الفاعلون في حملات التضليل داخل الفضاء السوداني

تستخدم العديد من الجهات، المحلية والإقليمية والدولية، التضليل الإعلامي، كسلاحٍ سياسي لتمرير أجندتها الخاصة، تمهيدًا للظفر بمصالح ومكتسبات سياسية، أو اقتصادية، أو عسكرية، وهو ما وثقته قاعدة بيانات تقارير (مرصد بيم)، بالإضافة إلى تقارير المؤسسات الدولية، وشركات التكنولوجيا الكبرى.

إذن، فالتضليل الإعلامي ليس مقتصرًا على المصالح السياسية الداخلية فحسب، بل يمتد ليشمل المصالح الإقليمية والدولية. نستعرض في هذا التقرير بعض الفاعلين المحليين والأجانب، وفقًا لما أوردته الدراسة التي أعدها (مرصد بيم)، المتعلقة ببيئة المعلومات المضللة والدعاية في السودان.

أولا: الفاعلون المحليون:

1- جهات تناهض الحكم العسكري:

في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، نفذ القائد العام للقوات المسلحة السودانية، عبدالفتاح البرهان، إنقلابًا عسكريًا، لغى على إثره شراكة السلطة التي كانت قائمة بين القوات المسلحة و قوى الحرية والتغيير. وجد الانقلاب معارضة شعبية حادة في أيامه الأولى، وسرعان ما انتظمت لجان المقاومة في تنظيم المواكب المعارضة للانقلاب.

وفي الضفة الأخرى، نشطت قوى الحرية والتغيير في إقامة فعاليات وجلسات لنقاش مآلات الانقلاب وما يترتب عليه. أيضًا، نشطت العديد من الأحزاب والأجسام السياسية التي ناهضت الانقلاب -حزب المؤتمر الشعبي والحركة الوطنية للبناء والتنمية كمثال-، في إصدار بيانات و تنظيم فعاليات تُعلن بها رفضها القاطع للانقلاب العسكري.

وجد (مرصد بيم) أن هناك بعض المعلومات المضللة المتداولة على الفضاء الرقمي السوداني، تستهدف شخص عبدالفتاح البرهان. فقد تداول مستخدمو (فيسبوك)، مقطع فيديو، يعرض ولي العهد السعودي وهو يغادر جلسته مع البرهان، في مشهد يبدو أنه حدث بعد خلاف بينهما. أتى تداول هذا المقطع إبان زيارة البرهان للسعودية، في مارس 2022. بيد أننا وجدنا أن المقطع المتداول قديم ويعود للعام 2019م.

أيضًا، تداول مستخدمون بمواقع التواصل الاجتماعي، صورة إطارية لصفحة (الجزيرة – السودان)، تحوي تصريحًا منسوبًا لنائب رئيس الشرطة والأمن العام في إمارة (دبي) بدولة الإمارات العربية المتحدة، الفريق ضاحي خلفان تميم، معلقًا فيه على إطلاق سراح بعض أعضاء حزب المؤتمر الوطني المحلول، في أبريل 2022، واصفًا إياه بـ”المناورة السياسية” من البرهان للضغط على الإمارات و السعودية و مصر. وجدنا أن الصورة المتداولة (مفبركة)، حيث أن ضاحي خلفان لم يذكر ذلك في أي من صفحاته الشخصية، ولم يُصرح لأي وسيلة إعلامية.

و في يونيو 2022، تداول العديد من مستخدمي (فيسبوك) بكثافة صورة لإحدى الصحف الإسرائيلية الناطقة باللغة العبرية، يظهر فيها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان. وتداول مروجو الصورة الادعاء الآتي: “الصحف الإسرائيلية تودع بحسرة البرهان، وعدد من الادعاءات الأخرى” وجدنا أن الخبر منشور في يوم 4 فبراير 2020م، عقب يوم من لقاء (البرهان ـ نتنياهو) في عنتيبي.

بناء على المعلومات أعلاه، يتضح أن هناك بعض الجهات التي تُعارض حكم البرهان، تَعمد على ترويج معلومات مضللة، تستهدف بها البرهان في شخصه.

2- الدعم السريع:

قوات الدعم السريع، هي مليشيا عسكرية كانت تقاتل نيابة عن الحكومة السودانية خلال الحرب في دارفور. ومنذ 2019م، تشارك في حكم السودان عبر مشاركة قائدها، محمد حمدان دقلو، في مجلس السيادة السوداني، ليصبح الرجل الثاني في السلطة.

شاركت قوات الدعم السريع في (عملية الخرطوم)، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لوقف الهجرة غير الشرعية عام 2014م في روما، ووجدت العملية انتقادات في السودان وفي أوساط الرأي العام الأوروبي، ووُصِفت بأنها مسيسة، وساعدت أنظمة تنتهك حقوق الإنسان، ومن بينها نظام المؤتمر الوطني، لكن الاتحاد الأوروبي نفى لاحقاً تقديم أي دعم لوجستي وفني للقوات العسكرية السودانية.

عَمدت الدعم السريع على نشر معلومات مضللة على وسائط التواصل الاجتماعي -مستغلة مشاركتها في عمليات محاربة الهجرة غير الشرعية وتجارة البشر- من أجل تلميع صورتها وغسيل سمعتها الموصومة بإنتهاكات حقوق الإنسان، التي وثقتها منظمة (هيومن رايتس ووتش)، بارتكابها مجازر في دارفور بالعام 2015.

ولذلك، نَشرت قوات الدعم السريع منشورًا ذَكرت فيه أن مركزًا بحثيًا يدعى بـ (مركز رصد الصراعات في الساحل الإفريقي)، ومقره في باريس، قد أصدر تقريرًا وصف فيه الدعم السريع بالقوات التي “لعبت دوراً مهماً في تحريك المياه الراكدة في السياسة الأوروبية تجاه السودان، وأسهمت في ترسيخ التعاون بين السودان والاتحاد الأوروبي لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي باتت تهدد حياة الآلاف من المهاجرين”.

نشر (مرصد بيم)، تحقيقًا فند فيه ادعاء الدعم السريع بإصدار المركز المذكور لهذا التقرير. وخلُص التحقيق إلى عدم وجود مركز باسم “مركز رصد الصراعات في الساحل الإفريقي”، وأن اسم المركز مرتبط بشخص يدعى بـ “محمد علي كلياني”، له علاقة بوسائل إعلام روسية، وأن التقرير المنشور على صفحات الدعم السريع غيرَ موجود على الإنترنت.

بناءً على ما ذكر أعلاه، يتضح أن قوات الدعم السريع، تعمل على نشر معلومات مضللة، لتلميع صورتها.

3- جهات ذات توجه إسلامي:

تحدث تقرير فيسبوك لشهر يونيو 2021، عن حملة نشأت في السودان، واستهدفت الجماهير المحليّة. الحملة تم ربطها بأفراد في السودان؛ بما في ذلك المرتبطين بحركة (المستقبل للإصلاح والتنمية)، وهو حزب سياسي تأسس نهاية عام 2019م. وُجدت هذه الشبكة بعد مراجعة معلومات حول بعض أنشطتها التي شاركها الباحثون في مشاريع (فالنت)، وهي وكالة رقمية تعمل على أبحاث البيانات، وإنتاج المحتوى الرقمي، والإعلان، على وسائل التواصل الاجتماعي.

كانت منشورات هذه الحملة تُنشر باللغة العربية بشكل أساس بشأن الأخبار والأحداث الجارية في السودان؛ بما في ذلك دعم الأحزاب السياسية الإسلامية، والإخوان المسلمين، والتوجهات السياسية لنظام المؤتمر الوطني، ودعم اتجاه تطبيع العلاقات السودانية الإسرائيلية، وانتقاد الحزب الشيوعي، والعلمانية، والنسوية، والحكومة الانتقالية، التي انقلب عليها الجيش لاحقًا.

تفاصيل الشبكة:

  • الوجود على فيسبوك وإنستغرام: تضم الشبكة 53 حسابًا على (فيسبوك)، و51 صفحةً، و3 مجموعات، و18 حسابًا على (انستغرام).
  • المتابعون: حوالى 1.8 مليون حساب متابع لصفحة واحدة أو أكثر، حوالى 43.000 عضو لمجموعة واحدة أو أكثر، وحوالى 8.700 متابع لحساب واحد أو أكثر على انستغرام.
  • الإعلانات: حوالى 700 دولار أمريكي، أُنفقت في الإعلانات على (فيسبوك) و(انستغرام)، ودفعت بالليرة التركية والريال السعودي.

بحسب التقرير، فإن حركة المستقبل للإصلاح والتنمية قادت هذه الحملة من داخل السودان. والملاحِظ للقطات الشاشة أعلاه، يجد أن اثنتين منهن تحويان كلمة (الإسلامي)، وهي إشارة إلى أن محتوى الصفحات يناصر التوجه الإسلامي في السياق السياسي السوداني.

في أبريل 2022م، انضمت الحركة لما يسمى بـ(التيار الإسلامي العريض)، وهو تحالف يضم العديد من الأحزاب والكيانات السياسية الإسلامية، من ضمنها الحركة الإسلامية السودانية، ووقع نيابة عنها القيادي السابق بحزب المؤتمر الوطني المحلول، أمين حسن عمر.

ذكرت العديد من التقارير أن أمين حسن عمر، هو أحد أعضاء حركة المستقبل للإصلاح والتنمية، ولكنه نفى ذلك في أحد اللقاءات الصحفية، مع تأكيده على كونه جزءًا من الحوارات التي تبلورت في فكرة الحركة قبل تأسيسها.

بحث (مرصد بيم) عن الأمين السياسي للحركة، الدكتور ناجي مصطفى، فوجد أن اسم الأمين السياسي للحركة مرتبط بصفحة إخبارية تدعى بـ(الرائد). مصطفى، كثير الظهور على هذه الصفحة، ويُقيم بثًا مباشرًا من الصفحة، وتروج له الصفحة حتى في أحداث حياته الشخصية اليومية، كما هو ظاهر في الصورة أدناه.

لمزيد من التأكيد، وجدنا أن صفحة حركة المستقبل للاصلاح والتنمية قد بثت بثًا مباشرًا، لناجي مصطفى، يحوي شعار “الرائد”. ما يُشير إلى أن للصفحتين علاقة تربطهما معًا.

4- القوات المسلحة السودانية:

تستخدم القوات المسلحة، منصاتها المختلفة، للترويج لأجندة سياسية، مستهدفة أحزابًا وجماعات سياسية بعينها. فقد نشرت الصفحة الرسمية للقوات المسلحة في موقع (فيسبوك)، مقالًا كتبه رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة، العقيد ابراهيم الحوري، يصف فيه الحزب الشيوعي بـ”الحزب ذو التاريخ الأسود، والسجل الحافل بالجرائم التي يندى لها الجبين”.

أيضًا، تدخلت القوات المسلحة السودانية، في حملة طرد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، فولكر بيرتس، عبر صحيفتها (القوات المسلحة). حيث نشرت الصحيفة أن لفولكر مشروع يود إقامته في السودان، واصفة إياه بـ“خبير الفوضى وتنشيط تكنولوجيا الإرهاب في السودان”. ووصف رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة، العقيد ابراهيم الحوري، فولكر بـ (النازي)، في تعقيب على ما نشرته الصحيفة.

أتى نشر هذه المواد الصحفية، وتعقيب الحوري عليها، في تزامن مع حملة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو لطرد فولكر من السودان، مروجة لتدخله في الشأن السوداني الداخلي.

5- جهاز الأمن والمخابرات:

تأسس جهاز الأمن والمخابرات الوطني، عام 2004، بعد دمج جهاز الأمن الوطني، الذي كان معنيًا بالأمن الداخلي، مع جهاز المخابرات، الذي كان يُعنى بالأمن الخارجي للسودان.

في عام 2011، أسس جهاز الأمن وحدة تُدعى بـ (وحدة الجهاد الإلكتروني). وهي وحدة تم تأسيسها للرقابة على ما يُنشر في الفضاء الرقمي، ونَشر معلومات مضللة وكاذبة، والعمل على التضييق على الفاعلين السياسيين والناشطين، الذين يعارضون حكم حزب المؤتمر الوطني.

بعد عزل نظام المؤتمر الوطني، وخلال الفترة الانتقالية، حذرت منظمة (مراسلون بلا حدود)، من أن وحدة الجهاد الإلكتروني لا تزال مستمرة في التجسس على الصحفيين ومراقبتهم، بجانب سيطرة وسائل إعلام تابعة للنظام المعزول، على إعلام الفترة الانتقالية. وأن هذه الوسائل تعمل على إفشال هذه الفترة، منوهة إلى أن السودان يحتاج إلى بناء إعلام فاعل مِن الأنقاض.

ثانيا: الفاعلون الأجانب:

1- روسيا:

أشارت العديد من التقارير، إلى أن روسيا، تعمل من أجل التأثير على الرأي العام في السودان، عبر استخدام وسائط التواصل الاجتماعي. ففي مارس 2022، أصدرت مجموعة (ترويكا) -الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج وبريطانيا- بيانًا ذكرت فيه أن مجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية خاصة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بـ(الرئيس الروسي فلاديمير بوتين)، ظلت تنشر معلومات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتُشارك في أنشطة غير مشروعة مرتبطة بتعدين الذهب. لاحقاً، نفت السلطات السودانية هذه الادعاءات.

أشار تقرير فيسبوك لشهر مايو 2021، إلى شبكة نَشرت باللغة العربية أخباراً عن إفريقيا وأحداثاً جارية في المنطقة، بما في ذلك أخبارًا خاصة بالسياسة في السودان، وبالتوترات في تشاد وإثيوبيا وفلسطين، بالإضافة إلى تعليقات داعمة لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ولمبادرات الإغاثة في السودان من قبل الممول الروسي يفغيني بريغوجين، كما وجهت انتقادات لوزارة الصحة السودانية، إثر مزاعم منع الحكومة دخول مساعدات روسية للبلاد.

تفاصيل الشبكة

  • الوجود على (فيسبوك) وإنستغرام: 83 حسابًا على “فيسبوك”، و30 صفحة، و6 مجموعات، و49 حسابًا على (انستغرام).
  • المتابعون: حوالى 440.000 حساب متابع لصفحة واحدة أو أكثر، حوالى 4.300 عضو لمجموعة واحدة أو أكثر، وحوالى 50.000 متابع لحساب واحد أو أكثر على (انستغرام).
  • الإعلانات: حوالى 500 دولار أمريكي، أنفقت في الإعلانات على (فيسبوك) و(انستغرام)، وقد دُفعت بالريال القطري والدولار الأمريكي.
  • استهدفت هذه الشبكة السودان بشكل أكبر، وكشف تقرير (فيسبوك) أن هذا النشاط له علاقة بالشبكة التي تمت إزالتها في أكتوبر 2019م، وكانت ترتبط بالأفراد المنسوبين لوكالة أبحاث الإنترنت الروسية.

حسب تقرير مرصد ستانفورد للإنترنت التابع لجامعة ستانفورد، فإن الشبكات الروسية التي كشفت عنها تقارير (فيسبوك) لشهر أكتوبر 2019م قد استهدفت عدداً من الدول الإفريقية، منها ليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى ومدغشقر.

وكشف التقرير عن أن الشبكات منسوبة إلى كيانات مرتبطة ببريغوجين ووكالة أبحاث الإنترنت الروسية. بما في ذلك مجموعة فاغنر، وهي منظمة روسية عملت كمقاول عسكري خاص في العديد من البلدان الإفريقية.

بالنسبة للسودان تمت إزالة عدد من الصفحات الإخبارية والسياسية التي تم إنشاء معظمها في الفترة ما بين أغسطس وأكتوبر 2018، قبل ثورة ديسمبر، وكان الكثير منها يَنشر بنشاط اعتباراً من أكتوبر 2019م، وبدأ في توسيع وجوده، ليشمل منصات التواصل الاجتماعي الأخرى مثل (تويتر).

وكانت هذه الصفحات داعمة بصورة عامة للحكومات المختلفة حسب الوضع السياسي الراهن. ومن الملاحظ أن مجموعة كبيرة من الصفحات احتوت على كلمة راديو في عنوان الصفحة؛ مثل صفحة (راديو إفريقيا)، وهي الأكبر، حيث يبلغ عدد متابعيها حوالى 356.560 متابعاً.

أما تقارير حسابات (انستغرام) فقد كشفت عن شخصين؛ أحدهما صحفي سوداني له علاقة بصفحة (خرطوم إستار)، حيث تبين أنه قضى بعض الوقت في روسيا. وآخر موسيقي روجت له صفحة (Royal Crew News) في أيامها الأولى عندما كانت تسمى (Royal Crew Music).

ومن المثير للاهتمام أن كل من المراسل والموسيقي لهما علاقات بالتعدين السوداني؛ حيث كان يقول حساب المراسل الشخصي على (فيسبوك) إنه مدير العلاقات العامة في وزارة المعادن، ويقول الحساب الشخصي للموسيقي إنه مترجم في شركة كوش الروسية، وهي شركة لتعدين الذهب في السودان.

2- الإمارات:

دولة الإمارات العربية المتحدة، جزء من الواقع الجيوسياسي للسودان، فهي جزء من منطقة الشرق الأوسط كما السودان، وهي عضو في جامعة الدول العربية مع السودان. هذا الواقع الجيوسياسي، جعلها تهتم بالأحوال في السودان، ووضعها في موقف المحارب من أجل مصالحها السياسية في الإقليم، ومصالحها الاقتصادية عبر استثماراتها في السودان. وكما ذكرنا سابقًا، فإن تقاطعات المصالح بين الفاعلين الإقليميين والدوليين، تفرض عليهم تنويع وسائل الصراع السياسي، ومن ضمنها الحرب الإعلامية.

دولة الإمارات معروفة بعدائها الحاد لجماعة الإخوان المسلمين، التي كانت تحكم في السودان ومصر. لذلك، استخدمت جهات تناصر الإمارات العربية المتحدة، منصة (تويتر)، لنشر معلومات مضللة، وللترويج للدور الإيجابي للإمارات في السودان.

نَشر (مارك أوين جونز)، وهو بروفيسور مساعد في جامعة حمد بن خليفة في قطر، وخبير في مجال المعلومات المضللة، سلسلة تغريدات أوضح فيها أن 26 حسابًا على (تويتر)، تعمل على الترويج للدور الإيجابي للإمارات في السودان، وأحيانًا تنتقد جماعة الإخوان المسلمين.

3- مصر:

جمهورية مصر العربية هي الجارة الشمالية لجمهورية السودان، ويبلغ طول الحدود بينهما 1,276 كم. يخضع الجزء الشرقي من الحدود، أو ما يعرف بـ (مثلث حلايب)، لنزاع بين الدولتين. مصالح مصر الاقتصادية في السودان، بالإضافة إلى تحفظاتها الأمنية تجاه التغيرات السياسية، وضعتها وسط موجة المعلومات المضللة، عقب عزل نظام المؤتمر الوطني.

ليس من الغريب أن تتدخل مؤسسات أو جهات تُناصر المصالح المصرية، في الفضاء الرقمي السوداني. ففي يونيو 2019م، ناصرت حملة قادتها شركة مصرية الحكم العسكري في السودان، عقب فض اعتصامات المدن. حيث قادت الشركة التي يملكها ضابط سابق بالجيش المصري، وفقًا لما أوردته صحيفة (نيويورك تايمز)، حملة استهدفت (فيسبوك)، و(تويتر)، و(إنستغرام)، و(تليغرام)، من خلال كتابة محتوى مؤيد للحكم العسكري في السودان، لكن لم يتسنى لنا في (بيم ربيورتس) التحقق من صحة هذا الادعاء بشكلٍ مستقل.

أيضًا، نشأت حملة لإخفاء المحتوى الثوري، مقرها مصر، بسبب تطابق مصالح لجان المقاومة، مع حملة المعلومات المضللة، التي وجهت سهامها تجاه مصر.

4- إثيوبيا:

تَحُدُ إثيوبيا السودان من حدوده الشرقية، ويبلغ طول الحدود المشتركة بين البلدين، حوالى 1600 كلم. وبين السودان وإثيوبيا خلاف حدودي خاص بمنطقة الفشقة، وخلاف آخر خاص بملف سد النهضة.

كما ذكرنا سابقًا، اتضح أن هنالك جهات تستخدم منصة (فيسبوك)، لإنتاج محتوىً يُروج لمعلومات مضللة تجاه مصر، للتأثير على الرأي العام السوداني، تجاه بعض القضايا، التي تؤثر على مسار العلاقات السودانية المصرية.

وكمثال، تابع (مرصد بيم) منشورات على فيسبوك لصفحة توسم بـ (Ethiopia – اثيوبيا)، يتابعها أكثر من 374 ألف متابع، و تعرف نفسها كالتالي:

“إن مهمتنا هي العمل على النهوض بالوعي لتعزيز مصالح إثيوبيا في العالم العربي، وزيادة ثقة العالم العربي ومصالحه في إثيوبيا، وتعزيز العلاقات والتنمية، وبناء علاقات طويلة الأمد بين إثيوبيا والدول الأخرى. وتبني القضايا الإثيوبية والدفاع عنها، وعكس وجهة النظر الإثيوبية والتصدي لحملات التشويه، التي تتعرض لها إثيوبيا إعلاميًا وسياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.”

المتابع للصفحة، يلاحظ أنها مهتمة بنشر منشورات تعمل على حشد الرأي العام لمتابعيها من دول حوض النيل -المقصود هنا السودان وجنوب السودان بسبب نطقهما للعربية- تجاه مناصرة مشروع سد النهضة، ونشر خطاب يروي أن مصر تتمتع بمياه النيل وحدها، دون بقية دول حوض النيل.

أيضًا، تنشر الصفحة الأخبار الإيجابية تجاه السودان فقط، وتروج للأخوية بين شعبي البلدين، بينما تنشر أخبارَا سلبية تجاه مصر، وتروج لخطاب كراهية تجاهها.

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع