تنشر «بيم ريبورتس» بدايةً من سبتمبر الجاري، تقريرًا شهريًا، تفصِّل فيه أبرز الادعاءات الكاذبة وعمليات التضليل التي تم رصدها، حيث يأتي ذلك في خضم حرب إعلامية شرسة تدور بين الأطراف المتقاتلة على الأرض.
وتشير «بيم ريبورتس» إلى أن عمليات التضليل والادعاءات الكاذبة التي رصدتها في هذا التقرير لشهر أغسطس الماضي، لا تنحصر فقط على الفاعلين المحليين، وإنما امتدت إلى فاعلين خارجيين يحاولون توجيه دفة الأحداث في البلد الأفريقي الذي يشهد حربًا دامية منذ منتصف أبريل الماضي.
تم إنجاز هذا التقرير بواسطة «بيم ريبورتس»،ضمن مشروع تعاون مشترك بين كل من: « بيم ريبورتس، تومسون فاونديشن، ڤالنت ونقابة الصحفيين السودانيين»، وذلك بهدف مكافحة الشائعات والتضليل في الفضاء الرقمي السوداني.
يغطي هذا التقرير الادعاءات الخاطئة والمضللة في الفضاء الرقمي السوداني، لشهر «أغسطس 2023». كما يقدم تحليلًا مختصرًا لأبرز اتجاهات التضليل وأبرز الأدوات المرصودة.
وكانت «بيم ريبورتس» قد أعدت 23 تقريرًا عن الأخبار المضللة التي تم تداولها في الفضاء الرقمي السوداني خلال شهر أغسطس، وتنوعت تلك التقارير من حيث «الفئة، الأساليب والأدوات المستخدمة في عمليات التضليل، والفاعلون في عملية التضليل» في الفضاء الرقمي السوداني.
تفصيلًا، نشرت «بيم ريبورتس» 13 تقريرًا عن عمليات تضليل استهدفت الجيش السوداني، و تقريرين عن عمليات التضليل استهدفا قوات «الدعم السريع». في وقت، لم تسلم القوى المدنية من تلك الحملات، حيث نشرت «بيم ريبورتس» 8 تقارير عن عمليات التضليل التي استهدفت القوى السياسية المدنية.
الأساليب:
تنوعت أساليب وطرق التضليل في الحملات المذكورة، وتمثلت في:
1- فبركة بيانات أو تصريحات ونسبها إلى المسؤولين في القوى العسكرية، أو الفاعلين من القوى المدنية.
2- إعادة نشر مقاطع فيديو قديمة على أنها بتاريخ حديث في سياق منفصل عن تاريخها القديم.
3- إعادة نشر تصريحات قديمة لقادة عسكريين أو سياسيين في سياق منفصل عن ما وردت فيه.
4- انتقاء جزء من أخبار وردت من مؤسسات صحفية مع إغفال المحتوى الكامل للخبر.
5- نشر أخبار مضللة تتعلق بالخدمات العامة في مناطق الصراع .
الفاعلون في عمليات تضليل:
كانت «بيم ريبورتس» نشرت في أواخر العام الماضي دراسة «بيئة المعلومات المضللة في الفضاء الرقمي السوداني» صنفت فيها الفاعلين في الفضاء الرقمي السوداني إلى فاعلين محليين وفاعلين أجانب، حيث أشارت الدراسة إلى أن الفاعلين المحليين يشملون: «الدعم السريع – الجيش وجهاز المخابرات العامة – جهات ذات توجه إسلامي – وجهات تناهض الحكم العسكري»، بينما رصدت الدراسة الفاعلين الأجانب، ويمثلون: «روسيا – الإمارات العربية المتحدة – مصر- إثيوبيا».
بينما تدور مواجهات عسكرية في السودان منذ منتصف أبريل الماضي، تدور بالمقابل حرب إعلامية موازية، تنشط فيها جهات، محلية ودولية بغرض خلق الدعاية الحربية، أو نشر معلومات خاطئة ومضللة عن الخصوم السياسيين.
رصدت «بيم ريبورتس» في أغسطس الماضي عدد كبير من عمليات التضليل وفبركة الأخبار والتصريحات، استهدفت هذه العمليات كيانات بعينها، بعضها استهدف الجيش بفبركة التصريحات والبيانات، وبعضها الآخر استهدف القوى المدنية والسياسية، حيث تعرضت لموجة تضليل ممنهجة.
كما استهدفت بعض عمليات التضليل قوات «الدعم السريع»، مستخدمين عددًا من الأدوات والأساليب لصنع الشائعات، وفيما يلي سوف نتناول تلك العمليات بشيء من الشرح والتفسير.
- عمليات التضليل التي استهدفت الجيش:
الجيش من القوى الفاعلة في الساحة السياسية السودانية، منذ ثورة ديسمبر وحتى اليوم، وبالتالي هو فاعل في الفضاء الرقمي السوداني، لذلك نشطت عمليات التضليل ضده في الفضاء الرقمي وأخذ التضليل أشكالًا مختلفة منها؛ صياغة تصريحات ونسبها لشخصيات بارزة في الجيش وقد قامت العديد من الصفحات في موقعي «تويتر وفيسبوك» بتنفيذ تلك الحملات.
استغلت تلك الصفحات التداول الواسع للمعلومات المصاحبة لبيانات الجيش وقادته، وعملت على صياغة تصريحات وبيانات غير صحيحة منها. ومن الملاحظ أيضًا، أن تلك العمليات تنشط بفعالية، في أعقاب ادلاء أيًا من قيادات الجيش بتصريح أو تقديم تنوير حول الوضع الميداني.
من أشكال التضليل التي صاحبت عمليات التضليل أيضًا، إعادة نشر البيانات والفيديوهات القديمة على أنها جديدة ومرتبطة بالوضع الراهن، الأمر الذي يخلق لبسًا في ذهن المتلقي، خصوصًا أن بعض البيانات القديمة التي تم نشرها تضاربت في محتواها عما يدور الآن في السودان.
كما أخذ التضليل، شكلًا آخر، متمثلًا في نشر معلومات حول الوضع الميداني، حيث صيغت بيانات عن تقدم الجيش حينًا وعن انهزامه حينًا آخر. وارتبطت تلك الادعاءات المضللة، أيضًا بالأوقات التي تشتد فيها وتيرة المعارك بين الجيش و«الدعم السريع».
2- العمليات التي استهدفت القوى المدينة:
في المقابل، تعرضت القوى المدنية الفاعلة في الساحة السياسية محليًا، لموجة من حملات التضليل أيضًا، إذ تم استهداف القادة السياسيين بعدد من الشائعات المضللة من خلال نسب تصريحات لأشخاص بعينهم أو تحريف تصريح صادر منهم، بحيث يعطي معنى مغايرًا عن معناه الأساسي.