Category: مرصد بيم

ما حقيقة الصورة التي يُزعم أنها توثق قصف إمدادات لـ«الدعم السريع» في منطقة المثلث؟

ما حقيقة الصورة التي يُزعم أنها توثق قصف إمدادات لـ«الدعم السريع» في منطقة المثلث؟

تداولت العديد من الحسابات على منصة «فيسبوك» صورة تُظهر عربات محترقة في منطقة صحراوية، مدعيةً أنّها توثق تدمير سلاح الجو السودانيّ شاحنات تحمل إمدادات قادمة لقوات الدعم السريع في منطقة المثلث الحدودية بين السودان ومصر وليبيا. في وقت تداولت فيه حسابات مصرية الصورةَ نفسها، على أنها توثق مصير كل سلاح أو دعم يأتي إلى «الدعم السريع»، في إشارة إلى تدخّل سلاح الجو المصريّ لحفظ أمنها القوميّ.

وجاء نص الادعاء كالآتي:

«الأبطال نسور الجو تجغم إمداد في المثلث الله اكبر الله اكبر».

بعض الصفحات والحسابات التي تداولت الادعاء:

1

قوات العمل الخاص هيئة العمليات 

(734) ألف متابع 

2

شارع العشرين فيصل 

(174) ألف متابع

3

الفاشر الآن 

(144) ألف متابع 

للتحقق من صحة الادعاء، فحَص «مرصد بيم» الصورةَ المتداولة مع الادعاء، عبر أدوات التحقق من الصور، وتوصّل إلى أنها  مولَّدة  بأدوات الذكاء الاصطناعي.

ولمزيدٍ من التحقق، أجرى فريق المرصد بحثًا بالكلمات المفتاحية الواردة في نص الادعاء، ولم يعثر على أيّ معلومات موثوق بها تدعم صحة الادعاء.

الخلاصة:

الادعاء مفبرك؛ إذ تبيّن أنّ الصورة  مولَّدة  بأدوات الذكاء الاصطناعي. كما لم يُسفر البحث بالكلمات المفتاحية عن أيّ نتائج تؤيد صحة الادعاء.

ما حقيقة الفيديو المتداول على أنه يوثق وصول البرهان إلى جوبا؟

ما حقيقة الفيديو المتداول على أنه يوثق وصول البرهان إلى جوبا؟

تداولت العديد من الحسابات على منصة «فيسبوك» مقطع فيديو، مدعيةً أنه يوثق وصول قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إلى مدينة جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان.

وجاء نص الادعاء في بعض المنشورات كالآتي:

«البرهان يصل الى جوبا».

بعض الحسابات والمجموعات التي تداولت الادعاء:

1

احمد المهدى

(614) ألف متابع

2

السودان 24

(160) ألف متابع

3

عمر عثمان

(94) ألف متابع

4

حرية نيوز

(45) ألف متابع

للتحقق من صحة الادعاء، أجرى «مرصد بيم» بحثًا عكسيًا عن مقطع الفيديو المتداول مع الادعاء، وتبيّن أنه جزءٌ من فيديو قديم، نُشر للمرة الأولى في سبتمبر 2023 خلال زيارة البرهان إلى مدينة جوبا.

ولمزيدٍ من التحقق، بحث فريق المرصد في موقع وكالة السودان للأنباء «سونا» وفي الصفحة الرسمية لمجلس السيادة الانتقالي على منصة «فيسبوك»، ولم يجد أيّ نتائج تؤيد صحة الادعاء.

كما أجرى فريق المرصد بحثًا بالكلمات المفتاحية الواردة في الادعاء، ولم يُسفر البحث عن أيّ نتائج تفيد بأنّ الفيديو حديث.

الخلاصة:

الادعاء مضلل؛ إذ أنّ المقطع جزءٌ من فيديو قديم نُشر للمرة الأولى في سبتمبر 2023، ولم يجد المرصد أيّ دليل موثوق على صحة الادعاء في أيّ منصة رسمية، كما لم يُسفر البحث بالكلمات المفتاحية عن أيّ نتائج تدعم صحته.

ما حقيقة الصورة المتداولة على أنها توثق إزالة «قباب» في الخرطوم؟

ما حقيقة الصورة المتداولة على أنها توثق إزالة «قباب» في الخرطوم؟

تداولت العديد من الحسابات على منصة «فيسبوك» صورة تظهر فيها مجموعة من الآليات، بينما تعمل إحداها على تدمير قبّة، مدعيةً أنّ الصورة توثق عملية إزالة القباب في ولاية الخرطوم.

وجاء نص الادعاء كالآتي:
«عملية إزالة القباب بالخرطوم».

بعض الصفحات والحسابات التي تداولت الادعاء:

1

سودانيز برودكاست

(879.6) ألف متابع

2

قناة السودان مدن وجغرافيا

(439.6) ألف متابع

3

الرسالة 249

(289.8) ألف متابع

لاحَظ «مرصد بيم» أنّ الصورة المتداولة مع الادعاء تبدو مصطنعة، ولكنها تحمل بعض العناصر الحقيقية، ما دفع فريق المرصد إلى فحص الصورة عبر أدوات التحقق من الصور، ليتبيّن أنها معدّلة بالذكاء الاصطناعي. 


تحقق الفريق من الصورة عبر موقع «Decopy Ai»

ولمزيدٍ من التحقق، أجرى فريق المرصد بحثًا بالكلمات المفتاحية الواردة في نص الادعاء، ولم يعثر على أيّ معلومات موثوق بها تدعم صحة الادعاء.

الخلاصة:

الصورة مفبركة؛ إذ تبيّن أنّ الصورة معدّلة بأدوات الذكاء الاصطناعي. كما لم يُسفر البحث بالكلمات المفتاحية عن أيّ نتائج تؤيد صحة الادعاء.

