهن».
وأشار إلى أن «الأنماط الشاذة في مسارات الطيران، مثل اختفاء الطائرات من الرادارات أو الإقلاع دون تسجيل، تثير القلق، لكنها لا توفر دليلاً موثقًا يربط هذه الرحلات بشكل مباشر بعمليات شحن أسلحة»

حمدوك يدعو القوى التي تحارب الإرهاب إلى التعامل بـ«حزم» مع ما يجري في السودان

15 أبريل 2025 – دعا رئيس الوزراء السابق -رئيس تحالف صمود-، عبدالله حمدوك، الثلاثاء، الأسرة الإقليمية والدولية وكل القوى التي ظلت تحارب الإرهاب إلى التعامل مع ما يجري في السودان «بحزم وعزم» حتى لا يصبح السودان أكبر مهدد للسلم والأمن الدوليين، حسبما قال.

وناشد حمدوك خلال كلمة له بمناسبة الذكرى الثانية لاندلاع الحرب «أبناء السودان المخلصين» من مختلف أرجاء الوطن ببذل المزيد من الجهد للتصدي لخطاب الكراهية حفاظًا على الوحدة الوطنية.

وتأسف حمدوك على أن صوت البندقية ما زال هو الأعلى ولا تزال أطراف الحرب «تتوعدنا بالمزيد من القتل والدمار والإجهاز على ما تبقى من حطام الوطن».

واتهم حمدوك ما أسامها قوى نظام الإنقاذ البائد بأنها لا تزال تؤجج نار الحرب، مشيرًا إلى أن كل ما يهمها العودة إلى كراسي السلطة.

كما أشار حمدوك إلى الانتشار الواسع لما أسماها الممارسات الداعشية مؤخرًا.

وقال إن ذلك يعيد لذات الممارسات والارتباطات التي أدرج السودان بسببها في قائمة الدول الراعية للإرهاب طوال عمر النظام المباد، وتهدد اليوم بتحويل السودان إلى أرض خصبة لجماعات التطرف والإرهاب الدولي.

ولفت حمدوك إلى أنه من المقلق للغاية أن نهج النظام السابق في زعزعة الاستقرار في دول الجوار والدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي والذي قد قاد لعزلة البلاد ثلاثين عامًا، أخذ يطل برأسه من جديد.

وأضاف حمدوك «لعل التهديدات العسكرية الصادرة مؤخرًا ضد تشاد وجنوب السودان وكينيا ودول الإقليم والدعوى المرفوعة ضد دولة الإمارات في محكمة العدل الدولية مؤشرات خطيرة في ذات الاتجاه».

وقال حمدوك إنه عوضًا عن البحث عن كبش فداء «علينا التحلي بشجاعة الاعتراف بأن هذه الحرب أشعلتها أيدٍ سودانية، وعلى عاتق السودانيين وحدهم تقع مسؤولية وقفها فورًا».

كما رحب حمدوك بمبادرة المملكة المتحدة بعقد الاجتماع الوزاري بلندن اليوم حول الأزمة السودانية داعيًا الدول المشاركة فيه للخروج بقرارات عملية تساهم في وضع نهاية لمعاناة السودانيين بما في ذلك تدابير عاجلة لحماية المدنيين.

وأوضح أن التعنت والإصرار على الحسم العسكري يقفان حجر عثرة أمام كل مبادرات المخلصين من أبناء السودان وجهود الإقليم والمجتمع الدولي.

وشدد قائلًا «أقول لطرفي القتال لا توجد حلول عسكرية مهما تطاول الأمد، داعيًا إلى اتخاذ خطوات عاجلة».

ورأى أن أخطر ما تمخضت عنه الحرب هو تفشي خطاب الكراهية والحض على العصبيات القبلية والجهوية وارتكاب أفظع المجازر وقطع الرؤوس وبقر البطون وذبح أسر بأكملها بناءً على هذه العصبيات.

وقال إن «هذه الأفعال الوحشية ستؤدي بلا شك إلى تحويل وطننا إلى مرتع للجماعات الإرهابية».

وأكد حمدوك أن إيقاف الحرب ممكن عبر مبادرة (نداء سلام السودان) التي أطلقها تحالف صمود في الشهر الماضي لإنهاء الحرب عبر خطوات عملية وواقعية وذات مصداقية تضم الأطراف الوطنية والإقليمية والدولية في عملية واحدة تضع حدًا للجمود الحالي.