تداولت العديد من القنوات الإخبارية والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي خبرًا عن إسقاط عناصر من «الدعم السريع» طائرة في منطقة «المالحة» شمالي ولاية شمال دارفور غربي السودان، فجر الإثنين الماضي، وتداولت مقاطع فيديو تُظهر حطام الطائرة ووثائق طاقمها.
وقال بيان عن المتحدث باسم «الدعم السريع» إن قواتهم أسقطت «طائرة حربية أجنبية كانت تقاتل إلى جانب مليشيات البرهان وفلول الحركة الإسلامية الإرهابية»، في منطقة «المالحة» بشمال دارفور، مما أدى إلى مقتل جميع أفراد «طاقمها الأجنبي»، بحسب البيان. وأضاف البيان: «لقد نفذت هذه الطائرة عددًا كبيرًا من الطلعات الجوية، وأسقطت البراميل المتفجرة على رؤوس المدنيين الأبرياء في مدن السودان المختلفة».
وفي تصريحٍ لصحيفة «الشرق الأوسط»، قال المتحدث باسم «الدعم السريع» الفاتح قرشي إن أفرادًا من «الدعم السريع» وثقوا مقاطع مصورة لحطام الطائرة بعد إسقاطها، مع جثث طاقمها وصور جوازات سفرهم تكشف هوياتهم والأماكن التي قدموا منها. فيما نشر عناصر من «الدعم السريع» مقاطع فيديو للحادثة، وذكروا أنهم أسقطوا طائرة «أنتونوف مصرية» وأن من قتلوا في الحادثة «مصريون».

فيما بعد، نشر عناصر من «الدعم السريع» مقاطع فيديو وصورًا لحطام الطائرة، بما في ذلك مشاهد جثث طاقم الطائرة وصورًا شخصيةً لهم، بالإضافة إلى جواز سفر روسي لشخص يُعتقد أنه كان من ضمن الطاقم، مما دفع السفارة الروسية في السودان إلى إصدار بيان قالت فيه إنها ستحقق في سقوط الطائرة، مشيرةً إلى أنها على تواصل مع الحكومة السودانية لتوضيح ملابسات الحادثة.
في حين نعت حسابات على منصة «فيسبوك» عسكريين سودانيين قالت إنهم كانوا ضمن طاقم الطائرة، ونشرت أسماءَ مع رتبٍ عسكرية في الجيش السوداني، تضمنت: «المقدم ملاح جوي ركن عبد المعز، والمساعد الفني سفيان خلف الله، والمهندس الجوي بابكر عبد القادر». وحاول فريق المرصد التواصل مع المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله للحصول على تعليق على الحادثة، والتحقق من صحة هذه الأسماء والرتب العسكرية ومدى ارتباطها بالطائرة ومدى ارتباط الطائرة نفسها بالجيش، لكنه لم يرد على أيٍّ من أسئلة الفريق حتى لحظة نشر التقرير.
ظهرت في الصور والفيديوهات المتداولة بطاقة يبدو أنها لأحد أفراد طاقم الطائرة، ويُدعى «فكيتور غرانوف»، صادرة من «مطار ماناس» وهو المطار الدولي الرئيسي في قرغيزستان، ويُصنف مطارًا مشتركًا «مدنيًا وعسكريًا»، ويقع على بعد 25 كيلومترًا شمال غرب العاصمة «بيشكيك». كما أشارت بيانات البطاقة إلى أن حاملها يعمل لدى «شركة طيران النقل المحدودة FZE» التي لديها مكتب في مدينة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة. وحاول فريق المرصد التواصل مع الشركة للتحقق من هوية حامل البطاقة وطبيعة عمله، لكنها لم ترد على الاتصال حتى لحظة نشر التقرير.
بيانات الطائرة وتاريخها:
فحَصَ فريق «مرصد بيم» أربعة مقاطع فيديو من ضمن المقاطع التي نُشرت عن الحادثة، باستخدام تقنية البحث العكسي، وتبيّن أنها جميعًا حديثة، وتزامنت مع تداول خبر الحادثة. ومن خلال البحث، تبيّن أن الطائرة التي تحطمت في الحادثة هي «طائرة» من نوع «إليوشن إي إل – 76»، وتعمل عبر طاقم من خمسة أفراد، وأشارت البيانات الأولية التي استطعنا الوصول إليها إلى أنّ الطائرة مملوكة لشركة «New Way Cargo Airline» القرغيزستانية، ومسجلة بالرقم «EX-76011»، لكنها لم تكن تشارك معلوماتها، على نحوٍ منتظم، مع برامج الملاحة منذ دخولها الحديث في الخدمة.
وبحسب بيانات ملاحية نشرتها منصة «إيكاد»، كانت الطائرة نشطة في أكتوبر من العام الماضي في رحلات منتظمة بين «أبوظبي» ومدينة «بوساسو» في شمال شرق جمهورية الصومال، ورُصد آخر نشاط للطائرة خلال توجهها نحو مدينة بورتسودان من العقبة في الأردن في ديسمبر من العام الماضي. فيما أظهرت بيانات في التاسع من أكتوبر الجاري من موقع «ch-aviation» المتخصص في بيانات الطائرات وأخبار الملاحة الجوية، أنّ الطائرة كانت رابضة في مطار بورتسودان.

في الثاني والعشرين من أكتوبر الجاري، وعقب انتشار أنباء عن سقوط الطائرة ودعاوى تبعيتها لشركة قرغيزية، فندت خارجية قرغيزستان تلك الدعاوى، وقالت إن ملكية الطائرة نقلت إلى جمهورية السودان في الثاني عشر من يناير 2024، وأزيلت من سجلات الطيران المدني في قرغيزستان، حسبما أفادت وكالة الأنباء الروسية «TACC». وأكدت أيضًا شبكة الأمان الملاحي (Aviation Safety Network) تلك المعلومات. وأضافت، نقلًا عن هيئة الطيران المدني القرغيزستانية، أن تسجيل الطائرة ألغي من سجلات الهيئة في يناير 2024، ونقلت إلى جمهورية السودان تحت الرمز «ST-JAN» بدلًا من «EX-76011» الذي ظهر في مقاطع الفيديو المتداولة.

الخلاصة:
تشير البيانات التي تمكن فريق المرصد من جمعها وتحليلها إلى أنّ الطائرة في لحظة إسقاطها كانت تعمل تحت إمرة الحكومة السودانية، وذلك وفق آخر توثيق متوافر بشأنها في منصات رصد الملاحة الجوية التي أظهرت توجهها نحو بورتسودان، ووجودها في مطار المدينة لآخر مرة في التاسع من أكتوبر الجاري. بالإضافة إلى الأنباء بشأن ضحايا يتبعون للجيش السوداني قتلوا في الحادثة، فضلًا عن المعلومات التي نشرتها خارجية قرغيزستان وهيئة طيرانها المدني بشأن إزالة الطائرة من سجلاتها، ونقل ملكيتها إلى جمهورية السودان في يناير من العام الجاري.