كيف يهدد الصراع الإثيوبي المعمورة والجوار؟

وفقاً لمؤشرات عديدة، فإن تداعيات الحرب بإثيوبيا ربما كانت في طريقها للاتساع. فعلى الأرض جملة من الأطراف المتحفزة، والفضاء الإقليمي يموج بالكثير من التقاطعات والمصالح المهددة. مآلات العنف في الأراضي الإثيوبية لن تكون قاصرة على الهضبة، بل ستمتد عواقبها الأمنية خارج الجغرافيا الإقليمية.

كيف اندلع النزاع؟

تراكمات جمّة ساءت على إثرها العلاقة بين رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد وقادة التيغراي، فبعد حله الائتلاف الحاكم، ودمجه التكتل في حزب وطني واحد أطلق عليه (حزب الازدهار)، رفضت جبهة تحرير تيغراي الانضمام إلى التجمع الجديد.

في تصورات التيغراي اليوم أنّ آبي أحمد رئيس وزراء غير شرعي، إذ أنّ ولايته انتهت بقراره القاضي تأجيل الانتخابات الوطنية، متذرعاً بجائحة كورونا.

وكانت رقعة الخلاف قد اتسعت في سبتمبر 2020، عندما أجرى التيغراي استفتائهم الخاص؛ في تحدٍّ للمركز  وقراره بتأجيل الانتخابات.

ضغثاً على إبالة جاء إعلان الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا، بأن التصويت في إقليم تيغراي غير قانوني؛ وهو القرار الذي شكل إحدى المحطات البارزة في مسار الانزلاق نحو الحرب.

المصدر: DW

ما هي أكبر القوميات في إثيوبيا؟

تتكون إثيوبيا من تسعة أقاليم عرقية، ذات حكم ذاتي. وتشكل الدولة الرابضة على أقصى الشرق الأفريقي موطناً لأكثر من 80 مجموعة عرقية، في طليعتهم الأورومو، كأكبر العرقيات الإثيوبية، ويمثلون ما نسبته 34.9% من سكان البلاد، البالغ عددهم أكثر من 110 ملايين نسمة.

يليهم الأمهرا  بنسبة 27% تقريباً، فيما تعتبر قومية التيغراي ثالث أكبر عرقيات إثيوبيا بنسبة 7.3%.

هل تدفع التوترات بعض الأقاليم للانفصال؟

مؤخراً تشير بعض التقارير إلى أنّ التوترات القبلية في الأقاليم الإثيوبية ربما دفعت بعضها تلقاء الانفصال، ما يعني في أسوأ السيناريوهات استدعاء نموذج البلقنة، ونهاية إثيوبيا كدولة واحدة. لكن المؤكد أنّ مآلات العنف في الأراضي الإثيوبية لن تكون قاصرة على الهضبة.

وطبقاً لمجموعة الأزمات الدولية فإنه؛ مالم يتوقف الصراع بصورة عاجلة، فسيكون ذلك مدمراً ليس فقط للبلاد، وإنما للقرن الإفريقي بالكامل.

كيف تهدد الأزمة الإثيوبية السودان والجوار؟

خريطة للقرن الأفريقي

الحدود بين السودان وإثيوبيا تترامى بامتداد 720 كيلومترا. هذه الرقعة الجغرافية باتت مسرحاً لأزمة مستمرة؛ تراوح قضايا إنسانية متمثلة اللجوء وأخرى أمنية تمثلها خلافات السدود وأزمة ثالثة عنوانها ترسيم الحدود.

ويتخير الناجون من الحرب المستمرة منذ نوفمبر الماضي مخيمات ولايتي كسلا والقضارف كملاذات آمنة.

وبينما تشكو وكالات الأمم المتحدة العاملة في غوث اللاجئين من أن وتيرة النزوح تهدد باستنزاف القدرة على تقديم المساعدات، فإنّ الأرقام على الأرض تحكي عن أكثر من 60 ألف لاجئ عبروا حدود السودان الشرقية؛ بدءاً من نقاط الفرز الرئيسية بحمداييت والهشابة، وصولا إلى أم راكوبة والطنيدبة وغيرها من مراكز التجمع.

تصاعد اعداد اللاجئين في السودان

وفقاً لمؤشرات عديدة فإن الحرب بإثيوبيا في طريقها للاتساع، ما لم يتداركها حكماء المنطقة والمنظومات الأممية؛ فعلى الأرض تتأهب جملة من الأطراف المتحفزة، بينها الجيش الإثيوبي ونظيره الإريتري وقوات التيغراي.

هناك أيضاً قوميات العفر والأرومو وشعوب الجنوب المشرئبة أعناقها صوب جبهات القتال؛ على أهبة الخنادق، تستعد لشد الزناد من البنادق.

وفيما يبدو أن تقاطعات الأزمة سيمتد لظاها للإقليم، إذ أن أفورقي في الشمال مازال لديه هواجسه التي تخصه، وعداء متأصل تجاه التيغراي مع مخاوف أخر.

وللسودان كذلك معاناته أيضا، بخلاف الوضع الإنساني؛ فالتوترات الحدودية وأزمة أراضي الفشقة حاضرة. كما أن الإشكالات الأهليّة الناجمة عن التدفقات البشرية ستؤدي إلى احتكاكات مجتمعية وتقاطعات في سبل كسب العيش وتنقيب الذهب.

كيف تهدد الأزمة الإثيوبية الشواطيء الأوروبية؟

قريباً من هم اللجوء؛ فإن الشواطيء الأوروبية ايضاً لن تكون بمنجاة عن عواقب غياب الاستقرار في القرن الأفريقي، فتدهور الوضع الإنساني للاجئين في السودان، وتقاعس المجتمع الدولي عن المزيد من المعونات سيؤدي لتنامي موجات اللجوء والهجرة غير النظامية للصقيع الغربي، ما يفتح مجدداً جرح القارة العجوز، ومعاناة الأوروبيين مع الهجرة غير النظامية، وقضايا الاتجار بالبشر.

هل يطال لظى النيران الجنوب والشمال؟

القاهرة في أقصى الشمال الأفريقي لن تنسى نصيبها من الأزمة. صوب ناظريها حكايات السد والمياه وتدفقات اللاجئين إلى سيناء في طريقهم إلى النقب وإسرائيل.

الحرب سيدرك فداحتها كذلك المجتمع الدولي قبل الصومال، فسحب إثيوبيا زهاء 300 ألف جندي من حدودها مع جارتها الجنوبية الصومال يعني منح حركة الشباب فرصة لتنظيم صفوفها، أو بعبارة أخرى؛ عودة أسوأ كوابيس المنطقة: تنامي نشاط جماعات الإرهاب.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع