Tag: البرهان

كيف تدور الحرب الإعلامية الموازية بين الجيش السوداني والدعم السريع؟

بالتزامن مع المعارك المستعرة في شوارع الخرطوم المكتظة و ولايات البلاد المختلفة منذ يوم السبت الماضي بين الجيش السوداني و(الدعم السريع)، يخوض طرفا الصراع في السودان حربا أخرى، ساحتها منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، لبث دعايتيهما في السيطرة على المواقع الجغرافية، وإبداء المواقف السياسية، وتبادل الاتهامات بشأن المسؤولية عن الانتهاكات، ومن أطلق الرصاصة الأولى.

بداية الاشتباكات

عند التاسعة تقريباً من صباح السبت 15 أبريل، دوى صوت الرصاص في جنوب الخرطوم، وفي مناطق أخرى مختلفة من العاصمة التي كانت تشهد حشدا للآليات العسكرية لأيام قبل ذلك، وخلال ذلك اليوم تبادل الطرفان الاتهامات بشأن مسؤولية إطلاق الرصاص.

بعد 3 ساعات من الاشتباكات حملت الدعم السريع، الجيش، مسؤولية اندلاع المواجهات، وقالت في بيان إنها “فوجئت بقوة كبيرة من القوات المسلحة تدخل الى مقر وجود القوات في أرض المعسكرات سوبا بالخرطوم”. واعتبرت ذلك سببا للتحرك العسكري في جميع أنحاء البلاد.

استغرق رد الجيش مفندا 3 ساعات أخرى، متهما (الدعم السريع) بمحاولة السيطرة على مواقع استراتيجية تشمل القصر الجمهوري، والقيادة العامة للجيش. وبحسب هذه الرواية، اعتبر أن ما قامت به قوات الدعم السريع تمرد على سلطة الدولة، وحملها مسؤولية جر البلاد إلى العنف.

بيان الجيش حول استهداف سكن البرهان

قاعدة مروي الجوية

تضارب الحقائق امتد من مسؤولية بدء المعارك، إلى السيطرة على الأرض، فكانت قاعدة مروي الجوية شمالي البلاد، التي شهدت اشتباكات متزامنة مع المعركة في الخرطوم، إحدى أبرز المواقع التي تنازع الجيش والدعم السريع حقيقة السيطرة عليها.

تكررت خلال الأيام الماضية البيانات ومقاطع الفيديو من الطرفين التي تظهر جنودا من القوتين “يؤكدون” سيطرتهم على مطار وقاعدة مروي الجوية، بينها مقطع فيديو من الجيش ليل 18 أبريل، وكذلك الأربعاء الماضي.

بيانات الدعم السريع

بيان رقم (2)
بيان رقم (3)

بيانات الجيش

القصر الجمهوري

ظل القصر الجمهوري وسط الخرطوم منطقة اشتباك يسعى كل من الجيش والدعم السريع لبسط سيطرته عليه، وتبادلا البيانات المؤكدة لذلك.

في نهار 17 أبريل نفى الجيش أن يكون الدعم السريع قد سيطر على القصر الجمهوري أو قصر الضيافة، واصفا ما تنشره صفحات الدعم بأنها “شائعات”.

في اليوم التالي، نشرت قوات (الدعم السريع) مقطع فيديو لقواتها أمام القصر الجمهوري، وذلك بعد يوم من فيديو آخر لأحد جنودها في محيط القصر ويسمع في الخلفية أصوات الاشتباكات، فيما لا تزال الاشتباكات جارية في محيطه.

مطار الخرطوم

من المطار الوحيد في العاصمة، تتصاعد الأدخنة ظاهرة للعيان بدلا عن ارتفاع الطائرات من مدرجاته، أما مقاطع الفيديو فتظهر اندلاع النيران في الطائرات الرابضة على المدرج.

في اليوم الأول انتشرت صورة مجندين اثنين في صالة الوصول بالمطار، ودارت الاشتباكات في المدرج مودية بحياة مسافرين وصلوا على متن رحلة قادمة من المملكة العربية السعودية.

لم يتحمل أي من الطرفان مسؤولية إطلاق النار الذي أدى لمقتل المسافرين، لكن كلا منهما أكد سيطرته على المرفق الاستراتيجي مفندا ادعاءات الآخر، فيما لا تزال المعارك جارية في محيطه حتى يوم أمس الأربعاء.

الإذاعة والتلفزيون

أكد شهود عيان في أحياء أمدرمان القريبة من الإذاعة والتلفزيون احتدام الاشتباكات في المنطقة، وتداول سكان المنطقة على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تظهر تخوفهم من حدة القتال.

القوتان المتقاتلتان حاولتا تأكيد السيطرة على مقر الإذاعة والتلفزيون بالبيانات على منصات التواصل الاجتماعي، وفي بث تلفزيون السودان والنيل الأزرق.

ففي اليوم الأول للاشتباكات ظهر المذيع مبارك خاطر في استديو أخبار التلفزيون لدقائق، ليعلن وقوع اشتباكات قرب المقر وينقطع البث عقب ذلك.

ويوم الاثنين نشر تلفزيون السودان تصريحا للناطق الرسمي باسم الجيش السوداني العقيد نبيل عبد الله. 

فيما ظهرت صورة الناطق باسم الدعم السريع الرائد نجم الدين إسماعيل على تلفزيون النيل الأزرق مساء الاثنين أيضا، دون نشر اي تصريح.

قبل أن تنشر صفحة الجيش السوداني على فيسبوك مقطع فيديو للرائد نجم الدين إسماعيل يعلن فيه انشقاقه عن الدعم السريع وعودته إلى الجيش السوداني.

البيانات المتضاربة

الدعم السريع:

الجيش:

بث الدعاية

منذ اليوم الأول أطلق الطرفان اتهامات تجاه بعضهما، لوصم كل منهما أمام المجتمع الدولي والإقليمي، وسحب الرأي العام لصالحه.

الدعم السريع ركز على وصف حربه أنها ضد “قيادة الجيش” وليس الجيش كله، وبحسب روايته، فإن من يقاتلهم هم “إسلاميون متطرفون“، ونفى عن نفسه تهم استهداف البعثات الدبلوماسية، متهما ذات الإسلاميين بتنفيذ ذلك و”ارتداء زيه”.

فيما اتهمت وزارة الخارجية في بيان الثلاثاء الماضي الدعم السريع باستهداف مقار البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية.

الدعم السريغ يتهم الجيش بموالاة الإسلاميين

فيما تركزت رواية الجيش على وصف “قيادة قوات الدعم السريع” بأنها متمردة، معلنة إنهاء انتداب ضباط القوات النظامية بأفرعها المختلفة إلى الدعم السريع، وداعية إياهم لتسليم أسلحتهم، قبل أن يعلن البرهان “العفو مقابل وضع السلاح” لكل أفراد الدعم.

الجيش في المقابل اتهم قوات الدعم السريع بالانفلات، وحملها مسؤولية استهداف البعثات الدبلوماسية، ومسؤولية مقتل موظفي صندوق الغذاء العالمي في كبكابية شمال دارفور.

الجيش يتهم الدعم السريع بالانفلات واستهداف البعثات الدبلوماسية

انتصارات دائمة

المقدم مصعب طه الأمين، ضابط بالجيش السوداني قتل في القيادة العامة للجيش، واحد من كثيرين لم تعرف أعدادهم بعد على الرغم من انتشار كتابات التعازي والنعي وسط كتابات السودانيين في مواقع التواصل، لأقارب من القوات النظامية المتقاتلة، لقوا حتفهم خلال الصراع المستعر.

عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني هنادي فضل تنعي قريبها الضابط مصعب الأمين «المشنور للأصدقاء»

ففي كل بيانات الجيش والدعم السريع، يذكر التقدم والسيطرة على مواقع جديدة وانشقاق الجنود من القوتين أو تسليمهم، وتغيب أخبار وإحصائيات القتلى والمصابين منهما.

الرؤية السياسية ضبابية

رغم استمرار القتال ليومه الخامس، لا يتحدث الجيش أو الدعم السريع عن خطة سياسية، ويغيب التصريح بالدافع السياسي الحقيقي وراء المعركة، التي سبقها خلاف سياسي بحت، في حين يخبرنا التاريخ ألا حرب تحدث من أجل الدافع الحربي وحده، خصوصا إذا ما كانت حربا أهلية بين أبناء البلد نفسه.

فقبل اندلاع المواجهات، كان مقررا المضي في اتفاق سياسي لتقاسم السلطة بين القوى السياسية وإنشاء مجلس أعلى للقوات المسلحة يضم الجيش والدعم السريع، قبل أن تقف قضية الإصلاح الأمني عقبة أمام إتمام الاتفاق ويتأجل توقيعه.

الدعاية السياسية للجيش، اعتبرت ما يحدث “ظروفا صعبة” بسبب “تمرد غير مبرر” من الدعم السريع، وأن قيادة الجيش مازالت ملتزمة بـ”المسار السياسي”، و”ألا تراجع أو نكوص” عن تنفيذه. لكن هذا المسار السياسي لا تتضح تفاصيله، ولا يعاد ذكره في بيانات الناطق الرسمي أو تصريحات قادة الجيش.

أما قوات الدعم السريع فتؤكد في بياناتها أنها ما أجرت هذا التحرك إلا لمواجهة “الإسلاميين”، وأنها ملتزمة بالعملية السياسية، ذات العملية التي لم يكمل الطرفان ما طلب منهما لإنجازها والوصول لاتفاق حول قضية الإصلاح العسكري.

لكن هذا التصريح لا يفصل أبدا ما هي خطة هذا الفصيل المسلح السياسية إن أكمل حربه ضد قيادة الجيش التي يتهمها بالانقلاب وموالاة الإسلاميين.

ومع تواصل المواجهات، تستمر الأطراف في خلق استقطاب إعلامي أكبر، عبر التضليل وفبركة الأخبار، واستعمال الدعاية السياسية والعسكرية لتقوية مواقفها.

طلاب مدرسيون يقضون ليلتهم في محتجز قسري بوسط الخرطوم تحت صخب القذائف 

تحت دوي الأسلحة الثقيلة وصخب القذائف يقضي 450 طالبا بمدرسة كمبوني بوسط العاصمة السودانية الخرطوم ليلتهم، في أعقاب الأحداث الأمنية والعسكرية التي اندلعت صباح السبت.

وفي ظل التعقيدات الأمنية التي شهدتها ولاية الخرطوم عامةً، ومنطقة وسط الخرطوم القريبة من القصر الرئاسي بصفة خاصة، أصبح خروج الطلاب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13- 16 عاماً أمراً بالغ التعقيد. ورصدت (بيم ريبورتس) على مواقع التواصل الاجتماعي مناشدات لحماية الأطفال بمدرسة كمبوني وتأمين عودتهم إلى منازلهم، بسلام.

في المقابل، أعربت لجنة أطباء السودان المركزية عن تعاطفها مع الطلاب، وطالبت بضرورة إجلائهم بأمان من محتجزهم القسري.

وناشدت اللجنة (جميع القوات) كذلك، بضرورة فتح ممرات آمنة لخروج مرضى غسيل الكلى المحتجزين في مركز (الشهيدة سلمى) الواقع بالقرب من القيادة العامة للجيش، منوهة إلى أن المرضى يواجهون ظروفاً صحية بالغة التعقيد.

ويواجه مواطنون في مناطق متفرقة بوسط الخرطوم أوضاعاً مشابهة بسبب عجزهم عن الحركة، من بينهم بعض أساتذة جامعة الخرطوم الذين يسكنون في حي المطار، بجانب الطلاب في سكن جامعة الخرطوم الواقع بالقرب من محيط القيادة العامة للقوات المسلحة.

كما لايزال أكثر من 110 موظفين برئاسة بنك الخرطوم بشارع الجمهورية، عاجزين عن الخروج من مقر البنك منذ صباح السبت.

وبالتزامن مع بداية الأحداث صباح السبت، اٌحتُجز عشرات المواطنين المسافرين والموظفين بمطار الخرطوم بعد اندلاع اشتباكات مسلحة داخل  المطار. 

أيضاً، تسبب دخول قوات عسكرية إلى أكاديمية الخرطوم للطيران واحتجاز الطلاب بها، إلى مقتل أحد الطلاب بعد إصابته برصاصة في الصدر، بجانب وقوع إصابات وسطهم.

عطلة في الخرطوم

في الأثناء، أعلنت لجنة تنسيق شؤون أمن ولاية الخرطوم التابعة للسلطة العسكرية الحاكمة، في وقت متأخر من يوم أمس، بأن اليوم الأحد سيكون عطلة بالولاية. كما حثت اللجنة، المواطنين الابتعاد عن المناطق العسكرية والأماكن المستهدفة بالعمليات العسكرية الجارية.

ومع أن اللجنة الأمنية، أعلنت عن العطلة، لكن بحكم الأمر الواقع، فإن العاصمة الخرطوم تحولت إلى شبه ثكنة عسكرية، وهو الأمر الذي أدى إلى إغلاق المحال التجارية بجانب صعوبة الوصول إلى المرافق الخدمية المهمة مثل المستشفيات. 

ومع تسارع الأحداث الأمنية والعسكرية في البلاد، أعلن الجيش السوداني، أن الدعم السريع أصبحت قوات متمردة، قبل أن يعلن قائده عبد الفتاح البرهان حلها، بحسب ما ذكر جهاز المخابرات العامة

نقابة الصحفيين السودانيين تدعو لإسكات صوت الرصاص

دعت نقابة الصحفيين السودانيين، في بيان أصدرته، يوم السبت، (طرفي الصراع) القائم لوقف إطلاق النار و”تحكيم صوت العقل”، قبل أن تندد بحالة التردي الأمني الماثلة في البلاد منذ عقود، وصولاً للصراع الدائر حالياً.

وكانت نقابة الصحفيين، قد أعلنت عن لقاء جمع عدداً من الأجسام المطلبية في مقرها بالخرطوم يوم الجمعة الماضي، حيث توافقت الأجسام “على التصدي لمحاولات خلق الفتنة وزعزعة استقرار البلاد والوقوف ضد الحرب والانفلات الأمني وظاهرة الإفلات من العقاب”، وفق ما ذكر البيان. 

وفي خضم خلافات متصاعدة منذ عدة أسابيع وسط السلطة العسكرية الحاكمة، بدأت صباح السبت، وعلى نحو بدا مباغتاً، اشتباكات مسلحة جنوبي العاصمة الخرطوم، سرعان ما امتدت إلى أنحاء مختلفة من البلاد خلفت عدداً غير معلوم من الضحايا المدنيين، بالإضافة إلى العسكريين.

ولاحقاً مع تسارع الأحداث الأمنية والعسكرية في البلاد، أعلن الجيش السوداني، أن الدعم السريع أصبحت قوات متمردة، قبل أن يعلن قائده عبد الفتاح البرهان حلها، بحسب ما ذكر جهاز المخابرات العامة.

الأجسام والنقابات الموقعة على البيان والتنسيق في دار نقابة الصحفيين السودانيين

1. نقابة الصحفيين السودانيين

2. اللجنة التسييرية لنقابة المحامين 

3. لجان المنطقة الصناعية بحري

4. تضامن نقابات السودان 

5. اللجنة التمهيدية للهيئة النقابية لأساتذة جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا 

6. اللجنة التسييرية للاتحاد العام للمهندسين السودانيين.

7. لجنة المعلمين السودانيين.

8. اتحاد الكتاب السودانيين

9. اللجنة التمهيدية للنقابة العامة لصيادلة ولاية الخرطوم 

10.هيئة محامي دارفور

11. الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم

كيف تصاعدت الأحداث في السودان وصولاً إلى الخامس عشر من أبريل؟

مع انفجار الأحداث العسكرية والأمنية في العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من ولايات البلاد المختلفة صباح السبت، توضح (بيم ريبورتس) كيف تصاعدت الأحداث.
ففضلاً عن توترات مستمرة بين الجيش السوداني والدعم السريع منذ عدة أسابيع، بسبب خلافات متعلقة بالجداول الزمنية لدمج الدعم السريع في الجيش وفقاً للعملية السياسية المستندة على الاتفاق الإطاري. كان هنالك تباين كبير حول عملية الإصلاح العسكري، ما أدى إلى تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي، ولاحقاً توقف الاجتماعات الفنية المشتركة بين الجانبين.
أيضاً تزامنت هذه التوترات، مع حشود عسكرية للدعم السريع وصلت إلى العاصمة الخرطوم من إقليم دارفور، بما في ذلك مدرعات عسكرية.

في خضم هذه الأزمة والتوترات وصلت عشرات المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الثقيلة تتبع للدعم السريع إلى مدينة مروي بالولاية الشمالية، حيث تمركزت في وحول المطار والقاعدة الجوية التابعة للجيش لترتفع حدة التوترات إلى درجة غير مسبوقة.
في هذه الأثناء، أصدر الجيش بياناً شديد اللهجة حذر فيه من أن البلاد تعيش في منعطف تاريخي خطير وأنه يدق ناقوس الخطر، مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع تحركت إلى مروي بدون التنسيق معه. في المقابل، قالت الدعم السريع إن قواتها ذهب إلى مروي ضمن ما وصفتها بمهامها المنصوص عليها في القانون.

ويومي الخميس والجمعة دقت القوى السياسية ناقوس الخطر محذرة من خطر وشيك يتهدد البلاد، قبل أن تبدأ قوى سياسية بالإضافة إلى حركات مسلحة مبادرات للتوسط بين البرهان وحميدتي، واللذين أبديا لوفود الوساطة التزامهما بوقف التصعيد.
لكن في صباح اليوم السبت، وعلى نحو بدا مباغتاً، بدأت اشتباكات مسلحة جنوبي العاصمة الخرطوم، سرعان ما امتدت إلى أنحاء مختلفة من البلاد خلفت عدداً غير معلوم بعد من الضحايا المدنيين، بالإضافة إلى العسكريين.
وكان الجيش السوداني، قد أعلن في وقت سابق من اليوم السبت، أن الدعم السريع أصبحت قوات متمردة، ولاحقاً أعلن قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان حلها، بحسب ما أعلن جهاز المخابرات العامة.

ما حقيقة غياب (البرهان) عن اجتماع (صياغة الاتفاق النهائي) بسبب مقاطعة القوات المسلحة؟

ما حقيقة غياب (البرهان) عن اجتماع (صياغة الاتفاق النهائي) بسبب مقاطعة القوات المسلحة؟ 

تناقل بعض مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ادعاءً بشأن تَغيُب القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان عن الاجتماع الخاص بتكوين لجنة صياغة الاتفاق النهائي بين القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري من المدنيين والعسكريين، والذي عُقد مساء أول من أمس الأحد بالقصر الجمهوري، مشيرين إلى أن تَغيُب البرهان يدل على مقاطعته للاجتماع.

 

وجاء نص الادعاء كالآتي: 

 

“وسائل إعلام سودانية مقربة للعسكريين نفت حضور #البرهان أو ممثل للقوات المسلحة في اجتماع أطراف الإطاري مساء اليوم واصفة ما حدث بمقاطعة القوات المسلحة للاجتماع.. وقالت إن #حميدتي ترأس الاجتماع في حين غرد ياسر عرمان مبشرًا بموعد تشكيل #الحكومة وأكد حضور رئيس مجلس السيادة.

نقلا من صفحة : آمين موسى،

#كذبة_أبريل

 

وأرفق متداولو المنشور التغريدة أدناه الخاصة بالقيادي بالحرية والتغيير (المجلس المركزي) ياسر عرمان مع الادعاء:

كما هو موضح في الصورة: 

بعض الصفحات التي تداولت المنشور:

الرقم 

الصفحة

عدد المتابعات

1

شبكة اخبار السودان

156,105

2

الراية نيوز – Alraya News

49 ألف متابع

3

التيار الاسلامي “قادمون”  

17,820 متابع

4

كوز نيوز  

16 ألف متابع

5

قائمة الانتهازي  

4.9 ألف متابع

6

يوميات السنجكاية  

9.8 ألف متابع 

7

مرصد الشيوعي

8 ألف متابع

8

يوميات المارشال  

6.2 ألف متابع

9

العنكبوت

6.1 ألف متابع

لتوضيح بعض الحقائق المتعلقة بالادعاء، فإن الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري من المدنيين والعسكريين، كانت قد عقدت اجتماعاً ظهر أول من أمس الأحد في بيت الضيافة بحضور الآلية الثلاثية والرباعية والاتحاد الأوروبي، وتم من خلاله اعتماد مواقيت نهائية للعملية السياسية، تبدأ بتوقيع الاتفاق النهائي في الأول من أبريل، وتوقيع الدستور في يوم 6 أبريل، وتشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية يوم 11 أبريل.

ثم عقدت الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري مساء أول من أمس الأحد، اجتماعاً آخر في القصر الجمهوري، لتكوين اللجنة الخاصة بصياغة الاتفاق النهائي، والذي حَضره ممثلو القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري والآلية الثلاثية وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وتم الاتفاق فيه على أن تتكون لجنة صياغة الاتفاق النهائي من أحد عشر عضواً، تسعة أعضاء منهم يمثلون المكون المدني، وعضو يمثل القوات المسلحة، وآخر يمثل قوات الدعم السريع.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن تغريدة ياسر عرمان جاءت لتوضيح ما نتج من الاجتماع الذي عُقد في ظهيرة الأول من أمس الأحد، وليس للتغريدة علاقة بتفاصيل الاجتماع الذي عقد مساء اليوم نفسه.

وبناء على ما أورده الادعاء المتداول، فإن القائد العام للجيش عبدالفتاح البرهان تغيَب عن اجتماع تكوين لجنة الصياغة، ولم يَحضُر أي ممثل للقوات المسلحة للاجتماع، بل إن الادعاء أرجع تغيُب البرهان عن الاجتماع إلى مقاطعة القوات المسلحة له.

للتحقق من صحة الادعاء، تواصل فريق (مرصد بيم) مع الناطق الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر لمعرفة صحة الادعاء بشأن غياب البرهان عن الاجتماع المسائي، الخاص بتكوين لجنة الصياغة.

فأكد خالد عمر غياب البرهان عن الاجتماع، بسبب التزامه بمواعيد أخرى في التوقيت ذاته، موضحاً أن غياب البرهان لم يأتِ في إطار مقاطعة القوات المسلحة للاجتماع، ولا يُعبِر عن موقف جديد للجيش إزاء الاتفاق الإطاري.

الخلاصة

ما حقيقة غياب (البرهان) عن اجتماع (صياغة الاتفاق النهائي) بسبب مقاطعة القوات المسلحة؟

مضلل

ما حقيقة تَسلُم البرهان لمذكرة من آبي أحمد وقع عليها 43 رئيساً أفريقياً للإفراج عن البشير؟

ما حقيقة تَسلُم البرهان لمذكرة من آبي أحمد وقع عليها 43 رئيساً أفريقياً للإفراج عن البشير؟

تداول العديد من رواد موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) منشوراً بشأن تسلم القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان مذكرة من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، طالب خلالها 43 رئيساً أفريقياً بالإفراج عن الرئيس المخلوع عمر البشير، ومعاملته كرئيس سابق.

وحوى المنشور المُتداول على النص الآتي:

“د. عصام بطران يكتب:

ترجح مصادر عليمة أن رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد قد سلم البرهان مذكرة موقعة من قبل 43 رئيس أفريقي يمثلون الاتحاد الأفريقي، يطالبون فيها بالإفراج عن الرئيس الأسبق عمر البشير، ومعاملته كرئيس سابق، وذلك تقديراً له للدور الذي قام به في حفظ أمن واستقرار وسلام القارة الأفريقية طوال فترة حكمه الممتدة”.

الجدول أدناه يعرض الصفحات و الحسابات الشخصية والمجموعات التي تداولت المنشور:

الرقم

الصفحة

عدد المتابعات

1

عبد العزيز ستار

4.9ألف صديق 

2

الكتلة الاســـلامية لمجـــابهة اليســـار

113,017 عضو

3

تسعة 9 طويلة

20 ألف متابع

4

نبض الاخبار

21,668 متابع

5

عبدالمنعم عمر

15 ألف متابع

6

شباب النيل الابيض

269.6K عضو

7

محمدنورالدين سودان العزة

6.4 ألف متابع

8

تماسيح الحمداب

2.4 ألف متابع

9

النعيم صالح الكوتش

5.2 ألف متابع

وللتحقق من صحة الادعاء، بحث فريق (مرصد بيم) من خلال استخدام الكلمات المفتاحية في محرك البحث (قوقل)، ولم يَعثر على أي معلومات تعضد صحة الادعاء.

كما بحث الفريق في الصفحة الرسمية لمجلس السيادة الانتقالي في (فيسبوك)، ولم يجد فيها أي معلومات خاصة بالادعاء المذكور، وأن آخر ما نُشر بخصوص زيارة آبي أحمد للسودان التي جاءت في 26 يناير الجاري، كان بياناً مشتركاً بين الجانبين السوداني والإثيوبي، أعرب خلاله آبي أحمد عن تضامنه مع الحكومة السودانية والشعب السوداني، للوصول إلى توافق (سوداني / سوداني)، يؤدي إلى استقرار الفترة الانتقالية، وتطلعه إلى التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة مدنية، بما يفضي إلى التحول الديمقراطي، والوصول إلى الانتخابات.

كما بحث الفريق في الصفحة الخاصة برئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في (تويتر)، ووجد أن آخر تغريدة كتبها بخصوص زيارته للسودان، كانت في 26/1/2023م. وقال فيها: “يسعدني أن أعود مرة أخرى، وأن أكون وسط شعب السودان الحكيم والنابض بالحياة، تقديري للجنرال عبد الفتاح البرهان على الترحيب الحار، تواصل إثيوبيا تضامنها مع السودان في العملية السياسية الحالية، التي يقودها بنفسه”.

إضافة إلى ذلك، تحقق الفريق من الصفحة الرسمية للإتحاد الأفريقي وصفحة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في (تويتر)، من خلال استخدام الكلمات المفتاحية، ولم يجد أي معلومة بخصوص الادعاء المتداول بشأن المذكرة.

الخلاصة

ما حقيقة تَسلُم البرهان لمذكرة من آبي أحمد وقع عليها 43 رئيساً أفريقياً للإفراج عن البشير؟

مفبرك

أربعة أعوام من الثورة.. هل يجيب الاتفاق الثالث مع الجيش على قضايا التحول الديمقراطي؟

صباح الاثنين، عاودت خطى قادة قوى الحرية والتغيير، السير في ردهات القصر الرئاسي بالعاصمة السودانية الخرطوم للمرة الأولى، منذ أن أطاح قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان بالحكومة الانتقالية، عبر انقلاب عسكري نفذه في 25 أكتوبر 2021. 

توقيع الاتفاق السياسي الإطاري، والذي سبقته جولات تفاوضية معلنة وغير معلنة بين الطرفين، هو ما جمع قادة الحرية والتغيير والجيش، بجانب الجبهة الثورية ومجموعات حزبية وكيانات نقابية أخرى، على صعيد القصر الرئاسي، صباحها.


وبحسب بنوده، فإن الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه، وسط حضور إقليمي ودولي واسعين، من المفترض أن يؤدي إلى تكوين حكومة انتقالية بقيادة مدنية كاملة تتمتع بصلاحيات واسعة، من بينها إدارة الشرطة والمخابرات العامة، عقب توقيع اتفاق نهائي في الأسابيع المقبلة.

ومع ذلك، لم يدخل الاتفاق الإطاري في تفاصيل موضوعات تركت للنقاش حتى التوقيع النهائي الذي سيجري التفاوض حوله خلال الأسبوعين المقبلين، وهي: (العدالة والعدالة الانتقالية، وتفاصيل الإصلاح الأمني والعسكري، وقضية إزالة تمكين النظام السابق، وإمكانية إجراء تعديلات على اتفاق سلام جوبا)

خطابات متباينة

صاحب اتفاق قادة الحرية والتغيير والعسكريين، بعد أكثر من عام على الانقلاب، ردود فعل متباينة من كل من البرهان وحميدتي، خلال كلمتيهما بمناسبة توقيع الاتفاق. فبينما قال البرهان إنهم يسعون إلى تحويل الجيش إلى مؤسسة دستورية تخضع للدستور ومنع تسيسه أو تحيزه إلى جماعة أو أيدلوجية، واعترافه بالقيادة السياسية. وأضاف قائلاً: “نحن بصدد وضع اللبنات لهذا النظام. ووضع هذه الغايات نصب أعيننا، يستوجب من السلطة المدنية عدم التدخل في الشؤون الفنية العسكرية لإنفاذ غايات الأمن القومي”. 

 

فإن حميدتي أقر، في كلمته، بأن ما حدث في 25 أكتوبر 2021م، كان خطأ سياسياً، وقال إنه فتح الباب لعودة قوى الثورة المضادة حسب تعبيره. مضيفاً أن بناء جيش قومي، مهني، ومستقل عن السياسة، يتطلب إجراء إصلاحات عميقة في المؤسسة العسكرية تؤدي إلى جيش واحد، يعكس تنوع السودان، ويحمي النظام الديمقراطي.

 

بالمقابل، أشار ممثلون لقوى الحرية والتغيير في كلماتهم أثناء الاحتفال، بأن الاتفاق غايته توحيد الشعب وبناء دولة الحكم المدني.

وقال القيادي بالحرية والتغيير، الواثق البرير، إن التوقيع يأتي في إطار إنهاء ظواهر الحكم الشمولي للأبد وتأسيس مسار انتقالي جديد أكثر فاعلية يقود البلاد لانتخابات تحقق السلام المستدام. 

 

ومع ذلك، تُثار أسئلة وسط السودانيين، حول جدوى الاتفاق الثالث بين المدنيين والعسكر منذ إطاحة نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير في أبريل 2019م. بالإضافة إلى تساؤلات أخرى متعلقة بضمانات وآليات تنفيذ الاتفاق، خاصة أنه سكت عن مصير البرهان وحميدتي وبقية أعضاء السلطة العسكرية الحاكمة الذين يطالب المحتجون بمحاكمتهم وإبعادهم من المشهد السياسي.

 

وفي خضم هذه المخاوف التي يطرحها السودانيون، تطل أسئلة أخرى حول قدرة الاتفاق على إنهاء الانقلاب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي، وهو الأمر الذي يعتقد محللون أنه قد يتحقق وإن كان وفق سياقات محددة.  

 

 يقول المحلل السياسي، بكري الجاك، لـ(بيم ريبورتس)، إن الاتفاق الإطاري، حسم النقاش في بعض القضايا من حيث المبدأ، غير أنه شدد على أن ذلك لا يعني اتفاق الطرفين. ويشير الجاك، إلى أن الحرية والتغيير، عبر الاتفاق الإطاري، اتجهت في مسار تحقيق رؤيتها لإنهاء الانقلاب، لكنه أكد أن إنهاء الانقلاب لن يتحقق إلا بعد التوقيع النهائي وتنفيذ بنود الاتفاق، خاصة تلك المتعلقة بخروج المؤسسة العسكرية من السياسة والاقتصاد، وتحويل السلطة لحكومة مدنية كاملة برئاسة رئيس وزراء ومجلس سيادة يرأسه مدني.

 

 وحول موقف المؤسسة العسكرية المحتمل بعيداً عن البرهان، يعتقد الجاك أنه من الصعب أن يكون للجيش رؤية مستقلة من الاتفاق الذي وقعه قائده العام، مضيفاً “يجب أن نتعامل مع المؤسسة العسكرية من منظور اقتصاد سياسي، ونقيم موقفها من تطبيق الاتفاق وتأثيره على مصالحها واستثماراتها”.

 

ويرى المتحدث الرسمي بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، شهاب الدين إبراهيم، في إفادته لـ(بيم ريبورتس) أن الاتفاق حدد الإطار العام للقضايا التي يمكن أن تستجيب لرغبات السودانيات والسودانيين في تحقيق شروط التحول المدني الديمقراطي، وأن الاتفاق منسجم مع الرؤية التي تقدمت بها قوى الحرية والتغيير وهي مرجعية للاتفاق الاطاري أيضاً.

ويضيف إبراهيم، أن الضمان لتنفيذ الاتفاق والالتزام به يتمثل في ” وجود جبهة مدنية تضغط في اتجاه التوصل لاتفاق نهائي”.

مواقف رافضة

وفي لحظة توقيع الاتفاق نهار أمس الاثنين، كانت شوارع الخرطوم تضج بهتافات آلاف المتظاهرين الذين قاوموا انقلاب 25 أكتوبر منذ يومه الأول، ورفعت شعارات رافضة للاتفاق الإطاري خلال المواكب، ومتمسكة بشعار أن “لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية”. وليس الشارع ولجان المقاومة هما الرافضان الوحيدان للاتفاق من قوى الثورة، بل هناك كيانات وأجسام سياسية ونقابية أخرى رافضة. 

 

فالحزب الشيوعي، اعتبر الاتفاق مواصلة لما وصفها بؤامرات القوى المعادية لقطع الطريق على الثورة، وإنتاج النظام المباد في واجهة جديدة. وفي هذا السياق، يقول  السكرتير الإعلامي للحزب الشيوعي بالعاصمة القومية الخرطوم، عبد الخالق بابكر، في إفادته لـ(بيم ريبورتس): “الاتفاق لن يصمد طويلاً، وسينهار إما  بالانقسامات الداخلية للتنظيمات المكونة له، أو بحدوث انقلاب جديد ناتج من كون  تركيبته لا تقوم على مصالح حقيقية أساسية  تعبر عن الجماهير التي  تحمي السلطة، بل تقوم على مصالح مؤقتة وثانوية تفتقر لمن يحميها”. 

 

وفي السياق نفسه، يعتقد مسؤولون رفيعون بالحكومة الانتقالية السابقة، أن الاتفاق الإطاري لا يمثل مدخلاً لحل الأزمة السياسية التي تسبب فيها انقلاب 25 أكتوبر. حيث يرى عضو مجلس السيادة السابق، صديق تاور، أن الانقلاب ما زال قائماً ومتمكناً تحت سلطة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان. وقال تاور في تصريح لـ(بيم ريبورتس)، إن الاتفاق الإطاري، هو مجرد عموميات لا يمكن الاعتماد عليها في تحقيق مطالب الشعب السوداني ولن يفضي للسلطة المدنية التي يحلمون بها. 

 

ويعتقد تاور، أن فرص نجاح الاتفاق تبدو ضئيلة جدًا بل تكاد تكون منعدمة، وقال “العبرة ليست في المضمون وحده وإنما فى الإرادة الصادقة لتحقيق ذلك، وهذا ما لا يتوافر في طرف أساسى من أطراف هذا الاتفاق، وأقصد به المكون العسكري”. 

“بموجب هذا الاتفاق ليس هناك ما يشير لرجوع عن الانقلاب، فالانقلاب لا يزال قائمًا ومتمكنًا وكل السلطات والقرارات في الدولة بيد فرد واحد أحد اسمه عبد الفتاح البرهان، بلا شرعية و بلا مرجعيات مؤسسية”، يقول تاور.

 

ويضيف قائلاً “بهذه الخطوة الحرية والتغيير شرعنت الانقلاب وحققت له حلم ظل يحلم به منذ يومه الأول، و منحته صك براءة من صفة الانقلاب دون أن تضمن أي شيء، أو دون أن تؤمن الخطوة الضرورية لجعل ميزان القوى لصالح قوى الثورة، مجرد وعود لا يوجد ضمان لانتكاستها في أي وقت”.

“لا ضمانات ولا التزامات جادة أو واضحة ولا أي شيء، مجرد وعود في الهواء، هذا ما لم يجب عليه رفاقنا في الحرية والتغيير”، يتساءل عضو مجلس السيادة السابق، صديق تاور عن الاتفاق الإطاري الموقع مع الجيش.

مواقف أطراف السلام

بالنسبة لمواقف الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا، من الاتفاق الإطاري، فقد جاءت متباينة، إذ وقعت كلا من الحركة الشعبية لتحرير السودان (فصيل مالك عقار) وتجمع قوى تحرير السودان (قيادة الطاهر حجر) وحركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي (الهادي إدريس) على الاتفاق الإطاري، بينما أعلنت حركة جيش تحرير السودان (مني أركو مناوي) والعدل والمساواة (جبريل إبراهيم) رفضهما التوقيع. 

 

بينما أشاد حجر وإدريس بالاتفاق الإطاري، وصف جبريل ومناوي الاتفاق “بالإقصائي” حيث يرى جبريل، أن الاتفاق لا يفضي لانتخابات حرة ونزيهة، ويشير مناوي متفقا مع الأول في رفضه، أن الاتفاق فُرض من الخارج على المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير والمكون العسكري.

 

ومع ذلك يقول مصدر بحركة جيش تحرير السودان لـ(بيم ريبورتس)، إنه يجب على الحركة أن تنظر للقضية من باب الوعي بقضاياها، بجانب الحاجة الملحة لتنفيذ اتفاق السلام.

أبرز بنود الاتفاق

تكون الاتفاق من 5 بنود رئيسية هي: المبادئ العامة، وقضايا ومهام الانتقال، وهياكل السلطة الانتقالية، والأجهزة النظامية، وقضايا الاتفاق النهائي. وحدد الاتفاق الفترة الانتقالية بعامين منذ لحظة تعيين رئيس الوزراء، على أن تجرى بنهاية الفترة الانتقالية انتخابات عامة في البلاد. 

وأكد الاتفاق أيضاً، على احترام إرادة الشعب في حكومة مدنية، إضافة إلى العمل على وقف التدهور الاقتصادي وفق “منهج تنموي شامل يراعي الفقراء والمهمشين”.

 

وفيما يخص المؤسسة العسكرية؛ فإن الاتفاق نص على دمج قوات الدعم السريع في الجيش خلال جداول زمنية محددة، وحظر تكوين المليشيات والمجموعات الخارجة على القانون، وأن تخضع جميع الشركات العسكرية لرئيس الوزراء وولاية وزارة المالية، إلى جانب تنفيذ السياسات المتعلقة بإصلاح المنظومة العسكرية.

 

ونص الاتفاق أيضاً على استقلالية ومهنية مؤسسات الدولة، مثل القضاء والتعليم والقوات النظامية والتخصصية والخدمة المدنية، إضافة إلى مكافحة الفساد وإرساء مبادئ الشفافية والمحاسبة.

وجاء فيه أن “يحدد الدستور مهام المجلس التشريعي القومي، وعدد مقاعده ونسب ومعايير الاختيار، بما يضمن مشاركة النساء بنسبة 40%، إضافة إلى الشباب ولجان المقاومة وذوي الإعاقة”.

 

ويندرج داخل الاتفاق وجود مجلس عدلي مؤقت من 11 عضواً، يتم تعيينه من قبل رئيس الوزراء بترشيح من الأطراف المدنية الموقعة على الاتفاق، لاختيار رئيس القضاء ونوابه، والنائب العام ومساعديه، ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، ويتم حله بانتهاء مهمته. وشدد الاتفاق على أن لا تكون هناك سلطة اعتقال أو احتجاز لجهاز المخابرات، وأن يتبع لرئيس الوزراء مباشرة، كما يحظر على قوات الشرطة ممارسة أي أعمال تجارية أو استثمارية وأن تقتصر مهمتها على إنفاذ القانون وحماية المدنيين. 

 

 

منذ ظهيرة سقوط رأس النظام البائد، عمر البشير، في 11 أبريل 2019م  والشعب السوداني يتطلع إلى ديمقراطية مستدامة، بعد تاريخ حافل بالانقلابات والحكومات العسكرية. وخلال مسار الثورة التي أوشكت على الأربع سنوات، فإن البلاد شهدت توقيع ثلاثة اتفاقات لإدارة الفترة الانتقالية، وثيقة دستورية، واتفاق إطاري آخر بين رئيس وزراء السابق عبد الله حمدوك و قائد الجيش بعد انقلابه في 25 أكتوبر 2021م.

 

وبعد مرور أكثر من عام على انقلاب 25 أكتوبر، وفشل وتخبط حكومة الأمر الواقع، ها هي تعود لتجلس على طاولة التفاوض من جديد، في عملية سياسية ذات شقين أولها الاتفاق الإطاري، آملة على حد اتفاقها أن تشمل العملية في شقها الأخير مشاركة أوسع لتطوير الاتفاق الاطاري الحالي، الذي وجد من يومه الأول رفضاً واسعاً من قوى سياسية ومدنية وما زال الجدل يثار حول شرعيته من الأساس.

ما حقيقة تصريح خالد عمر عن أن (برهان الاتفاق) يختلف عن (برهان الانقلاب)؟

ما حقيقة تصريح خالد عمر عن أن (برهان الاتفاق) يختلف عن (برهان الانقلاب)؟

تداول مستخدمون بمواقع التواصل الاجتماعي، صورة إطارية تبدو كأنها صادرة من صفحة (الجزيرة – السودان) الإخبارية، تحوي تصريحًا منسوبًا لخالد عمر يوسف، القيادي بقوى الحرية والتغيير. ونص التصريح على الآتي:

برهان الاتفاق الإطاري يختلف تمامًا عن برهان 25 أكتوبر

الحسابات التي تداولت الصورة:

م

الحساب

عدد المتابعين

1

Amir S Ahmed

6500

2

Mahmoud Yahya

5000

3

الخبير الإقتصادي حمدوك

22000

4

Ibrahim Ali

4400

5

محمد ترده

5200

للتحقق من صحة التصريح، بحثنا على صفحة (الجزيرة – السودان)، فلم نجد أي صورة أو إشارة إلى هذا التصريح.