من الإمارات وإسرائيل إلى اليمين المتطرف الغربي: فبركة «رواية قتل المسيحيين في السودان» تصرف الأنظار عن انتهاكات «الدعم السريع» في الفاشر

منذ أواخر أكتوبر الماضي، تعيش مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، على صفيح ساخن؛ مع سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة بعد حصار خانق استمر 18 شهرًا. وأعقب ذلك انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة، وفرار آلاف السكان، فيما تحوّلت الشوارع إلى أطلال متأثرةً بالدمار والنهب والعنف. وتقلصت قدرة المستشفيات، وخلت أسواق المدينة إلا من أصوات الرصاص والنازحين الباحثين الأمان.

ومع تواتر الشهادات على انتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد المدنيين في الفاشر ومحيطها، وموجة الإدانات الدولية والضغوط الحقوقية المتصاعدة، رصد «مرصد بيم» حملة رقمية منسقة على منصة «إكس»، روّجت مزاعم بأن جماعات إسلامية متطرفة استهدفت مواطنين مسيحيين في السودان. وتقود الحملة حسابات إماراتية وأخرى إسرائيلية، إلى جانب حسابات شخصيات مُصنّفة ضمن اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا.

لاحظ فريق المرصد نشاط هذه الحسابات على منصة «إكس»، التي تركزت على نشر محتوى بشأن الأوضاع في مدينة الفاشر، على نحو منسق، ولكن في سياق بدا مخالفًا تمامًا للواقع؛ حيث تبنت سردية مضللة بصورة واضحة، وعمدت إلى تصوير ما يجري في المدينة على أنه نتاج هجوم جماعات إسلامية متطرفة على المواطنين المسيحيين. في هذا التقرير نوضح أهداف هذه الحملة وتكوينها ونحلل المحتوى المضلل الذي نشرته.

أهداف الحملة:

  1. تحويل الاتهام من «الدعم السريع» إلى جماعات إسلامية.
  2. تصوير الأزمة في السودان، ولا سيما الفاشر، وكأنها قضية دينية لكسب تعاطف خارجي.
  3. إغراق الفضاء بمحتوى مزيف لتشويش الإعلام.
  4. استغلال صور ومشاهد مؤثّرة لإثارة العواطف.
  5. نشر المواد عبر حسابات خارجية لزيادة الانتشار.

هندسة الرواية: كيف بُني الخطاب؟

أظهرت تحليلات فريق المرصد أنّ حساب باسم «أمجد طه» هو مهندس سردية هذه الحملة. وصاحب الحساب إماراتي الجنسية. يعرّف نفسه بأنه خبير في الشؤون الإستراتيجية في الشرق الأوسط. ونشر المرصد من قبل تقريرًا عن شبكة سلوك زائف منسق، يقودها الحساب، كانت تنشر محتوى مشابهًا، وتتهم الجيش باستهداف المسيحيين في السودان.

يأتي نشاط حساب «أمجد طه» هذه المرة في إطار جهود مختلفة، إذ يحاول – ضمن حسابات أخرى – نشر محتوى يقدّم سردية مغايرة تهدف إلى تحويل نظر المتلقي – غير السوداني بالأخص – بعيدًا عن انتهاكات «الدعم السريع» في مدينة الفاشر.

مع تصاعد وتيرة الأحداث في الفاشر، شرع حساب «أمجد طه» في نشر محتوى جديد عن الجماعات الإسلامية في السودان، إذ نشر الحساب مزاعم عن استعداد بريطانيا لمنح الجنسية لجهاديّ سوداني، بينما «يُذبح المسيحيون في السودان ونيجيريا على أيدي جماعات إسلامية متطرفة». 

زعم حساب «أمجد طه» كذلك أنّ «الجيش الإسلامي السوداني قتل مليوني مسيحي وهجّر ثمانية ملايين واغتصب 15 ألف امرأة، في حين يهاجم اليساريون الإمارات التي تُقرع فيها أجراس الكنائس بحرية وتضم أكثر من 40 كنيسة ويعيش فيها المسيحيون بسلام». وأضاف: «في الإمارات، المعابد اليهودية آمنة والديانات تتعايش». 

وفي منشوره، ركّز حساب «أمجد طه» على طرح نقطتين أساسيتين، هما: وجود جماعات إسلامية متطرفة في السودان تستهدف المسيحيين، وإبراز ذلك للعالم، والثانية أن الإمارات، على العكس، تدعم التنوع وتعايش الأديان. لكن اللافت أن الإحصائيات التي قدّمها الحساب بشأن أعداد القتلى المسيحيين والنازحين في السودان لم تُعضد بأيّ تقارير موثقة أو تُسند إلى أيّ مصادر موثوق بها.

عقب ذلك تحول الحساب من الاتهامات المعمّمة للجيش السوداني والجماعات الإسلامية المنضوية تحته – على حد وصفه – إلى التركيز على الفاشر. وبالتزامن مع إعلان قوات الدعم السريع عن سيطرتها على المدينة، نشر الحساب مزاعم عن تورط أفراد الجيش السوداني بـ«قيادة الإخوان المسلمين» في «أكل قلب إنسان بعد قتل رجل وأطفاله في الفاشر»، حسب وصفه. وأضاف: «يرتدي ملابس مصنوعة في تركيا ويحمل أسلحة تركية، ويستخدم طائرات مسيّرة إيرانية، وقد منح إرهابيي حماس (6 آلاف) جوازات سفر سودانية».

ولم يقدّم الحساب أيّ أدلة أو صور أو معلومات موثقة تدعم هذه السردية. فيما أعادت العديد من الحسابات الإسرائيلية والإماراتية نشر المحتوى الذي ينشره، وعقد مقارنة بين ما يحدث في السودان وما يحدث في غزة، مشيرةً إلى أن حماس تقتل الإسرائيليين، فيما تقتل الجماعات الإسلامية في الجيش السوداني المسيحيين، وكل ذلك بـ«دوافع دينية» – حسب زعمها.

ولاحظ فريق المرصد أنّ حسابات ضمن هذه الحملة أعادت توظيف بعض الصور التي انتشرت عقب تصاعد وتيرة الانتهاكات ضد المدنيين في الفاشر على أنها توثق تلك الانتهاكات – أعادت توظيفها لتبدو وكأنها توثق انتهاكات من قبل الجماعات الإسلامية ضد المسيحيين. ونشر حساب باسم «Nima Yamini» هذه الصور، معلقًا عليها بمقطع مصوّر يقول فيه إنها صور «ذبح مسيحيين في السودان، ولا يتكلم عنها أحد لأنه لا وجود لإسرائيل هناك، لكي تلام على ما يحدث»، على حد تعبيره. 

كما ذكر الحساب أن «المجازر العنيفة التي ارتكبتها الجماعات الإسلامية بحق المسيحيين في السودان فظيعة إلى درجة أنه يمكنك أن ترى الدماء من الفضاء، عبر صور الأقمار الصناعية». وشارك صورة جوية ملتقطة عبر الأقمار الصناعية، لتعضيد مزاعمه.

ومن الجدير بالذكر، أن تصريحات مشابهة كان قد أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على منصة «تروث سوشيال» الأسبوع الماضي، اتهم فيها الحكومة النيجيرية باضطهاد المسيحيين، مما أثار حفيظة السيناتور النيجيري علي ندومي ممثل جنوب بورنو عن حزب المؤتمر التقدمي في نيجيريا، الذي رفض التصريحات، ووصفها بـ«الجاهلة والمضللة»، مؤكدًا أن العنف في نيجيريا عشوائي يطال المسلمين والمسيحيين على حدٍّ سواء.

دومينيك تارتشينسكي: اليمين المتطرف يشارك في الحملة

نشر حساب باسم «Dominik Tarczyński MEP» صورة من الصور التي نُشرت في سياق انتهاكات الفاشر، قائلًا: «السودان: إبادة المسيحيين على يد الإسلاميين». فيما أعاد حساب «أمجد طه» وحسابات أخرى نشطة في الحملة، نشر المحتوى نفسه لضمان انتشاره. 

وتبين للمرصد أن صاحب الحساب دومينيك تارتشينسكي، هو سياسي بولندي وعضو في البرلمان الأوروبي منذ العام 2020 عن حزب القانون والعدالة (PiS) اليميني المحافظ. ويُعرف بمواقفه المتشددة ضد المهاجرين، خاصةً من الدول ذات الأغلبية المسلمة، إذ صرّح مرارًا بأن بولندا لم ولن تستقبل لاجئين مسلمين، معتبرًا ذلك حماية لهوية البلاد. في حين دفعت هذه التصريحات وغيرها مراقبين إلى تصنيف تارتشينسكي ضمن السياسيين الأوروبيين الذين يتبنون خطابًا معاديًا للإسلام.

واتضح لفريق المرصد الرابط ما بين اليمين المتطرف المعادي للإسلام ونشاط هذه الحملة. وهو ما تجلى في منشور آخر على حساب باسم «Tommy Robinson» يتضمن صورة امرأة وطفلها، وصورة أخرى يزعُم أنها لأسيرة إسرائيلية، معلقًا: «اختلفت الأماكن، لكن الإيديولوجيا واحدة»، في إشارة إلى إيديولوجيا الجماعات الإسلامية. 

ومع البحث، تبيّن أنّ صاحب الحساب تومي روبنسون، هو ناشط بريطاني مثير للجدل، اشتهر بمشاركته في تأسيس حركة رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL)، وهي حركة مصنفة ضمن اليميني المتشدد، تركز على مهاجمة الإسلام والمسلمين في بريطانيا وأوروبا. 

وينشط روبنسون في تنظيم مسيرات وتظاهرات ونشر محتوى إعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي يبرز خطاب الإسلاموفوبيا. ومن المهم الإشارة إلى أن القاسم المشترك بين هذين الحسابين ليس فقط العداء للإسلام، ولكن الدعم الكامل لإسرائيل، وهو ما برز بدرجة كبيرة في التنسيق مع بقية حسابات الحملة التي شاركت محتوى الحسابين، إلى جانب مشاركة حساب «إسرائيل بالعربية» محتوى الحملة.

قوات الدعم السريع «الإسلامية»

وفي الوقت الذي تروّج فيه الحملة وجود جماعات إسلامية متطرفة داخل الجيش السوداني، تُتداول سردية في بعض الأوساط السياسية والإعلامية، تقول إن قوات الدعم السريع نفسها مرتبطة وتعبر عن جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي. رغم تناقض هذا الادعاء مع الخطاب الرسمي الذي تتبناه قوات الدعم السريع نفسها، إذ تصف خصومها – وعلى رأسهم الجيش السوداني – بأنهم امتداد للحركة الإسلامية وتنظيم الإخوان المسلمين، وتقدّم نفسها بأنها قوة تحارب «الدولة العميقة الإسلامية» التي حكمت السودان لعقود.

أوضح مثال على هذا الخلط هو مشاركة حساب «Leo Housakos» في الحملة، وهو سياسي كندي وعضو في مجلس الشيوخ الكندي عن مقاطعة «كيبيك»، واللافت في مشاركة السيناتور ليو هوساكوس أنه أكد «إبادة المسيحيين في السودان»، لكنه وجّه أصابع الاتهام إلى قوات الدعم السريع «الإسلامية» بدلًا عن «الجماعات الإسلامية في الجيش» كما تصفهم الحملة، في انحراف واضح عن سرديتها والأطراف التي تستهدفها. 

وتجدر الإشارة إلى وضوح الارتباط بين خطاب اليمين متمثلًا في هوساكوس، وميله إلى نقد الأصوات المعارضة للحرب الإسرائيلية في غزة، وهو ما أشار إليه بالقول: «الأصوات التي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة، تصمت الآن عن الحديث عما يجري في  السودان».

تفنيد السردية والمحتوى الذي رافقها

تدّعي حسابات الحملة أن الحرب الدائرة في السودان حرب دينية تستهدف المسيحيين، ولكن هذا الطرح يفتقر إلى أيّ أدلة موثقة ولا يستند إلى تقارير ميدانية أو حقوقية معتمدة. وعليه، فإنّ تصوير الحرب وكأنّها «استهداف للدين المسيحي» يُعدّ تضليلًا للرأي العام.

ويُذكر أنّ تقارير حقوقية أشارت إلى أنّ الاستهداف المتكرر لدور العبادة في السودان خلال الحرب الجارية، لم يقتصر على ديانة بعينها، بل شمل المساجد والكنائس على حدٍّ سواء؛ فقد وثّقت اللجنة الدولية لتقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حوادث قصف مساجد في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، في تقريرها المقدّم إلى مجلس حقوق الإنسان في الثامن من سبتمبر الماضي. وقالت إنها تلقت مزاعم موثوقة بشن هجمات مماثلة على أماكن عبادة أخرى من قِبل كلا الطرفين المتحاربين، بما في ذلك قصف قوات الدعم السريع لكنائس في الفاشر، وقصف القوات المسلحة السودانية لمساجد وكنيسة معمدانية في «ود مدني» والخرطوم. 

وأضاف التقرير: «تشير هذه الشهادات إلى أن أماكن العبادة أصبحت ضحايا مباشرة للعمليات العسكرية والصراع المسلح، ما يعكس الطبيعة الشاملة للعنف الذي طال المدنيين من مختلف المعتقدات، دون تمييز ديني واضح».

الصورة والتقنية في خدمة التضليل

وعلى الصعيد نفسه، لاحظ فريق المرصد أنّ «الأدلة البصرية» التي استخدمتها الحسابات النشطة في هذه الحملة، كانت جميعها مضللة ومأخوذة من سياقات مختلفة. فعلى سبيل المثال، تداولت الحسابات صورة امرأة تحتضن طفلها فيما تظهر ظلال بنادق في الصورة، والتي انتشرت على أساس أنها توثق تعرض امرأة وطفلها للقتل على يد «الدعم السريع» في الفاشر. ولكن أثبتت تحقيقات المرصد أنّ الصورة مجتزأة من مقطع فيديو مولّد بالذكاء الاصطناعي، نشره حساب باسم «khoubaib.bz» على «إنستقرام»، مما يبيّن مساعي الحملة إلى استخدام المحتوى البصري الذي انتشر عقب سقوط الفاشر في يد «الدعم السريع»، وإعادة تدويره على نحو يصرف الأنظار عن انتهاكات «الدعم السريع» ويحولها إلى إدانة الجيش.

وتداولت حسابات الحملة كذلك صورة امرأة معلقة على شجرة مع طفلين، على أنهم ضحايا القتل الممنهج ضد المسيحيين في السودان، ولكن الصورة مضلِّلة ولا صلة لها بالسودان، إذ تحقق منها «مرصد بيم» من قبل، وتوصّل إلى أنها نُشرت في 18 فبراير 2025 على منصة «إكس»، على أنها حادثة في تشاد، فيما تُداولت، بعد يوم واحد، في سياق أحداث عنف في جمهورية مالي. وكانت الصورة نفسها قد تداولت على نطاق واسع، في سياق مضلل، عقب سيطرة «الدعم السريع» على الفاشر.

وانتشرت خلال الأيام الماضية صور أقمار أصطناعية من مدينة الفاشر، تُظهر بقعًا حمراء ، في مواقع شهدت معارك بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، حللها مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لجامعة «ييل» الأمريكية، مرجحًا أنها تشير إلى وقوع مجازر وعمليات قتل جماعي بعد سيطرة «الدعم السريع» على المدينة. وتداولتها وسائل إعلام دولية، مثل «الجزيرة الإنجليزية» و«أسوشيتد برس».

ورغم قوة المؤشرات البصرية، أكدت تلك التقارير أنّ الصور وحدها لا تكفي لإثبات أنّ البقع الحمراء الظاهرة في الصورة هي دماء، من دون تحقيق ميداني مستقل. ومع ذلك تلقفت حسابات الحملة هذه الصور، ونشرتها مدعيةً أنها أدلة توثق المجازر بحق المسيحيين في السودان على يد الجماعات الإسلامية، وأخرجتها بالكامل من سياقها الأصلي، بهدف تضليل الجمهور وإثارة تعاطف الرأي العام.

تكشف هذه الحملة التي قادتها حسابات داعمة للإمارات وإسرائيل لترويج رواية «استهداف المسيحيين في السودان» على يد جماعات إسلامية متطرفة في الجيش السوداني، عن تضليل مركّب؛ وتبيّن كيف يمكن حرْف صور ومقاطع فيديو متداولة في المنصات الرقمية عن سياقها بالكامل، وخلق «رواية بديلة» من العدم، بالاستناد إلى صور مولّدة بالذكاء الاصطناعي أو مقتطعة من سياقها الأصليّ. 

كذلك، وضح سلوك إعادة النشر والمشاركة في ترويج سردية الحملة عبر حسابات من دول مختلفة إلى تشابك الخيوط من الإمارات وإسرائيل إلى اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا الشمالية، بهدف توجيه الرأي العام نحو قراءة مضللة لطبيعة الصراع في السودان، بدلًا من نقل الواقع الميداني بدقة.

قائمة ببعض الحسابات التي شاركت في الحملة:

ما حقيقة التصريح المنسوب إلى فولكر بيرتس بشأن انسحاب الجيش السوداني من الفاشر؟

ما حقيقة التصريح المنسوب إلى فولكر بيرتس بشأن انسحاب الجيش السوداني من الفاشر؟

تداولت حسابات على منصتي «فيسبوك» و«إكس» تصريحًا منسوبًا إلى فولكر بيرتس الممثل الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة «يونيتامس» التي انتهت مهمتها في السودان في فبراير 2024، جاء فيه أنّ «حملة الصور المفبركة كانت لتغطية انسحاب الجيش من الفاشر» غربي السودان – بحسب الادعاء.

وجاء نص الادعاء كالآتي:

«فولكر بيرتس: حملة الصور المفبركة كانت لتغطية انسحاب الجيش من الفاشر».

بعض الحسابات والمجموعات التي تداولت الادعاء:

1

Sky Sudan – إسكاي سودان

(29.7) ألف متابع

2

عبدالهادي عثمان أندشه

(13) ألف متابع

3

Doha Salah

(7.9) آلاف متابع

للتحقق من الادعاء، بحث «مرصد بيم» في حسابيْ فولكر بيرتس على منصتي «فيسبوك» و«إكس»، ولم يجد فيهما ما يدعم صحة الادعاء.

ولمزيدٍ من التحقق، بحث فريق المرصد في المقابلات التي أجرتها وسائل الإعلام مؤخرًا مع فولكر بيرتس، ولم يجد أثرًا للتصريح المنسوب إليه بشأن انسحاب الجيش من الفاشر.

كما أجرى الفريق بحثًا بالكلمات المفتاحية الواردة في نص الادعاء، ولم يُسفر البحث عن أيّ نتائج تؤيد صحة الادعاء.

الخلاصة

التصريح مفبرك؛ إذ لم يرِد في حسابات فولكر بيرتس على «فيسبوك» و«إكس». كما لم يُسفر البحث في المقابلات الإعلامية مع بيرتس أو بالكلمات المفتاحية عن أيّ نتائج تدعم صحة الادعاء.

ما حقيقة التصريح المنسوب إلى مسعد بولس بشأن البرهان؟

ما حقيقة التصريح المنسوب إلى مسعد بولس بشأن البرهان؟

تداولت حسابات على منصتي «فيسبوك» و«إكس» تصريحًا منسوبًا إلى كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس، جاء فيه إنهم سمحوا للبرهان بإطلاق أيّ تصريحات يراها مناسبة مقابل الالتزام ببنود التسوية الجارية – بحسب الادعاء.

وجاء نص الادعاء كالآتي:

«مستشار ترامب مسعد بولس: 

سمحنا للبرهان بإطلاق التصريحات التي يراها مناسبة داخل ‎السودان مقابل الالتزام ببنود التسوية الجارية».

بعض الحسابات والمجموعات التي تداولت الادعاء:

1

الراكوبة- أخبار السودان

(475.8) ألف متابع

2

2021 

(118.8) ألف متابع

3

تجمع لجان العصيان المدنى

(51.6) ألف متابع

4

Sky Sudan – إسكاي سودان

(29.7) ألف متابع

للتحقق من الادعاء، بحث «مرصد بيم» في موقع وزارة الخارجية الأمريكية وحسابها على منصة «إكس»، وفي حساب كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس على «إكس»، ولم يجد فيها جميعًا ما يدعم صحة الادعاء.

ولمزيدٍ من التحقق، بحث فريق المرصد في المقابلات المتلفزة التي أجرتها وسائل الإعلام مؤخرًا مع بولس، ولم يجد أثرًا للتصريح المنسوب إليه بشأن البرهان.

كما أجرى الفريق بحثًا بالكلمات المفتاحية الواردة في نص الادعاء، ولم يُسفر البحث عن أيّ نتائج تؤيد صحة الادعاء.

ويأتي تداول الادعاء بالتزامن مع الحديث عن هدنة مرتقبة بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» بوساطة أمريكية.

الخلاصة

التصريح مفبرك؛ إذ لم يرِد في أيّ موقع رسمي أمريكي ولا في حساب مسعد بولس على «إكس». كما لم يُسفر البحث في المقابلات المتلفزة مع بولس أو بالكلمات المفتاحية عن أيّ نتائج تدعم صحة الادعاء.

أنيس منصور.. كيف قادت حسابات تُدار من عُمان واليمن أنشطةً رقميةً مريبةً بشأن السودان؟

في الخامس عشر من أكتوبر 2025، أعاد وزير الإعلام السوداني خالد علي الإعيسر، نشر صور على حسابه الشخصيّ على «فيسبوك»، توثق استقباله الصحفي اليمني أنيس منصور، في ما بدا أنه مكتب الوزير في بورتسودان، استنادًا إلى منشور سابق على أحد حسابات منصور، وصف فيه الإعيسر بـ«السوخوي نبراس الإعلام العربي»، في حين علّق الإعيسر على منشور ضيفه، والصور التي وثقت استقباله الدافئ له، وسط الابتسامات والأحضان، بالقول «كنت صوتًا شريفًا إلى جانب شعبنا، وها أنت اليوم تُشرفنا بزيارتك. أهلًا وسهلًا بك في بلدك».

أتت هذه الزيارة، التي وثق فيها الصحفي اليمني تحركاته داخل السودان حتى العاصمة الخرطوم، بينما يعمل «مرصد بيم» على تحليل مفصّل لمحتوى حسابات على منصتي «فيسبوك» و«إكس» تحمل اسم «أنيس منصور». وعمل فريق المرصد على رصد حساباته والتحقق من محتواها، على نحو راتب، ضمن نشاط المرصد في مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي والتحقق من الأنشطة المريبة والمعلومات المضللة المتداولة بشأن الوضع في السودان.

فمن هو أنيس منصور؟ ولماذا يهتم بنشر محتوى داعم للحكومة السودانية؟ وما مدى صحة المعلومات التي ينشرها؟

أنيس منصور: من اليمن عن السودان 

أنيس منصور صحفي يمني، المعلومات المتداولة عنه تشير إلى أنه بدأ مشواره المهني محررًا في صحيفة «الفرسان» اليمنية، ثم عمل في صحيفة «أخبار اليوم» وعدد من المواقع الإخبارية، مثل «مأرب برس»، كما عمل مراسلًا لقناة «السعيدة». 

أسّس أنيس منصور مركز «هنا عدن» ويرأس تحرير صحيفته. وواجَهَ انتقادات حادة من جهات مهنية، أبرزها نقابة الصحفيين اليمنيين التي قررت في العام 2022، تجميد عضويته، بعد اتهامه بـ«نشر أكاذيب، وخروقات مهنية» ما دفع الاتحاد الدولي للصحفيين إلى تعليق عضويته بدعوى انتهاكه القيم الأخلاقية والمهنية. واتُّهم منصور كذلك بإدارة «حسابات وهمية» على مواقع التواصل لاستهداف خصومه ونشر محتوى مثير للجدل.

لاحظ فريق المرصد نشاطًا متصاعدًا في حسابات أنيس منصور منذ مارس 2024 في تناول الأوضاع في السودان، على كلٍّ من «فيسبوك» و«إكس»، إلى جانب نشاطه في متابعة التطورات في اليمن وبلدان أخرى في الشرق الأوسط، لكن ما دفع الفريق إلى البحث في الحساب هو التناول أحادي الجانب للشأن السوداني، هذا بالإضافة للتضليل الواضح لمصلحة الجيش السوداني بمحتوى يُضخّم عبر العديد من الحسابات. وأبرز توجهات الحساب التي رصدها فريق المرصد:

  1. دعم الجيش السوداني من خلال تضخيم المحتوى وتكثيف النشر.
  2. نشر محتوى مضلل يدعم الجيش السوداني.
  3. نشر محتوى مضلل ضد «الدعم السريع».
  4. مهاجمة دولة الإمارات.
  5. الوقوف ضد التفاوض وأيّ حل سلمي لإنهاء الحرب.

 

يدعم أنيس منصور الجيش السوداني بوضوح، وقد صرّح بذلك عبر مقطع فيديو نشره على منصة «إكس»، قال فيه إن «الجيش السوداني يمثل كل العرب». وتنشر حسابات منصور على منصتي «فيسبوك» و«إكس»، بانتظام، منشورات تدعم القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وتحاول تصويره قائدًا ميدانيًا لا يفارق الصفوف الأمامية، ويعيش بين أفراد الجيش والشعب، يشاركهم الشاي والطعام، ووصفه بأنه «صامد يرفض المساومة والتنازل». 

كما تدعم حسابات منصور القوات المساندة للجيش، مثل «درع السودان» و كتيبة «البراء بن مالك». وحينما أجرى وزراء الخارجية في دول «الآلية الرباعية» (الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات)، في 12 سبتمبر الماضي، مشاورات مكثفة، بدعوة من واشنطن، أفضت إلى التزام بمجموعة من المبادئ، بالإضافة إلى جدول زمني لإنهاء الصراع في السودان – نشر حساب أنيس منصور على «فيسبوك» منشورًا يتضمن صورًا لقادة من «درع السودان» و«كتيبة البراء بن مالك» والقوات المشتركة، إلى جانب ضابط رفيع من الجيش السوداني، وكتَبَ تعليقًا –مع المنشور– بأنّ هؤلاء هم «الرباعية الوحيدة التي يعرفها السودان»، في إشارة إلى عدم الاعتراف بمخرجات «الرباعية» الداعية إلى وقف الحرب.

 

وتهاجم حسابات أنيس منصور على «إكس» و«فيسبوك» دولة الإمارات بصورة واضحة ومنتظمة، في منشوراتها، وتتهمها بالضلوع في حرب السودان والتسبب في قتل السودانيين. كما تتطرق الحسابات إلى نهب دولة الإمارات الثروات من كلٍّ من السودان واليمن، لا سيما المعادن مثل الذهب، وهو ادعاء ليس مضللًا بالضرورة في السياق السوداني، ولكن حسابات منصور تنشره ضمن توجهات أوسع تسعى إلى ترويجها على نطاق واسع.

وإلى جانب حسابات أنيس منصور الرسمية، رصد فريق المرصد حسابًا آخر باسم «الصحفي أنيس منصور احتياط  (الصبيحي)»، يدعم التوجهات نفسها، فيما يشارك الحساب الرسمي لـ«أنيس منصور» على «فيسبوك» محتوى الحساب الاحتياطي، لضمان انتشاره. وأنشئ الحساب الاحتياطي في يوليو 2022، ويُدار من السودان وسلطنة عُمان.

وتعمل الحسابات الثلاثة، بتنسيقٍ عالٍ، في المحتوى وتوقيت النشر، لكن حساب «الصحفي أنيس منصور احتياط  (الصبيحي)» ينشر محتوى عن السودان أكثر كثافة، مقارنةً بحسابات أنيس منصور الرسمية.

لاحظ فريق المرصد أيضًا أن أنيس منصور يقف ضد التفاوض بصورة واضحة وضد أيّ جهود دبلوماسية لإنهاء الصراع في السودان؛ إذ نشر على حسابه الرسمي، في سبتمبر الماضي، مقطعًا مصوّرًا، حذّر فيه السودانيين من الوقوع في فخ «الرباعية» وحثّهم على تجاهل دعوات السلام التي قال إنها تصدر كلما تراجع الموقف الميداني لـ«الدعم السريع»، لمنع «الحسم العسكري» حسب قوله، داعيًا إلى مواصلة القتال حتى انتصار الجيش.

محتوى مضلل لدعم التوجهات:

تبنت الحسابات التي تحمل اسم أنيس منصور، بوضوح، موقفًا داعمًا للجيش السوداني والقوى المساندة له. في وقت ناصبت فيه العداء لقوات الدعم السريع، واستخدمت محتوى مضللًا لدعم توجهاتها. 

وعلى سبيل المثال، نشر حساب «الصحفي أنيس منصور احتياط  (الصبيحي)» صورتين تُظهران حريقًا وحطامًا في منطقة يبدو أنها تعرضت للقصف، مدعيًا أنهما توثقان «ضربات عنيفة وموجّهة ودقيقة جدًا» شنّها الجيش السوداني على مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور غربي السودان، ومقر الحكومة التي أعلن عنها تحالف «تأسيس» بقيادة «الدعم السريع». وبعد أن فحص «مرصد بيم» الصورتين المتداولتين مع الادعاء، تبيّن أنهما مولّدتان بالذكاء الاصطناعي، ومع ذلك لقي الادعاء تفاعلًا عاليًا من المتلقين.

ولدعم توجهاته المناوئة لـ«الدعم السريع»، نشر الحساب الرسمي لأنيس منصور على «فيسبوك» مقطع فيديو، في يوم 27 يناير 2025، زاعمًا أنه يوثق هروب عناصر «الدعم السريع» من الخرطوم، مهزومين وبحوزتهم أغراض مسروقة من المواطنين. وبالبحث العكسي عن مقطع الفيديو في ذلك الوقت، توصّل فريق المرصد إلى أنه قديم، نُشر في منتصف يناير، من دون توضيح للسياق أو ما يؤكد ارتباطه بهروب عناصر «الدعم السريع» من الخرطوم.

ويتضمن المحتوى المضلل الذي تنشره حسابات أنيس منصور خطاب الكراهية، إذ نشر مثلًا، في 24 يوليو 2025، صورةً لبيتٍ من القش ذي بابٍ حديدي —وهو نمط بناءٍ مألوف في ريف السودان— زاعمًا أنّه لأحد عناصر «الدعم السريع» وأنّ الباب سُرق من الخرطوم. ويُبرز هذا المنشور تحديدًا نظرة نمطية تجاه بيوت دارفور، توحي ضمنيًا بأنّها تُشيّد من القش وبلا أبوابٍ حديدية، وأنّ وجود بابٍ معدني في أحدها دليلٌ على السرقة. وعدّ الحساب ذلك «تطورًا» في حياة من وصفهم بـ«الجنجويد»، دون أنّ يشير إلى أيّ معلومات موثوق بها أو أدلةٍ تثبت هوية صاحب البيت أو مصدر الباب الظاهر في الصورة.

حسابات موالية:

إلى جانب حساباته الشخصية على «فيسبوك»، لاحظ «مرصد بيم» أيضًا أنّ حسابات ومجموعات أخرى تنُشر المحتوى الذي يقدمه أنيس منصور، على نحو منسق مع الحساب الرسمي. فعندما نشر حسابه في الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الثاني من يوليو الماضي، مزاعم عن تدمير منظومة دفاع جوي إماراتية في نيالا (جنوب دارفور) بطائرة مسيّرة تابعة للجيش السوداني، لحِقته صفحة على «فيسبوك» باسم «السعادة» ونشرت المحتوى نفسه في الساعة السادسة صباحًا ونسبته إلى أنيس منصور. 

كما لاحظ فريق المرصد أنّ صفحة «السعادة» تنشر، بانتظام، محتوى حساب منصور، لضمان انتشاره وسط جمهورها البالغ عددهم 173 ألف متابع، إلى جانب حساب «الصحفي أنيس منصور احتياط  (الصبيحي)» الذي يُعيد، إلى جانب إنتاجه محتوى يدعم توجهات حسابه الرسمي، نشر محتواه المتعلق بشأن السودان، على نحو منتظم.

ولاحظ فريق المرصد كذلك نشاط صفحة أخرى باسم «محطات متحركة»، يتابعها نحو 200 ألف متابع، أُنشئت أيضًا في يوليو 2022، وتُدار من العاصمة السعودية الرياض. وتنشر الصفحة محتوى عن التطورات في السودان، إلى جانب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط. ومن الملاحظ نشاطها في نشر محتوى داعم للجيش السوداني عمومًا. وظهر ارتباطها بأنيس منصور، جليًا، عند نشرها محتوى حسابه، خاصةً المنشورات المناوئة لدولة الإمارات. وتعتمد الوسوم التي يستخدمها الحساب بانتظام، مثل وسم «#الامارات_تقتل_السودانيين‬⁩».

كما لاحظ فريق المرصد نشاط حساب آخر باسم «أحمد سينا» يشارك، بانتظام، محتوى حسابات أنيس منصور بشأن السودان في مجموعات على «فيسبوك»، لضمان انتشاره. وبالفحص، تبيّن أن الحساب لا ينشر محتوى خاصًا به، بل يعيد نشر محتوى حساب أنيس منصور وحسابات أخرى في مجموعات أكبر.

ومن ضمن ملاحظات فريق المرصد أيضًا أن الحسابات الموالية لحساب أنيس منصور لا تعيد نشر كل محتواه، ما جعل الكشف عن آلية التضخيم أكثر تعقيدًا؛ إذ تنشر بعض الحسابات منشورات أنيس منصور في «مجموعات» على «فيسبوك»، بينما تقود حسابات أخرى عملية النشر في الجولة التالية. 

وعلى سبيل المثال، حين نشر حساب أنيس منصور منشورًا عن تورط الإمارات في تمويل حملة علاقات عامة بهدف تلميع نفسها وطمس أدوارها في قتل السودانيين وحصارهم وتشريدهم، شارك حساب «Omar Shikh» المنشور في عدد كبير من المجموعات العامة على «فيسبوك». وفي منشور آخر عن القائد العام للجيش السوداني نشره حساب أنيس منصور، لاحظ فريق المرصد أن حسابًا باسم «نور الهدى خالد» أعاد نشر المحتوى في «مجموعات» كبيرة على «فيسبوك». والقاسم المشترك بين هذه الحسابات هو أنها مغلقة وتعيد نشر محتوى أنيس منصور ومحتوى مشابه له في مجموعات على «فيسبوك».

يكشف هذا التقرير عن الدور المحوري الذي تضطلع به حسابات أنيس منصور، في نشر معلومات مضللة ومحتوى موجّه بشأن السودان، وكيف يسعى من خلال المحتوى المضلل إلى تلميع صورة الجيش والتضليل لمصلحته، مستندًا إلى شبكة من الحسابات الموالية التي تعمل على إعادة نشر محتواه وتضخيمه على نحو ممنهج. هذا النمط من التأثير الإعلامي يطرح تساؤلات جدية بشأن استخدام النفوذ الرقمي في توجيه الرأي العام والتأثير في فهم الجمهور للأحداث، لا سيما في سياق أزمات حساسة ومعقدة كالتي يمر بها السودان. إن مواجهة هذا النوع من التضليل تتطلب استجابة جماعية تتضمن التحقق من المعلومات.

حسابات أنيس منصور وأبرز الحسابات المساندة:

ما حقيقة الصورة المتداولة على أنها توثق ظهور مرتزقة أجانب في النهود؟

ما حقيقة الصورة المتداولة على أنها توثق ظهور مرتزقة أجانب في النهود؟

تداولت العديد من الحسابات على منصة «فيسبوك» صورة جنود يجلسون في مكان يبدو وكأنه مقهى سوداني تقليدي، مدعيةً أنها توثق ظهور «مرتزقة أجانب من الإمارات وليبيا وتشاد وكولومبيا»، يتجولون داخل مدينة النهود بولاية غرب كردفان.

وجاء نص الادعاء كالآتي:
«الله لا سلم الله الامارات

الله لا سلم القحاته العملاء

مرتزقة أجانب من “الإمارات، ليبيا وتشاد، وكولمبيا”، يتجولون داخل مدينة النهود بكل اريحيه ويرتادون المطاعم والقهاوي بولاية غرب كردفان».

بعض الصفحات والحسابات التي تداولت الادعاء:

لاحَظ «مرصد بيم» أنّ الصورة المتداولة مع الادعاء تبدو مصطنعة، ما دفع فريق المرصد إلى فحص الصورة عبر أدوات التحقق من الصور، ليتبيّن أنها معدّلة بالذكاء الاصطناعي.

كما أجرى فريق المرصد بحثًا بالكلمات المفتاحية الواردة في نص الادعاء، ولم يعثر على أيّ معلومات موثوق بها تدعم صحة الادعاء.

الخلاصة

الادعاء مفبرك؛ إذ تبيّن أنّ الصورة معدّلة بأدوات الذكاء الاصطناعي. كما لم يُسفر البحث بالكلمات المفتاحية عن أيّ نتائج تؤيد صحة الادعاء.

فيديو يوثق خطابًا حديثًا للبرهان.. ما حقيقته؟

فيديو يوثق خطابًا حديثًا للبرهان.. ما حقيقته؟

تداولت حسابات على منصة «فيسبوك» مقطع فيديو للقائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، يقول فيه بصيغة حماسية وسط حشد من الضباط والجنود: «ما عندنا كلام الكلام قدام هناك»، على أساس أنه مقطع فيديو حديث للبرهان.

 

وجاء نص الادعاء في بعض المنشورات كالآتي:

«البرهان:

ماعندنا كلام الكلام قدام هناك».

بعض الحسابات والمجموعات التي تداولت الادعاء:

1

الجندي الخفي

(220) ألف متابع

2

ودالمك ودالمك

(81.8) ألف متابع

3

نسيت اكتب اسمي

(62.7) ألف متابع

للتحقق من صحة الادعاء، أجرى «مرصد بيم» بحثًا عكسيًا عن مقطع الفيديو المتداول، وتبيّن أنه نُشر للمرة الأولى في سبتمبر 2024 إبان المعارك التي خاضها الجيش السوداني لاستعادة السيطرة على ولاية الخرطوم.

ولمزيدٍ من التحقق، بحث فريق المرصد في موقع وكالة السودان للأنباء (سونا)، وفي الصفحة الرسمية لمجلس السيادة الانتقالي على منصة «فيسبوك»، ولم يجد أيّ نتائج تؤيد صحة الادعاء.

كما أجرى الفريق بحثًا بالكلمات المفتاحية، ولم يُسفر البحث عن أيّ نتائج تفيد بأنّ الفيديو حديث.

ويأتي تداول الادعاء بعد سيطرة «الدعم السريع» على مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، إلى جانب أنباء عن هدنة إنسانية مرتقبة بين الجيش السوداني والدعم السريع بوساطة أمريكية.

الخلاصة:

الادعاء مضلل؛ إذ أنّ المقطع جزءٌ من فيديو قديم نُشر للمرة الأولى في سبتمبر 2024. كما أن البحث بالكلمات المفتاحية لم يُسفر عن أيّ نتائج تفيد بأنّ الفيديو حديث.

فيديو لحشد مسلح نحو الفاشر في نهر النيل.. ما حقيقته؟

فيديو لحشد مسلح نحو الفاشر في نهر النيل.. ما حقيقته؟

تداولت العديد من الحسابات على منصة «فيسبوك» مقطع فيديو تظهر فيه جموع غفيرة من الناس في منطقة ما، على أنه يوثق حشدًا مسلحًا نظمه مواطنو ولاية نهر النيل شمالي السودان، ودعو إلى إصدار التوجيهات للتحرك لتحرير مدينة الفاشر التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي.

وجاء نص الادعاء على النحو الآتي:

«مواطني ولاية نهر النيل ينظمون حشدا مسلحا و يدعون الي إصدار التوجيهات للتحرك لتحرير #الفاشر ..».

 بعض الحسابات والمجموعات التي تداولت الادعاء:

1

قناة فردوس النيل 

(371) ألف متابع

2

     Sudaniz Pro

(174) ألف متابع

3

عطبرة الآن 

(25) ألف متابع

للتحقق من صحة الادعاء، أجرى «مرصد بيم» بحثًا عكسيًا عن مقطع الفيديو المتداول مع الادعاء، وتبيّن أنّه قديم، نُشر في ديسمبر 2023 مع النص: «جيش نهر النيل شندي».

ولمزيدٍ من التحقق، أجرى فريق المرصد بحثًا بالكلمات المفتاحية الواردة في نص الادعاء، ولم يُسفر البحث عن أيّ نتائج موثوق بها تؤيد صحة الادعاء.

ويأتي تداول الادعاء عقب سيطرة «الدعم السريع» على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور الأحد الماضي، وسط تقارير عن إعدامات للمدنيين الذين يحاولون الفرار، مع «مؤشرات على وجود دوافع قبلية لعمليات القتل»، إلى جانب انتشار مقاطع مصوّرة توثق انخراط عناصرها في عمليات قتل جماعي وتنكيل بالسكان، بما في ذلك النساء، خلال محاولتهم الفرار من المدينة.

الخلاصة:

الادعاء مضلل؛ إذ أنّ الفيديو قديم، نُشر في ديسمبر 2023. كما لم يُسفر البحث بالكلمات المفتاحية عن أيّ تقارير موثوق بها تدعم صحة الادعاء.