28 يناير 2025 – أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أن مكتبه يتخذ الخطوات اللازمة لتقديم طلبات بإصدار أوامر اعتقال فيما يتعلق بالجرائم التي يُدعى ارتكابها في غرب دارفور.
وقال خان في إحاطة قدمها إلى مجلس الأمن الدولي مساء أمس أن هذه الطلبات لن تقدم إلا بعد وجود أدلة قوية لضمان احتمالات الإدانة.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، قد أعلن في يونيو 2024 عن إطلاق حملة لجمع المعلومات وتعزيز التعاون فيما يتعلق باتهامات بارتكاب جرائم دولية في إقليم دارفور بالسودان، بما في ذلك في مدينة الفاشر.
وفي 2023 أفاد تقرير للأمم المتحدة أن ما بين 10- 15 ألف شخص قُتلوا في مدينة الجنينة السودانية عاصمة ولاية غرب دارفور جراء أعمال عنف عرقية نفّذتها قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها.
وأوضح خان أن الأشهر الستة الماضية شهدت مزيدًا من الانحدار إلى المعاناة والبؤس لسكان دارفور، قائلًا «فالمجاعة قائمة والصراع يتفاقم والأطفال يستهدفون والفتيات والنساء يتعرضن للاغتصاب».
وأكد خان أن هذا الانحدار يتسارع في الفاشر – عاصمة ولاية شمال دارفور – مشيرًا إلى مزاعم خطيرة عن استهداف مزيد من المدنيين الأبرياء وشن هجمات على أهداف مدنية حيوية مثل المستشفيات.
وقال إن الجرائم الدولية ترتكب بلا أدنى شك في دارفور وأن الجرائم تستخدم يوميًا كسلاح في الحرب، مضيفًا «هذا ليس مجرد تحليل للوضع، لكنه يستند إلى الأدلة والمعلومات».
وعبّر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن القلق بشكل خاص إزاء استهداف النساء والفتيات وادعاءات ارتكاب جرائم قائمة على النوع الاجتماعي.
ولفت إلى أن هذا الأمر يعد أولوية وأن مكتبه خلال الأشهر الستة الماضية حاول التعامل مع الوضع على الأرض من خلال تحسين الكفاءة ومحاولة الاستجابة.
وأشار إلى أن مكتبه جمع أدلة من المجتمعات النازحة حول ما عانته وشهدته، كما أجرى مقابلات مع الشهود في تشاد والبلدان الأخرى المجاورة للسودان.
وتابع «زاد المكتب نطاق وكمية الأدلة التي جمعها من المصادر الرقمية والفيديو، باستخدام الأدوات التكنولوجية التي وضعها ليتمكن من الحصول على رؤية أفضل للارتباط بين الجناة المزعومين وهياكل عملهم وأنماط الجريمة».
من ناحية أخرى، أكد خان الحاجة إلى مزيد من التعاون لتسليم الهاربين من المحكمة الجنائية الدولية بمن فيهم الرئيس السوداني السابق عمر البشير وغيره من كبار المسؤولين المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
تسليم الهاربين
وطالب خان مجلس الأمن إلى العمل بشكل حاسم لمواجهة تفاقم الفظائع في دارفور، مشددًا على الحاجة العاجلة لضمان العدالة والمساءلة فيما يتصاعد العنف والمعاناة الإنسانية.
كما حث المدعي العام أعضاء المجلس الخمسة عشر على تأكيد الالتزام بالمبادئ التي يحددها قرار مجلس الأمن رقم 1593 المعتمد قبل 20 عاما الذي أحال الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.
محكمة هجينة
ويوم الأحد قال نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان، مالك عقار، في مقابلة صحفية، إنه فيما يخص المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية إنهم يفضلون محاكمتهم عن طريق محكمة هجينة داخل السودان.
وفي 31 مارس 2005، أحال مجلس الأمن الدولي الحالة في دارفور ابتداءً من الأول من يوليو 2002 إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالقرار 1593، كأول حالة يحيلها مجلس الأمن للمحكمة.
وفي العام 2009، أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس المخلوع، عمر البشير، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وهي أول مذكرة توقيف تصدرها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس دولة يمارس مهامه منذ تأسيسها في عام 2002.
أيضًا، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرًا بإلقاء القبض على وزير الدفاع إبان عهد حكم المؤتمر الوطني، عبد الرحيم محمد حسين بالعام 2012، موجهة له 41 تهمة متعلقة بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب يزعم ارتكابها في دارفور، حسبما ذكرت.
ولا تحتكر المحكمة الجنائية توجيه الادعاء ضد منسوبي الحكومات فقط، فقد أصدرت مذكرات اعتقال ضد كل من صالح جربو وعبد الله بندة اللذين قادا حملات عسكرية ضد نظام البشير، بالإضافة إلى بحر إدريس أبو قردة عندما كان معارضًا لنظام البشير قبل تصالحه معه.
وبين يومي 11-13 ديسمبر 2024 انتهت المرافعات الختامية لمحاكمة قائد المليشيا السابق، علي كوشيب، أمام المحكمة الجنائية الدولية، بلاهاي هولندا، تعقبها مداولات القضاة، ومن ثم يصدرون الحكم «في الوقت المناسب». وكوشيب هو المتهم الوحيد من بين أربعة آخرين الذي جرت محاكمته في قضية دارفور.