الخلاصة

ما حقيقة تصريح خالد عمر عن أن (برهان الاتفاق) يختلف عن (برهان الانقلاب)؟

مفبرك

هل تنهي مقاومة السودانيين غير المسبوقة لانقلاب 25 أكتوبر ممارسة الجيش للسياسة؟

قدرنا أننا الجيل الذي سيدفع تكلفة نهاية الانقلابات العسكرية ولن نؤجل هذه المعركة“. شكّل هذا الشعار الذي أطلقته لجان المقاومة، بوصلة للسودانين، في مقاومتهم المستمرة لانقلاب 25 أكتوبر 2021م، في سعيهم الحثيث لإقامة حكم مدني ديمقراطي.

ولا تعد الانقلابات العسكرية، باستيلاء الجيش على السلطة، حدثاً جديداً، في تاريخ السياسة السودانية ما بعد الاستقلال. لكن، في 25 أكتوبر 2021م، خرّق الجيش عادته الراسخة بتقويض الحكومات المنتخبة، بتنفيذه أول انقلاب على حكومة انتقالية أتت بعد ثورة شعبية، وهو الأمر الذي صحبته بالمقابل أول مقاومة جماهيرية شعبية لانقلاب عسكري في تاريخ البلاد، بدأت منذ الساعات الأولى لوقوعه فجر الاثنين 25 أكتوبر 2021م، وما زالت مستمرة حتى الذكرى الأولى لتنفيذه.

ففي انقلابات؛ 17 نوفمبر 1958م، 25 مايو 1969م و30 يونيو 1989م، التي نفذها الجيش ضد حكومات منتخبة، استطاعت النخب العسكرية التي استولت على السلطة، فرض الأمر الواقع خلال ساعات وأيام معدودة. فبينما شكّل انقلابي 17 نوفمبر و25 مايو حكومتيهما في اليوم الأول لاستيلائهما على السلطة، شكّل انقلاب 30 يونيو حكومته بعد عدة أيام، لكن بالنسبة لانقلاب 25 أكتوبر لم يتمكن من تشكيل حكومة، حتى بعد مرور عام على تنفيذه.

ما قبل الانقلاب

لم تكن البيئة السياسية والإشارات التي سبقت قيام انقلاب 25 أكتوبر استثناءً من بقية الانقلابات العسكرية في البلاد. ففي 24 أكتوبر 2021م، وصل التوتر ذروته بين المدنيين والعسكريين الذين اتفقوا على تشكيل حكومة انتقالية في 17 أغسطس 2019م، في أعقاب إطاحة نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، في أبريل من العام نفسه، عبر ثورة شعبية امتدت لعدة أشهر. بجانب التوترات، وقعت سلسلة من الأحداث المفصلية، بدأت في سبتمبر، بإغلاق شرق السودان، ومحاولة انقلابية فاشلة في الخرطوم، وانتهت باعتصام القصر الجمهوري، جعلت جميع هذه الأحداث من الانقلاب أمراً واقعاً في فجر يوم الاثنين 25 أكتوبر 2021م. 

رغم الإشارات الدالة عليه، إلا أن توقيت انقلاب 25 أكتوبر بدا مفاجئاً، في ظل وجود مسؤول أمريكي رفيع في البلاد، والذي كان يجري مباحثات مع جميع أطراف الأزمة، بمن فيهم رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وقتها، عبد الفتاح البرهان. 

عشية الانقلاب، في مساء 24 أكتوبر، عقد المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي السابق، جيفري فيلتمان، اجتماعاً منفرداً للمرة الثانية مع رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، كان قد سبقه اجتماع ثلاثي ضم إلى جانب حمدوك، القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي). حيث أكد البرهان في ذلك الاجتماع “حرص القوات المسلحة على الانتقال الديمقراطي”.   

 بعثت تصريحات البرهان الطمأنينة لدى المسؤول الأمريكي، خاصة تلك المتعلقة بعدم السماح بحدوث أي انقلاب من شأنه عرقلة الانتقال الديمقراطي بالبلاد، وضرورة الاحتكام إلى الوثيقة الدستورية. واستجابة لذلك، نشرت السفارة الأمريكية في السودان بحسابها على فيسبوك، تأكيد فيلتمان “دعم الولايات المتحدة لانتقال ديمقراطي مدني وفقًا للرغبات المعلنة للشعب السوداني”. 

لكن، كل ذلك لم يمنع البرهان أن يعلن، بعد أقل من 24 ساعة، عن فرض حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء، وتعليق العمل ببعض المواد في الوثيقة الدستورية، سبق كل ذلك اعتقال رئيس الوزراء وعدداً من  أعضاء الحكومة الانتقالية.

وكان المسؤول الأمريكي الرفيع، قد أعرب عن تفاؤله بتجاوز الأزمة السياسية في البلاد، عقب اجتماعه مع حمدوك،  قبل أن يستقل في وقت مبكر من صباح 25 أكتوبر الطائرة عائداً إلى بلاده، وقتها بدأت عملية اعتقال قادة الحكومة الانتقالية، بمن فيهم حمدوك. 

بداية الانقلاب

أتى انقلاب 25 أكتوبر الذي نفذه القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، قبل أقل من شهر على موعد تسلم المدنيين لرئاسة مجلس السيادة الانتقالي في 17 نوفمبر 2021م والتي كان من المفترض أن تستمر حتى قيام  انتخابات عامة، حسب اتفاق الوثيقة الدستورية، الموقع بين الطرفين.

فمع تأزم الوضع السياسي والتوجهات المعلنة للعسكريين بتقويض الفترة الانتقالية، كان وقوع انقلاب 25 أكتوبر مسألة وقت وحدثا متوقعا يتداوله الكثيرون في أحاديثهم وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وكان الواقع السياسي يرويه بوضوح تام، لكن ذلك لم يخفف من روع السودانيين عند اصطدامهم بحقيقة تلك التوقعات، عندما استيقظوا في ذلك اليوم ليواجهوا أحداثاً ضبابية وشائعات لا مفر أن تروى نسبة لانفصالهم عن العالم وعن بعضهم البعض، حيث لم يكن هناك أي وسيلة تواصل متاحة فقد قطعت السلطات الانترنت والمكالمات قبل أن يطل فجر ذلك اليوم. 

لكن السودانيين كانوا قد تسلحوا بتاريخهم الطويل مع الانقلابات العسكرية، فكان الأمر واضحاً، ففي هذه المرة لم ينتظر السودانيون سماع صوت المارشات العسكرية التي تعلن عن بيان انقلابي على تلفزيون السودان القومي أو الإذاعة كما جرت العادة، وانطلقوا إلى الشوارع قبل بزوغ الشمس يرددون هتافات مناهضة للانقلاب على الحكومة الانتقالية، مستخدمين جميع أنواع الاحتجاجات السلمية من حرق للإطارات وإغلاق للشوارع الرئيسية.

بيان الانقلاب

تأخر البرهان لأكثر من 8 ساعات في قراءة بيانه الذي استغرقت تلاوته على التلفزيون القومي دقائق معدودة، الأمر الذي لم يعتده السودانيون في الانقلابات السابقة. كما لم يعتد العسكر على ظهور معارضيهم في الشوارع قبل صدور البيان حتى. أكثر من 8 ساعات، كسر الثوار فيها أطواقاً أمنية عدة وأغلقت شوارع رئيسية وفرعية، ونفد وقود المتظاهرين لإشعال إطاراتهم، والذين نجحوا في إصابة البلاد بشلل تام يعبر ضمنياً عن غضبهم إزاء هذه الأحداث، في تلك الأثناء كان تلفزيون السودان ينبه إلى بيان “عاجل” بعد قليل، بعد أن بث ما في أرشيفه من مارشات عسكرية وأغانٍ وطنية وثورية لمغنيين قدماء وثورات سابقة.

وبعد طول انتظار، ظهر البرهان في بث مباشر يتلو بياناً يعلم الجميع غالبية فحواه، ليبدأ بيانه بافتتاحية يتحدث فيها عن عز وشموخ السودانيين ويشيد بقوتهم ورفضهم الحاسم للحكومات التي لا تؤمن (بالحرية، السلام، والعدالة) في تناقض فادح لكون تلك الكلمات مقدمة بيان انقلابي. وفي الوقت نفسه، الذي كان الآلاف يحتلون الشوارع احتجاجاً على الانقلاب.

أردف البرهان قائلا:“نؤكد مضي القوات المسلحة في إكمال التحول الديمقراطي، حتى تسليم قيادة الدولة لحكومة مدنية منتخبة”. وردت هذه العبارة في بيان الانقلاب، وأشار البرهان إلى الصراع بين شركاء الفترة الانتقالية، والذي وصفه بأنه تهديد لأمن الوطن ووحدته وسلامه. وعلى ضوء ذلك، نفذ البرهان انقلابه الذي أطلق عليه (إجراءات 25 أكتوبر التصحيحية) والتي قضت باعتقال قادة السلطة المدنية المشاركة له في الفترة الانتقالية، وإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد ثم حل مجلسي السيادة والوزراء وإعفاء جميع ولاة الولايات من مناصبهم.

بالإضافة لتجميد عمل لجنة تفكيك نظام ال30 من يونيو، وهكذا قضى السودان تلك الليلة بلا حكومة وتلتها ليال عدة مشابهة تحكي فشل الانقلاب الذريع في التحرك بالبلاد نحو مربع جديد.

ردود الفعل الدولية

تباينت ردود الفعل الدولية على الانقلاب، باعتبار أن المجتمع الدولي كان منخرطاً في الأزمة السياسية ما قبل الانقلاب، بجانب أن تنفيذ الانقلاب تم بعد ساعات قليلة من اجتماع المبعوث الأمريكي، جيفري فيلتمان، مع رئيس الوزراء السابق،عبد الله حمدوك، والقائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، حيث طمأن الأخير المبعوث الأمريكي، والذي عبر عن تفاؤله بوجود مخرج للأزمة الحالية في السودان.

لذلك سارعت الولايات المتحدة في إعلان رفضها القاطع لما وصفته بـ”استيلاء الجيش على السلطة” وتوعدت الحكومة الانقلابية بقطع مساعدتها في حالة فرض أي تغييرات بالقوة. أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد أعرب عن قلقه إزاء الأحداث، حيث غرد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، على منصة تويتر أنهم يتابعون الأحداث الجارية في السودان، وأضاف:”الاتحاد الأوروبي يدعو جميع المعنيين والشركاء الإقليميين لإعادة العملية الانتقالية لمسارها الصحيح“. 

أما الاتحاد الأفريقي من جهته، فقد أعرب عبر مفوضيته عن قلقه البالغ إزاء الوضع في السودان، ودعت مفوضة الاتحاد الأفريقي إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين. 

وكان موقف الأمم المتحدة مشابها حيث نشرت على حساب البعثة الأممية بيان لرئيس البعثة (فولكر بيرتس) يتحدث عن “انقلاب جار في السودان” وكتب بيرتس معلقاً على الوضع “الاعتقالات التي طالت رئيس الوزراء و المسؤولين الحكوميين والسياسيين غير مقبولة“. ودعا في حديثه قوات الأمن لإطلاق سراح المعتقلين.

لم يختلف موقف المملكة العربية السعودية فقد شددت بدورها في بيان من الخارجية السعودية على “أهمية ضبط النفس والتهدئة وعدم التصعيد و الحفاظ على ما تحقق من مكتسبات سياسية و اقتصادية لحماية وحدة الصف بين المكونات السياسية في السودان“.

عام يسدل ستاره على الخامس والعشرين من أكتوبر، الانقلاب الذي بدأت مقاومته منذ اللحظات الأولى، وما تزال مستمرة، برغم العنف والتقتيل الذي تمارسه القوات الأمنية المختلفة في حق المتظاهرين، والتي حصدت 118 شهيداً، كان آخرهم عيسى عمر، يوم أمس 23 أكتوبر، بحي الصحافة بالخرطوم، حيث تلقى رصاصة مباشرة في الصدر.

وحتى المتظاهرين الذين نجوا من الموت، لم ينجوا من الإصابات، فالعنف واستخدام الرصاص، والغاز المسيل للدموع، والاعتداءات بالضرب والتعذيب تسببت في 1074 إصابة بلغية، مع ثلاثة حالات اعتداء جنسي. وعلاوة على ذلك، تشهد عدداً من مناطق السودان؛ النيل الأزرق ولقاوة (غرب كردفان) صراعات أهلية دامية راح ضحيتها المئات، وشردت عشرت الآلاف، وسط صمت كامل من قبل حكومة الأمر الواقع.

كيف مهّد اعتصام القصر الجمهوري الطريق أمام انقلاب 25 أكتوبر؟

الليلة ما بنرجع إلا البيان يطلع، هذا كان هتاف القيادي بمجموعة ميثاق التوافق الوطني، التوم هجو، من داخل منصة اعتصام القصر الجمهوري بالعاصمة السودانية الخرطوم في الفترة ما بين 16 إلى 25 أكتوبر 2021م، وسط مئات المؤيدين للإطاحة بالحكومة الانتقالية. 

مهّد الاعتصام الذي شاركت فيه إدارات أهلية قدمت من ولايات البلاد المختلفة، وجماعات وكيانات محسوبة على بعض الحركات المسلحة، الطريق أمام الجيش للاستيلاء على السلطة في 25 أكتوبر عبر انقلاب عسكري.

بدأ اعتصام القصر الجمهوري، بمظاهرات يوم السبت 16 أكتوبر 2021م، دعت إلى حل الحكومة الانتقالية وتشكيل حكومة جديدة، وسرعان ما وصل المئات إلى بوابة القصر الجمهوري الجنوبية بشارع الجامعة وبدأوا فوراً في نصب منصة للاعتصام. وقال قادة المتظاهرين، إنهم يعتزمون مواصلة الاعتصام أمام القصر حتى تحقيق مطالبهم، فيما تناوب قادة من مجموعة الميثاق الوطني على إلقاء خطب من منصات تم نصبها لهذا الغرض.

بالتزامن مع بداية اعتصام القصر، في السادس عشر من أكتوبر 2021م، أجازت مجموعة ميثاق التوافق الوطني، بالخرطوم ميثاقاً طالبت فيه بتوسيع قاعدة المشاركة في حكومة الفترة الانتقالية، وتنفيذ بنود الوثيقة الدستورية، وتشكيل حكومة كفاءات. كما طالب الميثاق، بضرورة استكمال هياكل السلطة الانتقالية، من بينها المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي الانتقالي.

وكانت مطالب الاعتصام قد شملت: “تطبيق الوثيقة الدستورية، والعودة لمنصة التأسيس، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وحل حكومة المحاصصات الحزبية، وتكوين حكومة كفاءات مستقلة، ضد الانقلابات العسكرية، وتكوين مفوضية مكافحة الفساد، وقيام المحكمة الدستورية، وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، وترسيخ العدالة وحكم القانون، وتشكيل المجلس الأعلى لقضاء، وإسقاط هيمنة مجموعة الأربعة أحزاب”.

المطالب التي قدمها قادة اعتصام القصر والتي قالوا إنها ضرورية لاستكمال عملية التحول الديمقراطي، لم يتحقق من بنودها حتى بعد مرور عام عليها، اليوم الاثنين، سوى حل الحكومة الانتقالية عبر انقلاب عسكري.

في المقابل، تماثلت مطالب اعتصام القصر، مع وعود القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، في بيان انقلابه في 25 أكتوبر الماضي. قال البرهان “سنحرص على إكمال مطلوبات العدالة والانتقال، مفوضية صناعة الدستور، مفوضية الانتخابات مجلس القضاء العالي، المحكمة الدستورية، مجلس النيابة قبل نهاية شهر نوفمبر من العام الحالي”، مضيفاً “لذلك سنشرك الشباب والشابات الذين صنعوا هذه الثورة في قيام برلمان ثوري يراقب ويقف على تحقيق أهداف ثورته الذي ضحى من أجلها رفاقهم وإخوانهم”.

سياق الاعتصام

جاء اعتصام القصر الرئاسي، في خضم الأزمة السياسية بين المدنيين والعسكريين التي أعقبت المحاولة الانقلابية الفاشلة بالخرطوم في 21 سبتمبر 2021م، وبالتزامن مع توقيع مجموعة من الحركات المسلحة وجماعات سياسية أخرى ميثاق التوافق الوطني، حيث أصبحت بذلك فصيلاً مستقلاً عن قوى الحرية والتغيير.

سلسلة من الأحداث والتوترات سبقت اعتصام القصر الجمهوري، بينها إجازة قوى الحرية والتغيير، لإعلان سياسي بمشاركة رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، في الثامن من سبتمبر، أعقبه لاحقاً بعد منتصف الشهر نفسه إغلاق شرق البلاد، من قبل مجموعات موالية للزعيم الأهلي، سيد محمد الأمين ترك. أيضاً، كانت تُثار نقاشات محلية ودولية حول مستقبل الانتقال الديمقراطي، قبل أن يطرح حمدوك مبادرة لحل الأزمة، شملت تكوين خلية أزمة 6+1 برئاسته، تضم 2 من العسكريين، و2 من الحرية والتغيير و2 كذلك من مجموعة ميثاق التوافق الوطني.

مع تصاعد الأزمة السياسية بشكل غير مسبوق، بعد بداية اعتصام القصر، أعلنت، قوى دولية على رأسها الولايات المتحدة والأمم المتحدة، دعمها لمبادرة حمدوك لتجاوز الأزمة لضمان استمرار عملية التحول الديمقراطي. حيث رحب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بخريطة الطريق التي أعلن عنها حمدوك لإنهاء الأزمة في البلاد من أجل الحفاظ على الانتقال الديمقراطي في السودان.

وحث بلينكن جميع الأطراف على اتخاذ خطوات فورية وملموسة للوفاء بالمتطلبات الرئيسة للإعلان الدستوري.

لكن، في ظل الإصرار على حل الحكومة الانتقالية ودعوة الجيش للاستيلاء على السلطة من قبل قادة اعتصام القصر الجمهوري، الذي انفض تلقائياً مع انقلاب 25 أكتوبر 2021م، أرسلت واشنطن مبعوثها الخاص للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، في محاولة على الأرض لإيجاد حل للأزمة التي كانت تعصف بالانتقال.

اتهامات

اتهمت مجموعة ميثاق التوافق الوطني قوى الحرية والتغيير بالسعي للانفراد بالسلطة من خلال إقصاء باقي التيارات المدنية في البلاد. وقال حاكم إقليم دارفور وأحد قادة التوافق مني أركو مناوي، إن قوى الحرية والتغيير اختطفت الثورة، مؤكداً أن مجموعتهم تدعو لتوسيع قاعدة المشاركة في الحكومة.

بالمقابل، قالت قوى الحرية والتغيير، إن الأزمة الحالية في البلاد تقف خلفها قيادات عسكرية ومدنية محدودة، تهدف إلى إجهاض الثورة عبر تجويع الشعب وتركيعه وإحداث انفلات أمني، وقفل الموانئ، وإغلاق الطرق. وأشارت الحرية والتغيير، إلى أن عناصر من النظام السابق، وراء الدعوات لمسيرات السبت، مشددة على أن حل الحكومة قرار تملكه قوى الحرية والتغيير، وبالتشاور مع رئيس الوزراء وقوى الثورة، ولا يتم بقرارات فوقية. 

ووصفت خطاب رئيس الوزراء وقتها عبد الله حمدوك، بأنه منحاز للتحول المدني الديمقراطي، وداعم لتفكيك النظام المعزول.

بينما شددت السفارة الأمريكية في الخرطوم، من جهتها، في تغريدة بحسابها الرسمي على موقع تويتر يوم السبت 15 أكتوبر 2021م، على أنها تدعم الانتقال المدني الديمقراطي في السودان بشكل كامل، بما في ذلك تنفيذ المؤسسات الانتقالية، والبدء في التحضير للانتخابات.

 وخارطة الطريق التي طرحها حمدوك دعت إلى وقف التصعيد والحوار، وقال حمدوك إن “الأزمة الحالية أسوأ وأخطر أزمة تهدد الانتقال الديمقراطي في البلاد”، مضيفاً أن المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت الشهر الماضي أججت الخلافات، بدل أن تكون فرصة لتنبيه الجميع إلى المخاطر المحدقة بالبلاد.

وأشار إلى أنه وضع خريطة طريق لحل الأزمة الراهنة بناء على نقاشاته مع الأطراف المعنية، لافتاً إلى أن المدخل لتنفيذ هذه الخريطة هو وقف التصعيد بين الأطراف، والتأكيد على الحوار. 

ورأى حمدوك، أن الصراع الدائر الآن في البلاد ليس بين المدنيين والعسكريين، بل هو بين معسكر الانتقال الديمقراطي ومعسكر الانقلاب على الثورة.

بيئة الاعتصام وردود فعل العسكر

كان اعتصام القصر الجمهوري منصة للانتقادات والاتهامات الموجهة لقوى الحرية والتغيير باعتبار أنها منفردة بالسلطة، وسلطة اتخاذ القرار، وركزت المنصات في الهجوم عليها على اعتبار أنها المسؤولة من تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية وأنها تقف عقبة أمام اكتمال عملية التحول الديمقراطي.

أيضاً، شهد الاعتصام اعتداءات على الصحفيين والإعلاميين ومراسلي وكالات الأنباء، كما تم طرد ومنع العديدين منهم من التغطية.

مع وصول المتظاهرين المطالبين بحل الحكومة الانتقالية، إلى محيط القصر الرئاسي، وبدء اعتصامهم ونصب منصاتهم، التزم القادة العسكريين الصمت، فيما لم تبدِ السلطات المختصة أي ردود فعل تجاههم، رغم هجوم مسلحين بهراوات وعصي على وكالة السودان للأنباء ووزارة الإعلام، ومحاولة إغلاق كبري المك نمر.

تمويل وتنظيم الاعتصام

مع وصول قادة إدارات أهلية إلى الخرطوم بالتزامن للمشاركة في اعتصام القصر الجمهوري وتنامي الخطاب التحريضي ضد الحكومة الانتقالية في ظل تصاعد الخلافات بين القادة المدنيين والعسكريين وتعطل الاجتماعات الرسمية المشتركة في مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، بدأت تثور الاتهامات حول الجهات المنظمة والممولة للاعتصام من الظل، في خضم المظاهر البذخية التي ظهرت في الاعتصام، وظهور رجال أعمال محسوبين على النظام البائد والعسكريين.

 عقب نجاح اعتصام القصر الجمهوري، في تقويض الحكومة الانتقالية والتمهيد لتنفيذ انقلاب 25 أكتوبر، وضعت العواقب السياسية والاقتصادية والدولية والإقليمية التي ترتبت عليه البلاد في مواجهة عزلة دولية جديدة وتعقيد المشهد الداخلي. بما في ذلك استشهاد حوالي 118 متظاهراً سلمياً وإصابة الآلاف، وتعليق عضوية البلاد في الاتحاد الأفريقي وتجيمد إعفاء الديون، ووقف المساعدات التنموية الغربية والتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين. 

تبرير انقلاب 25 أكتوبر

بعد حوالي عام من بداية اعتصام القصر، قالت قوى التوافق الوطني (الميثاق)، في بيان صحفي، في الثالث عشر من أكتوبر الحالي، إن “الممارسة السياسية على الطريقة التي جرت بعد 2019م، أصبحت سبباً لحدوث ٢٥ أكتوبر”. 

وأشارت إلى أن “مبدأ الحوار السوداني-السوداني دون إقصاء“هو السبيل الوحيد إلى الوصول لحل سياسي للأزمة السودانية”. وحذر البيان، من “إعادة إنتاج الأزمة، سيسبب كوارث تهدد بقاء كيان الدولة السودانية ويهدد تماسك النسيج الاجتماعي كما يهدد السلام والاستقرار”. أيضاً رفض البيان، ما سماه “استمرار هذا الوضع الذي يكتنفه الغموض بحكم غياب نظام تنفيذي في البلاد مما تسبب في الإضرار بمعاش الناس وأمنهم ومس سيادة البلاد”.

وتأتي تصريحات مجموعة ميثاق التوافق الوطني، في خضم تسريبات صحفية، تتحدث عن قرب التوصل لاتفاق بين المدنيين (قوى الحرية والتغيير) والعسكر.

رغم مطالبتهم بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، ما قبل وبعد انقلاب 25 أكتوبر، إلا أن قادة الحركات المسلحة استمروا في مناصبهم الدستورية، وفي مفاصل الدولة المختلفة، فيما لم يحققوا أياً من المطالب التي دعوا لها أثناء الاعتصام.