ما التفاصيل التي أغفلتها تغطيات وسائل الإعلام المحلية في أحداث العنف الأهلي بالنيل الأزرق؟

مع اندلاع أحداث العنف الأهلي في إقليم النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، يوم الجمعة قبل الماضي، انخرطت وسائل الإعلام المحلية في تغطية فورية وبشكل مكثف للأحداث في ظل تطورها المتسارع.

واستندت معظم التغطيات الصحفية، في توصيفها للأحداث على أنها نزاع قبلي بين مجموعات عرقية، دون أن تتحقق بشكل كافٍ من جذور ومسببات اندلاع أعمال العنف، وما إذا كان من الممكن استخدام توصيف آخر لها، بخاصة أنها في الأساس أعمال عنف ذات طابع جنائي، قبل أن تكون نزاعاً قبلياً.

ويتخذ الصّحافيون والمؤسسات الإعلامية عادةً أقصى درجات الحذر، في تغطية أحداث النزاعات المسلحة، أو ذات الطابع الأهلي، نسبة لتأثيراتها الخطيرة على أولئك المنخرطين في العنف، بحيث يمكن أن تتسبب التغطيات غير الدقيقة أو المنحازة، في مفاقمة أعمال العنف وتأجيج الصراع، خصوصاً في ظل تباطؤ قوات الأمن في اتخاذ التدابير اللازمة والسريعة في حالة أحداث النيل الأزرق، وغيرها من الصراعات المشابهة في أنحاء البلاد المختلفة.

أيضاً اعتمدت معظم التغطيات، على البيانات الرسمية دون أن تقوم بالجهد اللازم، في الوصول إلى المعلومات من المصادر الموجودة على الأرض، لتقدم للمتلقين صورة أوسع وأكثر مهنية لما كان يحدث، حيث يتحقق بذلك دور وسائل الإعلام في كشف الحقائق والذي يساهم في خلق صورة واضحة للرأي العام، مما يُمكِّن الجمهور من الانخراط بوعي في أحداث قد يُساهم أي نشر خاطئ فيها في زيادة حدة الصراع وسقوط مزيد من الضحايا، خصوصاً في ظل انتشار المعلومات المضللة والمغلوطة والشائعات على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي.

في المقابل، اعتمدت تغطية وكالة الأنباء الرسمية (سونا) لأحداث العنف بالنيل الأزرق، على البيانات التي أصدرتها الجهات الفاعلة مثل حكومة إقليم النيل الأزرق، وبيان القوات المسلحة، بجانب القوى السياسية الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي، ومجموعة الميثاق السياسي، بالإضافة لنشرها بياناً لأحد أطراف الصراع. ورغم امتلاكها قدرات لوجستية، ومراسلين على الأرض، إلا أن (وكالة سونا) اكتفت بالبيانات الحكومية والحزبية، في تغطيتها للأحداث، وهي أيضاً ضمن مؤسسات إعلامية وصحافية أخرى، وصّفت النزاع على أنه قبلي.

وبشكل أساسي، انحصرت معظم تغطية وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية، في حصر أعداد الضحايا والوضع الميداني، لكنها لم تتخل أبدًا عن وصف الصراع على أساس قبلي، وفي خضم هذا التوجه، تجاهلت إلى حد كبير، غياب الاستجابة السريعة للقوات العسكرية، في إخماد الصراع.

أيضاً ركّزت بعض التغطيات الإعلامية التلفزيونية، في محاولة تقصي جذور الصراع، على قضايا متعلقة بامتلاك الأرض والنزاع حولها، وهي ضمن عوامل تأجُج العنف في إقليم النيل الأزرق، وكان من غير المناسب طرحها في خضم اندلاع أعمال عنف تمثل أحقية امتلاك الأرض من بين أهم عواملها. في خضم أعمال عنف من هذا النوع، يكون المتلقي في حاجة إلى معرفة التطورات الجارية، وكيفية تعاطي السلطات معها.

في نهاية المطاف، تُثير التغطية الإعلامية لأحداث العنف في النيل الأزرق التساؤلات، حول غياب منهجية تغطية النزاعات لدى بعض المؤسسات الصحفية والإعلامية، بجانب النقل المتعجل للأخبار وعدم التقصي اللازم حول الأحداث.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع